أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

قضاء القرب على ضوء القانون 42.10

من إعداد  : ذ. عبد الخالق الحجوجي خريج ماستر المهن القانونية والقضائية. 





مقـدمـــة :

عرف المغرب في السنوات الأخيرة مجموعة من المستجدات التشريعية التي طالت التنظيم القضائي بعد صدور دستور 2011، ولعل ابرز هذه المستجدات تلك التي تم في إطارها إلغاء محاكم الجماعات والمقاطعات وتعويضها بقضاء القرب وذلك بموجب القانون 42.10.

لقد عوض قضاء القرب محاكم الجماعات والمقاطعات التي رافقت التنظيم القضائي المغربي منذ إصلاح 1974، هذا النوع من القضاء ترجع أصوله إلى أوائل سنوات الحماية، حيث أحدث التنظيم القضائي آنذاك ما يسمى بمحاكم «الباشوات والقواد»، وما لبثت هذه التسمية أن تغيرت إلى «محاكم الحكام المفوضين» في أربعينيات القرن الماضي، وبعد صدور قانون المغربة والتوحيد والتعريب سنة 1965، أصبحت التسمية «محاكم السدد» ثم محاكم «الجماعات والمقاطعات» سنة 1974.

إن إحداث قضاء القرب جاء لتحقيق مجموعة من الأهداف التي يرومها الإصلاح الشمولي لقطاع العدل بالمغرب، والتي من بينها امتصاص عدد من الإشكاليات تعيشها المحاكم بسبب التراكم الكمي للملفات الناجع عن بطئ الإجراءات، وذلك بمنح أقسام قضاء القرب النظر في القضايا البسيطة التي لا تحتاج إلى كل الإجراءات والمساطر التي ينص عليها المشرع بالنسبة للقضايا الأخرى من جهة، وتقريب القضاء من المتقاضين من جهة أخرى.

هاته التعديلات حملت معها العديد من الترسبات غير الصحيحة في المجال القضائي وأرخى بظلاله على هذا النوع من القضاء، ما يدفعنا للتساؤل : هل استطاع المشرع المغربي هذه المرة تجاوز السلبيات والإشكالية التي كانت مطروحة في ظل محاكم الجماعات والمقاطعات؟ أم أنه تشريعيا وعمليا لازالت هناك ثغرات وصعوبات؟ وهل كان المشرع موفقا في تنظيم هذا النوع من القضاء وتحديدا اختصاصاته؟.

هذا ما سنحاول الوقوف عليه من خلال التصميم التالي :

ü    المبحث الأول : الإطار العام لقضاء القرب.

ü    المبحث الثاني : الإشكالات القانونية والعملية التي يطرحها قضاء القرب.

à المبحث الأول : الإطار العام لقضاء القرب :

في إطار الإصلاحات المتواصلة في قطاع العدل بالمغرب، تم إحداث قانون رقم  42.10 المتعلق بقضاء القرب. بهدف تقريب القضاء من المواطنين و تسريع إجراءات البت في القضايا و تبليغ الاحكام و تنفيذها ، فكيف نظم المشرع المغربي قضاء القرب؟ وهل أفرد له مسطرة خاصة؟ وما هي الإختصاصات التي أسندها له المشرع؟.

v        المطلب الأول : تنظيم قضاء القرب :

تتألف أقسام قضاء القرب حسب المادة الثانية من القانون رقم 42.10 المتعلق بتنظيم قضاء القرب وتحديد اختصاصاته من قاض أو أكثر وأعوان لكتابة الضبط أو الكتابة.

×      الفقرة الأولى : قضاة أقسام قضاء القرب :

ينتمي قضاة أقسام قضاء القرب إلى السلك القضائي الذي يتألف من قضاة الأحكام، وقضاة النيابة العامة بمحكمة النقض ومحاكم الموضوع إلى جانب القضاة الذين يمارسون مهامهم بالإدارة المركزية بوزارة العدل[1]. ويعين هؤلاء القضاة – سواء كانوا قضاة بالمحاكم الإبتدائية أو بمراكز القضاة المقيمين من بين الملحقين القضائيين الذين اجتازوا مباراة نهاية التدريب بنجاح، والمستوفين للشروط التي يستلزمها القانون المنظم للقضاء[2].

ولا يكفي أن يكون القاضي المعين ملحقا قضائيا أو أستاذا جامعيا أو محاميا أو موظفا، بل لابد أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط أن يكون ذا جنسية مغربية، وأن يكون متمتعا بحقوقه الوطنية، وذا مروءة وسلوك حسن،و أن يكون متوفرا على القدرة البدنية المطلوبة لممارسة الوظيفة، وأن يكون بالغا من العمر إحدى وعشرون سنة كاملة، وأن يكون حاصلا على الشهادة العلمية التي يشترطها الفصل الخامس من النظام الأساسي لرجال القضاء، وبعد نجاح المرشح في مباراة الملحقين القضائيين يعين ملحقا قضائيا بقرار لوزير العدل، ويقضي الملحق القضائي بصفته هاته تدريبا لمدة سنتين. هذا على خلاف القانون المنظم لمحاكم الجماعات والمقاطعات الملغاة التي كان يبت في القضايا المعروضة أمامها حكاما منتخبين[3] لا ينتمون إلى الهيئة القضائية، أغلبهم غير مؤهلين مهنيا ولا يتوفرون على الكفاءة القانونية والعلمية للبت في المنازعات لعدة أسباب منها عدم إخضاعهم لتكوين أو تدريب قبل ممارستهم لمهامهم، مما انعكس سلبا على حقوق الأفراد، وإن كان المبلغ الذي يبت فيه حاكم الجماعات والمقاطعات زهيدا. كما أن القضاء الجديد يعقد جلساته بمقر المحاكم الإبتدائية والمراكز التابعة لها وليس بمقر محكمة الجماعة.

×      الفقرة الثانية : أعوان كتابة الضبط :

تعتبر كتابة الضبط في كل محكمة بمثابة الممر الرئيسي الذي تعبر منه كل دعوى من بدايتها إلى نهايتها ، بل و تظل منشغلة بها إلى حين تنفيذها .

ويعتبر أعوان كتابة الضبط موظفين عموميين يخضعون لقانون الوظيفة العمومية لسنة 1958 و هم من مساعدي القضاء إلى جانب المحامون و الخبراء و الموثقين و العدول و الأعوان القضائيين  و يقوم هؤلاء بمهام مرتبطة بمهنة القضاء . يمكن تحديد اختصاصات و مهام أعوان كتابة الضبط في مهام التبليغ التي تضمنتها المسطرة المدنية في الفصول( 37, 38, 39 )  ومهام  التنفيذ، وأيضا القيام ببعض الإجراءات المسطرية الخاصة  .

v        المطلب الثاني : الإجراءات المسطرية لدى قضاة القرب :

يخضع العمل بقضاء القرب لأربعة قواعد أساسية، تتمثل في القضاء الفردي والشفوية والعلنية والمجانية إضافة إلى إجبارية محاولة الصلح.

ü    أولا : القضاء الفردي :

خص المشرع المغربي قضاء القرب بخاصية الفردانية[4]، وهذا راجع إلى طبيعة القضايا التي يبحث فيها هذا النوع من القضايا، فهي بسيطة لا تتطلب العمل الجماعي من مداولة وتدارس بصفة جماعية لها.

وكما هو الشأن لدى محاكم الجماعات والمقاطعات سابقا، تعقد أقسام قضاء القرب جلساتها علنية بقاض منفرد وبمساعدة كاتب الضبط، ودون حضور النيابة العامة،و الجديد هنا بالنسبة لقضاء القرب هو انها أصبحت تصدر أحكامها باسم جلالة الملك وطبقا للقانون وتضمن في سجل خاص بذلك وتذيل بالصيغة التنفيذية، وتسلم نسخة منها إلى المعنيين بالأمر داخل أجل 10 أيام من النطق بها، و تجدر الاشارة أن الاحكام الصادرة عن قضاء القرب لا يمكن الطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن حيث يمكن للطرف المتضرر من الحكم طلب إلغائه أمام رئيس المحكمة الإبتدائية داخل أجل 8 أيام بدل 3 أيام في القانون القديم من تاريخ تبليغه به، وذلك في حالة إذا لم يحترم القاضي اختصاصه النوعي أو القيمي أو لم يجري محاولة الصلح المنصوص عليها في المادة 12[5]، أو إذ بت فيما لم يطلب منه أو حكم بأكثر مما طلب منه أو أغفل البت في أحد الطلبات... في هذه الحالة يبت الرئيس في الدعوى داخل أجل 15 يوما من تاريخ إيداعه في غيبة الأطراف ما لم يرى ضرورة استدعاء أحدهم، كما أن المشرع لم يبق لوكيل الملك حق طلب الإلغاء، بعد أن كان له ذلك في ظهير 1974.

ü    ثانيا : الشفوية والعلنية :

نظرا لبساطة القضايا التي تبت فيها أقسام قضاء القرب والتي لا تتطلب إجراءات قضائية معقدة من أجل البت فيها فإن المشرع المغربي ذهب في المادة 6 من قانون 42.10 على أن المسطرة أمامها تكون شفوية بحيث يعفى الأطراف من تقديم دفوعاتهم بواسطة مقالات مكتوبة بل يكفي أن يتم ذلك بصفة شفاهية، وهذه الشفهية تتخذ مظهرين :

òعند رفع الدعوى بحيث يقدم المقال كتابة أو بصفة شفاهية، فيتولى كاتب الضبط تلقي تصريحات المدعي ويعمل على تدوينها في محضر يتضمن الموضوع والأسباب المثارة وفق نموذج معد لهذه الغاية ويوقعه مع المدعي[6].

òتطبيق المرحلة الشفاهية خلال مراحل الدعوى[7] : بالإضافة إلى مبدأ الشفوية خص المشرع هذه المحاكم بمبدأ العلنية في الجلسات، وهذا راجع كذلك إلى نوعية القضايا التي تنظر فيها، وهي القضايا الشخصية والمنقولة وقضايا جنائية بسيطة لا ترقى إلى مبدأ السرية، على خلاف المحاكم الأخرى التي يمكن لها أن تعقد جلساتها بشكل سري متى تعلقت بالنظام العام وقضايا الأسرة.

ü    ثالثا : المجانية :

تتميز هذه المحاكم بالإعفاء من جميع الرسوم القضائية وبصفة قانونية دون ضرورة تقديم طلب لذلك، والهدف هو فتح المجال لحماية الحقوق التي تعرضت للضرر حتى ولو كانت قيمتها بسيطة[8].

وتشمل مصاريف الدعوى الرسوم القضائية وأتعاب الخبراء والتراجع، ومصاريف المعاينات والتنقل إذا كان ضروريا، وقد نص على البعض من هذه المصاريف الفصول من 126 إلى 129 من قانون المسطرة المدنية. وكما هو ملاحظ فالإعفاء من جميع الرسوم القضائية أمام أقسام قضاء القرب منصوص عليها تشريعيا ولا حاجة لتقديم طلب بشأن ذلك. وهذا على خلاف المسطرة أمام المحاكم الإبتدائية ومحاكم الإستئناف التي يؤدي فيها مصاريف الدعوى وجميع الرسوم التي ينص عليها القانون ما لم يكن معفيا بمقتضى المساعدة القضائية التي تمنح بناء على طلب الذي يتعين أن يقدمه مرفقا بما يثبت عوزه أو حاجته إلى النيابة العامة التي ترفع الطلب إلى مكتب المساعدة القضائية المختص[9].

ü    رابعا : الصلح بين طرفي الدعوى :

ألزم المشرع المغربي في المادة 12 من قانون قضاء القرب القاضي بإجراء صلح بين أطراف الدعوى قبل مناقشتها، فإن تم الصلح بينهما حرر محضرا بذلك، وإن تعذر الصلح بت في موضوع الدعوى حسب الفصل 13 داخل أجل 30 يوما بحكم غير قابل لأي طعن.

v        المطلب الثالث : اختصاصات قضاء القرب :

من خلال المادة 5 من قانون 42.10 يمكن القول بأن قضاء القرب ينظر في قضايا مدنية وأخرى جنائية، فما هو اختصاص كل واحد منهما؟

ü    أولا : اختصاص قضاء القرب في القضايا المدنية :

حدد المشرع المغربي اختصاص أقسام قضاء القرب في المادة المدنية بمقتضى المادة 10 من القانون رقم 42.10 الصادر في غشت 2011 المحدث لهذه الأقسام حيث نص على أنه : «يختص قاضي القرب بالنظر في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز قيمتها 5000 درهم، ولا يختص في النزاعات المتعلقة بمدونة الأسرة والعقار والقضايا الإجتماعية والإفراغات...».

يتبين من هذه المادة أن اختصاص قضاة القرب ينحصر في القضايا التالية :

1. الدعاوى الشخصية :

يقصد بالدعوى الشخصية تلك التي يكون موضوعها المطالبة بحق شخصي. وكما هو معلوم، فالحق أو الإلتزام من المسائل التي تختص بها أقسام قضاء القرب أيا كان مصدرها[10] بشرط ألا تتجاوز قيمة الحق المطالب به خمسة آلاف درهم، ويستفاد من هذه المادة أن أقسام قضاء القرب لا يسوغ لها النظر في الدعوى التي يكون محلها حقا عينيا أيا كانت قيمة النزاع فيها[11]، بدلا من 1000 درهم بدون اتفاق و2000 درهم بعد الإتفاق التي كان معمولا بها محاكم الجماعات والمقاطعات الملغاة[12].

إضافة إلى ما سبق يظهر أن المشرع كان واضحا في منع أقسام قضاء القرب من البت في النزاعات المتعلقة بمدونة الأسرة ولو كانت ذا طبيعة منقولة. نفس الإستنتاج نخلص له بشأن القضايا الإجتماعية والإفراغات، وقد أحسن صنعا في ذلك.

2.  الدعاوى المنقولة :

الدعاوى المنقولة هي التي تنصب على المنقولات دون العقارات، والمنقول كما هو متعارف عليه ما سمح بطبيعته أن ينقل من مكان لآخر دون أن يحدث أي تغيير في هيأته، غير أن اختصاص أقسام قضاء القرب بالنظر في الدعاوى المنقولة متوقف على قيمة النزاع، فإذا تجاوز القدر المحدد بمقتضى المادة 10 من قانون رقم 42.10 حظر عليه البت فيها.

وبديهي أن أقسام قضاء القرب ممنوعة من النظر في الدعوى التي يكون محلها عقارا سواء كان بطبيعته أو بالتخصيص وبصرف النظر عن قيمته، أي ولو لم تتجاوز خمسة آلاف درهم[13].

ü    ثانيا : اختصاص قضاء القرب في المادة الجنائية :

تنص المادة 14 من قانون قضاء القرب على أنه «يختص قاضي القرب بالبت في المخالفات المرتكبة من طرف الرشداء المنصوص عليها في المواد الموالية، ولم يكن لها وصف أشد إذا ارتكبت داخل الدائرة التي يقيم بها المقترف».

وبالرجوع إلى المواد 15 إلى 18 من القانون المذكور أعلاه يمكن القول أن المشرع يميز بين ثلاثة أنواع من الجرائم : النوع الأول يضم المخالفات التي تكون فيها العقوبة متراوحة بين 200 و500 درهم، والثاني يتعلق بالمخالفات المعاقب عليها بغرامة تتراوح بين 300 و700 درهم، والثالث يشمل المخالفات التي عاقب المشرع على ارتكابها بغرامة تتراوح بين 500 و1000 درهم.

وتجدر الإشارة إلى المادة 14 المشار إليها أعلاه ربطت الإختصاص النوعي لأقسام قضاء القرب ببعض الشروط منها على وجه الخصوص أن يكون مرتكب المخالفة راشدا وهو الأمر الذي يستبعد المساطر الخاصة بالأحداث التي كان اختصاصها ينصب على مرتكب المخالفة سواء كان راشدا أو حدثا ما لم يكن للمخالفة وصف أشد لأنها تصبح والحالة هذه من اختصاص هيئات قضائية أخرى.

ونص المشرع في المادة 19 من قانون قضاء القرب على أن الدعوى العمومية تحرك من طرف السيد وكيل الملك بعد أن كان ينص ظهير 1974 على أنها تحال من طرف السلطة المحلية على حاكم الجماعة.

كما أتى المشرع بجديد في هذا القانون والمتمثل في حالة تصريح المحكمة بعدم اختصاصها جنحيا فإن القضية ترجع إلى وكيل الملك وكذا إعطاء الحق للمتضرر في المطالبة بالتعويض في حدود الإختصاص القيمي المدني أمام قضاء القرب، وهذا لم يكن مثيرا في ظل ظهير 1974، إذ كان يجب على المتضرر الإدلاء بحكم حاكم الجماعة الجنحي والمطالبة بتعويض أمام المحكمة الإبتدائية.

à المبحث الثاني : الإشكالات القانونية والعملية التي

                        يطرحها قضاء القرب :

من الناحية النظرية فإن قضاء القرب ما هو إلا امتداد نوعي لمحاكم الجماعات والمقاطعات مع بعض الفوارق في جوانب معينة. فإذا كانت الغاية من أحداث قضاء القرب هي التخفيف من كثرة القضايا البسيطة المعروضة على المحاكم، وتقريب القضاء من المتقاضين، وتبسيط الإجراءات المسطرية، فهل بعد تطبيق هذا القانون تحققت هذه الغايات؟

هذا ما سنعالجه من خلال المطلب الأول سنرصد من خلاله الإشكالات المرتبطة بالقانون رقم 42.10، والثاني من خلال الوقوف على أهم الجوانب العملية التي يطرحها هذا القانون على ارض الواقع ، كما عززنا بحثنا بمجموعة من الأحكام الصادرة عن محاكم الموضوع في المطلب الثالث .

v        المطلب الأول : على مستوى الشكل :

إن القانون رقم 42.10 ليس إبداعا مغربيا، بل هو تقليد لبعض القوانين البائدة، مثل قضاء الجوار بالعراق و قضاء المحاكم الجزئية بليبيا ومصر. فقضاء المحاكم الجزئية المصرية من حيث الإختصاص في المادة 11 من قانون السلطة القضائية نص على أنه تنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة ابتدائية محاكم جزئية يكون إنشاؤها وتحديد دوائر اختصاصها بقرار من وزير العدل. وهذه المحاكم توجد عادة في عاصمة كل مركز وفي كل قسم من أقسام المحافظات، وهي تشكل من قاض واحد، وهي تختص بالدعوى قليلة القيمة المالية، كما تختص نوعيا ببعض المسائل التي نص عليها القانون.

ويجوز أن تنعقد المحكمة الجزئية في أي مكان آخر في دائرة اختصاصها أو خارج هذه الدائرة عند الضرورة وذلك بقرار يصدر من وزير العدل بناء على طلب رئيس المحكمة[14].

وأيضا قضاء الجوار بالعراق، ومحاكم النواحي بتونس، فاختصاص قاضي الناحية ينظر بصفة مطلقة في قضايا النفقات والقضايا الحوزية وقضايا العقل على الأجور والمرتبات وقضايا فواجع الشغل وقضايا التبني وقضايا المنازعات الجبائية. وبصفة مقيدة في الدعاوى المدنية الشخصية والدعاوى المتعلقة بمنقول ومطالب أداء الديون التجارية التي لا تتجاوز مقدار الطلب فيها سبعة آلاف دينار والقضايا الإستعجالية في صورة وجود صعوبة ناشئة عن تنفيذ الأحكام الصادرة عنه ولو وقع نقصها استئنافيا أو عند المطالبة بتوقيف تنفيذ أحكامه المعترض عليها وفي مطالب التمكين من نسخة تنفيذية أخرى من الأحكام الصادرة عنه ومطالب إجراء المعاينات المتأكدة ومطالب العقل التحفظية عندما يكون مبلغ العقلة لا يتجاوز حدود نظره[15].

بالإضافة إلى ذلك فالقانون رقم 42.10 ما هو إلا استنساخ للتجربة الفرنسية (القانون الصادر بتاريخ 09 سبتمبر 2002) المعدل بالقانون التنظيمي الصادر بتاريخ 26 فبراير 2003. إلا أن قضاء القرب أبان عن فشله في فرنسا وهو ما جعل المشرع الفرنسي يصدر قانون بإلغائه (قانون 13 دجنبر 2011) مع جعل الإختصاصات التي كانت موكولة إليه من اختصاص المحاكم العادية.

v        المطلب الثاني : على مستوى الموضوع :

إن تشبث المشرع المغربي بمبدأ المجانية في إطار القانون رقم 42.10 المحدث لقضاء القرب وذلك في جميع القضايا التي لا تتجاوز قيمتها 5000 درهم له تأثير سلبي على المنظومة القضائية المغربية، بحيث ستشكل مجالا خصبا ومنفذا لمن لا منفذ له عبر استعمال القضاء لقضاء مآرب غير مشروعة نظرا لطابع اليسر والبساطة التي تتسم به المسطرة أمام قضاء القرب.

إذا كانت نية المشرع هي تقريب القضاء من المواطن وجعل القضاء في خدمة المواطن عبر إقرار مبدأ المجانية، فإنه من جهة أخرى قد جعل ميزانية الدولة تتخلى عن مداخيل مهمة هي في حاجة ماسة إليها خصوصا في ظل الأزمة المالية التي تعرفها دول العالم من بينها المغرب، ذلك أنه ستستفيد الأبناك والشركات الكبرى الخاصة العاملة في مجال الإتصالات والتأمين والقروض الصغرى الخاضعة لمدونة التجارة، فالمحاكم تسجل آلاف القضايا تقل قيمتها عن 5000 درهم تتقدم بها هذه المؤسسات والتي تعفى من الرسوم القضائية. وكان حريا بالمشرع أن يجعل مبدأ المجانية لا يتمتع به سوى الأشخاص الطبيعية، ويستثني منه الأشخاص الإعتبارية، ويمكن أن نضيف كذلك الجمعيات والمؤسسات ذات النفع العام.

كما أن الآجال التي ضربها المشرع في سبيل تسريع وثيرة البت في القضايا المعروضة على أقسام قضاء القرب تظل آجال غير معقولة طالما أنها غير مقرونة بإجراءات تأديبية إذا ما تم تجاوزها وعدم احترامها.

وأخيرا، فإن القانون المتعلق بقضاء القرب تطبعه سمة الإرتباك بحيث مازال يعيش على وقع مشاريع القوانين المتممة له التي تتقدم بها وزارة العدل، كان آخرها مشروع القانون المغير والمتمم للمادة السادسة الذي يعيد النظر في مجانية قضاء القرب بالنسبة للأشخاص المعنوية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

?  خـاتـمـــة :

 

وختاما، فإن تجربة قضاء القرب لا يمكن الحسم في مدى نجاعتها من عدمها، باعتبارها تجربة لم تأخذ حظها بعد من الإستقرار والتقييم. إلا أنه ما يجب التأكيد عليه هو ضرورة توفير الظروف والوسائل الكفيلة بإنجاح هذه التجربة، سواء من حيث الوسائل المادية أو الوسائل الموضوعية والمتمثلة في التقييم والمراقبة، ولو أن هذا القانون مازال متوقفا على التعديلات التشريعية المتمثلة في مشاريع القوانين المتممة له التي تتقدم بها الوزارة، كان آخرها مشروع القانون المغير والمتمم للمادة السادسة والذي يعيد النظر في مجانية قضاء القرب بالنسبة للأشخاص المعنوية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع المعتمدة

ü   الكتب القانونية :

µعبد الكريم الطالب :

j "التنظيم القضائي المغربي"، دراسة عملية، الطبعة الرابعة، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، سنة 2012.

k "الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية"، طبعة 2014.

ƒ الطيب الفصايلي : "التنظيم القضائي في المغرب"، الطبعة الثالثة، يوليوز 2002

محمد بن حساين : "التنظيم القضائي المغربي، الطبعة الثانية، سنة 2007

ü   النصوص القانونية :

µالنظام الأساسي لرجال القضاء.

µقانون رقم 42.10 المتعلق بإحداث قضاء القرب.

µقانون الإلتزامات والعقود.

µقانون السلطة القضائية لجمهورية مصر العربية رقم 46 لسنة 1972.

µالقانون عدد 29 المؤرخ في 14 يوليوز 1967 المتعلق بنظام القضاء والمجلس الأعلى للقضاء والقانون الأساسي للقضاة.

 

 

 

 

 

 

 

الفهـــرس

 

 

مقدمـة : .............................................................................................................................

2

المبحث الأول : الإطار العام لقضاء القرب : ........................................................

3

المطلب الأول : تنظيم قضاء القرب : ......................................................................

3

الفقرة الأولى : قضاة أقسام قضاء القرب : ............................................................

3

الفقرة الثانية : أعوان كتابة الضبط : ........................................................................

4

المطلب الثاني : الإجراءات المسطرية لدى قضاة القرب : ..............................

5

أولا : القضاء الفردي : ..................................................................................................

5

ثانيا : الشفوية والعلنية : ................................................................................................

6

ثالثا : المجانية : ................................................................................................................

7

رابعا : الصلح بين طرفي الدعوى : .........................................................................

7

المطلب الثالث : اختصاصات قضاء القرب : .......................................................

8

أولا : اختصاص قضاء القرب في القضايا المدنية : ..........................................

8

ثانيا : اختصاص قضاء القرب في المادة الجنائية : ............................................

9

المبحث الثاني : الإشكالات القانونية والعملية التي يطرحها قضاء القرب :

10

المطلب الأول : على مستوى الشكل : .....................................................................

11

المطلب الثاني : على مستوى الموضوع : .............................................................

12

 

 

خاتمـة : .............................................................................................................................

31

لائحة المراجع المعتمدة : ...............................................................................................

32

الفهـرس : .........................................................................................................................

33

 



[1] - الفصل الأول من النظام الأساسي لرجال القضاء.

[2] - عبد الكريم الطالب : "التنظيم القضائي المغربي"، دراسة عملية، الطبعة الرابعة، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، ص: 46.

[3]- الطيب الفصايلي : "التنظيم القضائي في المغرب"، الطبعة الثالثة، يوليوز 2002، ص: 120.

[4] - الفقرة الثانية من المادة الثانية من ظهير إحداث قضاء القرب.

[5] - المادة 12 من قانون 42.10 المتعلق بقضاء القرب.

[6] - المادة 11 من قانون 42.10

[7] - المادة 6 من قانون 42.10.

[8] - المادة 6 من نفس القانون.

[9] - عبد الكريم الطالب : مرجع سابق، ص: 54.

[10] - حدد المشرع في الفصل الأول من قانون الإلتزامات والعقود مصادر الإلتزام وهي العقد والإرادة المنفردة والإثراء بلا سبب والعمل غير المشروع بالإضافة إلى القانون.

[11] - الدكتور عبد الكريم الطالب : "التنظيم القضائي المغربي"، الطبعة الرابعة، مارس 2012، ص: 106 وما بعدها.

[12]- د. محمد بن حساين : التنظيم القضائي المغربي، الطبعة الثانية، سنة 2007، ص : 114.

[13] - الدكتور عبد الكريم الطالب : "الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية"، طبعة 2014، ص: 21.

[14] - قرار رئيس جمهورية مصر العربية "قانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية"، المادة 11.

 

المدونة القانونية الشاملة
المدونة القانونية الشاملة