أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

المحاماة كمهنة مساعدة للقضاء

 من اعداد :  طلبة ماستر المهن القانونية والقضائية بتطوان الفوج الثاني.





تقـديـم:  
مما لا شك  فيه أن مهنة المحاماة لها جذور راسخة في التاريخ ومرت عليها عبر قرون طويلة ما لا يحصى من  المحن والمعارك والكفاح المرير, إلى أن أصبحت واضحة المعالم ومتميزة المكاسب ومعترف لها بالدور العظيم الذي تؤديه في خدمة العدالة، وقد كان الإنسان قبل التنظيمات الاجتماعية الأولى يدافع عن نفسه بوسائل وطرق عديدة تبعا للظروف والأوضاع التي كان يوجد فيها والاعتداءات التي يتعرض لها. ولقد ظل دفاعه عن نفسه ومكاسبه مبنيا على القوة في غالب الأحيان إلى أن تلاشى في ظل الأعراف والتقاليد فاتخذ صورا أخرى أهمها الدفاع بواسطة الكلام والاحتكام للغير. 

ولما تفرعت الحقوق وظهرت لها تفصيلات وتجزيئات عديدة ومتشابكة نتيجة تطور الحياة وتعقيدها المستمر، صار من الصعب على الأفراد الدفاع بأنفسهم عن حقوقهم وإظهار مشروعيتها وفرضها فكانت الحاجة إلى الغير لبيان تلك الحقوق وإظهارها وتأكيدها عن طريق إثباتها. وهكذا ظهرت فئة من الناس لها إلمام واسع بالمبادئ الفكرية والحقوقية وذات قدرة على الدفاع عن الحقوق والمصالح، ومتى تولى الغير الدفاع عن الحقوق كان المحامي وبالتالي مهنة المحاماة. فاعترفت مختلف الحضارات البشرية بأهمية وحيوية هذه المهنة وبمبدأ حريتها واستقلالها واعتبارها وسيلة أساسية للتوازن الاجتماعي والاستقرار السياسي ودعامة جذرية لكل مجتمع يتوق إلى التحرر والاستقرار، وبالتالي كانت مهنة المحاماة أكثر المهن فرضا للتقاليد ونيلا لاحترام الحكام والمحكومين على السواء منذ أن ظهرت. وقد اكتسبت هذا الاحترام في ظل مختلف الأنظمة السياسية لنبل رسالتها وخطورة مسؤوليتها.

تعتبر مهنة المحاماة مفهوم حديث لم يتبلور معناه إلا نهاية القرن 19. لقد تعرض الكثيرون لتعريف المحاماة على أنها «مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في استظهار الحقائق لتحقيق العدل وتأكيد سيادة القانون، ويطلق على من يمارس مهنة المحاماة : "محامي"»، ويقول بييرو كالمندري في[1] وصف له للمحامي ومقارنته بالقاضي : «يولد المحامي محاميا، أما القاضي فتصنعه الأيام، إن وظيفة المحامي تتطلب من العبقرة والخيال أكثر مما تتطلبه وظيفة القاضي، إذ لاشك أن التوفيق إلى استنباط الحجج القوية المؤثرة في الدعوى أصعب فنيا من مجرد اختيار الحجج المناسبة المقدمة من الطرفين لتأسيس الحكم عليها».

وعرفها الفقه الفرنسي بقوله : «إن المحامي هو المقيد قانونا في جدول نقابة المحامين، وهو الذي يزجي النصح ويعطي الاستشارة القانونية أو القضائية، ويقوم بالدفاع أمام القضاء شفويا أو بالكتابة، فيما يمس شرف المواطنين، وحرياتهم، ومصالحهم، سواء بالمعاونة أو التمثيل إذا اقتضى الحال ذلك»[2]. والقانون المنظم لمهنة المحاماة المغربي28.08 ينص في مادته الأولى «المحاماة مهنة حرة، مستقلة تساعد القضاء، وتساهم في تحقيق العدالة، والمحامون بهذا الاعتبار جزء من أسرة القضاء».

يرجع ظهور مهنة المحاماة إلى عهد سحيق في التاريخ، فقد وجدت عند المصريين القدماء منذ عام 2778 قبل الميلاد، حيث صدرت أول لائحة لتنظيم المحاماة عام 1884، وأول قانون كان قانون رقم 26 لسنة 1912 الذي تم سندا له تأسيس نقابة المحامين المصريين، وفي تونس صدر القانون وتأسست النقابة عام 1958م. أما عن أول تنظيم لمهنة المحاماة في المغرب فيرجع إلى قانون المسطرة المدنية لسنة 1913 الذي خصص قسمه الثاني لمساعدي القضاء ومن بينهم المحامون، وبعد ذلك وضع المشرع أول قانون مستقل لتنظيم نقابة المحامين ومزاولة المهنة في المغرب بمقتضى ظهير 10/10/1924 في المنطقة الجنوبية سابقا، والمنطقة الخليفية ظهير 13/12/1935، والمنطقة الدولية سابقا ظهير 10/06/1935 وذلك لمدة 3 سنوات بعد الاستقلال إلى أن ألغى كل هذه القوانين ظهير 18/05/1959 بعد ذلك كان بضرورة توحيد المحاكم ومغربتها وتعديلها الذي تبلور في قانون 26/01/1965 ومرورا بظهير 19/12/1968 و08/11/1979 وظهير 10/09/1993، وخلالهم عرفت مهنة المحاماة مجموعة من التغيرات التي انصبت كلها في تكريس الوجود الفعلي للمحاماة في مختلف أطوار المحاكمة وذلك بغية تحقيق العدالة والإنصاف، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل صدر ظهير شريف في 20 أكتوبر 2008 بتنفيذ القانون 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة. وبعد صدور دستور 2011 تم إصدار مسودة مشروع لتنظيم المهنة.

تتجلى أهمية الموضوع في كون مهنة المحاماة تلعب دورا في تعزيز الحقوق الفردية والجماعية وحل مشكلات الأفراد والجماعات والحكومات أكثر من أي وقت مضى، فهي تعتمد بصورة متزايدة على القانون في تنظيم المصالح الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والفهم السليم للمحاماة يضعها في مكانها كجزء لا يتجزأ من سلطة العدل.

وعليه، فالإشكال الرئيسي هو ماهي اهم النقائص التي تعتري قانون مهنة المحاماة الحالي، و هل ستستطيع مسودة المشروع تجاوز هذه الإشكالات أم سيبقى الحال كما هو عليه نقاشات حادة وتضاربات في الرأي تخلف مجموعة من الثغرات  على مستوى القانون  ؟ وهذا ما سنحاول الاجابة عنه من خلا التصميم التالي :

المبحث الأول : الإطار القانوني لمهنة المحاماة

المبحث الثاني : المسؤولية المدنية للمحامي والتأديب :

 

 

 


-  المبحث الأول : الإطار القانوني لمهنة المحاماة :

لا جدال في أن المحاماة هي النجاح الآخر للقضاء الذي لا يمكنه التحليق بدونهم، ولا يمكن اعتبار المحاماة بأي حال من الأحوال «بمهنة من لا مهنة له»، بل هي فن وموهبة و«فن رفيع»[3]، قبل أن تكون صناعة أو مهنة، فهي مهنة حرة مستقلة وعريقة في القدم تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وفي تأكيد سيادة القانون وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم.

فالمحامي شريك للقاضي في الوصول إلى الحكم بالعدل، باعتبار كل منهما يبحث عن الحقيقة، ولأن كلاهما له هدف وحيد، هو إقامة العدالة.

ولمهنة المحماة أعرافها التي توارثها الخلف عن السلف، متمسكا بمبادئها، معتبرا بقواعدها، وعلى مراحل دونت بعض من تلك الأعراف إما في القانون المنظم لها، وإما في القانون الداخلي. وإذا كان المحامي يشكل من المنظور العصري حلقة فعالة في تحقيق العدالة، فإن ذلك لا يمكن أن يتم إلا في ظل احترام قواعد وشروط المهنة، بشكل يعصمه من الخضوع لأي تأثير خارجي يحجب عنه العمل في إطار الحق والعدالة، وهذا ما جسدته الرسالة الملكية الموجهة للمؤتمر الدولي للمحامين المنعقد بفاس أيام 28 غشت إلى 4 شتنبر 2005 «بقدر ما أصبح لمهنة المحاماة من طابع عالمي، فإنها تواجه ضرورة توحيد القيم السلوكية المثلى واعتماد التكوين المستمر والتوفيق بين وجوب احترام الحريات وصيانة النظام العام... دون أن ننسى أنها قبل كل شيء مهمة إنسانية مثالية».

وتعتبر إشكالية التكوين والشروط العملية والأخلاقية المتعلقة بولوج مهنة المحاماة من بين أهم التحديات التي تواجه مكانة هذه المهنة ووظيفتها الحقوقية ذلك أن إيجاد المحامي التقني في القانون والمتشبع بالقيم والمبادئ الحقوقية من أبرز التساؤلات المرتبطة بتعديل الترسانة القانونية المنظمة للمهنة، بالإضافة إلى الإشكاليات التي تطرحها الاختصاصات المنوطة بالمحامي، فإذا ما رجعنا إلى القانون المنظم للمهنة نجده يتحدث عن اختصاصات يمكن القول إنها اختصاصات عامة في شكل خطوط عريضة كتمثيل الأطراف أمام جميع الإدارات والمؤسسات العمومية، وغير العمومية، أو تمثيلهم أمام القضاء، وتمثيل الأطراف في العقود مثلا، مما يجعل استعمال الأسلوب الحصري غير نافع في رصد مختلف اختصاصات المحامي، والواجبات الملقاة على عاتقه وكذا حجم الروابط السوسيومهنية التي تلتقي حوله كعلاقته بزملائه داخل المهنة أو ارتباطه مع مجلس الهيئة، وهيئة الدفاع على المستوى الوطني والدولي.

ومن جهة أخرى فلا يمكن الحديث عن اختصاصات المحامي وواجباته دون ذكر الحصانة التي يتمتع بها هذا الأخير، فالمبدأ القانوني يؤكد حق الدفاع لكل إنسان دون أن يخشى التعرض لأية مسؤولية بسبب هذا الدفاع، في إطار ما يسمى بحصانة الدفاع، غير أن هذه الحصانة بقيت مغيبة من طرف المشرع رغم ما بدله المحامون بدءا من مناقشة قانون 5 يونيو 1979 إلى أن كتب لهذه الحصانة أن ترى النور في القانون رقم 28.08 الصادر في 20 أكتوبر 2008.

وتأسيسا على ما سبق ذكره سنعمل على تناول وإبراز الإطار القانوني المنظم لمهنة المحاماة وذلك من خلال تقسيم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب :

×   المطلب الأول : الولوج للمهنة وهيئات المحاماة.

×   المطلب الثاني : المهام والواجبات.

×   المطلب الثالث : حصانة الدفاع.

×  المطلب الأول : الولوج إلى مهنة المحاماة وهيئاتها :

«المحاماة مهنة حرة، مستقلة، تساعد القضاء، وتساهم في تحقيق العدالة والمحامون بهذا الاعتبار جزء من أسرة القضاء».

وبالتالي فدور المحامي يتمثل في مساعدة القضاء والوصول إلى تحقيق العدالة وهم جزء من أسرة القضاء.

فلهذه المهنة شروط لولوجها وهو ما سنتحدث عنه من خلال (الفقرة الأولى)، وسنخصص (الفقرة الثانية) للحديث عن هيئة المحاماة وممثلها القانوني.

µ    الفقرة الأولى : شروط الولوج لمهنة المحاماة :

لقد حدد قانون المحاماة 28.08 مجموعة من الشروط يتعين توافرها للانخراط في مهنة المحاماة، تضمنتها المادة الخامسة، حيث يشترط في المترشح :

1. أن يكون مغربيا أو من مواطني دولة تربطها بالمملكة المغربية اتفاقية تسمح لمواطني كل من الدولتين بممارسة مهنة المحاماة في الدولة الأخرى، مع مراعاة مبدأ التعامل بالمثل مع هذه الدول.

2. أن يكون بالغا من العمر واحدا وعشرين سنة ومتمتعا بحقوقه الوطنية والمدنية.

3. أن يكون حاصلا على شهادة الإجازة في العلوم القانونية من إحدى كليات الحقوق المغربية أو شهادة من كلية للحقوق معترف بمعادلتها لها.

4. أن يكون حاصلا على شهادة الأهلية لممارسة مهنة المحاماة.

5. أن لا يكون مدانا قضائيا أو تأديبيا بسبب ارتكابه أفعالا منافية للشرف والمروءة أو حسن السلوك ولو رد اعتباره.

6. أن لا يكون مصرحا بسقوط أهليته التجارية ولو رد اعتباره.

7. أن لا يكون في حالة إخلال بالتزام صحيح يربطه بإدارة أو مؤسسة عمومية لمدة معينة.

8. أن يكون متمتعا بالقدرة الفعلية على ممارسة المهنة بكامل أعبائها.

9. أن لا يتجاوز من العمر خمسة وأربعين سنة لغير المعفيين من التمرين، عند تقديم الطلب إلى الهيئة.

وفي إطار هذه الشروط تحيل  على التنصيص على مبدأ المعاملة بالمثل حتى و إن تم  الحد من نطاقه من طرف بعض البلدان . ونورد هنا بالخصوص الاتفاقية المبرمة في 20 ماي 1965 والتي تربك المغرب بفرنسا والتي تم تقليص نطاق تطبيقها بموجب الفصل 11 من القانون الصادر في 31 دجنبر 1971. وينص القانون الفرنسي على أن المحامي الي يكون من رعايا دولة أو كيان اقليمي لا ينتمي الى المجموعة الأوربية أو الفضاء الاقتصادي الاوربي، ان لم يكن حاصلا على شهادة الأهلية لممارسة مهنة المحاماة يتعين عليه من أجل التسجيل في هيئة فرنسية ، أن يخضع لاختبارات لتقييم معارفه في القانون الفرنسي. وفي هذا الصدد ، يطرح مشكل قوة الاتفاقية الدولية تجاه القانون الداخلي . بيد أن هذا التقليص من نطاق الاتفاقية يبدو لنل منطقيا ويتعين على المشرع المغربي أن يستلهم منه ليوقف اقامة تلك المكاتب الدولية التي لا يعرف أصحابها لا لغة البلاد ولا قوانينه . ويجب أن يكون المرشح راشدا ومتمتعا بحقوقه الوطنية والمدنية وأن يكون حاصلا على شهادة الاجازة في الحقوق من احدى كليات الحقوق المغربي أو شهادة من كلية أجنبية للحقوق معترف بمعادلتها لها . والمشكل الذ يطرح مرارا هو هل الاجازة في الجقوق يجب أن تكون اجازة في القانون الخاص أم يمكن أن تكون اجازة في القانون العام أو في العلوم الاقتصادية . وثمة بعض الهيئات التي رفضت في الماضي تسجيل مرشحين حاصلين على الاجازة غير الاجازة في القانون الخاص . وقد تقدم المرشحون بطعن ضد قرارات مجالس الهيئة وأصدرت مخاكم الاستئناف عدة قرارات في الموضوع . وفي هذا الصدد أصدرت محكمة الاستئناف بطنجة بتاريخ 15 مارس 1988 القرار رقم 443 الذي ينص " أن الحاصل على اجازة في العلوم الاقتصادية يمكنه ولوج مهنة المحاماة لأن هذه الاجازة تعتبر اجازة في الحقوق كما اشترط ذلك قانون المحاماة"[4]. وبموجب هذا القرار ألغت محكمة الاستئناف بطنجة قرار مجلس الهيئة وأمرت بتسجيل المستأنف في قائمة التمرين . وينبغي ان يكون المرشح حاصلا على شهادة الأهلية لممارسة مهنة المحاماة ، وألا يكون محكوما عليه بعقوبة قضائية او تأديبية أو ادارية بسبب ارتكابه أفعالا منافية للشرف والمروءة وحسن السلوك ، بيد أن مجرد المتابعة التي مالم تؤدي الى عقوبة تأديبية او ادارية أو قضائية لا يمكن أن يكون سببا في رفض التقييد[5].و من جهة اخرى يجب على المرشح الا يكون مصرحا بوجوده في حالة افلاس ، اللهم الا اذا رد اليه اعتباره ، او بأي التزام صحيح بالعمل في ادارة او مؤسسة عمومية لمدة معينة .

إلا أن هذه الشروط تضمنت مجموعة من الإشكالات التي تطرحها أحكام هذه المادة، وفي هذا الإطار انتقد بعض الأساتذة الشرط المتعلق باشتراط مستوى الإجازة وقالوا بوجوب اشتراط شهادة أعلى باعتبار أن الإجازة لم تعد كافية لممارسة مهنة المحاماة في الظرفية الراهنة، إضافة إلى أن سنوات الإجازة قد تم تخفيضها إلى ثلاث سنوات حيث كانت أربع سنوات[6]. مما يفرض الرفع من مستوى المحاماة ببلادنا بحصر قبول المرشحين المتوفرين على الشواهد العليا التي تفوق الإجازة في الحقوق[7]، وقد أحسنت مسودة قانون المحاماة صنعا عندما اشترطت شهادة الماستر لاجتياز المباراة الخاصة بالمهنة وهو ما من شأنه أن ينعكس إيجابا على جودة عمل المحامين ونجاعة المهنة.

كما يرى بعض المهتمين أيضا أن عدم حصر مدة صلاحية الأهلية لممارسة مهنة المحاماة يبقى أمر غير موضوعي ولا يخدم المهنة في شيء، مما يتعين معه وضع إطار قانوني لحصر هذه المدة، كما كان عليه الحال قبل قانون 28.08، وهو الأمر الذي لم تجسده المسودة الحالية.

كما أن المشرع لم يوضح ماذا يعني «بالقدرة الفعلية على ممارسة المهنة بكامل أعبائها» هل معناها القدرة البدنية أو القدرة الفكرية؟ و في هذا الاطار ، أصدر المجلس الاعلى ( محكمة النقض حاليا ) قرار بتاريخ 6 فبراير 1981 ينص على ان الشخص الضرير يمكن ان يكون محاميا ، و انه ليس ثمة اي نص يفرض على المحامي ان يطلع شخصيا على وثائق احد الملفات أو يمنع عليه إلا إذا ثبت وقوعه[8].

وبعد قبول المرشح ، يقدم هذا الاخير، من أجل تقييده في قائمة المحامين المتمرنين، طلبا مكتوبا إلى نقيب الهيئة التي ينوي قضاء مدة التمرين بها و ذلك خلال شهري مارس و أكتوبر (من كل سنة). و يجب أن يرفق الطلب بالمستندات المنصوص عليها في المادة 11 .

وتنص المادة 23 على أنه " لا يجوز لقدماء القضاة والموظفين من رجال السلطة أو الذين مارسوا مهامهم أن يقيدوا في قوائم التمرين أو جداول الهيئة المحدثة لدى محاكم الاستئناف التي زاولوا مهامهم في دوائرها قبل مضي ثلاث سنوات من تاريخ انقطاعهم عن العمل بها ".

وبعد الحصول على ملف المرشح، يجري مجلس الهيئة بحثا حول أخلاق المرشح بجميع الوسائل التي يراها مناسبة (المادة 11، الفقرة 5). " وهو غير مضطر بتاتا للجوء إلى النيابة العامة لإجراء ذلك البحث "[9]

وفي حالة رفض طلب التقييد في قائمة التمرين، فإن المعني بالأمر لايمكنه إطلاقا إعادته أو تصحيحه إلا عند بداية شهر أكتوبر من السنة الموالية للسنة التي رفض فيها طلبه، وبعد أن يقوم بكل الإجراءات من جديد حسب الشروط المنصوص عليها في قانون 28.08

ولايقيد المرشحون المقبولون في قائمة التمرين ولايشرعون في ممارسته إلا بعد أن يؤدوا اليمين التالية :

" أقسم بالله العظيم أن أمارس مهام الدفاع والاستشارة بكرامة وضمير واستقلال وإنسانية، وأن لا أحيد عن الاحترام الواجب للمحاكم والسلطات العمومية وقواعد مجلس الهيئة التي أنتمي إليها وأن لا أفوه أو أنشر ما يخالف القوانين والأنظمة والأخلاق العامة وأمن الدولة والسلم العمومي. " (المادة 12

ومن ناحية أخرى يتعين على المنخرط أداء رسوم التسجيل للانخراط في المهنة والتي أصبحت تشكل العائق الأكبر للمقبلين على التمرين، خصوصا وأن بعض الهيئات بادرت مؤخرا إلى الرفع من واجب الانخراط، مما يطرح التساؤل الآتي هل يستند فرض هذه الرسوم على أساس قانوني؟

الحقيقة أن هذه الرسوم لا تستند على أي أساس قانوني حيث صدر قرار عن محكمة النقض جاء فيه أن قانون مهنة المحاماة ليس فيه ما يعطي لمجلس الهيئة فرض رسوم الانخراط على المرشح لمهنة المحاماة وفق مقرر مجلس الهيئة وأن المقصود بواجبات الاشتراك الواردة في المادة 85 من قانون المحاماة (المادة 98 من المسودة) والتي يتولى تحديدها مجلس الهيئة وهو المبلغ المالي أو الخدمات التي تحددها الجمعية أو النقابة لمساهمة أعضائها في تحميل أعباء تسيرها، وهي تنحصر في العضو المنتمي للهيئة فقط لا الوافد عليها لأول مرة[10]، مما يطرح التساؤل حول الأسباب التي تؤخر الوزارة المشرفة على القطاع في التدخل لدى مكاتب هيئات المغرب لإزالة هذه العقبة وحثها ما أمكن على الالتزام بمضمون القرار المذكور خصوصا في غياب الأساس القانوني لفرض هذه الرسوم؟

ففرض هذه الرسوم يبقى غير موضوعي، إذ من شأنه لا محالة إثقال كاهل من يلج المهنة بديون هو في غنى عنها، ومن المحتمل أن تجد من سيحاول استرجاع هذه المبالغ بطرق غير مشروعة[11]، وهو ما يشكل خطرا على المهنة ويضرب مسألة التخليق عرض الحائط. و يجب الا يتجاوز المرشح اربعين سنة من العمر بالنسبة لغير المعفيين من شهادة الاهلية و من التمرين . و هدف المشرع هو حصر ولوج مهنة المحاماة في أولئك الذين تقل أعمارهم عن 40 سنة للحيلولة دون تدفق المتقاعدين عليها من القطاع العام و شبه العام و الخاص . و بما أن مهنة المحاماة خدمة عمومية قاسية و دقيقة بطبيعتها ، فلا يمكن ترك بابها مفتوحا أمام أشخاص عليهم الاهتمام بشؤون تقاعدهم ، أو أمام أشخاص لا يبحثون سوى عن وسيلة للهروب من البطالة.

و تمارس حاليا ضغوط عن طريق الصحافة ووسائل اخرى بهدف فتح مهنة المحاماة أمام كل الفئات العمرية ، بينما ثمة اخرون يتمسكون بتحديد السن ، اذ لا يمكن ان يهب شخص في الستين ليشرع في ممارسة المهنة .

و من جانب اخر لقد عدد المشرع عدة حالات تدخل ضمن حالات التنافي، وبالضبط في المواد من 7 إلى 10 من قانون المحاماة، حيث نصت المادة 7 على أنه تتنافى مهنة المحاماة مع كل نشاط من شانه أن يمس باستقلال المحامي، والطبيعة الحرة للمهنة، وخاصة:

ü                        كل نوع من أنواع التجارة، سواء زاوله المحامي، مباشرة أو بصفة غير مباشرة؛ غير أنه يمكن للمحامي التوقيع على الأوراق التجارية لأغراضه المدنية.

ü                        مهام مدير شركة تجارية وحيد، أو عضو مجلس إدارتها المنتدب، أو مسيرها، أو شريك في شركة التضامن.

ü                        مهنة وكيل الأعمال، وغيرها من المهن الحرة الأخرى، سواء زاولها المحامي، مباشرة أو بصفة غير مباشرة.

ü                        وظيفة محاسب وجميع الوظائف المأجورة.

ü                        جميع الوظائف الإدارية والقضائية.

وقد أقر المشرع بعقوبات تأديبية في حالة الوقوع في هاته الحالات من طرف المحامي، إلا أن التساؤل الذي يطرح هو هل سبق لمجالس الهيئات المحامين أن اتخدت عقوبة تأديبية في حق أي محام مارس مهنة التجارة؟ وماهي آليات هذه العقوبة، وكيفية تنفيذها؟ وما درجتها؟

والملاحظ أن مسودة مشروع قانون المحاماة حافظت على نفس المقتضيات المتعلقة بحالات التنافي مع إدخال بعض التعديلات الطفيفة، غير أن السؤال الذي يظل مطروحا في هذا الصدد هو ألم يحن الأوان بعد لإعادة النظر في بعض حالات التنافي؟

الحقيقة أن هناك من يرى[12] بأن منع المحامي من مزاولة كل نوع من أنواع التجارة أمام ما يجري في الواقع أصبح أمر متجاوز حيث أصبح للمحامي مقاهي و نوادي الانترنت ونوادي للرياضة ومعاملات عقارية ضخمة ومصانع مختلفة...

كما أصبحت بعض الأنشطة تعتبر تجارية بمقتضى قوانين مختلفة كجل المعاملات العقارية و بعض الأنشطة المرتبطة بالفلاحة أو الصناعة ...

ثم ماذا سيفعل المحامي أمام إرث يتضمن أنشطة تجارية أو صناعية أو غيرها... ؟

لذا يتعين رفع هذا المنع أو بالأحرى وضع استثناءات للقاعدة المطلقة الواردة أعلاه وفتح المجال أمام المحامي ليشارك في الحركية الاقتصادية للبلاد خصوصا أمام أزمة التشغيل التي يعرفها المغرب، وهو الأمر نفسه ينطبق على منعه من مزاولة باقي المهن الحرة .[13] إلا أن المسودة أبقت على نفس المقتضيات تقريبا.

 

µ    الفقرة الثانية : هيئة المحاماة وممثلها القانوني (النقيب) :

بداية إن مهنة المحاماة وإن كانت حرة مستقلة لكن لا يجوز للمحامين ممارسة مهنتهم، إلا في إطار هيئة المحامين المحدثة لدى كل محكمة استئناف ووفقا للقانون المنظم للمهنة.

ولذلك فإن مهنة المحاماة، تستمد أهميتها من تقاليدها وأعرافها العريقة ورسالتها النبيلة، كما تستمد أهميتها وقوتها كذلك من هيئة المحامين التي تتولى تسيير مرفق عام مهني، هو مرفق الدفاع الذي يخدم الصالح العام ويساهم في تحقيق العدالة.

فالقانون المنظم لمهنة المحاماة قد رسخ عبر تعديلاته الدستورية جملة من المبادئ في العديد من مواده، بما فيها ما يتعلق بمالية هيئة المحامين، باعتبارها هي التي تؤدي تكاليف استمرارية المرفق المهني لهيئة الدفاع، في أداء خدماته للمتقاضين مما يتطلب تمتيعها بضمانات لكي لا يقع المساس أو الإضرار بها فيتضرر المرفق المهني للهيئة، ويعجز عن تقديم خدماته العامة وعن مساهمته في تحقيق العدالة، أو تقديم خدماته للمرتفقين بشكل سيء أو ناقص، يسيء للعدالة في بلادنا. علما أن الإضرار بمالية الهيئة، لا ينحصر فيما قد تتعرض له من الاختلاسات وتلاعب بالحسابات والفواتير والدمغات. وباعتبار مهنة المحاماة مساهمة في تحقيق العدالة والمحامون، يعتبرون جزءا من اسرة القضاء، أي جزءا من مؤسسة دستورية وهي القضاء، وذلك طبقا للباب السابع من الدستور الخاص بالسلطة القضائية، ومقتضيات الفصل 120 منه الذي ينص على دستورية حقوق الدفاع ويضمن الحق في محاكمة عادلة.

ألا تخول هذه الاعتبارات وغيرها لهيئات المحامين، الحق في المطالبة بوجوب التنصيص في الدستور وفي القانون المنظم لمهنة المحاماة على أن :

مؤسسة الدفاع شريكة للقضاء في تحقيق العدالة وليست مجرد مهنة تساعد القضاء فحسب؟

فتعتبر هيئة المحامين نوع من أنواع المرافق العامة[14] وتصنف ضمن المرافق العامة المهنية، فإن المرفق العام الإداري يختلف عن المرفق العام المهني[15] من عدة جوانب، حيث أن المرفق العام الإداري يسيره موظفون تابعون للدولة أو لجماعتها الترابية، بينما المرفق العام المهني يسيره منتسبو المهنة أنفسهم كهيئة المحامين. فهذه الهيئة (المحامين) تمتاز بوصفها مرفقا عاما مهنيا تتمتع بحق استعمال السلطة العامة وامتيازاتها. المرفق العام المهني بالنسبة لهيئة المحامين وهي مالية الهيئة، والتي بمقتضاها يحق لها إلزام أعضائها بأداء تكاليفها وفرض واجبات الاشتراك وغيرها لتوفير الموارد الضرورية للهيئة.

فهل مالية الهيئة ينظمها قانون مهنة المحاماة، أم خاضعة للنظام الداخلي للهيئة، أم متروكة للتقاليد والأعراف المهنية؟

 

¯ اعتبار مالية الهيئة ينظمها قانون المحاماة :

في هذه الحالة يمكن الرجوع إلى القانون المنظم لمهنة المحاماة رقم 28.08 ومناقشة مواده المتعلقة بمالية الهيئة، ومنها :

المادة 4 من القانون المنظم للمهنة : حيث أن المشرع اعترف لهيئة المحامين بالشخصية المدنية والاستقلال المالي في المادة 4 من قانون المهنة، يترتب عنه العديد من النتائج القانونية والمالية منها :

òالشخصية المدنية للهيئة ويترتب عن هذا الشخصية القانونية : وأعضائها المكونين لها.

òالذمة المالية : وهي مجموعة من الحقوق المالية المختلفة ومجموعة الواجبات والالتزامات المفروضة على الشخص المعنوي[16].

òالممثل القانوني : وجود نائب يمثل الهيئة ويعبر عن أعمالها وإرادتها والتصرف بإسمها وتمثيلها أمام القضاء.

òالاسم – الجنسية – الموطن المستقل.

òالأهلية القانونية لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات.

òأهلية التقاضي.

من الملاحظ أن «الاستقلال المالي» قد تم استدراكه في القانون الحالي، ولم يكن منصوصا عليه في ظهير 1993 بمثابة قانون للمحاماة، ومن أهم ما يترتب عنه :

òاستقلال المالي للهيئة عن الميزانية العامة للدولة.

òاستقلال الذمة المالية للهيئة عن الذمة المالية لكل عضو من أعضائها.

òنظام مالي معين للهيئة.

òإحصاء شامل لأموالها العقارية والمقولة.

òمنظومة محاسبية قانونية لضبط نفقاتها ومواردها في شكل ميزانية سنوية.

òالمسؤولية المدنية عن الأضرار التي تحدثها.

فمن المتعارف عليه أن أجهزة كل الهيئة تتكون من الجمعية العامة ومن مجلس الهيئة ومن نقيب. فيعتبر هذا الأخير (النقيب) الناطق باسم الهيئة وممثلها في كافة المجالات المدنية والمهنية. كما له صلاحيات في تعيين مستخدمي الهيئة ويقيلهم ويحدد أجورهم وتعويضاتهم بعد موافقة المجلس.

بالنسبة لاعتبار مالية هيئة المحامين من اختصاص النظام الداخلي. في هذه الحالة ستطرح الهيئة أسئلتها عن تصنيفها حينئذ ضمن المرافق العامة المهنية أم ضمن الجمعيات العادية المنظمة بظهير 15 نوفمبر 1958 الذي ترك مالية هذه الجمعيات لنظامها الداخلي أو لقانونها الأساسي؟

وهل يمكن لهيئة المحامين آنذاك أن تتمتع بحق استعمال نسبة السلطة العامة لفرض مقرراتها المالية المتعلقة بواجبات الاشتراك والدمغة واقتطاع نسبة مئوية من الأتعاب على أعضائها؟ وما الفرق في هذه الحالة بين مالية هيئة المحامين ومالية الجمعية العادية؟

«الجمعية هي اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص... لغاية غير توزيع الأرباح... وتجري عليها... القواعد القانونية العامة المطبقة على العقود والالتزامات».

وحيث أن الجمعية حسب تعريف الفصل الأول من الظهير، عبارة عن اتفاق بين أعضائها، وهذا الاتفاق الحر المدون  في نظامها الأساسي، يخضع لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين، وتسري عليه أحكام القانون المدني... فإن مالية الجمعية، قد تركها المشرع للنظام الأساسي أو "النظام الداخلي" ولم يخضعها للقانون... وذلك لكون مالية الأغلبية الساحقة من الجمعيات، تقتصر على الإعانات البسيطة وانخراط أعضائها واشتراكاتهم السنوية حسب الفصل 6 من الظهير، والتي لا تتعدى في الغالب الأعم بعض الآلاف أو بعض عشرات من الدراهم.

ومع ذلك فإن الجمعية إذا كانت تتلقى دوريا إعانات من إحدى "الجمعيات العمومية" فإن المشرع يتدخل ويستبعد النظام الأساسي، ويحيل مالية الجمعية على القانون ليتولى تنظيمها بمقتضى قواعده الملزمة التي توجب على هذه الجمعية "أن تقدم ميزانيتها..." للوزارة المانحة طبقا للفصل 32 من الظهير.

وكذلك الشأن بالنسبة للجمعيات المعترف لها بصبغة المصلحة العمومية، فإن ماليتها لم يتركها المشرع لنظامها الأساسي، بل جعلها من اختصاص القانون طبقا للفصل 9 من ظهير الموجب على هذا النوع من الجمعيات.

«أن تمسك وفق الشروط المحددة بنص تنظيمي محاسبة تعكس صورة صادقة عن ذمتها ووضعيتها المالية...».

بالإضافة إلى مراقبة المجلس الأعلى للحسابات لـ «استخدام الأموال العمومية التي تتلقاها... الجمعيات...»[17]. وكذا مراقبة المجلس الجهوي للحسابات لـ «استخدام الأموال العمومية التي تتلقاها... الجمعيات...»[18].

غير أن اعتبار مالية الهيئة خاضعة للتقاليد والأعراف المهنية وليس القانون الداخلي أو القانون المنظم لمهنة المحاماة ربما قد يؤدي إلى أمور متعارضة ومنها مقتضيات الفصل 37 من الدستور الذي يوجب : «على جميع المواطنات والمواطنين احترام الدستور والتقيد بالقانون...».

ومهما يكن من أمر، فسواء كانت مالية الهيئة خاضعة للقانون أم النظام الداخلي أم التقاليد والأعراف المعنية، فإن الفارق الكبير بين هذه الأنظمة كلها هي الميزانية السنوية التي تدير بواسطتها الأشخاص الاعتبارية العامة والهيئات الخاصة ماليتها، سيما المرافق العامة بجميع أنواعها ومن ضمنها المرافق العامة المهنية.

×  المطلب الثاني : المهام والواجبات :

إن المحامي ملزم طيلة حياته المهنية بأن يحترم المهام  التي يفرضها عليه القانون المنظم لمهنته، وكذا النظام الداخلي للمهنة وتقاليدها وأعرافها (الفقرة الأولى).

كما ترتبط المحاماة بالحياة القانونية، ويقع على المحامي واجب متعدد الأبعاد نحو مهنته وواجبه نحو موكله وخصمه وواجبه نحو القضاء (الفقرة الثانية).

µ    الفقرة الأولى :  مهام المحامي

إن مهام المحامي كثيرة ومتنوعة، وفي نفس الوقت متشعبة تتطلب صبرا وجهدا ونفسا طويلا وقوة احتمال وصمود في أداء الواجب وفق المعايير المهنية[19].

ولقد حدد المشرع المغربي هذه المهام من خلال المواد 30 إلى 34 من قانون مهنة المحاماة 28.08، وأيضا مسودة المشروع الحالي من خلال المواد من 30 إلى 36 منه، وتتجلى هذه المهام فيما يلي :

j النيابة والمؤازرة :

يحق للمحامي الترافع نيابة عن الأطراف ومؤازرتهم والدفاع عنهم وتمثيلهم أمام محاكم المملكة والمؤسسات القضائية أو التأديبية لإدارات الدولة أو الجماعات العمومية والهيئات المهنية وتمثيلهم أيضا أمام الإدارة مع مراعاة المقتضيات التشريعية والتنظيمية[20].

ويتجلى الترافع في الحالة التي يطلب فيها المتقاضي من المحكمة اعتباره حاضرا وتقبله للحكم الذي يصدر في حقه طبق القانون، حينئذ يسمح للمحامي الدفاع عنه رغم عدم حضوره، أما مؤازرة الخصوم تتجلى في حضور المحامي مع موكله المتابع جزئيا، فهو يؤازره ويسانده في الدفاع عنه باعتباره محتاجا إلى المؤازرة.

وبصفة عامة فإن المحامي يقوم بكل الإجراءات التي تدخل في توكيل الخصام، وتحقيق الهدف الذي من أجله نصب وأنيب.

وتصرفات المحامي بصفته وكيلا نافذة حتى ولو وقعت أثناء موت موكله مادام يجهل ذلك. كما اقر المجلس الأعلى في قراره رقم 30 الصادر بتاريخ 13/01/1981 «... في حالة وفاة الموكل، فإن للورثة وحدهم الحق في إثارة عدم استمرار الوكيل في مهمته، ولهم أن يجيزوا أو يردوا التصرفات التي أنجزها بعد الوفاة»[21].

لكن وبالرجوع إلى المادة 32 من قانون 28.08 نجدها تنص على ما يلي :

«المحامون المسجلون بجدول هيأة المحامين بالمملكة هم وحدهم المؤهلون في نطاق تمثيل الأطراف ومؤازرتهم لتقديم المقالات والمستندات والمذكرات الدفاعية في جميع القضايا باستثناء قضايا التصريحات المتعلقة بالحالة المدنية، وقضايا النفقة أمام المحاكم الابتدائية والاستئنافية والقضايا التي تختص المحاكم الابتدائية بالنظر فيها ابتدائيا وانتهائيا وكذا المؤازرة في قضايا الجنح والمخالفات».

ولو قمنا بمقارنة بسيطة بين ما جاء في المادة 32 و34 من المسودة والمادة 45 من قانون المسطرة المدنية، لوجدنا أن الفصل الأخير يفتح باب المسطرة الشفوية واسعا عكس المادة الأولى المذكورة، ومعنى هذا أنه بإمكان الأفراد أن يترافعوا أمام القضاء بأنفسهم وبدون التزام المسطرة الكتابية[22].

وما يزيد الطينة بلة، هو أن مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية الحالي لسنة 2015 وخاصة الفصلين 19 و45 منه قد لقيا معارضة قوية من قبل عدد من المؤسسات التي لها صلة بهذا الموضوع بدعوى التضييق على مهنة المحاماة بتوسيع المسطرة الشفوية والسماح للأطراف بالترافع شخصيا. لكن بالمقابل هناك من الفقه من يرد بأن هذه الاستثناءات الواردة في المسودة ليست موجودة في القانون المغربي فحسب، وإنما في العديد من القوانين المقارنة : كالقانون الفرنسي الذي يعد مصدرا تاريخيا لقانون وطننا، إذ خصص الكثير من الفصول للترافع شخصيا وللمسطرة الشفوية منها على سبيل المثال المادة 4 من قانون المهنة بفرنسا سنة 1971، كما تم تعديله وتتميمه، والمادة 846 من قانون المسطرة المدنية[23].

من جانب آخر استند معارضو المسودة إلى قانون مهنة المحاماة الذي يفرض تنصيب المحامي في حالات ضيقة جدا طبقا للمادة 32 منه والمادة 34 من المسودة الجديدة كقانون خاص يستوجب أن يطبق على وجه الأولوية، في الوقت الذي يعد فيه قانون المسطرة المدنية نصا عاما[24].

والواقع أن ما تم الاستناد إليه ليس صحيحا لعدم ارتكازه على أساس واقعي، بل ولن يحقق استبعاد قانون المسطرة المدنية وبالتالي مسودة مشروعه، والدليل على ذلك أن الأمر لا يتعلق بعلاقة نص خاص بنص عام كما أبدى أصحاب هذا الرأي وإنما الأمر يتعلق بنص موضوعي (قانون مهنة المحاماة ومسودة مشروعه)، وبنص شكلي (قانون المسطرة المدنية الحالي ومسودة مشروعه)، والمبادئ المتفق عليها والمعمول بها في جل القوانين المقارنة أنه عند تعارض نص شكلي مع نص موضوعي فالأسبقية في التطبيق ترجع للنص الشكلي، وهو ما يجعل قانون المسطرة المدنية أو مشروعه هما الأولى في التطبيق وليس قانون مهنة المحاماة ومسودة مشروعه[25].

أما فيما يخص المساعدة القضائية فإن قانون 28.08  من خلال المادة 41 تنص على ما يلي :

للمحامي المعين، في نطاق المساعدة القضائية، أن يتقاضى من موكله أتعابا عن المسطرة التي باشرها ونتجت عنها استفادة مالية أو عينية لهذا الأخير، على أن يعرض الأمر وجوبا على النقيب لتحديد مبلغ تلك الأتعاب .

يتقاضى في الأحوال الأخرى أتعابا من الخزينة العامة يتم تحديد مبلغها وطريقة صرفها بمقتضى نص تنظيمي.

و هي بذلك تتضمن فقرتين كلاهما تتعلق بالمساعدة القضائية، إلا انه وجب التفريق بين الفقرتين و مضمونهما، حيث الفقرة الأولى تتحدث عن الأتعاب التي يتقاضاها المحامي من موكله المعين عنه في إطار المساعدة القضائية، في حال ما نتجت استفادة مادية او عينية، ان هاته الفقرة تبين الحالات التي يمكن أن يحصل فيها المحامي على أتعاب و كيفية تحديد مبلغ هاته الأتعاب، حيث نصت على وجوب عرض الأمر على النقيب لتحديد الأتعاب، كلما استفاد موكله ماديا او عينيا .

في حين أن الفقرة الثانية من نفس المادة تتحدث عن الحالات الأخرى المتعلقة بالقضايا و الملفات التي لا تنتج عنها استفادة مادية و لا عينية، حيث لا يمكن للموكل أداء مقابل خدمات المحامي و بذلك فانها تعطي للمحامي الحق في الحصول على أتعاب من الخزينة العامة و تترك المادة تحديد المبالغ و طريقة صرفها للمحامين لنص تنظيمي .

و الفرق هنا واضح بين كلتا الفقرتين، و التين تتحدثان عن حالتين مختلفتين، الحالة التي يتقاضى فيها المحامي أتعابه من موكله عن طرق قرار تحديد الأتعاب، و الحالة التي يتقاضى فيها المحامي أتعابه من المال العام و هنا يطرح السؤال عن المبلغ و الكيفية .

إلا انه بعد صدور النص التنظيمي رقم 2.12.319 بتاريخ 16 فبراير 2013  لقي رفضا واسعا من طرف المحامين، وصل حد تنظيم الوقفات في مختلف المحاكم و التهديد بمقاطعة الجلسات و الامتناع عن تقديم خدمات المساعدة القضائية، و هو أمر لا يمكن تصور و يتنافى مع أخلاق مهنة المحاماة و مع مقتضيات قانون المهنة .

 

 

k الاستشارة القانونية :

الاستشارة هي رأي قانوني يعطيه رجل القانون بناء على طلب شخص يرغب في الوقوف على وضع قانوني معين[26].

وكما عرفها الدكتور عبد اللطيف الحسيني بأنها : «الرأي الذي يطلبه الشخص الراغب في الوقوف على الوضع القانوني الصحيح لمسألة تعترضه أو لمشكلة قامت أو لنزاع طرأ أو عمل قانوني يريد الإقدام عليه من المحامي وبصفته رجل قانون وصاحب اختصاص في هذا المجال»[27].

ولنا أن نتساءل هل تكون الاستشارة شفوية أم مكتوبة؟ في نظرنا يمكن العمل بإحداهما أو هما معا؛ وعلى أي فإن الاستشارة هي إعلام طالبها بما يمكن أن يحكم به القانون على الوقائع المادية أو القانونية المعروضة على المحامي وليس رأيا شخصيا كاجتهاد، ولذلك على المحامي الذي أعطى استشارة أن يتحرى ويدقق في الوقائع المعروضة عليه والوثائق المسلمة له حتى تكون مطابقة للقانون، ولما استقر عليه القضاء حماية لنفسه من الزلل، ولسمعته أمام موكليه وزملائه ورجال القضاء، وقد يكون موضوع الاستشارة عملا تقنيا وليس قانونيا يتجاوز اختصاص المحامي إلى خبير تقني، حينئذ عليه أن يحجم عن إبداء رأيه ويحيل المعني بالأمر على ذوي الاختصاص باختياره دون تدخل منه حتى لا يكون مسؤولا عن أي توجيه نحو تقني معين، ويدخل هذا في باب النصيحة[28].

3 _ تحرير العقود

ومن بين المهام التي يقوم بها المحامي تحرير العقود كما جاء في المادة 30 من ظهير 10/09/1993 «يمكن للمحامي تحرير كل عقد عرفي كيفما كان نوعه». وجاء في الفقرة السادسة من المادة 30 من قانون 28.08 ما يلي : «من مهام المحامي... تحرير العقود، غير أنه يمنع على المحامي الذي حرر العقد أن يمثل أحد طرفيه في حالة حدوث نزاع بينهما بسبب هذا العقد»[29]. لكن السؤال الذي يمكن طرحه هنا، فما هو العقد الذي يحرره المحامي؟ إنه العقد المحرر من قبل المتعاقدين معا أو أحدهما أو الغير الذي لا يتوفر على صفة رسمية[30].

l تمثيل الأطراف في العقود :

من المهام التي يتعين على المحامي القيام، تمثيل الأطراف في العقود وذلك طبقا لمقتضيات المادة 30 من قانون 28.08[31].

ففي هذا المجال لا يكلف المحامي بتحرير عقد للأطراف كما سبق القول، وإنما يقصده شخص طبيعي أو معنوي لتمثيله كطرف في عقد من العقود، تعلق بشراء أو كراء أو هبة أو شفعة أو غيرها من المعاملات، في هذه الحالة يجب على الموكل أن يحرر للمحامي توكيلا خاصا إما عرفيا أو رسميا وفي موضوع العقد فقط.

وفي هذا الإطار صدر عن المجلس الأعلى قرارا عدد 90 بتاريخ 7 مارس 1980 في الملف المدني عدد 56050 اعتبر الإقالة تفويتا تخرج عن نطاق الأعمال التي يسوغ للمحامي إجراءها بغير إذن خاص من موكله وتدخل في إطار الأعمال التي تتوقف صحتها على إذن خاص من الموكل.

ويتضمن موضوع القضية أن المحامي المدعي سجل في رده على أن موكله مستعد للتخلي عن الشراء من المدعى علهن شريطة إرجاعهن الثمن وما صرف، فقضت المحكمة الابتدائية بالإشهاد على تنازل المدعي وتم تأييده استئنافيا، فطلب المدعي نقض القرار الاستئنافي مؤاخذا عليه، اعتبار إقالة المحامي خرقا لمقتضيات الفصل 36 من مرسوم 19 دجنبر 1958 المنظم لمهنة المحاماة[32]. وقد تم نقض القرار وإحالته على نفس المحكمة بفاس[33].

لكن السؤال الذي يمكن طرحه هنا هو : هل يعتبر ما قام به المحامي مخالفة مهنية يمكن أن تترتب عنها مسؤولية مدنية؟

في نظرنا أنه على المحامي أن يتروى وألا يقدم على ما يمكن أن لا يكون داخلا في مهامه، ومسؤوليته واضحة وثابتة.

 

m الأتعاب :

إن أتعاب المحامي تدخل ضمن الحقوق المستحقة له على موكله يتسلمها مقدما أو على مراحل.

وقد خصص المشرع المغربي أتعاب المحامي بفصول خاصة من القانون المنظم لمهنة المحاماة، وأجاز أن تكون الأتعاب على شكل نسبة، كما أعطى لنقيب الهيأة سلطة مراجعتها على الرغم من إتفاق الإرادتين حولها، أي إرادة المحامي وإرادة الموكل، وهذا أمر حديث في التشريع المغربي على خلاف القانون السابق الذي كان يعاني فراغا كبيرا فيما يخص مجموعة من الإشكالات التي تهم الأتعاب والتي ظلت محلا للاجتهاد القضائي يفسرها كيفما شاء.

وإذا كانت المقتضيات التي خص بها المشرع المغربي مسألة الأتعاب والتي عالجت بعض الإشكالات المتعلقة بهذا الصدد، كاختصاص النقيب (المادة 51)[34]، واستفادة الأتعاب من الامتياز (المادة 53)[35]، وتقادم الأتعاب (المادة 53) وأجل الطعن وطرق الطعن في قرار تحديد الأتعاب، فإنها مع ذلك لم تكن كافية لوضع حد للجدل الفقهي والقضائي القائم حول الأتعاب، بل أكثر من ذلك فإن المشرع استحدث قواعد أثارت بدورها جدل كبير.

ومن بين الملاحظات التي يمكن تسجيلها في هذا الصدد، أن جميع الدراسات القانونية والاجتهادات القضائية المتوفرة في هذا الباب، اتبعت مقاربة جزئية، بحكم أنها من جهة لم تعالج قط موضوع الأتعاب كاتفاق رضائي بين متقاض اختار لأسباب خاصة وظروف معينة محامي يعينه للنيابة عنه أو لمؤازرته أو لاستشارته، ومن جهة أخرى لكونها حصرت بحثها في تحديد بعض العناصر التي تدخل في تحديد الأتعاب بعد انتهاء القضية وليس بدايتها[36].

فبخصوص الاستشارة والتي يقوم الموكل خلال أول لقاء بعرض قضيته على المحامي وأخذ رأيه الشفوي فيها، فإن المشرع المغربي لم يحدد تسعيرة محددة شأنها في ذلك شأن المرافعة، خصوصا وأن المحامي استقبل طالب الاستشارة وخصص له وقتا مهما واطلع على الوثائق التي سلمت له، بحيث يقوم المحامي بإعطاءه مجموعة النصائح والتي تمكن من تفادي النزاعات وتساعد على حلها، ويكون طالب الاستشارة قد تعرف على حقوقه أو على الطريق التي سيسلكها، ومن ثم يجب أن تكون الاستشارة الأولى مدفوعة الأجر، ويرى بعض المحامين أن عدم قبض الأجر من طالب الاستشارة يعتبر خطأ لا يغتفر ومخالفا لكرامة المهنة[37].

وقد نصت المادة 24 من قانون المحماة السابق على أنه : «تحدد الأتعاب للاستشارة والمرافعة باتفاق بين المحامي وموكله بما في ذلك المبلغ المسبق الذي يقدم حين قبول التوكيل». في حين أن المادة 44 من قانون 28.08 المنظم لمهنة المحاماة بالمغرب نصت على أنه : «تحدد الأتعاب باتفاق بين المحامي وموكله بما في ذلك المبلغ المسبق منها».

وبذلك يتضح في هذا الجانب أن قانون المحاماة في صيغته الجديدة لم يأت بالجديد، بل فقط غير الصياغة، فالمادتان معا تحدثا عن الاتفاق دون بيان إن كان شفويا أو كتابيا، ولو أريد من الاتفاق المكتوب لصرح المشرع بذلك بنص واضح كما فعلت بعض القوانين الأجنبية.

غير أن من الإشكالات التي أصبحت تطرح على أنظار القضاء بمناسبة البت في الطعون المتعلقة بالأتعاب، إنكار الموكل تكليف المحامي أو توكيله للدفاع عنه، وفي هذه الحالة فإن العمل القضائي ذهب إلى اعتبار أن المحامي هو الملزم بالإثبات، نذكر في هذا الصدد القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بمراكش والذي اعتبر أن المحامي هو الملزم بإثبات التوكيل أو التكليف في حالة المنازعة من قبل موكليهم[38].

وفي المقابل يرى البعض أنه كان من الأجدر أن يطبق القضاء المغربي القواعد العامة بأن يقع عبئ الإثبات على من يدعي خلاف الوضع الثابت[39].

وإذا كان المشرع قد أوكل للنقيب وحده صلاحية البت في كل النزاعات التي تثار بين المحامي وموكله بشأن الأتعاب المحددة باتفاق بينهما، فإن التساؤل المطروح هنا : هل تشمل حق المنازعات التي تتعلق بإنكار الخط أو التوقيع أو الإقرار بالاتفاق أو نفيه أو تنفيذه أو غيرها من المنازعات التي يمكن أن تثار بمناسبة الأتعاب؟

إن استعمال المشرع عبارة الكل تؤكد أن اختصاص النقيب يشمل كل النزاعات المتعلقة بالأتعاب والمصروفات وكيفما كانت نوعها. كما أن استعمال المشرع لعبارة المصروفات تفيد أنها تشمل المصروفات القضائية ومصاريف التنقل والإقامة وغيرها من المصاريف التي تتطلبها القضية وتكون موضوع اتفاق الطرفين[40].

ليبقى لنا التساؤل حول العناصر التي يتعين على النقيب احترامها أثناء النظر في النزاعات المتعلقة بالأتعاب والمصروفات؟.

حين البت في المنازعات المتعلقة بالأتعاب والمصروفات موضوع الاتفاق المكتوب على النقيب أن يراعي العناصر الآتية :

òأن يهتم بإرادة الطرفين عند التعاقد واستنباطها من عبارات ومصطلحات الاتفاق الكتابي المعروض عليه ومقاصد الطرفين حين إنجازه.

òأن يبت في حدود الطلب، إذ لا يمكن له أن يتجاوزه، وبعبارة أعم يجب عليه مراعاة كل القواعد العامة التي يستعين بها القاضي للفصل في المنازعات بين الأطراف.

òأن يأخذ بعين الاعتبار كون أن الخاص يقدم على العام، وأنه ملزم بإعمال قواعد القانون المنظم لمهنة المحاماة والقانون الداخلي وأيضا الأعراف والتقاليد الخاصة بالمهنة، وأن لا يقدم عليها أي نص عام لأن التعاقد بين الطرفين وإن كان يؤطر علاقة المحامي بموكله، فإن هذه العلاقة لا يمكن بأي حال من الأحوال تحيد عن القانون المنظم للمهنة وأن لا تتعارض مع قواعد النظام العام[41].

هذا ويبقى في الأخير الإشارة إلى إشكالية هامة تخص التناقض الحاصل بين المادة 45 من قانون المحاماة الحالي والتي تمنع على المحامي الاتفاق مع موكله على الأتعاب بحسب النتيجة[42]، وبين المادة 51 من نفس القانون تعطي الحق في مراجعة النسبة المحدودة باتفاق مع المحامي وموكله والنسبة المرهونة في بعض الأحيان بالنتيجة لا محالة، لذا وجب على المشرع أن يكون أكثر وضوحا في هذا الباب، خصوصا وأن المسودة لم تحمل أي تعديل خاص بأتعاب المحامي إلا فيما يخص الاستفادة من الامتياز والذي أصبحت تحتل الرتبة الرابعة بدل الرتبة الثامنة، هذا ولم تعالج الإشكاليات التي تم التطرق إليها في هذا الجانب أملا في تداركها مستقبلا[43].

µ    الفقرة الثانية : واجبات المحامي :

تعتبر الواجبات المهنية أمرا حيويا للصناعة المهنية حماية للرصيد المجيد للثقافة المهنية وسمعة المهنة ورسالتها وإدارتها.

والواجبات المهنية ليست حبيسة الحياة المهنية بل هي ممتدة للحياة الخاصة للمحامي، فهي موضوع مراقبة من طرف مجلس الهيئة وتكتسي هذه الواجبات المهنية أهمية كبرى في جميع المهن القانونية وتكتسي أهمية خاصة في مهنة المحاماة[44].

وإذا كان القانون المنظم لمهنة المحاماة والقانون الداخلي لها في جميع الدول وخاصة في القانون المغربي قد نصت على حقوق المحامي، فإنها في نفس الوقت ألزمته باحترام أخلاقيات المهنة والمبادئ الأساسية التي تقوم عليها واحترام الواجبات المفروضة عليه بمقتضى القانون الأساسي للمهنة والقانون الداخلي لها[45].

وواجبات المحامي متشعبة ومتنوعة في مجالاتها، ويمكن تلخيصها في ثلاث مجالات تتمثل فيما يلي :

j واجبات المحامي اتجاه مهنته :

تتجلى واجبات المحامي اتجاه مهنته في تقيده في سلوكه المهني بمبادئ الاستقلال والتجرد والنزاهة والكرامة والشرف وما تقتضيه الأخلاق الحميدة. حيث تضمنت المادة 35 من القانون 28.08 أحد أهم الواجبات الملقاة على عاتق المحامي «التشبث بالوقار» مما يضمن للمهنة هيبتها واحترامها وذلك بمنعه من أن يمارس أي عمل يستهدف جلب الأشخاص وأن لا يقوم بأي إشهار كيفما كانت وسيلته، بل أن يكتفي بتعليق لوحة تحمل اسم الشخصي والعائلي وكونه محامي أو محاميا مقبول لدى محكمة النقص، أو نقيبا أو حامل شهادة الدكتوراه في الحقوق، وهي نفس الصفات التي يجب أن تتضمنها أوراق مكتب المحامي وملفاته، كما أضافت هذه المادة حق المحامي في أن يتوفر على وسائل الاتصال الإلكتروني يشير فيه باقتضاب إلى نبذة من حياته، أو مساره الدراسي والمهني وميادين اهتمامه القانوني وأبحاثه شريطة الحصول على إذن مسبق من النقيب بمضمون ذلك، وهو نفسه ما جاءت به المسودة في المادة 39، إلا أن ما يعاب هنا هو إعطاء النقيب صلاحية الموافقة على نشره هذه المعلومات وحده دون استشارة أعضاء الهيئة[46].

ومن الواجبات المهنية التي يتعين على المحامي التقيد بها «احترامه للنقيب» باعتباره هو الذي يمثل الهيئة في الحياة المدنية ويرأس مجلس النقابة والجمعية العمومية والمجلس التأديبي، ويصدر عدة قرارات كالفصل في مختلف المنازعات بين المحامين وتحديد الأتعاب وإحالة الشكايات المقدمة من طرف الوكيل العام أو المتظلم في مواجهة أي محام على مجلس الهيئة[47].

وقد أشارت إلى هذا الاحترام جميع القوانين المنظمة لمهنة المحاماة وكذلك قوانينها الداخلية[48].

وفي هذا الصدد ذهب مجلس هيئة المحامين ببني ملال في أحد قراراته: «إن مجلس المحامين بهيئة بني ملال بعد المداولة طبقا للقانون... حيث أنه من الثابت أن الأمر بالاستدعاء المبلغ الى الأستاذ... إن مجلس الهيئة كَيَّفَ الأفعال موضوع النازلة إلى الإخلال بالاحترام الواجب للسيد النقيب بالإحجام عن الجواب عن الشكايات»[49].

ويتجلى كذلك «احترام المحامي لمجلس الهيئة» في تطبيق وتنفيذ القرارات التي يصدرها المجلس والتقيد بأخلاقيات المهنة والالتزام بالقانون المنظم لمهنة المحاماة والقانون الداخلي للهيئة، ومن ضمن القرارات التي يتخذها المجلس ويتعين على المحامي احترامها : قرار أداء واجب الاشتراك والاستجابة إلى استدعاء المجلس التأديبي، والجواب عن الشكايات داخل أجل معقول، وكذلك إعطاء الأسبقية لأعضاء المجلس أثناء قيام المحامي بإجراءاته أمام المحكمة أو حضور الجلسات، وكل محام يخل بالاحترام الواجب للمجلس سواء بعدم احترام أعضائه أو بعدم تنفيذ وتطبيق القرارات الصادرة عن المجلس يعرض المحامي للمساءلة التأديبية[50].

وقد أصدر مجلس الهيئة لنقابة المحامين ببني ملال قراره بمؤاخذة أحد المحامين لهذه النقابة لإخلاله بالاحترام الواجب للمجلس، معللة قرارها بما يلي : «حيث إنه من خلال المستندات المتواجدة بالملف التأديبي ثبت للمجلس أن الأستاذ... أخل بالاحترام الواجب للسيد النقيب وكذا أعضاء مجلس الهيئة بإحجامه عن الجواب عن الشكايات وعدم إدلاءه بالمطلوب وهو عبارة عن نسخ لأحكام لإثبات ادعائه»[51].

k واجبات المحامي اتجاه الموكل :

إن أهم الواجبات المفروضة على المحامي اتجاه موكله والتي قد يترتب عن الإخلال بها إلى تحريك المسؤولية المدنية أو الجنائية أو التأديبية، ويتعلق الأمر بواجب المحامي بعدم إفشاء السر المهني.

حيث اعتبر المشرع المغربي «التشبث بالسر المهني» من أهم واجبات المحامي من خلال المادة 36 من القانون رقم 28.08 المعدل لظهير 10 شتنبر 1993 بمثابة قانون المحاماة[52].

وانطلاقا من الفصل السابق نجد أنه يمنع على المحامي إفشاء أي شيء يمس بالسر المهني، ويشترط لكي يعتبر الأمر سرا مهنيا أن يصل إلى علم المحامي عن طريق مهنته أو بسببها، ومتى اعتبر الأمر سرا فللمحامي المستدعي بصفة قانونية لأداء الشهادة الدفع أمام القضاء بالسر المهني وتطبيقا لمقتضيات المادة 334 من قانون المسطرة الجنائية تمنع محامي المتهم حول ما علمه بهذه الصفة وخلاف ذلك ذهب القائلون بنظرية النظام العام كأساس الالتزام بالسر المهني، إلى سماح الموكل بالإعلان عما علمه منه عن طريق مهنته تبعد عن الإطار التعاقدي، وتعتبر كل المقتضيات المتعلقة به من النظام العام. والمحامي ملزم من خلال البحث والتحقيق الحفاظ على كل تصريحات موكليه ورسائل ووثائق ومستندات مدلى بها، ويمتد التزامه حتى إلى المخابرة الهاتفية، وقد أعطى المشرع المغربي عناية كبيرة للسر المهني، حينما ضمن له الحماية اللازمة في حالة إجراء تفتيش لمكتبه الفقرة الثانية من المادة 103 من قانون المسطرة الجنائية[53].

وتجدر الإشارة أن جميع القوانين المقارنة أشارت إلى التزام المحامي بالسر المهني، كالقانون التونسي[54]، والقانون اللبناني[55]، مع الإشارة إلى أن جل القوانين ضمنت التزام السر المهني ضمن عناصر القسم الذي يؤديه المحامي قبل بداية ممارسته للمهنة إسوة ببعض المهن الحرة كالطب وبعض المهن القانونية والقضائية كمهنة العدول والخبراء.

أما عن العلاقة التي تربط بينه وبين موكله، فعلى المحامي أن يلتزم بالدفاع عن موكله بكل أمانة وإخلاص، كما يقع عليه الالتزام بإبلاغ موكله بكافة مراحل سير الدعوى، وما يتم فيها وأن يبادر إلى إخطاره بما يصدر من أحكام فيها وأن يقدم له النصح فيما يتعلق بالطعن في الحكم إذا كان في غير مصلحته، وأن يلفت نظره إلى مواعيد الطعن[56].

l واجبات المحامي اتجاه القضاء :

تعتبر المحاماة من أهم المهن التي تساعد الهيكل القضائي قصد تحقيق العدل في جل المساطر التي يباشرها هذا الأخير.

وما يجب تكريسه هو أن القاضي والمحامي، وإن اختلفا في الوظيفة، فالهدف واحد وهو تحقيق العدالة. وهذا ما يولد العلاقة بين كل من المحامي والمحكمة ويقع على عاتق المحامي في هذا الصدد مجموعة من الواجبات من بينها ما نصت عليه المادة 41 من مشروع القانون المنظم لمهنة المحاماة المعدل والمتمم بالمادة 37 من قانون 28.08 حيث تنص على أنه : «لا يحق للمحامي أن يمثل أمام الهيآت القضائية والتأديبية إلا إذا كان مرتديا بذلة المحاماة»[57].

فارتداء البذلة هو شيء إلزامي وقانوني ليس فقط من أجل المرافعة ولكن أيضا أمام جلسات الصلح والبحث وغيرها، وكذلك من أجل مواكبة جميع الإجراءات سواء كانت أمام قاضي التحقيق أو أمام قضاة النيابة العامة أو أمام باقي القضاة بمعاقبتهم أو أمام مختلف مصالح كتابة الضبط. كما أن إلزامية ارتداء البذلة تمتد إلى حضور المحامي أمام المجالس التأديبية[58].

وفي إطار العلاقة التي تجمع بين كل من المحكمة والمحامي فعلى كل من يرغب في الولوج إلى ممارسة مهنة المحاماة أن يقوم بتعين موطنه المهني داخل دائرة اختصاص محكمة الاستئناف حسب القانون 28.08 في مادته 38 حيث ينص : «يجب على المحامي أن يعين موطنه المهني داخل دائرة اختصاص محكمة الاستئناف التابعة لها الهيئة المسجل بها»، فالملاحظة هنا أن المشرع أشار أن الاختصاص يجب أن يكون داخل دائرة اختصاص محكمة الاستئناف.

إلا أنه بالرجوع إلى مسودة مشروع قانون مهنة المحاماة وبالضبط في المادة 42 منه فهي تنص على أنه : «يجب على المحامي أن يعين موطنه المهني داخل دائرة اختصاص محكمة الاستئناف المدنية أو التجارية أو الإدارية...» فالملاحظ هنا أن المشرع أغفل ذكر المحاكم الزجرية في المادة المذكورة. فالسؤال المطروح هنا هل كان عدم ذكر هذه المحاكم سهوا أم أن المشرع اعتبرها من ضمن المحاكم المدنية؟

علما أنه وبالرجوع للقانون رقم 34.10 الصادر بتاريخ 5 سبتمبر 2011 المغير والمتمم للظهير الشريف بمثابة قانون 1-74-388 بتاريخ 15 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي حيث جاء بتعديلات في بعض فصوله ومن بينها الفصل الأول الذي جاء بالإضافات من خلال تقسيم هذه المحاكم بحسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها ومنها الأقسام الزجرية.

كما أضافت المادة كون المحامي عند تنصيبه للدفاع أمام المحاكم الخارج عن دائرة اختصاصه المهني أن يختار محل المخابرة معه بمكتب محامي يوجد بدائرة تلك المحكمة أو بكتابة ضبط المحكمة المنصب للدفاع أمامها، وعليه أن يقدم نفسه عند الترافع إلى نقيب الهيئة أو من ينوب عنه وإلى كل رئيس الجلسة وممثل النيابة العامة والمحامي الذي يدافع عن الطرف الآخر. 

×  المطلب الثالث : حصانة الدفاع  :

لاشك أن المحامي شريك في منظومة العدالة، فهو جزء من أسرة القضاء ومساعد له في عرض الوقائع عرضا منظما والاستظهار بالنصوص القانونية الواجبة التطبيق، وبآخر الاجتهادات القضائية وتوجهات الفقه، والمبدأ القانوني يؤكد على أن حق الدفاع من الحقوق المقدسة، ولكل إنسان أن يدافع عن حقه أمام القضاء دون أن يخشى التعرض لأية مسؤولية بسبب هذا الدفاع حتى ولو بدرت منه بعض العبارات أو الوقائع التي تنال من اعتبار وكرامة خصمه أو الغير في الدعوى، وما ينبغي التنبيه له هنا أن حصانة الدفاع هو حق متفرع عن الحق في حرية الدفاع المخول لمرتفقي المحاكم، فالمحامي يستفيد من جميع الحصانات التي قررها المشرع لفائدة موكله، فهي ليست امتيازا للمحامي ولا اعترافا بقدره الاجتماعي ولا متعلقة بشخصه كما يضن ذلك الكثير من المحامون، فمفهوم الحصانة اصطلاحا يتنافى مع أسس الدولة الحديثة، وغالبا ما يرتبط بالدول تفتقد لتقليد فرض القانون. فحرية المحامي كشخص هي أضيق من الحرية التي يتمتع بها الأشخاص العاديون، فإذا كان المحامي سيد مرافعته ومذكراته فإنه ينصاع لأحكام القانون ولأعراف مهنته وتقاليدها، فهو ليس حرا كونه مراقب ومقيد في المحاكم وخارج المحاكم، بل يمكن معاقبة المحامي تأديبا إذا ارتكب فعلا مخالفا للنصوص القانونية أو التنظيمية أو قواعد المهنة وأعرافها أو إخلالا بالمروءة والشرف، ولو تعلق الأمر بأعمال خارجة عن النطاق المهني، خلاف الشخص العادي الذي يرتكب أفعالا مخلة بالشرف والمروءة خارج إطار عمله دون أن يفضي ذلك إلى مساءلته تأديبا من طرف رب العمل.

وفي هذا السياق جاء في قرار صدر عن محكمة النقض بالرباط بتاريخ 19 فبراير 2015 جاء فيه : «لكن، حيث لئن كانت المواد 58، 59 و60 من القانون رقم 28.08 المتعلق بمهنة المحاماة تضمنت التنصيص على مقتضيات قانونية متعلقة بحصانة الدفاع , إلا أن إعمالها ينحصر لزوما في البحث في الحوادث أثناء مزاولة المحامي لنشاطه المهني. فهي حصانة لصيقة بمهام الدفاع، وتطبق هذه المقتضيات القانونية على وقائع محددة من عدمه إنما هي مسألة واقعية تخضع في تقديرها للسلطة التقديرية لقضاء الموضوع، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما ناقشت ما أثاره بوصفه محاميا من خرق لمقتضيات المادة 59 من قانون المهنة في حقه، فانتهت من خلال تحليلها للوقائع كما هي مثبتة بمحضر الضابطة القضائية المنسجمة وتصريحاته التمهيدية إلى أن واقعة مرافقته بصفته محاميا للمفوض القضائي الموكولة له مهمة تبليغ مقرر قضائي، ولئن كان صادرا بشأن تحديد الأتعاب لفائدته أو لغيره من الزملاء يجعله في وضع الشخص المتقاضي العادي على اعتبار أن عملية تبليغ المقررات والأحكام والأوامر القضائية مستقلة عن مهمة الدفاع وليس شخص المحامي»[59].

هذا الفهم ليس بغريب عما تضمنه دستور 2011 بخصوص أعضاء البرلمان، إذ تم الاقتصار على عدم متابعة العضو البرلماني المنتخب أو البحث عنه أو إلقاء القبض عليه أو اعتقاله أو محاكمته بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه ماعدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي أو يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك، خلافا لما كان معمول به في السابق.

ويثار الإشكال عندما يكون المحامي معاقبا تأديبيا بالإيقاف عن مزاولة المهنة أو ممنوعا مؤقتا من مزاولتها، أو متغاض عنه، فهل يستفيد من الضمانات الممنوحة للمحامي المنصوص عليها قانونا طالما أن هذه الضمانات ترتبط بممارسته الفعلية للمهنة؟

لابد لنا أن نستحضر ما عبر عنه المرحوم النقيب عبد الكريم بنجلون : « ليس المقصود من الحصانة أن تكون امتيازا للمحامين يسمح لهم بالخروج عن القانون، بل المقصود بها أن يكون المحامي في جلسة الأحكام مطمئنا قويا وهو يؤدي واجبه».

وحصانة الدفاع هي الحماية الممنوحة من المسؤولية القانونية وهذه الحصانة قد تكون حصانة من المسؤولية المدنية أو الجنائية أو الاثنين معا. وقد تكون إجرائية تمنع من اتخاذ الإجراءات القانونية أو تكون موضوعية بمعنى أن من يتمتع بها لا يترتب على ما يقوم به من أفعال مسؤولية قانونية[60].

الفقرة الاولى : الحصانة الموضوعية :

هذه الحصانة تؤطرها مقتضيات متفرقة منها ما ورد في المادة 58 من قانون مهنة المحاماة التي تقر «للمحامي أن يسلك الطريقة التي يراها ناجعة طبقا لأصول مهنة الدفاع عن موكله. لا يمكن اعتقال المحامي بسبب ما قد ينسب له من قذف أو سب أو إهانة، من خلال أقوال أو كتابات صدرت عنه أثناء ممارسته المهنة أو بسببها.

تحرر المحكمة محضرا بما قد يحدث من إخلال، وتحيله على النقيب، وعلى الوكيل العام للملك لاتخاذ ما قد يكون لازما».

فالمشرع خص المرافعة بحصانة قوية، إذ يستحيل على المحامي أن يجهر بالحق بحرية وبصراحة إن لم يكن محصنا عن أية تهديد أو ضغط أو متابعة تستهدف إخراسه.

أيضا ما نص عليه الفصل 44 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على أنه «إذا صدرت خطب تتضمن سبا أو إهانة أو قذفا من أحد الوكلاء الذين لهم بحكم مهنتهم حق التمثيل أمام القضاء، حرر رئيس الجلسة محضرا وبعثه إلى النيابة، فإذا تعلق الأمر بمحام بعثه إلى نقيب الهيئة»، ثم الفصل 341 من قانون المسطرة المدنية كما ينص على أنه «إذا صدرت من محامين أقوال تتضمن سبا أو إهانة أو قذفا أمكن لمحكمة الاستئناف أن تطبق عليهم بقرار مستقل العقوبات التأديبية إما الإنذار أو التوبيخ أو حتى الحرمان من مزاولة المهنة لمدة لا تتجاوز شهر أو ستة أشهر في حالة العود في نفس السنة».

ولم يكن المشرع في السابق يفرق بين سلطة الاتهام وبين سلطة الحكم في مجال التأديب أمام الهيئة القضائية بمحكمة الاستئناف دون غيرها حيث منحها الحق في إصدار عقوبات الإنذار والتوبيخ بل وقد تصل إلى الحرمان من مزاولة المهنة لمدة معينة وهو الأمر الذي لم يكن مقبولا من قبل المهنيين والحقوقيين. فالقاضي كان خصما وحكما وكانت تنتفي فيه صفة الحياد والتجرد، بل إن قضاء محكمة النقض ذهب في قرارات قليلة إلى أبعد من ذلك باعتباره في أحد قراراته أنه : «إذا كان الفصل 341 من قانون المسطرة المدنية قد أسند أمر المتابعة إلى الهيئة التي وقعت الجريمة أمامها فان ذلك يعتبر استثناء ويبقى للنيابة العامة ولو أمام هيئة أخرى أن تثير المتابعة إذ لم تتخذ الهيئة أي إجراء "مضيفا بأن" كيان المحاماة والقضاء لا يتغذى بالقانون فقط بل بالأعراف والتقاليد والتي هي بمثابة دستور غير مكتوب»[61]. كما جاء  في القرار 3501 الصادر عن المجلس الاعلى (محكمة النقض) بتاريخ 14 أبريل 1989 في الملف الجنحي عدد 16814 «أن جريمة إهانة المحكمة التي توبع بها المحامي الطاعن نص عليها المشرع وعلى عقوبتها في الفصل 341 قانون المسطرة المدنية وهو نص خاص يقدم على النص العام الوارد في قانون المسطرة الجنائية. وقد أسند المشرع أمر المتابعة والحكم في هذه القضية إلى نفس الهيئة التي وقعت الجريمة أمامها وذلك استثناء من مبدأ الفصل بين سلطة الاتهام وسلطة الحكم ولا مجال للاحتجاج لا بقانون المحاماة ولا بقانون الصحافة».

إن الحق في الدفاع ليس بحق مطلق بل هو مقيد باحترام حقوق الغير وعدم الاعتداء والتجاوز في استعمال الحق وأن أمر تقدير هذا الحق أوكله المشرع للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع، وأن رقابة قضاة النقض لا تمتد إلى حقيقة الوقائع التي شهد بثبوتها قضاة الزجر ولا إلى قيمة الحجج التي حضت بقبولهم[62].

إلا إن القضاء المغربي في مجمله برهن على رزانته اتجاه المحامين، إذ نجد العديد من الاجتهادات قضت بعدم مؤاخذة هؤلاء المحامين. وهكذا نجد بأن محكمة النقض قضت في نازلة جرائم الجلسات «بأنه ما دام قد أوضح  المحامي  عدم قصده إهانة القضاء وهو ما أكده دفاعه مقيدا أن القصد هو النصب على القضاء بدوره وذلك بتقديم أدلة واهية بكسب فوائد مادية بواسطة القضاء فان المحكمة تعتبر ما صدر عن الأستاذ ... جاء في سياق مرافعته عن مصالح موكله وليس القصد منه إهانة السلطة القضائية»[63].

يكفي التذكير في هذا الصدد بواقعة تطوان التي تعرض فيها أحد المحامون للطرد من الجلسة في سابقة تاريخية، بناء على تفسير خاطئ لمقتضيات المادة 43 من قانون المسطرة المدنية بحيث يتعين الوقوف على مقتضيات المادة 341 من قانون المسطرة المدنية التي تقر بإحالة المحضر على الوكيل العام للملك كما يجب الانتباه للمادة 357 من قانون المسطرة الجنائية الذي يسمح لرئيس الهيئة بطرد أي شخص من الجلسة بسبب اضطراب أو ضوضاء، ولابد في الأخير من التصدي للمادة 57 من قانون الصحافة التي تسمح بإيقاف المحامين عن مهامهم لمدة لا تتجاوز شهرا أو ثلاثة أشهر إذا تكررت المخالفة خلال السنة.

إن هذه النصوص القانونية تصيب حصانة المحامي وبالتبعية استقلاليته مما يستدعي العمل بشكل عاجل على تعديل المادتين 43 و341 من قانون المسطرة المدنية سدا لباب التأويلات الشاذة، وتعديل المادة 357 من قانون المسطرة الجنائية وخصوصا إلغاء الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 57  قانون الصحافة[64]. والأهم من ذلك كله المادة 58 من قانون مهنة المحاماة، الذي يربط مساءلة المحامي في حدود ما يستلزم حق الدفاع، ويكون بذلك قد ترك الباب مشروعا لاجتهادات القضاء وسلطته التقديرية في استخلاص إطار مستلزمات الدفاع أي ما يدخل في خانة الدفاع وما يخرج عنه ,ويرتب الحد من الحصانة , وجعل مرافعاته رهنا لتفسير وتأطير القضاء ويفتح الباب أمام إعمال ما تضمنته الفقرة الأخيرة من المادة 57 قانون الصحافة «غير أن ما تضمنه القذف وكان خارجا عن صميم القضية يمكن أن يفتح الباب إما لإقامة دعوى عمومية وإما لإقامة دعوى مدنية... وإما لإقامة دعوى مدنية من طرف الغير في جميع الأحوال». لذلك يكون مفيدا لو يحصر المشرع صراحة حالات سحب الحصانة متى تكون هذه الحالات قائمة على إدانة واضحة بمقتضى نص قانوني صريح لا يجوز التوسع فيه ولا القياس عليه، مع إلغاء مقتضيات المادة 57 من قانون الصحافة في شقها المتعلق بالمحامين، كما أن الفقرة الأخيرة من المادة 58 من قانون مهنة المحاماة تعطي الحق للوكيل العام للملك ومؤسسة النقيب لاتخاذ ما يكون لازما بعد تحرير محضر من طرف المحكمة دون تبيان حدود الإجراءات التي يمكن اتخاذها من طرف هاتين الجهتين، وما إن كان الأمر قد يتعلق فقط بمساءلة تأديبية كما نص على ذلك صراحة قانون مهنة المحاماة الأردني أم أن الأمر قد يتعدى ذلك إلى مساءلة المحامي جنائيا.

 

الفقرة الثانية: الحصانة الإجرائية

تتمثل الحصانة الإجرائية للمحامي في العديد من الجوانب الإجرائية والمتمثلة في :

1. عدم جواز اعتقال المحامي أو وضعه تحت الحراسة النظرية إلا بعد إشعار النقيب ويستمع إليه بحضور النقيب أو من ينتدب لذلك، لكن المشرع لم يحدد أية طريقة لإشعار النقيب ولم يرتب أي أثر أو جزاء عن مخالفة هذا المقتضى، مما يساهم في بعض الأحيان في تجاهل هذه القاعدة الإجرائية.

2. عدم جواز إجراء أي بحث مع المحامي وتفتيش مكتبه من أجل جناية أو جنحة ذات صلة بالمهنة إلا من طرف النيابة العامة أو قاضي التحقيق بعد إشعار النقيب وحضوره أو من ينوب عنه (حصانة المكتب).

إن امتداد الحصانة إلى مكتب المحامي ضرورية لمباشرته لعمله ومزاولته إياه على الوجه الذي يؤمن حق الدفاع، والباعث من الحصانة هاته يتصل بالسر المهني، لأن الغاية من عدم جواز تفتيشه ليس المكتب في حد ذاته، بل صيانة الأسرار الموجودة فيه وهي القاعدة المضمنة في المادة 59 من قانون مهنة المحاماة والتي تسري عليها الملاحظة السابقة لعدم تحديد طريقة إشعار النقيب وترتيب الجزاء القانوني المناسب عن مخالفتها، كما أن أسرار الموكلين لا تنحصر في مكتب المحامي بل تمتد إلى ملفاتهم الموجودة بحقيبته. لذلك كان من الأجدر أن تشمل الحصانة شخص المحامي فلا يجوز تفتيشه لضبط أوراق معه لا علاقة لها بقضية معينة، كما لا يجوز تفتيش حقيبته[65].

ويثار أكثر من تساؤل حول دور النقيب أو من يمثله في عملية التفتيش سيما وأنه المؤهل لفرز الأوراق السرية عن غيرها وهو الدور الذي يظل غير مؤطر قانونا في ظل القانون الحالي.

3. عدم جواز تنفيذ حكم إفراغ مكتب محام إلا بعد إشعار النقيب اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان مصالح موكليه وهي القاعدة التي ترمي كسابقاتها إلى الحفاظ على مصالح الموكلين ووثائقهم السرية.

4. عدم جواز الأخذ بالرسائل المتبادلة بين المتهم ومحاميه كدليل كتابي.

وتنص على هذه القاعدة مقتضيات المادة 294 من قانون المسطرة الجنائية، فعدم خرق حرمة الرسائل غير مقيد بأي قيد وتبقى هذه الحرمة قائمة حتى لو تضمنت اعترافا من المتهم بارتكاب الجريمة. وإذا ضبطت الرسالة وقدمت إلى المحكمة التي استندت إليها في إدانة المتهم اعتبر ذلك خرقا لحرمة حق الدفاع واعتبر الحكم باطلا، وتمتد الحصانة إلى الرسالة التي بعث بها الشريك في الجرم إلى محامي شريكه مادامت الرسالة قد أرسلت إليه بصفته محاميا، وإذا كان قصد المشرع في المادة المذكورة الرسائل المكتوبة، فماذا عن الرسائل الإلكترونية والرسائل الصوتية؟

المشرع مطالب بتوسيع نطاق الرسائل مادام اساس الاخذ بها واحد.

ان حصانة المحامي اساس استقلاليته ولم يعد بالإمكان التساهل بشأنها بنفس القدر الذي اصبح يتطلبه تحصين المؤسسات المهنية و تخليصها من الرقابة.

إن استقلالية مهنة المحاماة لن يكتمل صرحها دون أجهزة مهنية مستقلة، ولعل القراءة المتأنية للقانون المنظم لمهنة المحاماة تجعلنا نقف على محدودية صلاحيات هذه الأجهزة انطلاقا من ولوج المهنة مرورا بالإشراف على الممارسة المهنية وانتهاء بالانتخابات المهنية. فلغاية تاريخية لازالت وزارة العدل هي المتحكم الرئيسي في ولوج المهنة سواء من خلال تحديد تاريخ الامتحان أو الإشراف المباشر رغم قيامها بين الحين والآخر بإشراك جمعية هيئات المحامين بالمغرب في بعض الجوانب الهامشية، مما أدى إلى فتح باب المهنة لعدد كبير من الوافدين دون إعداد أبسط الظروف لاستقبالهم، فلا يخفى على أحد أن وزارة العدل لا تزال تعتبر المحاماة مجرد قطاع تابع لها وبالتالي لا ترى ضرورة لإشراك حقيقي وفعلي للأجهزة المهنية ولو عبر الجمعية في بلورة تصور عام للمهنة في المغرب.

أما بخصوص الإشراف على الممارسة المهنية، وإن بدا تمكين مؤسستي النقيب ومجلس الهيئة من اختصاصات واسعة في تدبير علاقة المحامين فيما بينهم ومع أجهزتهم وموكليهم، فتبقى كل مقررات الأجهزة المهنية خاضعة للرقابة من طرف الوكيل العام للملك مع صلاحية مطلقة للطعن فيها، وما يثير الاستغراب على سبيل المثال لا الحصر، حصر حق الطعن في مقرر الحفظ الضمني عليه (الفقرة 3 من المادة 67).

إن هذه الرقابة تعتبر مسا خطيرا باستقلالية الأجهزة المهنية وخرقا صارخا للمواثيق الدولية الخاصة باستقلال المحاماة وأداة لعرقلة كل مبادرة جادة للنهوض بالمهنة. إن هذه الرقابة يتعين الحد منها وذلك بتقليص صلاحيات الوكيل العام للملك في الطعن في مقررات المؤسسات المهنية، مما يستدعي معه تعديل المادة 66 والفقرة الثالثة من المادة 74 والمادة 76 بإلغاء صلاحية الوكيل العام  في طلب المنع المؤقت، وتعديل الفقرة التالية من المادة 67 بإسناد حق الطعن للمشتكي فقط وتعديل المادة 94 بخصوص انتخاب الأجهزة المهنية[66].

وارتباطا بما سبق، بخصوص دور الوكيل العام للملك في الانتخابات المهنية التي تعتبر أهم شق لتحصين الأجهزة المهنية، بغية السير بثبات في مسيرة الاستقلالية. فالمادة 94 من القانون المنظم للمهنة ينص على أنه «يحق لجميع الأطراف المعنية، والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف الطعن في المقررات الصادرة عن مجلس الهيئة، وكذلك في انتخابات النقيب ومجلس الهيئة، وذلك بمقتضى مقال يودع بكتابة الضبط بمحكمة الاستئناف، داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ أو إجراء الانتخابات...». وإذا كان من حق الأطراف المعنية بانتخاب النقيب ومجلس الهيئة الطعن في العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها، فإن تمديد هذا الحق للوكيل العام للملك أمرا غير مستساغ ويمس بإرادة المحامي واختياراته، وعليه نقترح حصر هذا الحق في الطعن لفائدة القانون بخصوص مقرر المجلس بتحديد أسماء المحامين الذين لهم حق الترشح لمنصب النقيب ولعضوية المجلس وفق ما تنص عليه المادة 89 من قانون المهنة.

à   المبحث الثاني : المسؤولية المدنية للمحامي والتأديب :

لا يختلف أي باحث في المجال القانوني على وجه عام على المكانة التي يحظى بها المحامي في الوسط القانوني، والوسط القضائي بصفة خاصة، بهذا فهو جزء لا يتجزأ من أسرة القضاء.

وقد عبر بعض الفقه عن هذا بالقول «أن القاضي والمحامي هما جناحا العدالة أو حارسا ما للدفاع عنها من كل عبث ينال منها أو أي شطط ينحرف بها عن مقصودها في إحقاق الحق».

وبهذا وكما هو معلوم أن كل ما عظمت المهمة والرسالة التي يؤديها أي في عمله إلا وتتقابل مع مسؤولية مشددة والمحامي لا يخرج عن هذا الإطار، فبقدر عظمت رسالة المحامي بقدر ما عظمت مسؤوليته، فانتمائه لمهنة المحاماة بأعرافها وتقاليدها ودخوله في علاقات معينة مع المتقاضين إلا وقد تثار مسؤوليته المدنية من أي خطأ قد يرتكبه (المطلب الأول).

هذا من جهة، من جهة ثانية فالمحاماة لا تخرج عن سائر المهن التي وضعت لنفسها قوانين ومبادئ وأخلاقية تدعم أعمال وتصرفات الأشخاص المنتمين لها اتجاه المهنة واتجاه بعضهم البعض، واتجاه الغير. هذه المبادئ هي التي يصطلح عليها بأخلاقيات المهنة. فإذا كانت جل القوانين المنظمة للمحاماة في سائر الدول تنص على واجبات وحقوق المحامي، فالمشرع المغربي سار على نفس المنوال، فقد أعطى للمحامي مجموعة من الحقوق ونص عليها، فإنه في نفس الوقت ألزمه باحترام الواجبات المفروض عليه بمقتضى تلك القوانين، وأي إخلال يصدر منه اتجاه الواجبات المفروضة عليه طبقا لقانون مهنة المحاماة أو القانون الداخلي يشكل مخالفة تستوجب التأديب (المطلب الثاني).

وأخيرا وإبان ممارسة السلطة التأديبية قد يصدر إخلال بالمسطرة التأديبية قد تضر بأحد الأطراف، وهذا ما يحيل إلى الحديث عن رقابة محكمة النقض عن القرارات المتعلقة بالتأديب (المطلب الثالث).

×  المطلب الأول : المسؤولية المدنية للمحامي :

كما لا يخفى على الجميع، أن المسؤولية المدنية هي ذلك الالتزام المعمول على الشخص للتعويض عن الضرر الذي تسبب فيه للغير نتيجة عمله أو بسبب الأشخاص أو الأشياء التي تحت عهدته[67].

دون الخوض في تفاصيل المسؤولية المدنية بصفة عامة وجب التنبيه إلى أنه لم يرد بأي قانون من قوانين المحاماة بالمغرب نصا صريح يتعلق بالمسؤولية المدنية ضد المحامي عكس ما ورد في القوانين المقارنة، فعلى سبيل المثال لا الحصر فالقانون التونسي في المادة 35 التي نصت أن المحامي مسؤول عن ما يرتكبه من أخطاء، والأكثر من هذا فحتى في حالة إن أناب من ينوب عنه تبقى مسؤوليته الشخصية قائمة، وبهذا سنحاول الحديث عن المرجعية القانونية للمسؤولية المدنية للمحامي (الفقرة الأولى)، ثم نحاول الحديث ولو بشكل مقتضب عن المسؤولية الجنائية للمحامي (الفقرة الثانية).

µ    الفقرة الأولى : الأساس القانوني للمسؤولية المدنية للمحامي :

إن الظاهر منذ الوهلة الأولى أن مسؤولية المحامي هي مسؤولية من نوع خاص فبالرجوع إلى نصوص قانون الالتزامات والعقود نجدها في العديد من الفصول تنص على علاقة الوكيل والموكل على سبيل المثال ما نص عليه الفصل 261 من قانون الالتزامات والعقود على أن الالتزام بعمل عند عدم الوفاء به يتحول إلى تعويض. والفصل 263 والذي نص أيضا أن التعويض يكون مستحق إما بسبب عدم الوفاء بالالتزام أو عن التأخير في أدائه.

لكن الإشكال المطروح هو هل المحامي ملزم بتحقيق نتيجة أم ببذل عناية؟

على حسب الفقه[68] فيجب التمييز بين حالتين: الحالة الأولى المتعلقة بالإجراءات[69] فمثلا كلف محام بالطعن بالاستئناف لفائدة موكل وهو مسبقا عالم بالآجال التي يتم فيه الطعن فمن واجب أو المفروض عليه الطعن داخل الآجال، إلا وإن كانت هناك قوة قاهرة حالة دون القيام بالأمر في أجله فالمحامي في هاته الحالة ملزم بتحقيق نتيجة . هذا من جهة، ومن جهة أخرى بخصوص الترافع فالمحامي ملزم ببذل عناية المحامي المعتاد.

ويطرح في هذا السياق سؤال لا يقل أهمية عن سابقه بخصوص مسؤولية المحامي عن الاستشارة التي يقدمها؟

فبالرجوع إلى التشريع المقارن وخاصة القانون الفرنسي الصادر بتاريخ 21/12/1971 قد رتب مسؤولية المحامي عند إخلاله بالتزام المشورة مهما كان وصف الخطأ سواء كان جسيما أم خفيفا مادام يلحق ضررا بالموكل أو بطالب الاستشارة. أما بخصوص التشريع المغربي لا نجد فيه أي مثيل لهذا النص لكن في نظر الفقه[70] فالمحامي في هاته الحالة يسأل وعليه تحمل نتيجة خطأه.

والمحامي ليس مسؤول فقط عن الأخطاء المهنية بل عليه مسؤولية وهي الحفاظ على الوثائق التي تسلمها من موكله للدفاع عنه بهذا الخصوص، نجد أن المادة 50 من قانون المحاماة المغربي الصادر في 2008 «يبقى المحامي مسؤولا عن الوثائق المسلمة إليه طيلة خمس سنوات، اعتبارا من تاريخ انتهاء القضية، أو من آخر إجراء في المسطرة، أو من يوم تصفية الحساب مع الموكل في حالة استبداله لمحاميه».

وتجدر الإشارة أن المسؤولية الملقاة على عاتق المحامي ترتكز على ثلاث أركان : الخطأ والضرر والعلاقة السببية، ودون الخوض في تفاصيل الشرح نود فقط أن نبرز العلاقة بين الضرر وتفويت الفرصة. ويطرح تساؤل في غاية الأهمية ومفاده هو هل تفويت فرصة يطلق على الفرصة المحققة أم العكس؟

نجد أن محكمة الاستئناف بالرباط قضت أن المدعي الذي يصرح من كسب الدعوى بسبب إهمال المحامي برفعها في الآجال القانونية لا تقبل دعواه ضد المحامي الرامية إلى التعويض إلا إذا أثبت أن هذه الدعوى لو رفعت في الوقت المناسب كانت نتائجها مؤكدة وتؤدي إلى منح تعويض إضافي[71].

وصدر أيضا قرارا عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء اعتبرت فيه المحكمة أن الإغفال الشكلي الذي وقع فيه المحامي بعدم ذكر الوقائع في مقاله يعد إخلال بقواعد المسطرة المدنية وخاصة الفصل 142 منها مما يعد معه خطأ مهنيا يعرض المحامي للمسؤولية استنادا إلى الفصل 78 من قانون الالتزامات والعقود[72].

وأيضا قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) سنة 2004 : «إن عمل المحامي مشروط بأن يكون ما يجري من إجراءات التقاضي نيابة عن موكله مطابقا لأصول القانون المقررة، فإذا أهمل إتباع هذه الأصول أو خالفها بعدم بذل عناية الرجل المتبصر، حي الضمير وأثر ذلك في المركز القانوني لموكله وفوت عليه الفرصة التي وإن كانت أمرا محتملا فإن تفويتها على المضرور أمر محقق فإنه يكون مسؤولا عن الضررين المادي والمعنوي الذي أحدثه لا بفعله فقط ولكن بخطأه وذلك عندما يثبت أن هذا الخطأ هو السبب المباشر في ذلك عملا بالفصول 78، 903 و904 من قانون الالتزامات والعقود»[73].

أما مسؤولية المحامي في تحرير عقد سواء في موضوع بيع العقار في طور الإنجاز أو التصرفات الواقعة على الملكية المشتركة أو كراء العقار المفضي إلى تملكه أو عقد عرفي في أي مجال، يمكن تصور الخطأ من جانبين في موضوع العقد بصفة عامة وأيضا في الحالة التي يحرر فيها المحامي العقد وينوب عن أحد الأطراف حول نفس الموضوع.

ويكون المحامي مسؤولا عن تحرير العقد من أي نوع كان إذا ثبت أن خطأه نتج عنه ضرر للمحرر له[74].

ومحكمة الموضوع من خلال دراسة العقد ومحتوياته هي التي لها صلاحية القول بوجود خطأ أم أنه غير موجود، جسيم أو يسير، وضرره محقق أو احتمالي، وعلى ضوء ذلك تصدر حكمها عن قناعة وبتعليل طبعا[75].

 

وفي الأخير نخلص أن الفرصة حتى وإن كانت تبقى أمرا محتملا، فإن تفويتها شريطة أن تصدر عن إغفال أو خطأ من المحامي – موجب للمساءلة والمطالبة بالتعويض.

 

µ    الفقرة الثانية : المسؤولية الجنائية :

قليلا ما تعرض على القضاء متابعات ضد محامين في إطار القانون الزجري استنادا إلى تصرفات تندرج في الممارسة المهنية وذلك راجع لعدة أسباب :

òاختيار اللجوء إلى القضاء المدني من البعض للتعويض عن الضرر الناتج عن أخطاء المحامين.

òصعوبة الإثبات أمام القضاء الزجري.

òتحاشي النيابة العامة تحريك المتابعات ضد المحامين لعدة اعتبارات.

لكن قد يقع اللجوء إلى القضاء الزجري خاصة فيما يتعلق بخيانة الأمانة (عدم تسليم وديعة في وقتها القانوني)، أو لسبب آخر مثل أن يقدم الاستشارة القانونية لطالبها وينتج عنها خسارة لذلك الشخص.

فما هي المسؤولية الجنائية؟ وما هي شروطها؟

في هذه الحالة تعرض الدكتور عبد الوهاب حومد للمسؤولية الجنائية موضحا شروطها وفلسفتها قائلا :

«لا يكون الإنسان مسؤولا عن فعله إلا إذا توفرت ثلاث شروط :

1. أن يكون الفعل المرتكب ممنوعا.

2. أن ينسب ماديا إلى الفعل.

3. أن يرتكب الفعل عن وعي وإرادة.

مضيفا أن المسؤولية فكرة فلسفية انكب على دراستها أقطاب العلم الجنائي، دون أن يحلو غوامضها بصورة نهائية، فهي قائمة على مبدأ الإرادة الحرة عند التقليديين، لذلك فإن مسؤولية معنوية وهي قائمة على الجبر عند الوضعيين فهي مسؤولية اجتماعية أو كما سماها "فري" فهي مسؤولية قانونية»[76].

وتجد المسؤولية الجنائية سندها في قانون المحاماة قبل التعديل وحتى بعد التعديل.

فقد جاء في المادة 65 على أنه : «لا تحول المتابعة التأديبية دون تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة أو المتضررين زجرا للأفعال التي تكون جنحا أو مخالفات».

وقد نص الفصل 79 من قانون 5 يونيو 1979 على ما يلي : «لا تحول المتابعة التأديبية دون تحريك الدعوى العمومية أو استعمالها أمام المحاكم من النيابة العامة أو المطالبين بالحق المدني زجرا للأفعال التي تكون جنحا أو جنايات».

ونفس ذلك ورد في المادة 63 من ظهير 10/09/1993، وأيضا المادة 65 من قانون رقم 28.08 الصادر بتاريخ 20 أكتوبر 2008.

ومن الجدير بالتسجيل أنه ورد في المقتضيات أعلاه النص على الجنح والجنايات دون المخالفات التي لا يمكن تصور اقترانها بالمخالفات والأخطاء المهنية.

وأغلب ما يمكن تصوره هو الجنح التي قد تقترن بالمخالفات والأخطاء المهنية مثل خيانة الأمانة، إفشاء السر المهني، إفشاء سر سير التحقيق.

ومما تشمئز من سماعه وشيوعه بين المحامين والقضاة والمواطنين عامة، كثرة القضايا المعروضة على قضاء التحقيق وعلى المحاكم والتي صدرت بشأنها أحكام بالحبس النافذ وكلها تتعلق بخيانة الأمانة مجسدة في عدم تسليم الموكلين مستحقاتهم عن تعويضات غالبا في قضايا حوادث السير والشغل.

ويمكن القول جزما بأن النيابة العامة هي المحرك للمتابعات ودون أن يتدخل المتضررون للمطالبة بالتعويضات إلا نادرا.

وبخصوص ما يتعرض له بعض المحامين من متابعات ويعرضون على جلسات القضاء التي نفذوها ضد شركات التأمين وغيرها، يمكن مراجعة البحث القيم للأستاذ إدريس النوازلي، نائب رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش[77] حيث تناول أهمية المحاماة والدور الهام المنوط بالمحامي والثقة التي وضعها فيه المشرع والمسؤولية التأديبية والمدنية والزجرية نتيجة تصرفات حادث عن القيم المثلى للمهنة.

وقد سجل في بحثه بعض أرقام القضايا التي تتعلق بمتابعات ضد محامين بخصوص خيانة الأمانة وصدور أحكام فيها بالحبس النافذ.

ولم يكن لظاهرة متابعة المحامين والحكم عليهم بالحبس النافذ أي وجود لأسباب عدة ليس ضمنها عدم الاحتفاظ بودائع الموكلين بل عدم تسليمهم إياها واستمرارهم في عدم إبراء ذمتهم منها.

على أنه يمكن القول أن تكاثر المتابعات ضد المحامين إلى غياب دور مجالس الهيئات وتقاعسهم عن القيام بواجبهم وحماية المهنة من تصرفات من لا يشرفها أن ينسبوا لها أو تتفاخر بهم.

وعلى أي مهما كان نوع المتابعة فإنه من واجب النيابة العامة استحضار وتطبيق ما جاء النص عليه في المادتين 58 و59 من قانون 20 أكتوبر 2008 تحت طائلة بطلان الإجراءات دون احترام تلك المقتضيات التي حللنا مضامينها ووضحنا تطبيقها عندما تناولنا حصانة الدفاع.

ومن واجب المحامين كأفراد أن يحرصوا على التمسك بالإجراءات القانونية حماية لهم من كل تعسف أو سوء فهم مؤكدين على دور النقباء ومجالس الهيئات، بخصوص المقتضيات الجديدة المتعلقة بحصانة الدفاع، وإن كانت المقتضيات الجديدة المتعلقة بحصانة المحامي في قانون 2008 فإنها لا تخلو من خطورة بالنسبة له إذا لم يتصرف بحكمة ورزانة رجل القانون المتبصر العارف بقدر مهنته وما للقضاء من حرمة وللعدالة الذي هو أحد المساهمين في تحقيقها من قدسية وجلال.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

×  المطلب الثاني : تأديب المحامي :

لقد أوكل المشرع لمجلس الهيئة الحق في ممارسة إجراءات المتابعة ضد أي محام يرتكب مخالفة مهنية، واتخاذ العقوبات التأديبية[78] باعتباره مجلسا تأديبيا[79] ونفس الدور أناطه المشرع بمحكمة الاستئناف كدرجة ثانية للبت في مقررات مجال الهيئات.

والتأديب في مهنة المحاماة هو مجموعة من القواعد الموضوعية والمسطرية التي تهدف إلى المحافظة على التوازن في المهنة، كما أن هذه السلطة التأديبة والعقوبات  تطال المحامي المتمرن، والمحامي الشرفي والمستقيل والمحامي المتغاضي عنه المرتكب للمحالفة التأديبية.

وعليه سنحدد صور بعض المخالفات التأديبية في (الفقرة الأولى) على أن نخصص الحديث في (الفقرة الثانية) للمسطرة التأديبية.

µ    الفقرة الأولى : صور المخالفات التأديبية :

يطلق على الخطأ أسماء مختلفة منها المخالفة التأديبية والجريمة التأديبية والذنب التأديبي.

ومعظم تشريعات الدول جاءت خالية من تعريف محدد للمخالفة التأديبية، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى طبيعة المخالفة التأديبية، من أنها لم تحصر وتحدد خلافا للجريمة الجنائية، وقد عرف الفقه المخالفة التأديبية «بأنها كل عمل وامتناع يرتكبه الشخص داخل أو خارج الوظيفة أو المهنة ويتضمن الإخلال بواجباتها أو المساس بكرامتها إخلالا صادرا عن إرادة دون أن يكون هذا العمل أو الامتناع استعمالا لحق أو أداء لواجب»[80].

وأهم ما يميز المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية، أنها غير محددة على سبيل الحصر، كما أنها لا تخضع لمبدأ لا جريمة بغير نص، كما أن المخالفة التأديبية لا تخضع لمبدأ الشك يفسر لصالح المتهم المطبق في الجريمة.

وقد أصدرت غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف تطوان قرار عدد 30/07 بتاريخ 27/02/2007 في الملف عدد 389/04/06 جاء في أحد حيثياته «... التأديب لا يخضع لقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص».

والمشرع المغربي في القانون المنظم لمهنة المحاماة وكذا القوانين الداخلية لهيئات المحامين لم يضع تعريفا محددا للمخالفة التأديبية، بل حدد فقط الواجبات والالتزامات التي يتعين على المحامي احترامها، وقضى بمعاقبة كل محام يخالف أو يخرج عن تلك الواجبات، أو يخالف نصوص قانونية أو تنظيمية، أو قواعد المهنة أو أعرافها، أو الإخلال بالمروءة والشرف، لو تعلق الأمر بأعمال خارجة عن النطاق المهني في المادة 61 من قانون المهنة.

وتجدر الإشارة إلى أن الخروقات التي قد يقترفها المحامي قد تمس بالمهنة أو القضاء أو خروقات مرتكبة اتجاه النقيب، أو موكله...

فالمحامي يتقيد بالمبادئ العامة المنصوص عليها في المادة 3 من قانون المهنة التي تنص على أن «المحامي يتقيد في سلوكه المهني بمبادئ الاستقلال والتجرد والنزاهة والكرامة والشرف وما تقتضيه أعراف وتقاليد المهنة». ومن ثم فتقاعس المحامي عن رفع الدعوى[81] أو  عدم تقديم الطعون داخل الآجال القانونية أو السهو في عدم تقديم بعض الأدلة حسب المادة 47 من قانون 28.08 ، يشكل مساسا بتقاليد المهنة وكرامتها، وتكون المخالفة التأديبية قائمة حتى ولو كان المحامي حسن النية، ذلك أن مبادئ المهنة توجب عليه مراعاتها في أي عمل من أعمال مهنته أو بمناسبتها. وهكذا فاقتصار المحامي على الاحتفاظ بالمبلغ دون سلوك أية مسطرة من أجل الإيداع بصندوق المحكمة، أو من أجل إرجاعه إلى صاحبه لتعذر التنفيذ تجعل المخالفة المهنية ثابتة في حقه ، وذلك رغم التزام المحامي بإيداع المبلغ المتوصل به من طرف المشتكي من أجل التنفيذ [82]. وفي إطار ممارسته لمهامه، قد يقتني المحامي لنفسه الحقوق المتنازع عليها، فيرتكب بذلك مخالفة تأديبية تستوجب معاقبته، القرار الصادر من محكمة الاستئناف بالرباط عدد 4468 بتاريخ 15/01/1952[83]، أو يعرض استعداده لنيابة عن الغير، فيرتكب بذلك مخالفة تأديبية تجاه تقاليد المهنة وأعرافها (المادة 35 الفصل 1 من قانون 28.08) ويستحق تبعا لذلك التأديب.

إن المحامي ملزم باللياقة والاحترام، مراعيا متطلبات الكرامة المهنية، معتزا بنفسه، وبمهنته، ومن ثم فقيامه بزيارة موكله في مقر هذا الأخير تجعل المخالفة التأديبية قائمة في حقه، اللهم إذا حصل على إذن النقيب واستوجب ذلك ظروف استثنائية عملا بأحكام المادة 42 من قانون 28.08 والمادة 42 من النظام الداخلي الموحد التي تنص على أنه «لا يسوغ للمحامي في نطاق نشاطه المهني أن يتوجه إلى مقر موكله، إلا إذا حتمت ذلك ظروف استثنائية، شريطة إشعار النقيب...».

كما أن المشرع نص في المادة 12 من قانون 28.08 بمفهوم المخالفة على المخالفات المتعلقة بالقسم المهني والمتمثلة في عدم ممارسة مهام الدفاع والاستشارة بشرف وكرامة وضمير و نزاهة واستقلال وإنسانية، والإخلال بالاحترام الواجب للمؤسسات القضائية، وقواعد المهنة التي ينتمي إليها المحامي. وعدم المحافظة على السر المهني ومخالفة القوانين والأنظمة والأخلاق العامة وأمن الدولة والسلم العمومي. فامتناع المحامي عن تنفيذ حكم قضائي صادر في مواجهته يشكل إخلالا بالقسم الذي أداه، وسلوكا يخالف قواعد المهنة وتقاليدها[84] أيضا، إذا قام المحامي بتوجيه إهانات للهيئة القضائية عامة وإلى المحكمة خاصة، تجعل المخالفة التأديبية ثابتة، ويحق بذلك لمجلس الهيئة متابعته تأديبيا، ولهيئة المحكمة زجريا.

وإذا عمل المحامون متواطئون فيما بينهم على أن يتفقوا عليه، على عدم تقديم المساعدات الواجبة للقضاء سواء بالنسبة للجلسات أو الإجراءات، المادة 39 من قانون 28.08، توبعوا تأديبيا أمام مجلس الهيئة[85] والمحامي ملزم بالوقار أكثر أمام هيئة المحكمة، فإذا عمل على الدخول إلى الجلسات وهو غير مرتد لبذلته، يرتكب مخالفة للنصوص القانونية وقواعد المهنة، إذ تنص المادة 37 من القانون رقم 28.08 على أنه «لا يحق للمحامي أن يمثل أمام الهيئات القضائية والتأديبية، إلا إذا كان مرتديا لبذلته»، غير أنه يكون في حل عنها عندما يترافع في قضية شخصية أو عندما يكون شاهدا في قضية لا علاقة لها بالمهنة أو السر المهني.

والمحامي في إطار ممارسته، يتعين عليه إذا كان يقيم خارج دائرة المحكمة المنصب بها، أن يقدم نفسه لنقيب الهيئة القضائية ومجلس الهيئة وإلا تحققت المسؤولية التأديبية تطبيقا لأحكام المادة 3/38 من قانون 28.08، وكل نزاع بين محام وقاض وجب إخبار النقيب أو أقدم عضو بالمجلس، لأن أعراف المهنة تقتضي وجوب الاحترام المتبادل بين أسرتي القضاء والمحاماة، وكل مخالفة لذلك تستوجب التأديب المادة 2/41 من النظام الداخلي الموحد.

أما بالنسبة لعلاقة المحامين فيما بينهم، يعتبر المحامي مرتكبا لمخالفة تأديبية، إذا ترك قاعة الجلسة دون عذر قاهر، خصوصا إذا كانت المرافعات متعددة في نفس القضية واستعمال عبارات مسيئة في حق زميله حيث تقتضي أعراف المهنة وقواعد الزمالة احترام الزملاء فيما بينهم بمفهوم المادة 33 من الفقرة الأولى من القانون الداخلي[86].

وتقتضي الأعراف المهنية، ومقتضيات قانون المهنة معاقبة المحامي تأديبيا الذي يفشي أسرار موكليه ولو لأقرب المقربين إليه، على أنه يكون غير ملزم بهذا السر في علاقته بالنقيب وأعضاء المجلس عندما يكون موضوع شكاية من طرف موكله المادة 55 من النظام الموحد.

ومما قد يقع فيه المحامي أيضا من خروقات مهنية الامتناع عن علم موكله بمجريات القضية من أولها إلى آخرها، أو تخلي عن مواصلة الدعوى دون إشعار موكله بوقت كاف يتأتى له معه إعداد دفاعه...

كانت هذه بعض صور المخالفات التأديبية التي قد تصدر عن المحامي أثناء مزاولته مهامه أو بمناسبتها، وبخصوص العقوبات التي قد تطال مرتكب المخالفة نجد المشرع قد حددها على سبيل الحصر بخلاف المخالفات التأديبية التي تتسع دائرتها، وتتحكم في هذه الدائرة السلطة التقديرية للمؤسسات[87].

µ    الفقرة الثانية : المسطرة التأديبية للمحامي :

لم يحدد المشرع المغربي الأفعال التي تعتبر أخطاء تأديبية، وإنما لجا على غرار بعض التشريعات المقارنة إلى وضع صياغة عامة تخضع إلى الجهة التي يعود إليها الاختصاص في هذا المجال.

وبهذا المعنى جاءت المادة 61 من قانون 28.08، أنه «يعاقب تأديبيا المحامي الذي يرتكب مخالفة للنصوص القانونية أو التنظيمية أو قواعد المهنة أو أعرافها، أو إخلال بالمروءة والشرف، ولو تعلق الأمر بأعمال خارجة عن النطاق المهني».

ويعرف التأديب بأنه مجموعة من الوسائل الرادعة التي حددها المشرع لضمان حسن أداء المهنة أو وظيفة. ولاشك أن التأديب هو إبراز رقابة ذاتية تمارسها إدارة أو منظمة مهنية ضد كل المخالفين لضوابط الاستقامة من المنتمين إليها. ومهنة المحاماة معروفة بتقاليدها، وانتظام الممارسين لها في أجهزة ومؤسسات مهنية راكمت عبر الزمان من المبادئ والأعراف المثالية الواجبة على كل محامي الانضباط لها في سلوكه. وللإحاطة بالمتابعة التأديبية للمحامي ارتأينا تقسيم هذه الفقرة إلى :

أولا : إجراءات المتابعة التأديبية :

j تحريك المتابعة التأديبية :

تتعدد الجهات التي تتدخل في تحريك المتابعة التأديبية للمحامي إلى جانب الهيئات المهنية التي خولها المشرع سلطة القيام بذلك غير أنها ليست الوحيدة، إذ أن هناك جهات أخرى يمكنها تحريك مسطرة المتابعة وذلك لتحقيق نوع من التوازن بين المحامي والمتابع والمواطن العادي الذي يكون قد تضرر من فعل المحامي المتابع، وتنص المادة 67 من قانون المحاماة على أن للنقيب سلطة تحريك المتابعة إذ يتخذ النقيب مقررا معللا بالحفظ أو المتابعة إذ تحال على النقيب الشكايات المرفوعة مباشرة لمجلس الهيئة أو المحالة من الوكيل العام للملك، ويرى بعض الفقه أن توجه المشرع والقاضي بمنح حق المتابعة أو الحفظ للنقيب أمر غير صائب لكون متابعة النقيب وحده للمحامي يتسم بنوع من الخطورة إذ أن رأي الجماعة ليس هو رأي الفرد وهو الإشكال التي تجاوزته المسودة من خلال الفقرة الأخيرة من المادة 73[88] التي تنص على «إذا تم إلغاء مقرر النقيب بالحفظ، يحال الملف، وجوبا، من جديد لعرضه على مجلس الهيئة لمواصلة إجراءات المتابعة». وبهذا المقتضى تكون مسودة حاولت تصحيح.

ولقد حول المشرع المغربي لمجلس الهيئة كذلك حق تحريك المتابعة التأديبية بشكل تلقائي والتلقائية تعني في مجال المسطرة التأديبية عدم وجود أي متظلم أو شكاية، فمجلس الهيئة كلما علم من أي جهة كانت بأمر مخالفة ما، بل وحتى تنازل المشتكي عن شكايته يقوم بالبحث في القضية لاتخاذ ما يراه مناسبا، وذلك ما أشارت إليه المادة 69 من قانون المحاماة والتي جاءت فيها «يمكن لمجلس الهيئة أن يضع يده تلقائيا على كل إخلال بالنصوص القانونية أو التنظيمية، أو قواعد المهنة أو أعرافها، أو أي إخلال بالمروءة والشرف...».

غير أنه ليس النقيب والمجلس هما الوحيدان اللذان يحركان هاته المتابعة بل يوجد إلى جانبها آخر هو محكمة الاستئناف وذلك في حالة إلغاء مقرر النقيب، فعندما يتخذ النقيب مقررا بالحفظ الصريح أو الضمني (بعد مرور أجل ثلاثة أشهر دون تحريك المتابعة من قبل النقيب وهو ما قامت المسودة بتمديده لمدة ستة أشهر). وعليه يحق للوكيل العام للملك وحده حق الطعن في هذا المقرر ولم يحدد قانون المحاماة الحالي أي أجل للوكيل العام مما يجعل المحامي الذي حفظت الشكاية الموجهة ضده مهدد إلى أجل غير مسمى من قبل النيابة العامة وهو ما لم تتجاوزه المسودة بعدم تنصيصها على أجل الطعن الذي يحق للوكيل العام للملك[89].

وهنا يطرح تساؤل حول إمكانية سد هذه الثغرة بفصل يحدد تقادم الشكاية؟ وآخر يضمن للمحامي الحماية من انحياز الهيئة لجهة دون الأخرى، إما على أساس انتمائها السياسي أو مصالحها الشخصية، إذ نجد أنه ولنفس الخطأ أو المخالفة التأديبية قد يتم تحريك المتابعة في حق محامي دون الآخر.

وبناء على ما سبق فإن محكمة الاستئناف كلما أحيل عليها المقرر الضمني أو الصريح الصادر عن النقيب يمكن لها النظر في الطعن بالاستئناف المرفوع إليها من طرف الوكيل العام للملك، وكلها تبين لها أن هناك أدلة وعناصر تثبت المتابعة في مواجهة المحامي المشتكى به يمكنها أن تلغي مقرر النقيب الصريح أو الضمني وتحيل الملف وجوبا من جديد لعرضه على مجلس الهيئة لمواصلة إجراءات المتابعة.

وتجدر الإشارة إلى أن النقيب نفسه قد تحرك المتابعة في حقه من طرف الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، وذلك من ارتكب مخالفة مهنية أو وجهت شكاية ضده، إذ أن لا أحد منزه عن ارتكاب الأخطاء.

k مسطرة المتابعة التأديبية :

المبدأ العام أي مسطرة التأديب لا تخضع للمقتضيات الشكلية المنصوص عليها في الدعويين المدنية والزجرية، ولكل مسطرة تأديبية خصوصياتها حسب المهنة والقوانين المطبقة عليها بحيث لا تفرض فيها أشكال معينة، إلا ما حدده القانون، وبالنسبة لمسطرة التأديب في قانون المحاماة فإن المشرع حدد لها مسطرة شكلية قريبة من الإجراءات القضائية المتبعة من طرف المحاكم[90].

فالعضو المقرر يقوم بإجراء التحقيق في التهمة الموجهة إلى المحامي وله في ذلك كامل الصلاحية لجمع الأدلة الممكنة، كما يمكنه الاستماع إلى المحامي المتابع والشخص المتضرر عند الاقتضاء، وإلى كل الأشخاص الذين يظهر له أنه من المفيد الإطلاع على آرائهم، بما في ذلك الزملاء المحامون أنفسهم.

ويستمع المحقق إلى كافة الأطراف، في محضر توقع صفحاته ويوقع على كل صفحة منه من المستمع إليهم، ويبلغ المحامي المشتكى به بكل محاضر استماع المشتكي والشهود حيث يتسنى له الرد في الوقت المناسب مع إعطاء الفرصة الكاملة إعمالا لمبدأ التواجهية في تواجهه مع الأشخاص المستمع إليهم[91].

وعندما يعتبر المقرر القضية جاهزة يقدم إلى المجلس التأديبي تقريرا يتضمن بالإضافة إلى وقائع القضية ووسائل الإثبات فيها استنتاجاته الشخصية.

وعلى ضوء هذا التقرير ليتولى المجلس تكييف الوقائع، ثم يصدر أمرا بالاستدعاء يتضمن ملخصا للوقائع والنصوص القانونية والتنظيمية والقواعد المهنية موضوع المتابعة ويعين يوم وساعة انعقاد المجلس التأديبي (المادة 68 من قانون 28.08) ويبلغ الأمر بالاستدعاء إلى المحامي المتابع قبل 15 يوما على الأقل من تاريخ انعقاد المجلس التأديبي، مع إشعاره باختيار أحد المحامين لمؤازرته وبحقه في الإطلاع داخل الأجل المذكور على جميع وثائق الملف، ويتم التبليغ بالطرق المنصوص عليها في المادة 93 من قانون 28.08. ويلاحظ أن هذه المادة لم تنص على تبليغ المحامي عن طريق البريد المضمون ومن ثم لا يصلح له إثارة هذا الدفع بمراعاة الموقف الإيجابي الذي يكرسه قانونيا الإجراء الحالي في المادة منه الذي يقرر قاعدة البطلان بدون ضرر، وفي التاريخ المحدد يستمع المجلس التأديبي في جلسة سرية إلى المحامي المتابع الذي يكون مرتديا البذلة المهنية، ويكون آخر من يتكلم في الجلسة كما هو الحال في القضايا الجنائية[92].

ويقوم العضو المقرر في البداية بتلاوة تقريره، وهذا التقرير يعتبر من ضمانات الدفاع، إلا أن المحامي المتابع يمكنه إعفاء المجلس من تلاوة هذا التقرير، وعلى المجلس أن يتداول في كل الدفوع والطلبات المثارة من طرف المحامي المتابع أو دفاعه.

وتجري المداولة من طرف أعضاء المجلس بحسب ترتيبهم بالجدول ابتداء بآخر مسجل بالجدول ثم النقباء السابقون وانتهاء بالنقيب، وذلك حتى لا يتأثر الأعضاء الجدد بآراء القدامى ولا يشارك النقيب في التصويت إلا إذا تساوت الأصوات (المادة 70 من قانون 28.08).

وعلى المجلس أن يقتصر في مداولته على المخالفات المنصوص عليها في الاستدعاء وتكون كل إجراءات مسطرة التأديب بمحضر خاص يوقعه النقيب وكاتب الهيئة ويضم إلى الملف التأديبي. أما القرار فيصدره المجلس بالأغلبية المطلقة لأعضائه الحاضرين ويعتبر صوت النقيب مرجحا في حالة تساوي الأصوات.

ويبت المجلس في أجل لا يتعدى ستة أشهر من تاريخ إحالة الملف عليه أو من تاريخ وضع اليد من طرف المجلس وعند عدم بت المجلس داخل هذا الأجل يعتبر موقفه بمثابة مقرر ضمني بعدم مؤاخذة المحامي المتابع ويبلغ المقرر التأديبي داخل 15 يوما من صدوره إلى المحامي وإلى الوكيل العام للملك ويشعر به المشتكي.

ثانيا : آثار المتابعة التأديبية :

j نظام العقوبة :

لم يترك المشرع المغربي الحرية للمجلس التأديبي في مجال العقوبات التي يمكن أن يتخذها في حق المحامي المتابع، فقد جاءت على سبيل الحصر، وهذه العقوبات التأديبية إما أن تكون أصلية أو إضافية وإلى جانب هذه العقوبات نص المشرع على تدابير أخرى خاصة لا ترقى إلى درجة العقوبة وإن كانت تحمل معناها كالتغاضي والإسقاط من الجدول (المواد 75 – 78 من قانون 28.08).

وقد قام المشرع بتعداد العقوبات التأديبية في المادة 62 من قانون 28.08 وهي:

1. الإنذار.

2. التوبيخ.

3. الإيقاف عن ممارسة المهنة لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات.

4. التشطيب من الجدول أو من لائحة التمرين ، أو سحب الصفة الشرفية.

وقد أشار القانون المقارن إلى هذه العقوبات كالمصري والسعودي واللبناني والفرنسي، لكن المشرع التونسي[93] أشار إلى 6 أنواع من العقوبات عوض أربعة التي نصت عليها باقي القوانين.

òالإنذار : هو أخف جزاء يمكن للمجلس التأديبي أن يوقعه على المحامي المتابع وهذه العقوبة تسجل باعتبارها سابقة تأديبية ويعتد بها لتحديد العقوبة في حالة العود شأنها في ذلك شأن التوبيخ[94].

òأما التوبيخ : الذي هو عقوبة من الدرجة الثانية فهو بمثابة استنكار شديد لسلوك المحامي.

òوالعقوبة الثالثة هي الإيقاف عن ممارسة المهنة لمدة لا تزيد عن ثلاثة سنوات، وهذه العقوبة تكتسي خطورة لما يترتب عليها من آثار على وضعية المحامي المهنية، حيث أنه حسب المادة 71 من قانون 28.08 يتعين على المحامي الوقوف بمجرد أن يصبح المقرر قابلا للتنفيذ أن يتخلى عن ممارسة أي عمل من أعمال المهنة وأن يتعامل بصفته محاميا ويشعر النقيب الوكيل العام للملك بالمقرر التأديبي.

الإيقاف عن ممارسة المهنة لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات: تعتبر هذه العقوبة أشد خطورة لكونها تزيل عنه صفته كمحام لمدة ثلاث سنوات فضلا عن أنها تحرمه من مصدر عيشه طيلة هذه المدة، بالإضافة إلى أنها تؤثر على مكانته الاعتبارية بين زملائه، والملاحظ أن المشرع المغربي قد تشدد في هذه العقوبة عند مقارنتها مع باقي المهن الحرة كمهنة الطب والعدول والتي حدد فيها مدة التوقيف في سنة كحد أقصى.

òأما العقوبة الرابعة والأخيرة التشطيب من الجدول أو من لائحة التمرين أو سحب الصفة الشرفية وأضافت المسودة الحذف من لائحة التمرين : تعتبر هذه العقوبة من أخطر العقوبات التأديبية التي يمكن أن يتعرض لها المحامي المتابع ومن آثار هذه العقوبة أن المحامي المشطب عليه بمجرد ما يصبح المقرر قابلا للتنفيذ، يتعين عليه التخلي عن ممارسة أي نشاط يتعلق بالمهنة وأن لا يتعامل بصفته محاميا ويتم التشطيب على اسمه من جدول الهيئة التي ينتمي إليها بصفة نهائية إلى أنه لا يمكن تقييده بجدول أية هيئة أخرى أو بلائحة التمرين حسب المادة 71 من القانون المنظم لمهنة المحاماة.

وفضلا عن العقوبات الأصلية فإن المشرع المغربي أجاز إمكانية أن تضاف إليها عقوبات إضافية التي لا يمكن الحكم بها لوحدها بل يتعين أن تنضاف إلى إحدى العقوبات الأصلية والغاية منها هو إضفاء حماية أكثر لمهنة المحاماة. والعقوبات الإضافية تتمثل في الحرمان من الترشيح لمنصب النقيب. ونلاحظ على أن القانون المنظم لمهنة المحاماة لم يشر إلى عقوبات إضافية بالغرامة كما هو الشأن بالنسبة للقانون الاسباني الذي يعطي إمكانية لمجلس الهيئة بإصدار عقوبة إضافية بالغرامة ضد المحامي المتابع تؤدي لفائدة صندوق الهيئة.

ò تقادم الدعوى التأديبية : تنص المادة 64 من قانون 28.08: «تتقادم المتابعة التأديبية، بمرور ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ ارتكاب المخالفة، بتقادم الدعوى العمومية إذا كان الفعل المرتكب يشكل عملا جرميا. وينقطع التقادم بكل إجراءات المتابعة أو التحقيق».

ò رد الاعتبار : تعتبر العقوبة التأديبية من أهم وأخطر موانع الترشيح في الانتخابات المهنية، ولاعتبارات تتعلق بالعدالة لا يكون هذا الأثر على إطلاقه، لذلك تدخل المشرع ونظم حالات رد الاعتبار بحيث نص في المادة 62 من قانون 28.08 على إمكانية التماس رد الاعتبار حتى على عقوبة الإيقاف وهكذا يجوز للمحامي الذي صدر في حقه مقرر تأديبي نهائي بالإنذار أو التوبيخ أو الإيقاف أن يقدم لمجلس الهيئة التماسا برد الاعتبار ويبت فيه المجلس داخل أجل شهر من تاريخ التوصل به.

j الطعن في المقررات التأديبية :

إن جميع المقررات التي تصدر عن المجلس التأديبي يمكن الطعن فيها ضمانة للأطراف في الدعوى من إساءة استعمال المجلس لحق التأديب.

ò الاستئناف : إن حق الاستئناف الذي خوله المشرع للأطراف المعنية حدد له آجال معين لا يتعدى 15 يوما ويبدأ من يوم تبليغ المقرر التأديبي إلى الأطراف المعنية بعد هذا الأجل أو من تاريخ الذي تعتبر المقررات الضمنية أنها اتخذت فيه، وكل استئناف يقدم بعد هذا الآجال يرد شكلا وللمحكمة أن تتمسك به تلقائيا لتعلقه بالنظام العام.

ويقدم الاستئناف بمقال يوضع طبقا لأحكام المادة 94 من قانون 28.08 بكتابة ضبط محكمة الاستئناف داخل الأجل المذكور.

وتبت محكمة الاستئناف حسب المادة 95 من قانون 28.08 بغرفة المشورة بعد أن تستدعي النقيب وباقي الأطراف لسماع ملاحظاتهم ويطلب من الوكيل العام للملك تقديم ملتمساته.

ولأن الطعن بالاستئناف طريق من طرق الطعن العادية فإنه يوقف تنفيذ المقرر التأديبية لذلك يحق للمحامي الموقوف أو المشطب عليه من الجدول أن يمارس المهنة إلى حين صدور المقرر الاستئنافي، ما لم يكن مشمولا بالنفاذ المعجل من قبل مجلس الهيئة في حالة الإخلال الفادح بالقواعد المهنية ويمكن للمحامي في هذه الحالة الأخيرة أن يطلب إيقاف التنفيذ المعجل أمام محكمة الاستئناف (المادة 63 من قانون 28.08). أما بالنسبة لمقرر المنع الذي يعد إلا تدبير احتياطيا فإن الاستئناف لا يوقف تنفيذه ولا يبيح للمحامي مواصلة أعماله المهنية مهما كانت المبررات (المادة 66).

ò التعرض : تدخل المشرع بنص خاص في المادة 97 من قانون 28.08 وقرر أنه «تخضع للطعن بالتعرض القرارات الصادرة عن الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وغرفة المشورة بها، وفق الشروط والقواعد والآجال العادية المقررة في قانون المسطرة المدنية».

ò النقض : نصت المادة 97 من قانون 28.08 على أنه : «تخضع للطعن بالنقض القرارات الصادرة عن غرفة المشورة وفق الشروط والقواعد والآجال العادية المقررة في قانون المحاماة». والطعن بالنقض مخول لنقيب الهيئة والوكيل العام للملك وللمحامي، ويجب أن يقدم هذا الطعن داخل أجل ثلاثين يوما من يوم تبليغ الحكم المطعون فيه المادة 358 من قانون المسطرة المدنية، وقد كانت الأحكام المطعون فيها بالنقض لا تسمح بتقديم طلب إيقاف تنفيذ المقررات التأديبية سواء في إطار الفصل 361 من قانون المسطرة المدنية أو قانون المحاماة، لكن المشرع بموجب القانون 28.08 استحدث إمكانية إيقاف التنفيذ من خلال الفقرة الأخيرة من المادة 67 التي تنص على أنه «تكون القرارات التأديبية الصادرة بالإيقاف عن الممارسة أو التشطيب قابلة لإيقاف التنفيذ من لدن المجلس الأعلى». وقد أعفى المشرع النقيب والوكيل العام للملك من ضرورة تنصيب محام ومن أداء الرسوم القضائية (الفقرة الثانية من المادة 97 من قانون 28.08).

ò إعادة النظر : لم يتطرق القانون المنظم لمهنة المحاماة للطعن بإعادة النظر وليس معنى ذلك حرمان المعني بالأمر من هذه الوسيلة، ذلك أن القواعد المطبقة في ميدان التأديب هي قواعد المسطرة المدنية والتي تسمح بهذا الطعن احتراما لحقوق الدفاع[95].

 

 

 

×  المطلب الثالث : رقابة محكمة النقض على القرارات الخاصة بالتأديب :

تطرق القانون المغربي المنظم لمهنة المحاماة إلى طريق غير عادي من طرق الطعن وذلك في المادة 97 منه[96]، وللإحاطة بالموضوع سنتطرق للقرارات المتخذة في ميدان التأديب القابلة للطعن بالنقض وأسباب الطعن بالنقض (الفقرة الأولى) ثم سنتحدث عن إمكانية إيقاف القرار التأديبي أمام محكمة النقض (الفقرة الثانية).

µ    الفقرة الأولى : القرارات المتخذة في ميدان التأديب القابلة للطعن بالنقض وأسباب النقض :

كما هو معلوم فالأحكام القابلة للطعن بالنقض طبقا للفصل 353 من قانون المسطرة المدنية هي الأحكام الانتهائية التي تصدرها جميع المحاكم، أي الأحكام الصادرة ابتدائيا وانتهائيا عن المحكمة الابتدائية، أو القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف بوصفها مرجعا استئنافيا.

أما بخصوص القرارات الاستئنافية الصادرة في ميدان التأديب القابلة للطعن بالنقض هي القرارات الصادرة عن غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بوصفها مرجعا استئنافيا للقرارات التأديبية الصادرة عن مجلس التأديب بهيئة المحامين، أو القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف وذلك في حالة ما إذا كانت المتابعة موجهة ضد النقيب أو عضوين على الأقل من المجلس. ويشترط فيها لتقبل الطعن بالنقض[97] أن تكون فاصلة في الموضوع ثم أن تكون غير قابلة للطعن بأي طريق من طرق الطعن العادية، فالقرارات التأديبية الصادرة عن مجلس الهيئة لا تقبل الطعن بالنقض.

أما بخصوص صفة الطاعن فيمكن أن يطعن النقيب في القرار الاستئنافي الصادر في غرفة المشورة وأيضا للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف التي أصدرت القرار أو الوكيل العام لدى محكمة النقض والمحامي المتابع للطعن بالنقض. لكن الإشكال المطروح مدى إمكانية طعن المشتكي بالنقض في قرار غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف؟

وجواب السؤال نجده في الفصل 90 من القانون المنظم للمحاماة يتحدث عن أحقية جميع الأطراف دون أن يستثني المشتكي ونخلص بالتالي إلى أحقيته بالطعن بالنقض[98]. 

أما بخصوص أسباب الطعن بالنقض فهي لا تخرج عن تلك المتعارف عليها في القواعد العامة من خرق قانون داخلي أو خرق قاعدة مسطرية أضرت بأحد الأطراف إلى غيره من الأسباب المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية.

وفي ختام هاته الفقرة نتساءل عن الوقت الذي تصبح فيه تلك المقررات قابلة للتنفيذ؟. هذا ما سنحاول الإجابة عنه في الفقرة الموالية.

µ    الفقرة الثانية : إيقاف القرار الاستئنافي أمام محكمة النقض :

كما سبق وأن طرحنا السؤال حول الوقت الذي تصبح فيه تلك القرارات التأديبية قابلة للتنفيذ بصفة أدق، هل الطعن بالنقض يوقف تنفيذ المقررات التأديبية أم لا؟، حيث نجد بعض الفقه[99] يرى أن الطعن بالاستئناف أو النقض يوقفان تنفيذ مقرر مجلس الهيئة أو قرار محكمة النقض مدافعين عن رأيهم بأنه يتعين الرجوع بصفة أصلية لقواعد قانون المسطرة المدنية.

فيرى جانب آخر من الفقه[100] أن تأييد قرار مجلس الهيئة من طرف محكمة الاستئناف يكون قابلا للتنفيذ رغم الطعن فيه بالنقض، إلا أنه يمكن أن يتم استصدار أمر بإيقاف التنفيذ وفقا للمقتضيات المادة 361 من قانون المسطرة المدنية. هذا من زاوية الطعن، أما بخصوص طبيعة قرارات مجلس الهيئة فلقد احتدم النقاش حول طبيعتها القانونية هل هي ذات صبغة مدنية أم ذات صبغة إدارية باعتبارها أنها تصدر عن هيئة تدير مرفقا عاما.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

?  خـاتمــة :

وختاما، وعلى ما تم تقديمه في هذا العرض، يمكن القول بأن المحاماة فن رفيع ورسالة مقدسة، والمحامي فكر وضمير وعقيدة واقتناع وهو إنسان يجمع بين عظمة العالم بالقانون، وذلك باحتكاكه اليومي بكامل القوانين سواء كانت مدنية أو جزائية ومثوله الدائم أمام الجهات القضائية، جعل من هذه المهنة من أنبل المهن بسبب تاريخها الحافل بالكفاح المجيد من اجل الدفاع عن حقوق الإنسان.

غير أنها ارتبطت بالخير أحيانا، كما ارتبطت بالشر أحيانا أخرى. فقد ارتبطت بالخير والمبادئ لما كان غرض أصحابها نصرة الحق والحقيقة والمشاركة في تحقيق العدل والإنصاف، فكان بذلك المحامي عالما متبصرا ينير للقاضي طريقه ويصلح خطأه. 

وارتبطت بالشر لما انحرف بعض أربابها عن نصرة الحق إلى نصرة المصلحة الشخصية وجعلها مرتبطة بعنوان الغاية تبرر الوسيلة، مما أدى بها أن فقدان بعض بريقها.

وهو ما دفع جمعيات هيئات المحامين بوضع عدة مقترحات ترجمتها في المسودة والتي عالجت العديد من الإشكاليات التي تم التطرق لها في العرض، إلا أن ذلك لا يمنعنا من إبداء بعض الملاحظات والإشكاليات التي تطرحها المسودة بدورها. والتي لن تنقص من أهمية المسودة والإيجابيات التي جاءت بها والتي قامت بسد الباب أمام العديد من الثغرات، خصوصا وأن قانون المحاماة أصبح وأمسى لا يروق لتطلعات المهنة ولم يتجاوز النقائص التي أظهرتها الممارسة.

لذلك كجملة أخيرة، أصبح من اللازم جدا التسريع بتنزيل مقتضيات المسدودة مع إدخال بعض التعديلات التي سبق وأن تم الإشارة إليها في صلب ومضمون العرض.

 

 

لائحة المراجع

أولا : المراجع باللغة العربية

I – المؤلفات :

 

أبو الفضل أسامة توفيق: "رسالة المحاماة، الجزء الأول، الطبعة الأولى سنة 1991.

أبو سلهام عبد الجليل: "المحاماة بالمغرب"، الطبعة الأولى، 1993 الرباط.

التسولي محمد بلهاشمي : "رسالة المحامي عبر التاريخ"، الجزء الثاني، - مسؤولية المحامي – الطبعة الأولى2011 الرباط

 

التوني محمد شوكت : "المحاماة فن رفيع"، المجموعة المتحدة للطبع والنشر مصر 1999.

الحبوبي المعطي : "الدليل في شرح قانون المحاماة"، الطبعة الأولى 2011.

الحمزاوي موحى : "مسؤولية المحامي في التشريع المغربي"، مطبعة النجاح الجديد، الطبعة الأولى، 1994.

السنهوري عبد الرزاق: "الوسيط في شرح القانون المدني"، الجزء الأول، دار النهضة العربية لبنان.

الطالب عبد الكريم : "الشرح العلمي لقانون المسطرة المدنية – دراسة في ضوء مستجدات مسودة مشروع 2015"، مطبعة النجاح الدار البيضاء، الطبعة الأولى2015

العلوي العبدلاوي إدريس: "وسائل الإثبات في التشريع المجني المغربي"، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء.

بلمقدم الطيب : "المحاماة في مبادئ الأحكام والقرارات القضائية"، الطبعة الأولى، 1992..

 

بناصر يوسف : "مجلة الموسوعة القانونية للقاضي، الواجبات القانونية"، العدد الثاني، السنة الرابعة.

جعفر عبد الواحد : "قواعد مهنة المحاماة"، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1999.

خالص خالد : "إصلاح قانون المحاماة، دفاعا عن المهنة والمهنية"، منشورات المركز المغربي للدراسات والأبحاث

صافي عبد الخالق : "دراسة في قانون الالتزامات والعقود في القوانين الخاصة"، الطبعة الأولى.

حول المهن القضائية والقانونية، الطبعة الأولى 2008، أبريل، دار أبي رقراق للطباعة والنشر الرباط.

 

كركري  الطاهر : "المسؤولية المدنية التقصيرية"، طبعة 2009.

يحي محمد : "المغرب الإداري"، الطبعة الأولى،الرباط   

II – الرسائل والأطروحات :

1 – الرسائل :

محمد شهبون : "التأديب في مهنة المحاماة"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا للجامعة في المهن القضائية والقانونية"، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق السويسي الرباط 2010.

2 - الأطروحات :

عبد الفتاح مراد : "المسؤولية التأديبية لرجال القضاء والنيابة العامة"، رسالة دكتوراه، جامعة الإسكندرية لسنة 1994.

 

III - المقالات  و المجلات:

خالد خالص : "البذلة المهنية"، مجلة المحاكم المغربية، العدد 107، مجلة تصدرها هيئة المحامين الدار البيضاء.

مجلة القضاء والقانون، العددان 135 – 136 سنة 2010.

مجلة قضاء المجلس الأعلى العددان 35 – 36، سنة 2010.

IV – الندوات والأيام الدراسية :

أشغال المؤتمر التاسع والعشرين لهيئة المحامين بالمغرب المنعقد بوجدة أيام 6 و7 ماي 2016.

 

 

ثانيا: المراجع الالكترونية.

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=119031

تم الإطلاع عليه بتاريخ 21/11/2016 على الساعة 16h 00.

http://www.marocdroit.com/-a4491.html

تم الإطلاع عليه بتاريخ 21/11/2016 على الساعة

 16h 22

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=485320

  تم الإطلاع بتاريخ 21/11/2016 على الساعة 18h 10.

 

رابعا: المراجع باللغة الفرنسية:

Appleton (jean) : «traite de la profession d’avocat», Paris 2éme édition Dalloz 1923 – 1929.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



[1] - بييرو كالمندري : نقيب محاميي روما في كتابه «قضاة ومحامون»، ترجمة حسن جلال العروسي، دار المعارف بمصر، سنة 1957.

[2]- Appleton (jean) : «traite de la profession d’avocat», Paris 2éme édition Dalloz 1923 – 1929, P. 63. 

[3] - محمد شوكت التوني : "المحاماة فن رفيع"، المجموعة المتحدة للطبع والنشر سنة 1957.

[4] قرار محكمة الاستئناف بطنجة عدد443 بتاريخ 15 مارس 1988 أورده البشير باجي " الاجتهاد القضائي فيما يخص مهنة المحاماة " 1991 صفحة 7

[5] - خالد خالص : "قراءة مقترح القانون المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة"، مقال منشور بموقع : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=119031   تم الإطلاع عليه بتاريخ 21/11/2016 على الساعة 16h 00.

[6] - قراءة في بعض مقتضيات قانون 28.08 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة : http://www.marocdroit.com/-a4491.html  تم الإطلاع عليه بتاريخ 21/11/2016 على الساعة 16h 22.

[7] - خالد خالص : مرجع سابق.

[8] -منشور بقرارات المجلس الاعلى المادة المدنية 1966 - 1982 صفحة 679

 - محكمة الاستئناف بطنجة، قرار رقم 159 بتاريخ 2 فبراير 1988،أودره  البشير باجي، مرجع سابق ، صفحة   34[9]

[10] - قرار عدد 1499 بتاريخ 2010 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 73، ص: 94 السنة 2011.

[11] - خالد خالص : "واجبات الانخراط والاشتراك في هيئات المحامين بالمغرب"، مقال منشور بموقع : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=485320   تم الإطلاع بتاريخ 21/11/2016 على الساعة 18h 10.

[12] -  خالد خالص، إصلاح قانون المحاماة، دفاعا عن المهنة والمهنية، منشورات المركز المغربي للدراسات و الأبحاث حول المهن القضائية و القانونية الطبعة الأولى 2008 ابريل، دار أبي رقراق للطباعة و النشر، الرباط ، ص266 .

[13] - نفس المرجع السابق.

[14] - «... المرفق العام من الناحية العضوية هو مجموع الهيئات العامة التي تمارس نشاطا ذا صبغة المنفعة العامة...»

[15] - مختصر لتعريف العميد محمد يحي  الذي يصنف المرافق العامة إلى :

«يمكن تصنيف المرافق العامة إلى مرافق عامة إدارية، وإلى مرافق عامة اقتصادية، ثم المرافق العامة الاجتماعية والمرافق العامة المهنية، وهي المرافق التي يكون موضوع نشاطها توجيه ورقابة النشاط المهني، ويعهد بإدارتها إلى هيئات ونقابات مهنية يخولها القانون حق السلطة العامة وامتيازاتها. وواضح أن هذه النقابات والهيئات إنما تهدف في المقام الأول تنظيم مهنة معينة، من خلال أبناء نفس المهنة، كمثال على ذلك نقابة الأطباء، المهندسين، وهيئة المحامين، ...إلخ»

[16] - الدكتور محمد يحي : "المغرب الإداري"، الطبعة الأولى، 2001، ص: 309.

[17] - المادة 86 من مدونة المحاكم المالية.

[18] - المادة 118 من مدونة المحاكم المالية.

[19] - ذ / محمد بلهاشمي التسولي : "رسالة المحامي عبر التاريخ"، الجزء الثاني، - مسؤولية المحامي – الطبعة الأولى، سنة 1432هـ / 2011، ص: 34.

[20] - المادة 30 من قانون 28.08.

[21] - ذ / محمد بلهاشمي التسولي : مرجع سابق، ص: 37.

[22] - الفصل 45 من قانون المسطرة المدنية : «تطبق أمام المحاكم الابتدائية وغرف الاستئناف بها قواعد المسطرة الكتابية المطبقة أمام محاكم الاستئناف وفقا لأحكام الفصول 329، 331، 334، 335، 336، 342، و344 الآتية بعده».

[23] - د / عبد الكريم الطالب : "الشرح العلمي لقانون المسطرة المدنية – دراسة في ضوء مستجدات مسودة مشروع 2015"، مطبعة النجاح الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2015، ص: 158.

[24] - د / عبد الكريم الطالب : مرجع سابق، ص: 159.

[25] - د / عبد الكريم الطالب : مرجع سابق، ص: 155.

[26] - ذ / أسامة توفيق أبو الفضل : "رسالة المحاماة، الجزء الأول، الطبعة الأولى سنة 1991، ص: 247.

[27] - ذ / أسامة توفيق أبو الفضل : مرجع سابق، ص: 275.

[28] - ذ / محمد بلهاشمي التسولي : مرجع سابق، ص: 50.

[29] - ذ / محمد بلهاشمي التسولي : مرجع سابق، ص: 52.

[30] - د / عبد الخالق صافي : "دراسة في قانون الالتزامات والعقود في القوانين الخاصة"، الطبعة الأولى، ص: 279.

[31] - المادة 30 من قانون 28.08 : «يمارس المحامي ... 7) تمثيل الأطراف بتوكيل خاص في العقود...».

[32] - الفصل 36 من مرسوم 19 دجنبر 1968 المنظم لمهنة المحاماة : «يسوغ للمحامي أن يحرر جميع العقود غير الرسمية كيفما كان نوعها، ويمكنه أيضا أن يمثل طرفا في إبرام اتفاق بشرط أن يسند إليه توكيل خاص، ويمنع عليه منعا كليا القيام بجميع العمليات التي تشملها مهنة السمسرة كبيع عقارات وإكرائها وإدارتها وبيع محلات تجارية واقتناء ديون واستخلاصها والبحث عن التركات والبحث عن رؤوس الأموال وعرضها...».

[33] - قرار منشور بمجلة المعيار العدد 6 سنة 1985، ص: 48.

[34] - المادة 51 من قانون 28.08 لسنة 2008 : «يختص نقيب الهيئة، بالبت في كل المنازعات، التي تثار بين المحامي وموكله بشأن الأتعاب المتفق عليها والمصروفات، بما في ذلك مراجعة النسبة المحددة باتفاق بين المحامي وموكله. كما يختص في تحديد وتقدير الأتعاب في حالة عدم وجود اتفاق مسبق...».

[35] - المادة 53 من قانون 28.08 لسنة 2008 : « تستفيد أتعاب المحامي، عند استيفاء الديون، من الامتياز المقرر في الفصل 1248 كما تم تعديله، من الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود...».

[36] - د / عبد الرحيم الشرقاوي : "أتعاب المحامي"، مقال منشور في مجلة رسالة المحاماة عدد 36، مطبعة الأمنية الرباط، طبعة 2014، ص: 38.

[37] - خالد خالص : "إصلاح قانون المحاماة، دفاعا عن المهنة والمهنية"، منشورات المركز المغربي للدراسات والأبحاث حول المهن القضائية والقانونية، الطبعة الأولى 2008، أبريل، دار أبي رقراق للطباعة والنشر الرباط، ص: 116 – 117.

[38] - قرار صادر عن محكمة الاستئناف بمراكش تحت عدد 103 بتاريخ 23/01/1991.

[39] - د / إدريس العلوي العبدلاوي : "وسائل الإثبات في التشريع المجني المغربي"، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، ص: 60 – 61.

[40] - د / عبد الرحيم الشرقاوي : مرجع سابق، ص: 53.

[41] - د / خالد خالص : مرجع سابق، ص: 253.

[42] - المادة 45 من قانون 28.08 لسنة 2008 : «لا يجوز للمحامي :

1.    أن يتفق مسبقا مع موكله على الأتعاب المستحقة عن أي قضية، ارتباطا بالنتيجة التي يقع التوصل إليها.

2.    أن يقتني، بطريق التفويت، حقوقا متنازعا فيها قضائيا، أو أن يستفيد هو أو زوجه أو فروعه بأي وجه كان من القضايا التي يتولى الدفاع بشأنها.

كل اتفاق يخل بهذه المقتضيات يكون باطلا بحكم القانون».

[43] - خالد خالص : مرجع سابق، ص: 253.

[44] - ذ / عبد الواحد جعفر : "قواعد مهنة المحاماة"، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1999، ص: 7.

[45] - ذ / يوسف بناصر : "مجلة الموسوعة القانونية للقاضي، الواجبات القانونية"، العدد الثاني، السنة الرابعة، ص: 576.

[46] - محمد شهبون : "التأديب في مهنة المحاماة"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا للجامعة في المهن القضائية والقانونية"، سنة 2010، ص: 17.

[47] - محمد شهبون : نفس المرجع، ص: 20.

[48] - المادة 127 و128 من القانون الداخلي لهيئة المحامين ببني ملال : «إن المحامي يلزم إزاء النقيب بالاحترام الضروري للقيام بمهامه».

[49] - ملف تأديبي عدد 2/2007 قرار عدد 4/2007 بتاريخ 06/12/2007.

[50] - محمد شهبون : نفس المرجع، ص: 22.

[51] - ملف تأديبي عدد 9/07 قرار عدد 2/07 بتاريخ 15/11/2007 هيئة المحامين ببني ملال.

[52] - المادة 36 من قانون 28.08 : «لا يجوز للمحامي أن يفشي أي شيء يمس بالسر المهني في أي قضية».

[53] - المادة 103 من قانون المسطرة الجنائية : «... وإذا كان التفتيش أو الحجز سيجرى بمكتب محام يتولى القيام به قاضي التحقيق أو قاض آخر ينتدبه بحضور نقيب المحامين أو من ينوب عنه أو بعد إشعاره بأي وسيلة من الوسائل الممكنة».

[54] - الفصل 31 من القانون التونسي المتعلق بمهنة المحاماة : «لا يجوز للمحامي الشهادة في نزاع ينوب فيه أو استشير فيه».

[55] - الفصل 92 من قانون المحاماة اللبناني : «لا يجوز للمحامي أن يفشي سرا أؤتمن عليه أو عرضه بحكم مهنته».

[56] - محمد شهبون : مرجع سابق، ص: 26.

[57] - عبد الواحد جعفر : مرجع سابق، ص: 191.

[58] - ذ / خالد خالص : "البذلة المهنية"، مجلة المحاكم المغربية، العدد 107، مجلة تصدرها هيئة المحامين الدار البيضاء، ص: 46.

[59] - قرار محكمة النقض بالرباط عدد 277 بتاريخ 19 فبراير 2015 في الملف الجنحي عدد 8085/6/8/2014، منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد 79، ص: 398.

[60] - علال لكحل : "استقلالية مهنة المحاماة وسؤال الحصانة" – مداخلة في إطار أشغال المؤتمر التاسع والعشرين لهيئة المحامين بالمغرب المنعقد بوجدة – منشور في «المواضيع المعروضة على المؤتمر التاسع والعشرين، الجزء الأول، أيام 6 و7 ماي 2016، ص: 78.»

[61] - قرار عدد 10480 الصادر عن محكمة الاستئناف بأكادير يوم 15 أكتوبر 2001 في الملف عدد729/1 مجلة المحاكم المغربية عدد 91، ص: 139.

[62] - مجلة القضاء والقانون، العددان 135 – 136، ص: 219. ومجلة قضاء المجلس الأعلى العددان 35 – 36، سنة 2010، ص: 262.

[63] - المجلس الأعلى (محكمة النقض) قرار عدد 513 الصادر بتاريخ 13 شتنبر 1984 في الملف عدد 92694، مجلة القضاء والقانون، العدد 137، سنة 1987، ص: 211.

[64] : تنص المادة 57 في فقرتيها الثانية و الثالثة :ويمكن ايضا للقضاة ان يصدروا في نفس الحلات  اوامر للمحامين او ان يوقفوهم من وظائفهم ان دعى الامر الى ذلك .....

ولا يجوز ان تتعدى مدة هذا التوقيف شهرا و ثلاثة اشهر فيما إذا تكررت المخالفة خلال السنة...)

[65] - زكرياء البورياحي : "حصانة الدفاع دعم للسلطة القضائية في تحقيق العدالة" – مداخلة في إطار أشغال المؤتمر التاسع والعشرون لهيئة المحامين بالمغرب – منشور في «المواضيع المعروضة على المؤتمر التاسع والعشرين»، الجزء الأول، أيام 5، 6 و7 ماي 2016، ص: 142.

[66] - علال لكحل : مرجع سابق، ص: 81.

[67] - تعريف للفقيه الفرنسي «ريني سافيتي» أورده محمد بلهاشمي التسولي : «رسالة المحامي عبر التاريخ»،مرجع سابق، ص: 331.

[68] - عبد الرزاق السنهوري : "الوسيط في شرح القانون المدني"، الجزء الأول، دار النهضة العربية لبنان، ص: 913.

[69] - الطاهر كركري : "المسؤولية المدنية التقصيرية"، طبعة 2009، ص: 166.

[70] - محمد بلهاشمي التسولي : "رسالة المحامي عبر التاريخ"، مرجع سابق، ص: 338.

[71] - قرار محكمة الاستئناف بالرباط الصادر بتاريخ 17/12/1938 أورده محمد بلهاشمي : مرجع سابق، ص: 351.

[72] - قرار رقم 67 صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 29 مارس 1994 منشور بقضاء المجلس الأعلى عدد 67، ص: 113.

[73] - قرار المجلس الأعلى سابقا تحت رقم 87 في الملف المدني 2877/2004 بتاريخ 4 يناير 2004 منشور في قضاء المجلس الأعلى عدد 67، ص: 117.

[74] - ذ / محمد بلهاشمي التسولي : "المحامي وتحرير العقود" مرجع سابق ، ص: 20.

[75] - ذ / محمد بلهاشمي التسولي : مرجع سابق، ص: 54.

[76] - الحقوق الجزائية العامة، مرجع سابق ، ص: 449.

[77] - البحث منشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية عدد 4، 2010، ص: 130.

[78] - عبد الواحد جعفر : "قواعد مهنة المحاماة"، مرجع سابق ، ص: 231.

[79] - محمد شهبون : "الضمانات الأساسية في مجال تأديب المحامي" مرجع سابق ، ص: 16.

[80] - عبد الفتاح مراد : "المسؤولية التأديبية لرجال القضاء والنيابة العامة"، رسالة دكتوراه، جامعة الإسكندرية لسنة 1994، ص: 51.

 خالد صالح ، مرجع سابق ، صفحة 466[81]

[82] - المعطي الحبوبي : "الدليل في شرح قانون المحاماة"، الطبعة الأولى 2011، ص: 25.

[83] - الطيب بلمقدم : "المحاماة في مبادئ الأحكام والقرارات القضائية"، الطبعة الأولى، 1992، ص: 89.

[84] - قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 1359 بتاريخ 03/07/1987 أورده الطيب بلمقدم : مرجع سابق، ص: 91.

[85] - قرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالقنيطرة عدد 49 بتاريخ 09/03/ 2011 في ملف عدد 75-1224-10اورده المعطي الحبوبي : مرجع سابق، ص: 90.

[86] - المادة 33 الفقرة الأولى من القانون الداخلي الموحد لمهنة المحاماة : «يجب على المحامي أن يراعي في تعامله واجب الاحترام المتبادل مع زملاءه، وأن يتحاشى أثناء الجلسة، أو بمناسبة استشارته، أو أثناء الإجراءات، أو من خلال المراسلات التهجم على شخص زميله أو القيام بأي تلويح أو تجريح من شأنه أن يمس هذا الزميل...»

[87] - المسؤولية الجنائية والتأديبية للمحاماة من خلال القانون رقم 28.08 و باقي القوانين الاخرى مقال  منشور بموقع http://www.marocdroit.com/المسؤولية-الجنائية-والتأديبية-للمحامي-من-خلال-القانون-رقم-08-28_a6141.html بتاريخ 30 مارس 2015 على الساعة 19.29

[88] - المادة 73 من مسودة قانون المحاماة : «تحال على النقيب الشكايات المرفوعة مباشرة لمجلس الهيئة أو المحالة من الوكيل العام والمقدمة في مواجهة محام، والتي تتعلق بمخالفة النصوص القانونية أو التنظيمية أو قواعد المهنة أو أعرافها أو أي إخلال بالمروءة والشرف.

ويتخذ النقيب مقررا بالحفظ أو بالمتابعة ويتعين أن يكون قراره معللا وذلك داخل أجل ثلاثة أشهر، وإلا اعتبر قرارا ضمنيا بالحفظ...».

 

[89] - المسؤولية المدنية والتأديبية للمحامي من خلال القانون رقم 28.08 و باقي القوانين الاخرى، مرجع سابق .

[90] - عبد الصمد بلمير : "التأديب في قانون المحماة"، الجزء الأول، طبعة أيام 15، 16 و17 ماي 2008، ص: 105.

[91] - عبد الواحد جعفر : مرجع سابق، ص: 238.

[92] - الحمزاوي موحى : "مسؤولية المحامي في التشريع المغربي"، مطبعة النجاح الجديد، الطبعة الأولى، 1994، ص: 139.

[93] - ينص الفصل 65 من قانون المحاماة التونسي " العقوبات التاديبية هي الاتية : 1 الانذار . 2 التوبيخ . 3 الحط من قسم التعقيب الى قسم الاستئناف . 4 الايقاف المؤقت عن ممراسة المهنة لمدة لا تتجاوز عامين. 5 التشطيب على الاسم من الجدول لمدة لا تتجاوز ثلالة اعوام 6 محو الاسم من الجدول بصفة نهائية "

 الحمزاوي موحى  مرجع سابق، ص: 143 . [94]

[95] - عبد الواحد جعفر : المرجع السابق، ص: 89.

[96] - ينص الفصل 97 من القانون المنظم للمحاماة بالمغرب : «تخضع للطعن بالنقض القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف إلى الشروط والقواعد والآجال العادية المقررة في قانون المسطرة المدنية. غير أن كلا من الطعن المرفوع من لدن النقيب باسم الهيئة ومن الوكيل العام للملك يقدم دون محام، ومعفى من أداء الرسوم القضائية».

 

[97] - موحى الحمزاوي : "مسؤولية المحامي في التشريع المغربي"، مرجع سابق ، ص: 155.

[98] - محمد شهبون : "التأديب في مهنة المحاماة"، مرجع سابق، ص: 140.

[99] - عبد الواحد جعفر : "قواعد مهنة المحاماة"، مرجع سابق ، ص: 251.

[100] - عبد الجليل أبو سلهام : "المحاماة بالمغرب"، الطبعة الأولى، 1993 الرباط، ص: 124.

المدونة القانونية الشاملة
المدونة القانونية الشاملة