رسالة لنيل
دبلوم الماستر المتخصص في المهن القانونية والقضائية
تحت عنوان :
اراضي الجموع واشكالية التنمية.
من اعداد الطالب الباحث : عبد الخالق الحجوجي
سنة 2017
مقدمة:
يعد المغرب من البلدان التي تراهن على
الاحتياط العقاري في مختلف مخططاتها كمخزون لإنجاح العديد من المشاريع التنموية
والحفاظ على التماسك الاجتماعي بين الأفراد داخل المجتمع، وذلك يجعل العقار محركا
أساسيا ولبنة رئيسية لتنمية الاقتصاد المحلي والوطني.
وإذا كانت
هذه التطلعات ترتكز على الملكية العقارية باعتبارها المادة الأولية، وأساس أي مشروع
تنموي اقتصادي أو اجتماعي، فإن توزيع هذه الملكيات في الوقت الراهن بالمغرب يثير
مجموعة من الصعوبات، خصوصا في ظل تعدد الأنظمة العقارية وتشتت المقتضيات المنظمة
لها[1].
فالنظام
العقاري الحالي بالمغرب لا يضم فقط الازدواجية القائمة بين عقار محفظ وآخر غير ذلك،
وإنما يتجاوز ذلك إلى ما هو أكثر تعقيدا، فيشمل تنظيمات أخرى من قبيل أراضي
الجموع، أراضي الأحباس، أملاك الدولة العامة والخاصة، الملك الغابوي، فضلا عن
التدخل الحاصل على مستوى القواعد والقوانين لكل نظام عقاري على حدة.
وبعيدا عن
هذا الاختلاف الذي لا يتسع المقام لتناوله سوف نقصر الدراسة على معالجة نظام أراضي
الجموع، باعتباره من أهم الأنظمة العقارية في الوقت الحالي، خصوصا في ظل شمول
المدار الحضاري لنطاق هذا النظام في العديد من المدن المغربية.
ويقصد بأراضي
الجموع تلك الأراضي التي يملكها على الشياع أفراد الجماعة السلالية الواحدة،
وتتكون هذه الأراضي من ثلاثة أنواع أساسية، تتمثل في مناطق التخييم والمناطق
التابعة لها، وهي مناطق مخصصة لسكنى أفراد الجماعة، وأراضي فلاحية أو قابلة
للفلاحة، وأراضي الرعي، وهي التي تكون النسبة الكبيرة من الأراضي الجماعية، ويتم
استغلالها بصفة مشتركة[2].
وقد عرف
مأمون الكزبري رحمه الله الجماعات السلالية أو الأصلية بأنها: "القبائل أو
فصائل القبائل وغيرها من العشائر الأصلية، والتي تنتفع بالأملاك الجماعية طبقا
للأعراف التي اعتادت عليها منذ القديم استعمالا واستغلالا"[3]وهي
بذلك تختلف أساسا عن ممتلكات الجماعات المحلية الحضرية أو القروية.
كما قد أصبح
موضوع الأراضي الجماعية أو السلالية يستقطب اهتمام الدارسين والباحثين على المستوى
الجامعي، والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، ورجال الفقه
والقانون والسياسة كذلك، ويعتبر هذا الاهتمام مؤشرا إيجابيا يدل بأن هذا الموضوع
لا ينحصر الاهتمام به في سكان الجماعات السلالية أو سلطة الوصاية على الأراضي
الجماعية أو غيرهما، بل يتعين أن تساهم بالتعريف به وبتنظيماته وأوضاعه جهات علمية
كذلك، مما يساعد على توضيح الرؤية وتحديد التوجهات التي ينبغي أن يسير فيها تنظيم
الأراضي السلالية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية[4].
وقد سبق
لوزارة الداخلية بصفتها سلطة الوصاية أن نظمت مناظرة وطنية يومي 5 و6 دجنبر 1995
بالرباط، ساهم فيها ولأول مرة ممثلوا الأراضي السلالية بالبلد، وقد كانت مناسبة
لتدارس ومناقشة الوضعية التي آلت إليها الأراضي السلالية، وقدمت خلال هذه المناظرة
اقتراحات عديدة وانبثقت عنها توصيات تتعلق بالتنظيم والتسيير والوصاية وكيفية
الاستغلال بين ذوي الحقوق، فضلا عن المناظرة الوطنية حول موضوع: السياسة العقارية
للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي انعقدت بمدينة الصخيرات
يومي 8 و9 دجنبر 2015.
كما تعتبر
أراضي الجموع بقايا منظومة عقارية ترجع ما قبل الإسلام، إذ أن هذا النظام أو
المنظومة هو أصل الملكية الآن، وأن حق الملكية هذا قد تطور عبر التاريخ وتطور معه
بالتالي حق الملكية السلالية لينسجم مع المناخ الحالي[5].
كما أن هذا النوع من الملكية القديم جدا يعتبر تعبيرا عن
نمط سائد في المغرب، والذي يجد مظهره الاجتماعي في الجماعة نفسها، حتى ظل الشكل
الجماعي سواء اتخذ صورة قبيلة، أو عائلية عماد التنظيم الإداري والاقتصادي
بالمغرب، تقوم فيه القرابة بدور مهم يحدد الهوية الاجتماعية والانتساب لسلالة
معينة من خلال استعمال مصطلحات ايت، اولاد، بني، ابن... ويضمن الأمن لأفرادها
والتكافل بينهم، والاستقرار والاستمرارية[6].
ورغبة من
المشرع في حماية أملاك الجماعات السلالية، وحصر منفعتها في الجماعة التي لها الحق
فيها، فإنه أقر مبدأ عدم قابلية هذه الأراضي للتفويت أو الحجز أو الاكتساب
بالتقادم، كما خول المشرع للجماعات السلالية أو الأصلية المكونة من ذوي الحقوق
سواء كانوا رجالا أو نساء الشخصية المعنوية، ومنحها حق تدبير أملاكها والدفاع عن
مصالحها بواسطة ممثليها الذين يكونون جماعة النواب، أو جمعية المندوبين، وذلك تحت
وصاية وزارة الداخلية، وهي تشكل الأجهزة المكلفة بتدبير أملاك الجماعات السلالية.
هذا وقد
استأثرت قضية المرأة السلالية باهتمام خاص بعدما كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن
هذا الموضوع الشائك، والذي يشكل احدى مظاهر الإقصاء والتهميش التي تعاني منها
المرأة عموما، والسلالية على الخصوص، وذلك للمطالبة القوية لنساء بعض الجماعات
السلالية بحق الاستفادة بعد إقصائها لمدة طويلة من طرف نواب الهيئات النيابية على
أساس قرارات تعسفية مبنية على أعراف وتقاليد متجاوزة، ويطغى عليها الطابع الذكوري،
كذلك نظرا للمساندة القوية من بعض المنظمات غير الحكومية، وكدا بعض الأحزاب
السياسية، ووسائل الإعلام، الى جانب مطالبة وزير الداخلية بصفته وصيا على الجماعات
السلالية التدخل في إطار اختصاصاته لإنصاف المرأة السلالية[7]
وتلعب أراضي
الجموع دورا مهما في تشجيع الاستثمار وتحقيق التنمية الفلاحية
والاقتصادية والاجتماعية، حيث يشكل الاستثمار العنصر
القادر على الدفع بعجلة التنمية في الدول النامية، على اعتبار أن تأثيراته على
الأنشطة الاقتصادية، وارتباطه بالإطار التأسيسي الاقتصادي والاجتماعي للدول يجعل
منه الوحيد القادر على خلق مسلسل تغيير هيكلي لتنمية مستدامة.
وحسب
الإحصائيات الرسمية فقد بلغ عدد الجماعات السلالية ما يناهز 4569 جماعة،
ينوب عنها 8500 نائبا، أما الرصيد العقاري لهذه الجماعات فيصل الى 15
مليون هكتار تقريبا، %85
منها يستغل يتم استغلاله للرعي بصفة جماعية بين ذوي الحقوق، بينما تخصص المساحات
المتبقية للنشاط الفلاحي، أما على مستوى الطبيعة القانونية لهذه الأملاك فهي موزعة
على الشكل التالي:
-
6.5 مليون هكتار موضوع تحديد اداري، وقد صودق
على مراسيم تحديد مساحة تتجاوز 400 ألف هكتار
-
1.9 مليون هكتار محفظة.
-
مليون هكتار غير محفظة، يغلب عليها الطابع
الجماعي.
وتمتد الأراضي الجماعية من حيث المكان إلى جل المناطق
المغربية، حيث تساهم بشكل مباشر في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وخلق مناصب
الشغل سواء لفائذة ذوي الحقوق أو غيرهم؛ غير أن ما يلاحظ أن تدبير هذه الأراضي يتم
حاليا من طرف مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية، باعتبارها تجسد من الناحية
الفعلية الوصايا الإدارية[8].
وهذا ما دفع
بهذه الأخيرة إلى إصدار الدورية رقم 42 بتاريخ 23 غشت 2012
في موضوع ميثاق لا تمركز تدبير الأراضي الجماعية.
وقد تم إعداد
هذا الميثاق من طرف لجنة يترأسها الكاتب العام لوزارة الداخلية، الذي سبق وأن مارس
مهام مدير الشؤون القروية بنفس الوزارة، وعضوية بعض الولاة والعمال على الصعيد
المركزي والترابي.
ومما يجب
التذكير به أن سلطة الوصاية على الجماعات السلالية قد أعدت دليلين هامين الأول سنة
2007 يهم كراء الأراضي الجماعية، والثاني سنة 2008 يهم نائب الجماعة
السلالية.
والهدف من
إعداد هذين الدليلين، هو توحيد الضوابط المتعلقة بتدبير الأملاك الجماعية ومسطرة
تعيين نواب الجماعات[9].
ومن هنا يمكن طرح الإشكالات الآتية:
ما مفهوم أراضي الجموع، وما الإطار القانوني المنظم لها؟
وما هي الإشكالات التي تعتري الاستثمار في أراضي الجموع وتأثيرها على التنمية؟
وللإجابة عن هذه الإشكالات يمكن تقسيم الموضوع إلى
فصلين؛ وذلك على الشكل الآتي:
§
الفصل الأول: مفهوم أراضي الجموع والإطار
القانوني المنظم لها.
§
الفصل الثاني: اشكاليات الاستثمار في الأراضي
السلالية وتأثيرها على التنمية.
الفصل الأول: مفهوم أراضي الجموع والإطار القانوني المنظم لها.
إذا كانت البنيات
العقارية في المغرب تعرف أشكالا وتنظيمات مختلفة سواء من حيث طريقة الاستغلال
والانتفاع والتسيير أو من حيث الأسس التي تستمد منها القواعد والأحكام، إلا أنها
تلتقي حاليا في كونها يجب النظر إليها ليس من الجانب التطبيقي فقط، بل حتى من
الجانب التنموي والاقتصادي[10] ومن بين
هذه الأنظمة نجد أراضي الجموع المنظمة بمقتضى ظهير 27 ــ 4 ــ 1919 الذي اعترف بوجود حق الملك للقبائل
التي تتصرف فيها تحت مراقبة الدولة التي يمثلها مجلس الوصاية برئاسة وزير
الداخلية.
كما أن تحديد مفهوم أراضي الجموع ظل يطرح تساؤلا لدى الفقه، ما إذا أمكن
اعتباره يرتبط دائما بموضوعها، كما هو الحال مثلا عند تنظيم الوصاية الإدارية على
الجماعات السلالية وضبط تدبير شؤون الأملاك الجماعية وتفويتها[11] أو
ابراز الجماعات التي تملك هذا النوع من الأراضي، تحوي عدة تجمعات وفصائل وقبائل،
أم أن الأمر يتعلق بالجانب الشكلي الذي يقتضي تعريفها من الناحية الإجرائية
والتقنية فقط والتي ترتبط بالسياسة العامة لأراضي الجموع.
وسنحاول تناول هدا الفصل من خلال الحديث عن الإطار المفاهيمي والتاريخي
لأراضي الجموع بالمغرب (المبحث الأول) ثم الإطار القانوني لتدبير أراضي الجموع
(المبحث الثاني).
المبحث الأول: الإطار
المفاهيمي والتاريخي لأراضي الجموع بالمغرب
تجمع معظم الدراسات المهتمة بأراضي الجموع على نعت
هذه الاخيرة بكونها أراضي تملكها جماعات قبلية اما في شكل "دواوير" أو
" قبائل" أو "عائلات" أصبحت حقوق الفرد فيها غير
متميزة عن حقوق الجماعة؛ أي ان الحقوق فيها مشاعة وتسند رئاسة تسييرها لمجموع رؤساء
العائلات، المشكلة للجماعات القبلية في إطار ما يطلق عليه بمجلس الجماعة.
وتجدر الإشارة الى أن الأراضي الجماعية وجدت في المغرب منذ ما قبل ظهور الاسلام[12] رغم عدم
اعتراف الفقه الاسلامي بهذا النوع من الأنظمة العقارية، غير ان بعض الفقه المغربي يرى
ان هذه الأراضي لم تكن إلا اختراعات من اختراعات سلطة الحماية[13]
ونحن نعتقد أن الأراضي
الجماعية هي الأصل في مجال الملكية العقارية، وتتماشى مع مفهوم الملكية في الفقه الاسلامي
على اعتبار أن الأرض لخالقها، وأن الانسان مستخلف فيها، ينتفع بها حسب العادات والاعراف
والقوانين.
وعليه سنحاول معالجة هذا
الموضوع من خلال التطرق لمفهوم أراضي الجموع (المطلب الاول) ومن ثم سنعمل على إبراز
التطور التاريخي لأراضي الجموع وخصائصها (المطلب الثاني).
المطلب
الاول: مفهوم أراضي الجموع
يقصد بأراضي الجموع تلك الأراضي المملوكة على
الشياه بين أفراد الجماعة السلالية الواحدة في شكل "دواوير" أو "قبائل
" أو "عائلات" وتتكون هذه الأراضي من ثلاثة أنواع:
-
مناطق التخييم
والمرافق التابعة لها، وهي مناطق مخصصة لسكنى أفراد الجماعة.
-
أراضي فلاحية أو
قابلة للفلاحة.
-
أراضي الرعي وهي
التي تكون النسبة الكبيرة من الأراضي الجماعية ويتم استغلالها بصفة مشتركة[14]
وسنعمل في هذا المطلب على التعريف بأراضي الجموع
(الفقرة الاولى) ثم التعريف الجماعات السلالية وتميزها عن الجماعات الإدارية (الفقرة
الثانية)
الفقرة
الاولى: تعريف أراضي الجموع
أراضي الجموع أو الأراضي
الأصلية هي أراضي ترجع ملكيتها إلى جماعات سلالية أو أقلية منتمية لأصل واحد وسلالة
واحدة[15]. يتم استغلالها
مبدئيا بكيفية جماعية كما يمكن لأفراد القبيلة أن يتفقوا فيما بينهم على إجراء قسمة
استغلالية قصد الانتفاع، وتحتل هذه الأراضي مكانة هامة ضمن التنوع الذي تعرفه البنية
العقارية في المغرب[16]
فما
يقصد إذن بأراضي الجموع، وما موقف الفقه منها؟
إن الجواب على هذا التساؤل يمكن ان نستخلصه من
بعض الآراء الفقهية سواء بالنسبة للفقه المغربي (أولا) أو بالنسبة للفقه المقارن (ثانيا)
أولا: تعريف الفقه المغربي لأراضي الجموع
إن الفقه المغربي لم يكن له موقف موحد ازاء تحديد
تعريف لأراضي الجموع، غير أنه اختلف عن مثيله المقارن في كونه لم يخصص منهجا محددا
لتنظيره بكيفية دقيقة، ويمكن حصر الخلاف الفقهي المغربي حول موضوع تحديد تعريف أراضي
الجموع في تعدد التسميات التي تتنوع وتختلف ، حيث اختلفت وتعددت معها التعريفات التي
خصصت لهذه الأراضي من الناحية الشكلية فقط، أما من حيث الجوهر تشير كلها إلى كوّن ملكيتها
تعود لجماعات تسمى تارة بالجماعات السلالية وتارة اخرى بالجماعات القبلية[17] أما أراضيها
فتسمى بأراضي الجموع، أراضي الشياع، الأراضي الجماعية، أراضي الجماعات السلالية، أراضي
الجماعات الأصلية... ليقف الباحث حائرا في معرفة أوضاعها امام وضع تعريف دقيق وموحد
لها.
وهكذا عرفها محمد خيري بأنها: "أراضي
ترجع ملكيتها إلى جماعات سلالية في شكل قبائل، أو دواوير، أو عشائر قد تربط بينهم
روابط عائلية، أو روابط عرقية واجتماعية
ودينية، وحقوق الأفراد فيها غير متميزة عن
حقوق الجماعة[18].
ويذهب محمد الصوالحي الى تعريف أراضي الجماعات السلالية بأنها:
"الأراضي المخصصة منفعتها للجماعات للتصرف فيها بالحرث، أو رعي المواشي، أو
الكراء للغير بواسطة مندوبيها تحت وصاية وزارة الداخلية تبعا للأعراف المحلية وعادات القبائل الموجودة بها، طبقا
لمجموعة من الظهار المنظمة لها[19].
أما عبدالكريم بالزاع فقد عرفها بأنها "أراضي تملكها جماعات قبلية،
إما في شكل دواوير أو قبائل أو عائلات أصبحت حقوق الفرد فيها غير متميزة عن حقوق
الجماعات، أي أن الحقوق فيها مشاعة وتسند رئاسة تسييرها لمجموع رؤساء العائلات
المشكلة للجماعات القبلية في إطار يطلق عليه مجلس الجماعة[20].
ويرى نجيب بودربالة بأن التعاريف التي وضعت
حول الأراضي الجماعية، نابعة سواء من روح التشريع المطبق وخصوصا ظهير 27 أبريل
1919، أو من الفقه الفرنسي، ونتيجة لذلك، وفي ظل السياق السياسي لتلك الفترة من
التاريخ، تبقى تلك التعاريف "رهينة أهداف السلطة أو الطبقات النخبوية"[21]
فنحن إذا أردنا أن نناقش هذه الآراء، وما تضمنته من قيمة علمية، لا بد من
إبداء الملاحظات الآتية:
الملاحظة الأولى: إن هذه
الآراء تكاد تتفق على صياغة واحدة في تصريف أراضي الجموع، وذلك عندما اعتبرتها
ملكية تعود لجماعات تسمى تارة بالجماعات السلالية، وتارة بالجماعات القبلية رغم
اختلافها من الناحية الشكلية.
الملاحظة الثانية: خلافا لما
ذهب إليه "البير كيوم" فإن الأراضي الجماعية تدخل ضمن صنف الأراضي
الموات باعتبار القبائل هي التي أحيتها وجعلتها قابلة للفلاحة، أو الرعي، وبقيت
مشتركة بين أعضاء الجماعة، في إطار الملكية الشائعة، اعتمادا على التماسك القبلي
الذي كان هو الحاجز الأساسي في تشكيل الملكية الفردية.
الملاحظة الثالثة: استعمل الفقه المغربي في تعريفه لأراضي الجموع مسميات مختلفة، فالأستاذ
محمد خيري اعتبرها أراضي تعود ملكيتها "لجماعات سلالية" والأستاذ محمد الصوالحي
استعمل تسمية "الجماعات المحلية"، أما الأستاذ عبدالكريم بالزاع فقد أورد
في تعريفه مصطلح "الجماعات القبلية" وهو ما يؤكد بأن هذه التعاريف تختلف
من الناحية الشكلية فقط، ما دامت تلك التسميات لها معنى واحد ويقصد بها جماعة واحدة.
ثانيا :تعريف الفقه المقارن لأراضي الجموع.
يبدو من الصعب جدا الإحاطة بجميع أراء الفقه المقارن حول هذا الموضوع،
ولذلك سنحاول في هذه النقطة مناقشة ما وقع عليه اختيارنا من بعض النماذج سواء بالنسبة
لمن يعرف هذه الأراضي بكونها أراضي قروية تملكها جماعات إثنية، أو بالنسبة لمن يعرفها
باعتبارها شكلا من أشكال الملكية مستمدة من العرف.
وهكذا عرفها poul Decroux عرف أراضي الجموع بأنها "أراضي قروية تملكها جماعات اثنية، ويصعب
بالتالي تحديد حقوق الفرد فيها من بين حقوق الجماعة[22]
في حين عرفها ALBERT GUILIAUM
بكونها: "إن شكل الملكية الجماعية
غير مستمد من الشريعة الإسلامية، فالعرف هو الذي أنشأ هذا النمط من الملكية خاصة في
السهول، وقد أغفل المؤلفون هذه المؤسسة لعزوفهم عن تناول أشياء تدخل ضمن العرف وتتنافى
مع الشريعة، رغم ذلك فقد سمح الشرع باستمرارها معتبرا إياها كشكل من أشكال الملكية الشائعة، كما أن المخزن تعايش معها..."[23]
الفقرة الثانية: تعريف الجماعات
السلالية وتميزها عن الجماعات الإدارية
سنتطرق من خلال هذه الفقرة الى تعريف الجماعات السلالية (أولا) ثم تميزها
عن الجماعات الإدارية (ثانيا)
أولا: تعريف الجماعات السلالية
إن التشريع المغربي من خلال منظومته العقارية لم يعط أي تعريف واضح للجماعات
السلالية، وذلك من خلال المنهج في تبويب القواعد التي تشكل الموضوع الأساسي لتنظيم
وتدبير أراضي الجماعات المغربية، بل إن الجماعات السلالية لا زالت وإلى حد الآن لم
تجد لها تعريفا دقيقا وسليما، وهو مصطلح يثير الجدل موضوعيا.
إن تسمية وعنوان كل نص تشريعي أمر حيوي وأساسي له اكثر من دلالات وحمولات
ثقافية وسياسية واجتماعية كذلك، ومن ثم كان لزاما علينا التطرق لهذه النقطة بالدراسة
والتوضيح، نظرا لكثرة التعديلات التي لحقت تسمية وعنوان النص الأساسي الذي هو ظهير
27 ابريل 1919، حيث سنحاول الإشارة الى التضارب واللبس الحاصل في عنوان النص، أو الحاصل
بسبب عنوانه، وذلك انطلاقا مما تحمله الكثير من الوثائق الرسمية والأحكام والقرارات
القضائية، حيث يتم التنصيص على عدة تسميات، أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها غير دقيقة
قانونيا، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
-
القرار الصادر عن وزير الداخلية رقم
10. 419 بتاريخ 2/ 01/ 2010 ([24]) والذي جاء
في ديباجته ما يلي: "بناء على الظهير الشريف الصادر في 27/ 04/ 1919 بشأن تنظيم
الوصاية الإدارية على الجماعات وضبط تدبير شؤون الأملاك الجماعية، فحسب المادة الأولى
من هذا الظهير: "يعين السيد عبدالله الكاسي متصرفا ممتازا بوزارة الداخلية رئيسا
لدورات مجلس الوصاية الإدارية على الجماعات الأصلية نيابة عن وزير الداخلية الوصي على
الجماعات السلالية"
فمن خلال هذا المقرر يتضح تعدد الصيغ والتعبيرات المستعملة في مقرر وزير
الداخلية بخصوص عنوان نفس النص التشريعي، من قبيل " الجماعات الأصلية" و"الجماعات
السلالية" وهاتان التسميات مختلفتان في دلالتهما ومتجاوزتان تشريعيا، لأن لهما
حمولات تحيل على نوع من التمييز الإثني، أو العرقي، أو القبلي الذي حرص المشرع المغربي
في فترة الاستقلال، أو مرحلة التأسيس كما سُميت، على تجاوزه من خلال ما أدخله من تعديلات
على ظهير 27/ 04/ 1919 التي كان من بينها ما
ورد من تعديل بشأن التسمية
القانونية كما يلي:
1-
في سنة 1956 تم التنصيص بخصوص عنوان الظهير على عبارات
" الجماعات المغربية" بدلا التسمية السابقة "الجماعات الأصلية"
حتى ورد في عنوان النص التشريعي ما يلي: (ظهير 28/ 07/ 1956 بتغيير ظهير 27/ 04/
1919 المتعلق بتنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات المغربية وضبط تدبير أملاك الجماعات
وتفويتها[25]
وهي نفس التسمية - أي الجماعات المغربية- الواردة في ظهير 30/ 06/
1960 بتعديل ظهير 27/ 04/ 1919 المتعلق بتنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات المغربية
وضبط تدبير الادارة للأملاك الجماعية.
2-
في سنة 1963 ارتأى المشرع تجاوز عبارة
" الجماعات المغربية"، لما قد يوحي له بمفهوم المخالفة وجود قبائل غير مغربية،
فاختار تسمية أخرى عامة -دون نعت أو وصف- وذلك كما يلي: "ظهير 06/ 02/ 1963 بتغيير
وتتميم ظهير 27/ 04/ 1919 بتنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات وضبط تدبير شؤون الأملاك
الجماعية وتفويتها[26]
وإذا كان المشرع لم يقم بوضع تعريف محدد لهذه الجماعات، فإن ذلك لم يمنع
بعض الفقه من إعطاء تعريف لها، وهكذا فقد عرف "مأمون الكزبري" الجماعات السلالية
بأنها: "هي القبائل وفصائل القبائل وغيرها من العشائر الأصلية والتي تنتفع بالأملاك
الجماعية طبقا للأعراف التي اعتادت عليها منذ القديم استعمالا واستغلالا[27]
ثانيا: تمييز الجماعات السلالية عن الجماعات الإدارية
سبق وأن أشرنا إلى أن الجماعات السلالية أو الأصلية هي على شكل قبائل
أو عشائر، تربط بينهم روابط عرقية أو عائلية، واجتماعية ودينية، وحقوق الأفراد فيها
غير متميزة عن حقوق الجماعة، بحيث أن ملكيتها تعتبر ملكية شائعة بين جميع أفراد الجماعة
مع إمكانية توزيع حق الانتفاع فيما بينهم[28]
فأفراد هذه الجماعة يعتبرون أنفسهم بني عمومة يجمعهم
حبا واحدا، والفرق بين الجماعة السلالية والجماعة الإدارية، هو أن الجماعة السلالية
تتكون من مجموعة من الناس يسكنون دوارا واحدا أو عدة دواوير على أساس أنهم ينتسبون
الى جد واحد، كجماعة ايت عمرو، أو بني عُمير وقس على ذلك... وهي تسميات قديمة.
أما الجماعات الإدارية فهو تقسيم أملته النظم الإدارية،
وذلك بتقسيم القطر الى وحدات إدارية تسمى هذه الوحدة التي تضم مجموعة من القرى والدواوير
"جماعة قروية" أما الجماعة التي تضم عدة أحياء داخل المدن فتسمى "جماعة
حضرية"[29]
وهذه الوحدات الإدارية تم تغيير تسميتها بعد دستور 2011 الى الجماعات
الترابية
المطلب
الثاني: التطور التاريخي لأراضي الجموع وخصائصها
إن تسليط الضوء على أصل أراضي الجموع، يقتضي
رصد أهم العوامل المؤثرة على النظام العقاري بالمغرب، ومعرفة مكانة هذه الأراضي
داخل البنيات العقارية بالمغرب، فنظام أراضي الجموع ليس حديث العهد، بل له جدور
تمتد الى عصور قديمة جدا
كما أن هذا النوع من الأراضي الضارب في التاريخ يبقى طارحا لإشكالية على
مستوى التأصيل من خلال تحديد تاريخ ظهور هذا الصنف من الملكية العقارية، وهذا ما
سيتم التطرق إليه من خلال الحديث عن التطور التاريخي لأراضي الجموع (الفقرة
الأولى) ومن خلال ابراز خصائصها (الفقرة الثانية)
الفقرة
الأولى: التطور التاريخي لأراضي الجموع
تعتبر أراضي الجموع شكلا من أشكال النظام العقاري المغربي، وهي أراضي يصعب
تحديد نظامها بدقة بسبب تعدد وقدم مصدرها الذي يرجع إلى قرون قديمة جدا مضت من جهة
والتطور التاريخي المعقد الذي جعلها تخضع للأنظمة القانونية المختلفة، وللأعراف
والتقاليد السائدة من جهة أخرى.
وهذا ما سيتم التطرق إليه من خلال دراسة أراضي الجموع قبل فترة الحماية
(أولا) ثم بحثها أثناء فترة الحماية (ثانيا) ثم بعد ذلك تحديد هذا النوع من
الأراضي بعد الحماية عند حصول المغرب على الاستقلال (ثالثا).
أولا: أراضي الجموع قبل الحماية
إن فهم أي
نظام عقاري سواء كان يربط بأراضي الجموع، أو غيرها لا يمكن أن يتم ما لم يتبلور في
الذهن صورة واضحة عن المراحل التي مر بها، والأوضاع التي كانت تسود كل مجتمع، حيث
لم يأخذ أي نظام عقاري شكله الكامل دفعة واحدة، بل نشأ وتطور بالتدرج[30]
وللتوسع أكثر في تحليل هذه الفترة سنحاول
التطرق إليها من خلال نقطتين اثنتين، حيث سنتطرق لأراضي الجماعات السلالية قبل
الفتح الإسلامي (أ) ثم سنتناول بعد ذلك هذه الأراضي في ظلال الإسلام (ب).
أ)
أراضي الجموع
قبل الفتح الإسلامي بالمغرب
إن الجدور التاريخية للملكية الجماعية
بالمغرب، حسب بعض الباحثين والمؤرخين تعود الى فترة ما قبل ظهور الإسلام[31]
فالفقيه أبو الحسن المارودي لم يشر في كتابة "الأحكام السلطانية"
إلا إلى ثلاثة أشكال من الملكية عددها فيما يلي:
-
أراضي
الموات: وهي التي تترك مشاعة بين عامة المسلمين وهي الأراضي غير صالحة للزراعة،
حيث كانت تتخذ كالمراعي، والفقهاء الذين أطلقوا عليها أراضي الملوك.[32]
-
أرض الملك: وهي أرض موات
تم احياؤها من طرف الأفراد بالحرث، او الاستغلال لمدة مستمرة تزيد عن سبع سنوات
على الأقل.
-
أرض الأحباس: الحبس كما
عرفه المشرع المغربي؛ أموال أوقفها المحبس المسلم ويكون التمتع بها لفائدة
المستفيدين المعنيين في رسم الحبس.[33]
فأراضي الأحباس تعتبر أملاكا خاصة ثم التبرع بها لوجه الله تعالى لفائدة مؤسسات
دينية.
وما
يمكن استنتاجه هو أن الملكية الجماعية للأرض وجدت بالمغرب قرونا طويلة قبل مجيئ
الاستعمار الفرنسي، إلا أن هذه الملكية كانت أنداك، وكما الأمر بالنسبة لجل
المجتمعات التي كانت تمر بمرحلة أولية من مراحل التطور، تمثل رد فعل فرضته الظروف
المناخية الصعبة، ووسائل الإنتاج المختلفة وكذا عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
ويرى بعض الباحثين أن أهمية الملكية والجماعية تترتب عنه
"شيوعية" في الميدان الفلاحين حيث كانت تقسم ثمار الأرض الناتج عن عمل
الجميع بين أفراد المجموعة، أو في توزيع الأرض بين العائلات بصفة وقتية، وكان ذلك
عاملا على المساواة واقتسام المحاصيل وحافزا على التكتل والتعاون حتى أصيبت شمال
إفريقيا بويلات الاستعمار من فينقين، وقرطاجيين ورومان، وبزنطيين، وبسط الاستعمار
نفوذه على خصب الأراضي منتزعا إياها بالقوة، وكذا ظهرت الملكية الفردية التي ساعدت
على التفاوت في الثروات[34]
ب)
أراضي الجموع
في ظلال الإسلام
إن إمعان النظر في سياسة الرسول محمد صلى
الله عليه وسلم تجاه الأرضي، أو تلك التي أعلن ساكنوها الإسلام، يوضح بأن سياسته
كانت تتسم بالمرونة، والتنوع الى حد كبير، ومن الملاحظ أن الرسول صلى الله عليه
وسلم كان يتخذ إجراءاته انسجاما مع الظروف المحيطة بالجماعة، ورفقا لمصالح
المسلمين ولطمأنة مصالح الأفراد الساكنين في الأراضي المفتوحة قدر المستطاع،
فبالرغم من أن الدين الإسلامي كان سبب لتوحيد أسس التنظيمات التي وجدت إلا أن
الأحوال والظروف السائدة في البلدان الاسلامية ظلت أثارها باقية بما لا ريب فيه،
وكانت ذات مفعول لمسه أكثر الباحثين في النظم الإسلامية، ويمكن التمييز بين خمسة
طرق اتبعت في معالجة الأراضي المفتوحة في الإسلام
1) إبقاء ملكية الأرض بيد أصحابها الأصليين يتصرفون فيها
مقابل دفع ضريبة للمسلمين "الخراج" ويسمى هذا النوع من الأراضي بأراضي
الصلح.
2) جعل ملكية رقبة الأرض للدولة الإسلامية مع إقرار أهلها
عليها يعملون فيها ويؤدون عنها ضريبة الخراج، وسمي هذا النوع من الأراضي بأراضي
الخراج.
3) مصادرة الأرض كلية ووضعها تحت تصرف الدولة المباشر وتسمى
بأراضي الصوافي.
4) تمليك الارض ملكية تامة الى بعض الاشخاص، فهي اذن اراضي
تعود للخواص، وهي الاراضي التي حصل عليها بعض كبار الصحابة المسلمين رضوان الله
عليهم من اقطاع الخلفاء لهم.
5) ترك الأراضي مشاعة بين عامة المسلمين وهي الأراضي غير
الصالحة للزراعة، حيث كانت تتخذ كمراعي، وقد أطلق الفقهاء عليها اسم (الأراضي
الموات)[35]
فهذه التقسيمات تعتبر بمثابة الأسس الأولى
التي استحدثها الاسلام لنظام الأراضي الخاضعة لحكمه، تلتها تنظيمات أخرى تبعا
لتطورات أوضاع الأراضي المفتوحة، ولا يخفى ما لهذه التنظيمات من علاقة وثيقة
بالتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي رافقت انتشار الاسلام[36].
وكانت الأرض التي أسلم عليها أصحابها في ظل الإسلام تعتبر ملكا لأصحابها،
ولهذا اعتبرت الملكية في عهد الإسلام ملكية فردية تورث وتباع، أو ملكية جماعية
ينتفع منها الجميع، أو أرضا لا يملكها أحد، وتسمى بالموات، وحكمها أنها ملك لمن
أحياها، كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: أراضي الجموع أثناء فترة الحماية
سبق
وأن أشرنا في الفترة السابقة إلى أن النظام الجماعي الذي كان سائدا في المغرب قبل
دخول الحماية يتميز بطابع التضامن والتكافل الاجتماعيين، ذلك أن كل فرد في الجماعة
كان يتصرف في جزء من الأرض الجماعية الصالحة للزراعة والفلاحة، في حين أن أراضي
الرعي ظلت مشتركة بين جميع أفراد القبيلة مثل حرم الدوار، وحرم المسجد، وحرم البئر
المشتركة، ولم يكن يجرؤ أي شخص من أفراد الجماعة التطاول على الجزء الذي يتصرف فيه
الآخر[37]
وكان من الطبيعي أن نظام التصرف هذا يختلف من قبيلة لأخرى تماشيا مع أعراف وتقاليد
كل قبيلة. سواء تعلق الأمر بمنطقة الحماية الفرنسية(أ) أو بمنطقة الحماية
الاسبانية(ب) أو تعلق الأمر بمنطقة طنجة الدولية (ج).
أ)
منطقة الحماية
الفرنسية
إن فرض الحماية الفرنسية على المغرب سنة
1912 أدى إلى جعل البوادي والقبائل والقرى المغربية تعج بالفوضى والاضطراب، حيث
سارع سكان القبائل المستوطنة في السهول إلى إقامة رسوم الملكية للأراضي الجماعية
التي ينتفعون بها في إطار القبيلة، نظرا لما كان عليه سكان البادية من جهل وغفلة،
وبدافع المصلحة الشخصية من جهة، وبسبب عدم تواجد من يدافع عن هذه الأراضي وينازع
فيها من جهة أخرى، إذا كان كل منهم يعمل في دائرة مصلحته الخاصة، بقدر ما يتوفر عليه
من جرأة وإقدام ونفوذ وجاه[38]،
بل واتجه أعيان وشيوخ القبائل إلى إقامة رسوم الملكية حتى للأراضي الجماعية التي
لا يتصرف فيها أحد من أفراد القبيلة وخاصة تلك الأراضي الجماعية التي كانت تتواجد
في السهول[39]
وقد كانت السلطة المركزية عاجزة عن احباط هذه المؤامرات، أو إيقاف أعمال
الغصب والتفويت، وكان لزاما عليها اتخاذ الإجراءات الكفيلة لوضع حد لهذه المضاربات
وما ينشأ عنها من مضاعفات، ولذلك [40]
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، اخذ المعمرين الوافدين على المغرب يتهافتون
على شراء الأراضي الفلاحية الخصبة، وقد ساعدهم في ذلك سلطات الحماية من خلال تسهيل
عملية الشراء، وهو ما دفع السلطات المذكورة إلى اصدار ترسانة قانونية بغرض الحفاظ
على ثروة هذه الأراضي من الضياع، وقد تدرجت السلطات الفرنسية في إصدار هذه
القوانين المنظمة للملكية على مرحلتين، حيث كانت المرحلة الأولى عبارة عن تدابير
توجيهية وقانونية[41]
المرحلة الأولى:
1- منشور الصدر الأعظم لسنة 1912 الذي بين العقارات التي لا
يمكن التصرف فيها وتستغل جماعة من قبل القبائل، حتى يتعين أن تبقى خاضعة للصرف
والعادات المحلية الجارية[42].
2- الدورية الصادرة في 6 مارس 1914، والتي تمنع القضاة من
عقد رسوم للملكية الخاصة على هذه الأراضي.
3- قرار وزيري بتاريخ 6 نونبر 1912 لتكوين لجنة لمراجعة
عقارات المخزن.
4- ظهير 23/ 05/ 1916 الذي أحدث جماعة القبائل، ومنح لها
تسيير أراضيها الجماعية .
المرحلة الثانية:
1- ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري.
2- ظهير 21 يوليوز 1913 الذي بمقتضاه أصبح للأحباس نظام على
رأسه إدارة مركزية من بين اختصاصاتها، الإذن بكراء الأراضي لأجل بعيد.
3- ظهير فاتح يوليوز 1914 المنظم للملك العام للدولة.
4- ظهير 8 فبراير المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية وتم
تعديله بظهير 16/ 02/ 1933.
5- ظهير 08/ 05/ 1938 الذي أجاز تفويت الأراضي الجماعية.
6- ظهير 19/ 03/ 1951 الذي نظم تدبير الأراضي الجماعية، أو
تفويتها لتمكين المعمرين من الاستيطان فيها[43].
ب)
منطقة الحماية
الاسبانية:
إن منشور الصدر الأعظم المؤرخ في فاتح نونبر
1912 والذي أشرنا إليه أنفا كان مطبقا
بجميع أنحاء المغرب، بما في ذلك منطقة
الحماية الاسبانية[44]
وقد ظل الأمر كذلك إلى أن صدر في سنة 1916 ظهير يؤكد على عدم قابلية الأملاك
الجماعية للتفويت فيما يخص بعض القبائل فقط، وخصوصا تلك الواقعة في منطقة الحماية
الاسبانية، هذا الظهير الذي يعتبر أول ظهير صدر بخصوص هذه المنطقة، ثم تلته بعد
ذلك ظهائر أخرى نوردها كما يلي:
1- ظهير 1 يونيو 1929 والذي ورد فيه أن الغابات تعتبر ملكا
للجماعات الأهلية، كما أنه قضى بإحصاء وتحديد جميع الأملاك المخزنية والجماعية،
وأراضي الجيش، ولكن هذا النص لم يطبق تقريبا.
2- ظهير 4 أكتوبر 1930؛ الذي ينظم الوصاية الإدارية على
الأراضي الجماعية، وقد أكد من جديد على عدم قابليتها هي وأراضي الجيش للتفويت،
ومنع على القضاة تحرير رسوم عقارية بملكيتها إلا بعد الحصول على إذن بذلك من
السلطات المخزنية وقد تمم هذا الظهير بظهير 1916.
3- ظهير 02 يوليوز 1935 الذي تمم ظهير 1 يونيو 1929 والذي
يعهد لمصالح الأملاك المخزنية بفتح سجل خاص بالأراضي الجماعية، ويكلف موظفيها
بالدفاع عننها.
4- ظهير 25 اكتوبر 1952، يقنن بكيفية جديدة وشاملة تنظيم
الجماعات، كما نص على تأسيس جماعات للمداشر تتمتع بشخصية قانونية ذات صبغة عمومية،
وتتألف من رئيس وعضوين اثنين، وكاتب يتم ترشيحهم من طرف سكان المداشر بواسطة محضر
يزكيه عدل ويعرض على الوصاية، فإذا وافقت صدر بذلك قرار وزيري، ويمكن تحديد صلاحية
أعضاء الجماعة كذلك بواسطة محضر يوجه إلى الوصي ليبث فيه[45].
وعموما يمكن القول أنه كان هناك بونا شاسعا
في درجة التطور بين الأراضي الجماعية الواقعة في الشمال تحت النفوذ الإسباني،
والأراضي الجماعية الواقعة في الوسط والجنوب تحت النفوذ الفرنسي، حيث كانت الوصاية
الإدارية حاضرة بقوة، دون تجاهل الأثار الإيجابية لظهير 27 أبريل 1919 على أرض
الواقع العملي.[46]
ج- منطقة طنجة الدولية:
كانت منطقة طنجة الدولية ميدانا خصبا للتنافس وصراع الدول الاستعمارية بسبب
موقعها الجغرافي، وقد وضع لها نظام دولي سنة 1923 وعدل سنة 1928، فبمقتضى هذا
النظام كان لكل من انجلترا، وفرنسا، وإيطاليا، والبرتغال، وبلجيكا وهولندا مندوبون
يكونون هيئة تسمى لجنة المراقبة، وفي سنة 1940 نقضت اسبانيا النظام الدولي المقرر
لطنجة واحتلتها وادارتها بمفردها، ولما انتهت الحرب العالمية الثانية بهزيمة دول
المحور، أعيد لطنجة نظامها الدولي القديم بواسطة اتفاقية عقدت بباريس في 31 غشت
1954[47]
إن أول نص
تشريعي صدر بشأن أراضي الجيش والأراضي الجماعية بمنطقة طنجة كان هو ظهير 8 يناير
1931 الذي بمقتضاه، ومن أجل التصفية القانونية للأراضي الجماعية الواقعة بالمنطقة،
تم إحداث لجنة للمراجعة كانت تتكون من المندوب بصفته رئيسا، وعدة قضاة، وموظفين
ساميين، واربعة وجهاء، وقد كلفت هذه اللجنة بمراجعة ودراسة لوائح الأراضي التي
تضعها الجماعات، وذلك بقصد التمييز بين الأراضي الجماعية الصرفة وغيرها من الأراضي[48].
ثالثا: أراضي الجموع بعد الاستقلال
بعد حصول المغرب على حريته واستقلاله، بادرت السلطات المغربية إلى إدخال
عدة تغييرات وتعديلات على ظهير 27/ 04/ 1919، كما انكبت الدوائر الحكومية المختصة
على دراسة الوضعية المترتبة عن العهد البائن[49]،
وكان أول إجراء قامت به السلطات المغربية بعد الحصول على الاستقلال هو صدور ظهير
يوليوز 1956([50])،
والذي أدخل تغييرات جوهرية تتلاءم وظروف المغرب الحديثة والجديدة، وبالأخص
على مستوى تشكيل مجلس الوصاية، هذا الأخير الذي كان يتركب ابان الحماية من الرئيس
وهو مدير الشؤون الأهلية، ومن الأعضاء، وهم مستشار الحكومة أو موظف فرنسي مفوض من
طرف قاضي فرنسي منتدب من طرف الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، ومفوض من طرفه كذلك
مدير الشؤون الاقتصادية الداخلية أو نائبه، وأيضا مصلحة مراقبة المدينة، ومسلمان
من الأعيان يعينهما الصدر الأعظم.
أما تركيب هذا المجلس بعد الاستقلال فقد كان يتركب من الرئيس، وهو وزير
الداخلية أو نائبه، ومن الأعضاء وهم: وزير الفلاحة والإصلاح الزراعي أو نائبه: وهم
مدير الشؤون السياسية بوزارة الداخلية أو نائبه ومدير الشؤون الإدارية بوزارة
الداخلية أو نائبه، وعضوان يعينهما وزير الداخلية.
وفي مجال الإجراءات الرامية الى حماية وصيانة الثروة الجماعية، صدرت نصوص
على جانب كبير من الأهمية، وهذه النصوص هي حسب التسلسل الكرونولوجي الآتي([51])
-
الظهير المؤرخ
في 9 ماي 1959، والذي بموجبه تم فسخ العقود الممنوحة بموجبها حقوق الانتفاع الدائم
للأراضي الجماعية، ومراجعة اكريتها لأمد طويل.
-
الظهير المؤرخ
في 28 يوليوز 1959 الذي عهد بالوصاية الى وزير الداخلية على الجماعات.
-
الظهير الصادر
في 17 نونبر 1959 الذي قضى بعدم قابلية قرار مجلس الوصاية لأي طعن.
-
الظهير الصادر
في 30 يونيو 1960 الذي فسخ التفويتات المجراة بشأن الأراضي الجماعية اعتماد على
ظهير 19 مارس 1951.
-
الظهير المؤرخ
في 06 فبراير 1963 الذي صرح بعدم قابلية الأراضي الجماعية للتقادم ولا للتفويت،
والحجز الذي نظم مسطرة التقاضي ضد الجماعة أو لفائدتها كما ألغى عدة فصول من ظهير
1919.
-
ظهير 26 شتنبر
1963 الذي نص على استرجاع الأراضي التي كانت ملك المعمرين من طرف الدولة، لكن هذه
الأراضي لم يتم استرجاعها من طرف الجماعات السلالية.
-
ظهير 25
يوليوز 1996 المنظم لوضعية الأراضي الفلاحية الواقعة في مناطق الري أو الدوائر
السقوية[52].
انطلاقا من هذا المعطى، ومن خلال الجرد
التعديلي للظهير الأم يتضح تشتت النصوص المنظمة للأراضي الجموع من جهة اولى، وغموض
ظهير 27 أبريل 1919 المعتبر كميثاق لهذه الأراضي من جهة ثانية، بحيث أنه لم يفرق
لحد الآن بين النزاعات التي تدخل ضمن اختصاص الجماعة النيابية ومجلس الوصاية
والمحاكم[53].
الفقرة
الثانية: خصائص أراضي الجموع
إذا كنا نقصد بخصائص الشيء هي ما يمكن أن
يتميز به من صفات، فإن أراضي الجموع يمكن القول فيها بأنها تتميز باعتبارها أراضي
غير قابلة للتفويت (أولا) كما أن أهم ما يميز هذه الأراضي عن غيرها من الأراضي
خاصة أراضي الخواص إنها تعود ملكيتها الى الدولة وحدها، تحت غطاء الجماعات
السلالية تخضع لمجلس الوصاية الذي يرأسه وزير الداخلية أو من ينوب عنه، ومن ثم
فإنه ليس لأحد الحق في أن يتصرف في هذه الأراضي لا بالحجز (ثانيا) ولا عن طريق
الالتباس بالتقادم (ثالثا) ولا عن طريق القسمة البتية (رابعا).
أولا: عدم قابلية أراضي الجموع للتفويت
إن مفهوم التفويت ينصرف إلى معنى نقل الملكية من ذمة لأخرى، ومن شخص لحساب
شخص آخر، ونقل الملكية عملية قانونية يهتم بضبطها وتحديد عناصرها القانون المدني،
الذي ينظم أيضا التصرفات والعقود التي من شأنها نقل ملكية العقار وغيره، بهدف
تحقيق تداول الثروة في الحياة المدنية، ويحافظ في نفس الوقت على استقرار
المعاملات، وبناء عليه فقد نظم المشرع عقود البيع والهبة والمبادلات، وأحكام الإرث
وغيرها وأحكم شروطها وآثارها[54]
ينص المشرع في الفقرة الأولى من الفصل الرابع من ظهير 27 لأبريل 1919 على
"أن الأراضي الجماعية غير قابلة للتقادم ولا للتفويت والحجز."
انطلاقا من هذه الفقرة يتضح لنا بأن أراضي
الجموع غير قابلة للتفويت، وهو ما يعني عدم قابلية نقل ملكيتها الى الغير مباشرة
ببيعها، أو بأي نوع من أنواع التصرفات كالرهن، أو الهبة، أو المبادلة، أو
الميراث...
إن مبدأ عدم تفويت أراضي الجموع وفقا
لمقتضيات الظهير أعلاه نابع من رغبة المشرع في حماية هذه الأراضي، وحصر منفعتها
التي لها الحق فيها، الأمر الذي أدى إلى منع التصرف فيها، ووضعها تحت وصاية وزارة
الداخلية، كما أن تنصيص الفصل الرابع من ظهير 6 فبراير 1963 نفسه على عدم جواز
تفويت أراضي الجموع، ويوضح ايضا الرغبة في الاستقرار، والتشبث بالأرض الجماعية،
استنادا الى أن هذا النوع من الملكية يتلاءم والظروف الاجتماعية للقبيلة المستفيدة[55]
خاصة وأن حقوق أعضاء الجماعة السلالية من الأساس
لا يتعلق بملكية الرقبة، وإنما بحقوق الاستغلال.
وقد ذهب القضاء في نفس السياق عندما نص المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا)
على أن: "نصت مقتضيات ظهير 27 أبريل 1919، و14 غشت 1945 على أن الملاك
الجماعية لا تجاز ولا تفوت[56]
كما قضى المجلس الأعلى بأن التكييف السليم للأفعال المرتكبة من طرف الأظناء
وإن كانت تخضع لمقتضيات الفصل الرابع من ظهير 27 أبريل 1919 المعدل بظهير 6 فبراير
1963 المتعلق بتنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات، وضبط تسيير شؤون الأملاك
الجماعية الذي يمنع تفويت الأراضي الجماعية، فإن ادانتهم من أجل التصرف في مال غير
قابل للتفويت بمقتضى الفصل 542 من ق، ج، يدخل في زمرة جرائم الأموال التي تنتمي
إليها الجنحة من أجلها الأظناء[57] غير أن
هذه الميزة والخاصية ليست مطلقة، حيث أنه يمكن تفويت عقار لجماعات سلالية لفائدة
الدولة، أو الجماعات الترابية، أو السلالة نفسها، أو المؤسسات العمومية، ويتم هذا
التفويت بالتراضي إذا كانت الجماعات السلالية ومجلس الوصاية والمؤسسة العمومية
متفقين على مبدأ وشروط البيع، أو التفويت، وخاصة الثمن وكناش التحملات، إذا اقتضى
الأمر ذلك، وأما اللجوء الى مسطرة نزع الملكية[58] متى
توافرت المنفعة العامة، وغالبا ما يكون هذا الاقتناء لأسباب استعمارية.
ثانيا: عدم قابلية أراضي الجموع للحجز
كفل المشرع حق الدائن في استيفاء دينه من خلال مبدأ عام مفاده أن أموال
المدين ضمان عام لدائنيه، حيث نص الفصل 1241 من ق. ل. ع. على ما يلي: "أموال
المدين ضمان عام لدائنيه، ويوزع ثمنها عليهم بنسبة دين كل واحد منهم ما لم توجد
بينهم أسباب قانونية للأولوية".
وبالتنصيص على هذا المبدأ، يكون المشرع قد
سوى بين جميع الدائنين من حيث امكانية مباشرتهم لإجراءات التنفيذ الجبري على مدينهم، إذا لا مجال للتمييز بين دائن عادي ودائن
مرتهن، أو صاحب حق امتياز، ومن ثم يحق لأي
منهم أي يوقع الحجز على أي عقار من عقارات مدينه ما لم يوجد نص يقضي بخلاف ذلك،
وعليه فإن طالب الحجز لا يكلف بإثبات قابلية المال للحجز، لأنه يشهد له الأصل
بذلك، وإنما يتعين على المدين المنفذ عليه
إثبات عدم قابلية العقار لأن يكون محلا للحجز[59].
وعليه فمتى اعتبرنا أن الأصل هو جواز حجز أي عقار مملوك للمدين، فإنه يتعين
تفسير أي نص من شأنه تضييق هذه القاعدة تفسير ضيقا، كما لا يجوز القياس على حالات
عدم القابلية للحجز، لأنها تشكل استثناء، وكما هو معلوم فالاستثناء لا يقاس عليه،
ولا يتوسع فيه كما تقضي بذلك القواعد الأصولية، ومن ثم فإن الحكمة من منع الحجز
على عقار معين تجد مبرراتها إما في طبيعة العقار، أو في ضرورة رعاية المصلحة
العامة أو الخاصة.
وعلى هذا الأساس وحماية من المشرع لهذا النظام ولطابع الانتفاع الذي
يكتسبه، فقد منع وبكيفية صريحة أي حجز يمكن أن يقع على أراضي الجموع[60].
إلا أن هذا المنع ليس مطلقا بل إنه يجوز
إيقاعه على حق الاستغلال لفائدة مجموعة محددة من أصحاب الديون[61] هذه
الفئة محددة حصرا في الفقرة الثالثة من الفصل الرابع من ظهير6 فبراير 1963[62] وهي
الجماعة نفسها، ويشترط لصحة البيع الجبري في هذه الحالة أن يتم لفائدة نفس الفئة.
إن حجز حق الاستغلال، وإن كان حقا مقررا صراحة للجماعة نفسها بمقتضى ظهير
27 أبريل 1919، كما تم تعديله وتغييره، فإن الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات
العمومية تملك بدورها صلاحية إيقاع الحجز على أراضي الجماعات السلالية رغم أن
المشرع لم ينص على ذلك صراحة، ما دامت العلة من منع الحجز ترجع إلى عدم قابلية هذه
العقارات للتصرف فيها في الوقت الذي نجد فيه أن المشرع نفسه قد أورد استثناء على
هذا المنع حينما سمح لهذه المؤسسات والجهات باقتناء عقارات ذات صفة سلالية، ومن ثم
يكون من الجائز لها حجزها[63].
ثانيا: عدم
قابلية أراضي الجموع للتقادم
رغبة من
المشرع في حماية أراضي الجموع وحصر منفعتها في الجماعة التي لها الحق فيها، فإنه
أقر مبدأ عدم قابلية هذه الأراضي للتقادم حيث نص الفصل الرابع من ظهير 27 ابريل
1919 في فقرته الأولى على ما يلي: "إن الأراضي الجماعية غير قابلة
للتقادم..."
والمقصود بالتقادم هنا هو التقادم المكسب للملكية، ولا شك أن المشرع كانت
له أهدافه ومساعيه من وراء منع التقادم المكسب للملكية والمجسدة أساسا في حماية
الأملاك الجماعية السلالية من الانتقال إلى غير الأجنبي عن طريق الحيازة ،
وبالتالي خروجها من نظام الأملاك الجماعية، وبذلك جعل المشرع حيازة الأجنبي لهذه
الأراضي أو الأملاك عديمة الأثر، إلا إذا اعترفت الجماعة السلالية للفرد الحائز
بحيازته المستوفية للشروط وعدم اعتراضها عليها خلال ممارسته لهذه الحيازة[64]
من خلال ما سبق يتضح مدى تشبت المشرع المغربي بموقفه الرامي إلى ترسيخ مبدأ
عدم القابلية للتقادم بالنسبة للأملاك الجماعية السلالية، وهو المبدأ الذي استقر
عليه القضاء المغربي- ممثلا في اعلى سلطة قضائية- من خلال عدة قرارات نذكر منها
على سبيل المثال القرار الصادر عن المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا) [65] الذي اكد
من خلاله على أن قضاة الاستئناف لم يزيدوا على أن طبقوا بدون أي يشيروا إليه صراحة
في الفصل الرابع 27/4/1919 والذي ينص على أن الأراضي الجماعية لا تمتلك
بالحيازة... فكانوا على الصواب عندما لم يعتبروا أفعال التصرف التي لا يمكن أن
يترتب عليها أي مفعول فيما يتعلق بالأراضي الجماعية التي لا يمكن حيازتها عملا
بالتصرف المشار إليه أعلاه..."
وفي قرار[66]
آخر جاء فيهك "... ولما تبث أن العقار المتعرض عليه هو ملك جماعي بموجب تطبيق
الرسم عليه فإن ادعاء طالب التحفيظ تملكه يعرض القاعدة المنصوص عليها في الفصل من
ظهير 27/ 04/ 1919 التي تمنع التملك بالتقادم للملك الجماعي، كما جاء في قرار[67] آخر حديث للمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا)
"... إن الأرض الواردة بالمطلب هي أراض جماعية كما تبث من خلال الاطلاع على
النسخة الإدارية عدد 2/ 12/ 1998 التي أسس عليها المستأنف استمراره وأنها تشهد أنه
يتصرف في ملك جماعي تابع للجماعة السلالية للأولاد الحاج بدوار تيحونة وبذلك يكون
الملك موضوع رسم الاستمرار جماعيا لا يجوز تملكه بالحيازة وطول المدة، ومن ثم يكون
التصرف المقدم من طرفه غير مرتكز على أساس..."
رابعا: عدم قابلية أراضي الجموع للقسمة
البتة.
تفترض القسمة وجود شائع بين عدة شركاء، إد بواسطتها يوضع
حد لحالة الشيوع ويرفع ضرر الشركة.
وقد عرف بعض الفقه القسمة البتية بأنها: " هي وضع حد لحالة الشيوع عن
طريق فرز حصص الشركاء في المال الشائع، أو بيعه وتوزيع ثمنه بينهم عندما تتعذر
قسمته عينيا، اما رضاء، وإما عن طريق حكم القضاء"[68]
وفي ظل عدم قابلية أملاك الجماعات السلالية للتفويت، والحجز، ولا يمكن
تملكها بالتقادم المكسب، فإنه من غير المتصور في إطار تلك الأحكام أن تخضع للقسمة
البتية بشأنها، والتي تقتضي وجوبا ملكية الشريك على الشياع للعقار المراد قسمته.
في حين أنه يمكن أن تخضع أراضي الجموع للقسمة الاستغلالية والتي تنصرف إلى
قسمة المنافع[69]
وهذا ما أكده المجلس الأعلى في قراره عدد 238، بتاريخ 28/ 02/ 2001 في الملف
العقاري عدد 415/ 1/ 96 والذي نص على ما يلي: "الأراضي الجماعية لا تقبل
القسمة البتية" وتختلف إجراءات قسمة أراضي الجموع قسمة استغلالية من منطقة
إلى أخرى، والغالب أنه يعاد فيها النظر سنويا، والأبعد من سنتين أو ثلاث أو عشر
سنوات، وتمنح القطع الأرضية عادة عن طريق القرعة، ويستفيد منها عادة رب العائلة
القاطن بالقبيلة، وهي تتم بواسطة نائب الجماعة.
وقد تقتضي الظروف أحيانا أن يتخذ الاستغلال صبغة دائمة، وهي وضعية أقرها
ظهير 27 أبريل 1919، ونظمها القرار الوزاري لسنة 1945، وحق الاستغلال الدائم هذا
لا يقبل التفويت إلا لصالح الجماعة نفسها فقط[70] وبالشكل
الذي ارتأيناه قبل قليل.
المبحث الثاني: الإطار القانوني
لتدبير أراضي الجموع
يعتبر ظهير 27 أبريل 1919 الذي تم تغييره وتتميمه بظهير 6 فبراير سنة 1963
بمثابة الإطار القانوني الذي هم موضوع الوصاية على الجماعات الأصلية بشكل مركز
ومباشر، فهو يشتمل على المقتضيات القانونية العامة التي تحكم العلاقة التي تربط
بين سلطة الوصاية والجماعات الأصلية المالكة لأراضي الجموع[71]
وتجدر الإشارة إلى أنه وبالرغم من أن المشرع المغربي قد اتجه منذ البداية
الى اقرار العديد من النصوص القانونية والقرارات الوزارية والدوريات والمناشير
والتي كان الهدف منها هو إقرار أجهزة تدبيرية وتنظيمية لهذا الرصيد العقاري المهم،
وكذا الرفع في في اتجاه خلق طرق مناسبة وعصرية لاستغلال هذه الأراضي، فإننا مع ذلك
وأمام تحديات وضرورة التنمية التي تفرض نفسها نتساءل عن مدى مساهمة النصوص
التشريعية والهيئات المشرفة على هذه الأٍراضي في الرفع من مستوى التنمية
الاقتصادية والاجتماعية على الصعيدين الجهوي والوطني؟
وللإجابة عن هذه الإشكالية بالدراسة والتحليل سنخصص المطلب الأول لدراسة
النصوص القانونية المنظمة لأراضي الجموع والجماعات السلالية وطرق استغلالها،
وسنخصص المطلب الثاني لدارسة الهيئات المتدخلة في تدبير وتنظيم أراضي الجموع.
المطلب الأول: النصوص التشريعية المنظمة لأراضي الجموع
والجماعات السلالية وطرق استغلالها.
ونحن بصدد
دراسة الترسانة القانونية المؤطرة والمهيكلة لأراضي الجموع لا بد من العلم على أن
هاته الترسانة عرفت عدة تطورات وتعديلات بدءا بالقرارات الوزيرة والظهائر المنظمة
لأراضي الجموع والجماعات السلالية (الفقرة
الأولى) وانتهاء بالنصوص المتعلقة باستغلال وتدبير أراضي الجموع ( الفقرة الثانية)
الفقرة
الأولى: الظهائر المنظمة لأراضي الجموع والجماعات السلالية
تتعدد النصوص التشريعية المنظمة لأراضي الجموع
والجماعات السلالية بين ظهير 1919 المتعلق بالوصاية على الجماعات الأهلية (أولا)،
وبين ظهير المتعلق بمساطر التحديد الإداري للعقارات الجماعية (ثانيا)، وكذا ظهير
1969 بشأن العقارات الجماعية الواقعة بدوائر السقي (ثالثا) بالإضافة إلى الرسالة
الملكية بخصوص تمليك الأراضي السلالية (رابعا)
أولا: ظهير 1919 المنظم للوصاية على الجماعات الأهلية
يعتبر ظهير
1919 المتعلق بتنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات وضبط تدبير شؤون الأملاك
المشتركة، والصادر بتاريخ 26 رجب 1337 الموافق (27 أبريل 1919 كما وقع تغييره
وتتميه، القانون الأساسي المنظم لأراضي الجموع والجماعات السلالية كما يضم هذا
القانون ستة عشر فصلا.
ويلاحظ أن المشرع قد حرض من خلال هذا الظهير على ضمان تدبير الجماعة
السلالية لممتلكاتها العقارية وعلى اعطائها سلطة للمحافظة على مصالحها وإدارة
شؤونها الخاصة تحت وصاية وزارة الداخلية.
إلا أنه ما يثير الانتباه في هذا الظهير هو أن الفصل الأول منه قد منح
للجماعات السلالية حق الانتفاع بالأرض دون أن تدعي التملك وتبقى خاضعة في جميع
تصرفاتها لوصاية وزارية الداخلية اعتمادا على مقتضيات الفصل الثالث منه الذي عهد
بالوصاية على الجماعات الى وزارة الداخلية.
ومما يمكن تسجيله أيضا في هذا الظهير هو أن الفصل الخامس منه قد قيد
صلاحيات سلطات الجماعات في التقاضي إذ أوجب على الجماعات أن لا تقيم او تؤيد في
الميدان العقاري أية دعوى قصد المحافظة على مصالحها الجماعية كما حضر عليها أن
تطلب التحفيظ إلا بإذن من الوصي أو بواسطة مندوبين معينين من طرف الجماعة المعنية.
لكن في المقابل أجاز هذا الظهير للجماعة أن تتعرض دون طلب الإذن على مسطرة
التحفيظ التي طلبها الغير لكن رفع هذا التعرض كلا أو بعضا لا يمكن أن يستمر إلا
بإذن من الوزارة الوصية[72]
كما أجاز هذا الظهير للجماعات امكانية ابرام عقود للاشتراك الفلاحي، وكذا
الأكرية التي لا تتجاوز مدتها ثلاث سنوات بالمرضاة بعد موافقة الوصي، كما اشترط
ابرام هذه التصرفات كتابة، ولم يسمح بتجديدها إلا بموافقة صريحة من الوصي[73]
ثانيا: ظهير 1924 بشأن مساطر التحديد
الإداري للعقارات الجماعية.
يضم ظهير 1924
المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية والصادر بتاريخ 12 رجب 1342 المواقف ل 18 فبراير
1924، احدى عشر فصلا، حيث ينص الفصل الأول منه على: "ان العقارات المظنون
أنها مشتركة بين القبائل يمكن مباشرة تحديدها بقصد تعيين صورتها أو مشتملاتها من
الوجهة المادية وتقرير حالتها الشرعية القانونية، وذلك بطلب من المكلف بالولاية
على الجماعات وبعد استشارة معها في شأن ما ذكر"[74]
إن أول ما يلاحظ على هذا الفصل هو الركاكة في صياغته، وهذا يعود بالأساس
الى سوء الترجمة التي ترجم بها، ويلاحظ أن المشرع قد حاول من خلال هذا الظهير أن
يجعل اللجنة المختصة بمباشرة عملية التحديد الإداري متنوعة بحيث تضم بالإضافة الى
السلطة الإدارية، مهندس مساح يعهد إليه بضبط الحدود وقياس المساحة، ومن عدلين
اثنين يمثلان البعد الديني في العملية العقارية[75]
كما اشترط المشرع في الفصل السادس كم هذا الظهير أن يكون الاعتراض المقدم
طبقا للفصل الخامس منه مرفوقا بتصريح يؤكد المتعرض من خلال عن رغبته في تقييد العقار
بكناش إدارة المحافظة على الأملاك العقارية داخل أجل 3 أشهر الموالية لانقضاء
الأجل المضروب لتقديم التعرضات[76]
كما يمكن بطلب من الوصي على الجماعات الاعلان عن تحفيظ أراضي جماعية مصادق
على تحديدها بقرارات وزيرية وذلك بعد كشف جديد للأنصاب ووضع تصميم عقاري لهذه
الأراضي تقوم بها مصلحة المحافظة على الأملاك العقارية.
لكن عندما تكون الأرض محفظة في اسم الجماعة المالكة موضوع تقسيم فإنه تخصص
مساحات معينة لكل رب عائلة من الجماعة، عملا بالفصل الرابع من ظهير 27 أبريل 1919
حيث يشرع في تحديد كل قطعة على حدة تطبيقا لما نص عليه الفصل 54 من ظهير 12 غشت
1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري[77]
ثالثا: ظهير 1969 بشأن العقارات الواقعة
بدوائر السقي
يعتبر الظهير
الشريف رقم 30. 69. 1
الصادر بتاريخ 10 جمادى الأولى 1389 الموافق ل 25 يوليوز 1969 القانون الأساسي
المنظم للأراضي الجماعية الواقعة بدوائر الري والذي يتكون من واحد وعشرون فصلا،
ويهدف بالأساس إلى تحسين وتنمية الزراعات وتربية المواشي داخل دوائر الري، وكذا
تمكين أعضاء الجماعة الذين يستغلون الأراضي إلا بصفة مؤقتة، من الاستقرار الضروري
واستغلال معقول وتجهيز القطعة الأرضية المعهود بها إليه بصفة دورية، وكذا تحديد
الكيفيات التي يتأتى بها استقرار العقارات الجماعية الواقعة بدوائر الري والتي
ستتخذ أساسا لتحقيق استثماراتهم[78]
وقد جاء في هذا الظهير بتغير أساسي على الملكية الجماعية بحيث حولها الى
ملكية خاصة مشاعة بين ذوي الحقوق الجماعية، ثم إلى ملكية فردية، ذلك أن الفصل
الثاني منه نص على أن "الأراضي الجارية عليها مقتضيات ظهيرنا الشريف تعتبر
ابتداء من تاريخ نشره مشاعة بين الأشخاص الذين يتوفرون في هذا التاريخ على صفة ذوي
الحقوق"[79]
وتسري مقتضيات هذا الظهير على الأراضي الجماعية الواقعة كلا أو بعضا داخل
دوائر الري المشار إليها في الفصل 5 منه، ويستثنى من تطبيق هذا الظهير الأراضي
الجماعية التي أجرت بشأنها كلا أو بعضا قسمة يترتب عنها تخويل حق مستمر في
الانتفاع طبقا لمقتضيات الفصل الرابع من الظهير المؤرخ في 6 رجب 1337 الموافق لـ
27 أبريل 1919 والنصوص الصادرة بتطبيقه.
وكذا الأراضي الجماعية التي أجرت بشأنها كلا أو بعضا قسمة من طرف مصالح
الاستثمار الفلاحي والتي توضع لائحتها بقرار مشترك لوزير الداخلية ووزير المالية
ووزير الفلاحة والإصلاح الزراعي[80] (قرار
مشترك رقم 16. 69 بتاريخ 25 يوليوز 1969 بتطبيق الفصل الأول من الظهير الشريف رقم
69- 1 الصادر بتاريخ 10 جمادى الأولى 1389 الموافق لـ 25 يوليوز1969 بشان الراضي
الجماعية الواقعة في دائرة الري.
وقد أوجب هذا الظهير على مندوبي كل هيئة جماعية أن تضع لائحة لدوي الحقوق،
وأن لا يدرج في هذه اللائحة أعضاء الجماعات الذين فقدوا حقهم في العقار الجماعي
على إثر منحهم قطعة أرضية من ملك الدولة، طبقا لمقتضيات ظهير 29 دجنبر 1972([81]) الذي
بمقتضاه تم منح بعض الفلاحين أراضي فلاحية أو قابلة للفلاحة من ملك الدولة الخاص،
ذلك حتى لا يستفيد هؤلاء من قطعة فلاحية مشاعة ويحرم من لم يستفذ منها.
وقد جاء هذا الظهير بطريق خاصة لنقل الإرث وذلك لتجنب تكاثر الملاكين على
الشياع والتي تقضي بانتقال الحصة المشاعة إلى أحد الورثة الذي يتم اختياره إما
بالإتفاق مع باقي الورثة، أو بتدخل من مجلس الوصاية، على أن يؤدي للورثة الآخرين
قيمة حقوقهم.[82]
كما تطرق الفصلان الثاني عشر والثالث عشر إلى إمكانية تجزئة العقار الجماعي
المعني بصفة كلية أو جزئية بقرار مشترك لوزير الداخلية ووزير الفلاحة، بكيفية
تساعد على منح كل ذي حق قطعة أرضية تعادل مساحتها حصته على الشياع ويجب أن يؤدي
هذه التجزئة إلى خلق مؤسسات استغلال تعادل مساحتها خمس هكتارات على الأقل، يصبح
صاحب هذه القطعة بعد تسليمها له مالكها[83] أما جزء
العقار المطابق لحصص الملاكين على الشياع والتي تقل مساحتها عن خمس هكتارات فيبقى
مالكا على الشياع لذوي الحقوق غير الأفراد المسلمة إليهم قطعا أرضية.
رابعا: الرسالة الملكية بخصوص تمليك الأراضي
السلالية المسقية
وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس رسالة سامية إلى المشاركين في المناظرة
الوطنية حول موضوع " السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية
والاجتماعية" التي انعقدت يومي 8 و9 دجنبر 2015، حيث جاء في الرسالة التي
تلاها مستشار جلالة الملك السيد عبداللطيف المنوني "يطيب لنا أن نتوجه إلى
المشاركين في هذه المناظرة الوطنية الهامة، حول موضوع "السياسية العقارية
للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي أبينا إلا أن نضفي عليها
رعايتنا السامية اعتبارا للمكانة الأساسية التي يتبوؤها قطاع العقار في دينامية
التنمية الشاملة التي تشهدها بلادنا... وفي هذا الصدد، ندعوا إلى تضافر الجهود من
أجل انجاح عملية الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري لفائدة ذوي الحقوق، مع
مجانية هذا التمليك...[84]
وفي هذا الصدد فقد خلف القرار الملكي ارتياحا كبيرا في الأوساط الحقوقية،
خصوصا الفئات الاجتماعية المتضررة، من جراء المشاكل التي كان وما يزال يطرحها قطاع
العقار بالمغرب، فيما يتعلق بأراضي الجموع، وخصوصا وإن هذا التمليك سيكون بشكل
مجاني أي دون أن يؤدي ذوي الحقوق ثمن رسوم التسجيل والتحفيظ العقاري.
وتنفيذا لهذه الرسالة الملكية السامية فقد وجه السيد وزير الداخلية دورية
إلى كل من السادة ولاة الجهات وعمال الأقاليم والعملات بتاريخ 18 يناير 2016 والتي
جاء فيها "وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية المضمنة بالرسالة الملكية
الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية... وإني أذكركم بمضامين الرسالة
الملكية وخاصة من جانبها المرتبط بأراضي الجماعات السلالية ادعوكم الى بلورة مخطط
عمل محدد في الزمن من أجل أجرأة وتنفيذ هذه التوجيهات الملكية السامية...[85]
وقد تمحورت هذه الدورية حول مجموعة من المحاور منها التشريع في وثيرة
التحفيظ باعتباره من الأولويات التي يجب التطرق إليها وذلك عن طريق الضبط الدقيق
والشامل لمختلف الأوعية العقارية الجماعية على مستوى كل إقليم، وكذا اجرأة مقتضيات
اتفاقية الشراكة الموقعة خلال شهر أكتوبر 2015 بين السيد وزير الداخلية والسيد
المحافظ العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح الخرائطية، وكذا تفصيل
دور اللجنة الإقليمية المكلفة بتصفية الوضعية القانونية لأراضي الجموع والسهر على
اعادة تقارير شهرية حول نتائج عملها، كما نبه السيد وزير الداخلية إلى ضرورة ضبط
العنصر البشري وتأهيل النواب من خلال الإسراع في امداد لوائح ذوي الحقوق من
الجماعات السلالية التابعة لنفوذ جماعة ترابية، وفقا للضوابط القانونية المحددة في
الدورية الوزارية عدد 51 الصادرة بتاريخ 14 ماي 2007 كما أهاب السيد الوزير إلى
ضرورة تمليك الأراضي الفلاحية الواقعة داخل دوائر الري، الصادر بتاريخ 25 يوليوز
1969.
كما دعت الرسالة الملكية إلى ضرورة تظافر الجهود من أجل انجاح عملية تمليك
الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري لفائدة ذوي الحقوق بشكل مجاني[86]
الفقرة
الثانية: النصوص المتعلقة باستغلال وتدبير أراضي الجموع
نظرا للأهمية
الاجتماعية والاقتصادية التي تحتلها الأراضي الجماعية، وبغية الحفاظ على مكانتها
داخل المنظومة العقارية، قام المشرع بإصدار مجموعة من النصوص القانونية والتي ترمي
إلى ضبط تدبير وتقسيم أراضي الجموع (أولا) وكذا كرائها (ثانيا).
أولا: دلائل تفويت وتقسيم أراضي الجموع
إن المشرع
المغربي ورغبة منه في حماية الأراضي الجماعية وحصر منفعتها في الجماعية التي لها
الحق فيها، فإنه أقر مبدأ عدم قابلية هذه الأراضي للتفويت أو الحجز أو الاكتساب
بالتقادم، حيث نص الفصل الرابع من ظهير 27/ 04/ 1919 في فقرته الأولى على "أن
الأراضي الجماعية غير قابلة للتقادم ولا للتفويت والحجز" وإذا كانت مبدأ عدم
جواز تفويت الأراضي من أكثر المبادئ رسوخا في نظام الأراضي الجماعية، فإن لهذه
القاعدة استثناء تم التنصيص عليه في الفصل 11 من نفس الظهير[87]
كما أصدر السيد وزير الداخلية بتاريخ 24 غشت 2010 الدورية رقم 42 وجهها لكل
من السادة ولاة جهات وعمالات وأقاليم المملكة تتعلق بتفويت الأراضي التابعة
للجماعات السلالية، حيث أكد من خلالها على ضرورة السهر على التطبيق الفعلي
لمقتضيات الدورية الوزارية عدد 4774 المؤرخة في 13 يونيو 2004، مع الأخذ بعين الاعتبار
الملحقات 1 و2 و3 المرفقة طيه، كما أكد أيضا على أن تفويت العقارات الجماعية يجب
أن يتم في إطار الحفاظ التام على مصالح الجماعات السلالية وأرادها علاوة على
التأثيرات الإيجابية للمشاريع المزمع انجازها فوق العقارات المفوتة على الحركة
الاقتصادية والاجتماعية محليا وجهويا ووطنيا.
كما نبه السيد الوزير على ضرورة ارفاق ملفات هذه الطلبات ببعض المعطيات،
وذلك من أجل تسهيل اتخاذ القرار بشأن طلبات الاقتناء التي ترد على مؤسسة الوصاية
وذلك على الشكل التالي:
-
نوعية المشروع
المزمع انجازه، محتوياته مكوناته.
-
تأثيرات هذا المشروع
على محيطه المحلي والوطني.
-
التركيبة
المالية للمشروع ومصادر تمويله
-
المدة الزمنية
المحددة لإنجاز المشروع.
-
فرص الشغل
التي سيحدثها المشروع خلال وبعد انجازه ومدى استفادة ذوي الحقوق منها.
-
المراجعة
العقارية للوعاء العقاري ووثائق التعمير المتعلقة به.
-
عدد ذوي حقوق
الجماعات السلالية وكذا الأشخاص الغير المنتسبين لها القاطنين أو المستغلين للعقار
موضوع التفويت.
-
المصير المخصص
لذوي حقوق الجماعة السلالية والأشخاص الغير المنتسبين لها المتواجدين فوق العقار
المعني بالعمليات العقارية[88]
-
وإذا كان الفصل الرابع من ظهير 27 أبريل 1919
نص على أنه "تؤهل جمعية المندوبين لتوزيع الانتفاع بصفة مؤقتة بين أعضاء
الجماعة حسب الأعراف وتعليمات الوصاية" فإنه لم يحدد طريقة تقسيم الانتفاع
بين أعضاء الجماعة وترك الأمر للأعراف والتقاليد، وأمام غموض هذا النص وعدم تحديد
الشروط الواجب توافرها للاستفادة من القسمة وكيفية تقسيمها فقد بادر المشرع إلى سد
هذه الثغرة عن طريق إصدار نصوص تنظيمية لهذا الغرض نذكر منها ما يلي: ([89])
-
الضابط رقم 2977 المؤرخ في 13 نونبر 1957
المتعلق بتقسيم الأراضي الجماعية والذي عمل على تحديد الشروط الواجبة لقسمة الأرض
الجماعية مؤقتا بين أفراد الجماعة السلالية وأيضا على تحديد الطرق والكيفيات التي
ستتم بها هذه القسمة.
-
القرار الوزاري المؤرخ في 14 غشت 1945
والمتعلق بضبط تدبير الأملاك المشتركة التي وقعت في شأنها قسمة على وجه المنفعة
المؤبدة، والذي بمقتضاه تم تحديد شروط وكيفيات إجراء القسمة التي تخضع لها الأراضي
الجماعية يشكل نهائي بين أفراد الجماعة السلالية، والتي تسفر عن منع حق الانتفاع
الدائم بها الى
هؤلاء.
وهكذا وبالرجوع إلى الضابط رقم 2977 المذكور
أعلاه، وخاصة الفقرة الأولى من الفصل 1 منه، نجدها تنص على أن رؤساء العائلات لهم
الحق في الحصول على حظوظ متساوية المساحة، إلا إذا كان نوع التراب يؤدي بالجماعة
إلى تقرير أن تكون الحظوظ الواقعة في التراب الجيد أصغر مساحة من الأخرى.
ثانيا: دليل كراء أراضي الجموع
يلعب الرصيد العقاري الذي تتوفر عليه
الجماعات الأصلية دورا فعالا في تجريك وثيرة النشاط الاجتماعي والاقتصادي للبلاد،
حيث أصبحت هذه الأراضي محل اهتمام العديد من المستثمرين الذين يرغبون في كراء هذه
العقارات.
لذا فقد قامت مصالح الوصاية في شتنبر 2012 بوضع دليل لتحديد الشروط والطرق
الإدارية والتقنية لعملية كراء أراضي في ملك الجماعات الأصلية لفائدة أشخاص ذاتيين
ومعنويين، وذلك في إطار البحث الدائم عن الاستغلال الأنجح وتحسين مداخيل ومستوى
عيش الجماعات المالكة[90]
وقد أكد هذا الدليل على أن كراء الأراضي الجماعية يتم عن طريق طلب العروض
الذي يطبق على الأراضي المحصية من طرف المديرية والتي تهـم كل من الأراضي الفلاحية
والأراضي التي يمكن استغلالها لأغراض تجارية، صناعية أو خدماتية وكذا المقالع أو
الأراضي محل الاستغلالات المختلفة موضوع تنازل أو فسخ أو تلك موضوع عدة طلبات من
طرف المستثمرين على المستوى المحلي كما تخضع كل عملية كراء بواسطة طلب العروض
لدفتر التحملات الذي يتم وضعه من طرف مصالح الوصاية، والذي ينص بالإضافة الى شروط
الكراء والتزامات طرفي العقد (المكري والمكتري) على حد أدنى من الاستثمارات التي
يتعين انجازها.
وتشرف على عملية طلب العروض لجنة تتكون من:
-
السلطة الإقليمية أو من يمثلها: رئيسا
-
السلطة المحلية
-
ممثل الوصاية
-
ممثل عن المصالح المعينة بالعمالة (قسم
الشؤون القروية)
-
نائب أو نواب الجماعة السلالية المعنية.
-
ممثلوا المصالح الإقليمية الخارجية المعنية،
حسب طبيعة المشروع.
وتكلف هذه اللجنة بفتح الأظرفة وإعداد محضر يتضمن جميع
المعلومات المتعلقة بمراحل عملية طلب العروض
وفي حالة الموافقة على ملك الكراء من طرف اللجنة
المعنية، يتم إحالته على مصالح الوصاية داخل أجل 15 يوم من تاريخ توقيع المحضر
المعد لذلك مدعما برأي السيد العامل، وبعد دراسة الملف من طرف مصالح الوصاية
والموافقة عليه، تقوم هذه الأخيرة بتوجيه رسالة في هذا الاتجاه الأولى الى المعني
بالأمر والثانية إلى مصالح العمالة في أجل لا يتعدى 15 يوم من تاريخ التوصل بملف
الكراء[91]
كما يمكن
كراء الأراضي الفلاحية الجماعية التي لا تتطلب انجاز مشاريع استثمارية عن طريق
السمسرة العمومية، حيث تتم برمجة عملية السمسرة من طرف المصالح المعنية التابعة
للوصاية التي تقوم بالاطلاع السلطة المحلية بذلك عن طريق العمالة قبل 30 يوم على
الأقل من تاريخ إجراء العملية مع تحديد موضوع الكراء، المكان، والتاريخ والساعة،
ويتعين على السلطة المحلية تخصيص اشهار واسع لها.
وتتم هذه
السمسرة تحت لجنة مكونة من:
§
السلطة المحلية؛ رئيسا
§
ممثل الوصاية ( عند الاقتضاء)
§
ممثل عن المصالح المعنية بالعمالة (قسم
الشؤون القروية)
§
نائب أو نواب الجماعات السلالية.
ويتعين على رئيس اللجنة أن يتأكد من هوية المشاركين من
خلال الإدلاء بطاقات تعريفهم وذلك قبل انطلاق عملية السمسرة، وكذلك أن يوضح لهم ما
يلي:
v وصف العقار موضوع الكراء (محتوياته، طبيعته، توابعه...)
v المدة الكرائية
v العرض المقترح (بالدرهم للهكتار سنويا)
v رسوم السمسرة على المزايد الذي يقدم اكبر عرض.
v تقديم شيك بنكي باسم السيد وزير الداخلية للرئيس اللجنة من طرف الفائز
المؤقت الذي رست عليه السمسرة، يتعلق بأداء واجب الكراء عن السنة الكرائية الأولى
بما في ذلك نسبة 10 في المائة التي تمثل واجب الصوائر الإدارية[92]
وتجدر الإشارة إلى أن مدد كراء الأراضي
الجماعية تختلف بحسب طبيعة المشروع واهميته، فبالنسبة للأراضي الفلاحية فإنها على
الشكل التالي:
-
ثلاث سنوات تجدد لفترة كرائية واحدة مماثلة
بالنسبة للزراعات الموسمية.
-
اثنا عشر سنة (على الشكل الآتي: ثلاث سنوات
تجدد لثلاث فترات مماثلة) بالنسبة للمزروعات داخل البيوت المغطاة والمشاتل إذا
فاقت المساحة المخصصة لها 50 في المائة من المساحة الاجمالية موضوع الكراء.
-
ونفس المدة بالنسبة للمشاريع المتعلقة بتربية
المواشي، وكذا الأراضي المغروسة بأشجار الفواكه
-
30 سنة (على الشكل التالي؛ ثلاث
سنوات تجدد لخمس فترات مماثلة) بالنسبة لأشجار النخيل إذا فاقت المساحة المخصصة
لها نسبة 50 في المائة من المساحة الاجمالية موضوع الكراء.
هذا بالنسبة للأراضي الفلاحية أما بالنسبة للأراضي ذات
الاستعمال التجاري فتحدد ذلك على الشكل التالي:
-
ما بين 9 و18 سنة حسب أهمية المشروع وذلك على
3 سنوات تجدد لفترات كرائية مماثلة.
-
3 سنوات على الأقل بالنسبة
للاحتلالات المؤقتة
-
ثلاث سنوات تجدد لسبع فترات كرائية مماثلة
بالنسبة للعقارات المستغلة في انتاج الطاقة الريحية.
أما بالنسبة للمقالع فتحدد مددها على الشكل التالي:
ü ما بين 3 و9 سنوات بالنسبة للمقالع
ü ونفس المدة بالنسبة للأراضي المستغلة في البحث عن المعادن.
ü
18 سنة (على الشكل التالي؛ ثلاث
سنوات تجدد لخمس فترات مماثلة. بالنسبة للمقالع المرتبطة ببناء وحدات عصرية لإنتاج
الآجور والزليج والتي تتطلب استثمارا مهما.
ü
30 سنة على الشكل التالي؛ ثلاث
سنوات تجدد لتسع فترات مماثلة[93]
كما تحديد السومة الكرائية لهذه العقارات
بحسب الطرق المعمول بها في الكراء، حيث يطبق على طلبات العروض، وكذا السمسرة الثمن
المقترح من طرف المشارك الذي حظي بالموافقة النهائية لمصالح الوصاية، أما بالنسبة
للكراء بالتراضي فيطبق عليه الثمن النهائي المحدد من طرف الوصاية، وذلك انطلاقا من
الثمن المقترح من طرف اللجنة الإقليمية المكلفة بدراسة ملفات الكراء.
ومن أجل السهر على تتبع الإنجازات المرتقب
تحقيقها وصيانتها من طرف المستثمرين، يتم القيام بعمليات المراقبة من طرف لجان
مركزية أو إقليمية حسب أهمية المشروع ومساحة العقار، طبقا للنموذج.
المطلب
الثاني: الهيئات المؤسساتية المتدخلة في تدبير وتنظيم أراضي الجموع.
لقد صدرت مجموعة من النصوص القانونية
والتنظيمية التي توضح المنهجية المعتمدة في تدبير أراضي الجموع وكيفية استغلالها، لكن
فعالية هذه النصوص ونجاعتها في ضمان السير الأمثل لهذه الأراضي بالإضافة الى
الأعراف السائدة يظل رهين بجدارة الهيئات القائمة على هذا التسيير، ومستوى الموارد
البشرية المكونة لها[94]
وللتوسع في
هذا المطلب أكثر سنعمل على دراسة هذه الهيئات من خلال السيد وزير الداخلية
باعتباره وصي الجماعات السلالية (الفقرة الأولى) ثم سنعرج بعد ذلك للحديث عن
الهيئات النيابية للجماعات السلالية (الفقرة الثانية).
الفقرة
الأولى: السيد وزير الداخلية باعتباره وصي عن الجماعات السلالية
لقد نص الفصل الثالث من ظهير 27 أبريل 1919
الذي تم تعديله في 28 يوليوز 1956 على أنه يعهد بالوصاية على الجماعات إلى وزير
الداخلية (أولا) والذي يصوغ له دائما أن يستشير مجلس الوصاية (أولا) الذي يجب على
الوزير جمعه في الأحوال التي تقتضي تدخله، إلا أن هذه الوصاية تمارس عمليا من طرف
مدير الشؤون القروية بوزارة الداخلية (ثانيا)
أولا: مجلس الوصاية باعتباره أعلى هيئة مشرفة على تدبير
أراضي الجموع
لقد نص الفصل
الثالث من ظهير 1919 الذي تم تعديله 28/ 7/ 1956 على أنه يعهد بالوصاية على
الجماعات إلى الوزير الداخلية، والذي يمكنه دائما أن يستشير مجلس الوصاية متى
اقتضت الضرورة ذلك.
-
ويتكون هذا المجلس من وزير الداخلية بصفته
وصيا ورئيسا أو نائبه.
-
وزير الفلاحة والغابات (وزير الفلاحة والصيد
البحري حاليا)
-
مدير الشؤون السياسية بوزارة الداخلية أو
نائبه (المدير العام للشؤون الداخلية حاليا)
-
مدير الشؤون الإدارية بوزارة الداخلية أو
نائبه
-
عضوين اثنين يعينهما وزير الداخلية.
وفي السياق ذاته نجد أن هذه التركيبة كانت محل نقاش أمام
اللجنة الثالثة في إطار المناظرة الوطنية حول الأراضي الجماعية التي خرجت بتوصيات
عديدة من بينها الدعوة إلى تعديل تشكيل مجلس الوصاية، وذلك باقتراح حضور وزير
العدل أو من ينوب عنه، وثلاث نواب على الأقل يتم اختيارهم من بين نواب الجماعات،
الى جانب وزير الداخلية أو نائبه، ووزير الفلاحة، ومدير الشؤون القروية بوزارة
الداخلية[95]
زيادة على
هذا ذهب جانب من الفقه إلى ضرورة تضمين التشكيلة إلى جانب أعضائها أيضا مستشارا من
أحد المحاكم الاستئنافية على أساس أن مجلس الوصاية ينظر في الطعون المرفوعة ضد
القرارات النيابية كدرجة استثنائية[96]
كما أشارت اللجنة الثالثة في إطار المناظرة
الوطنية حول الأراضي الجماعية كذلك ضمن توصياتها إلى ضرورة إحداث مجلس وصاية على
صعيد كل إقليم، يعهد إليه على الخصوص البث النهائي في النزاعات المتعلقة
بالاستغلال بين ذوي الحقوق ومنح الإذن بالترافع أمام المحاكم لمن يمثل الجماعة
فيما يبقى لمجلس الوصاية المركزي البث واتخاذ القرارات في الاختصاصات المنوطة به[97]
إلا أنه من وجهة نظري؛ أرى أنه في ظل التحولات التي يعيشها المجتمع المغربي
حاليا أصبح المنطق يقتضي عدم التعامل مع أراضي الجموع بمنطق الوصاية لأن هذه
الأخيرة ليست إلا من مخلفات الاستعمار الذي تعامل مع المواطنين باعتبارهم قاصرين
ولا يعرفون مصالحهم، وبالتالي فلا معنى للاستمرار هذه المجالس أصلا لأنها في آخر
المطاف لن تساهم إلا في جمود هذا الوعاء العقاري، وحصر تداوله في السوق العقارية،
وهو ما يشكل خسارة كبيرة للاستثمار والاقتصاد الوطني بشكل عام.
كما أنه بالاطلاع على تشكيلة المجالس الجهوية
التي أشارت إليها اللجنة الثالثة في إطار المناظرة السالفة الذكر، يلاحظ أنها تضم
ضمن تركيبتها رئيس الغرفة الفلاحية أو من ينوب عنه، ونحن نعلم أن أعضاء الغرفة
الفلاحية قد يكونوا ينتمون إلى أحزاب سياسية وطنية، الشيء الذي لا ينسجم ومنطق منح
هذا العضو الحق في المشاركة بالنظر في الطعون المعروضة على مجلس الوصاية، لأن منطق
العدالة يقتضي أن يكون القاضي محايدا، إضافة إلى أن خلق مجلس وصاية إقليمي يطرح
تساؤلات عديدة من بينها: هل تعتبر قرارات هذا الأخير نهائية أم هي قابلة للطعن
أمام مجلس الوصاية المركزي؟ وهل تمنح له جميع الاختصاصات الموكولة إلى مجلس
الوصاية الحالي، أم أن اختصاصاته تنحصر في النزاعات الجارية بين ذوي الحقوق؟[98]
لذا يمكن القول أن قرار إحداث مجلس وصاية إقليمي سوف
يزيد في إعاقة ايجاد الحلول للنهوض بأراضي الجموع ليس إلا، ويمكن تلخيص اختصاصات
مجلس الوصاية فيما يلي:
-
الإذن بتقسيم الأراضي الجماعية برسم الانتفاع[99]
-
المصادقة على كل معاملة تجري بين الجماعات أو
ممثلها وبين الغير[100]
-
الإذن للجماعات بإقامة أو تأييد الدعاوي
العقارية قصد المحافظة على مصالحها الجماعية.
-
الإذن للجماعات بتقديم مطلب التحفيظ[101]
-
الموافقة على توزيع الأملاك الجماعية كلا أو
بعضا على رؤساء عائلات الجماعة إذا طلبت الجماعة ذلك صراحة.
-
تعيين الفرد المسلمة إليه القطعة الأرضية
المخلفة عن الهالك المتنازع عليها بين الورثة حسب الفصل الثامن من ظهير 25 يوليوز
1969 المتعلق بالأراضي الجماعية المتواجدة داخل الدوائر السقوية.
-
البث في الطعون المقدمة ضد مقرارات جمعية
المندوبين.
بقي أن نشير في الأخير إلى أن مجلس الوصاية ينعقد
بناء على استدعاء من وزير الداخلية لأجل النظر في الملفات المعروضة عليه، ويجري البحث
في مختلف الأوراق والتحقق في كل قضية على حدة، مع توقيع جميع أعضائه عن مختلف القرارات
الصادرة عنه، ويساعد المجلس في اجتماعه كاتب يعينه وزير الداخلية، ويحرر قراراته[102]
ثانيا: مديرية
الشؤون القروية وأقسام الشؤون القروية بالعمالات
تمارس مديرية شؤون القروية مهام الوصاية باسم
وزير الداخلية على الجماعات السلالية من خلال منظور يتوخى التنمية البشرية لذوي الحقوق،
ويندرج عمل المديرية في سياق دعم العمل الحكومي في العالم القروي في إطار التنسيق بين
القطاعات الوزارية، وتعمل المديرية في هذا الإطار على التنسيق بين التدخلات التي تقوم
بها الوزارة في مجال التنمية القروية بين المستويين المركزي والترابي ودعم تتبع مشاريع
التنمية البشرية المستدامة.
وتتميز هيكلة مديرية
الشؤون القروية بتنظيم وظائف يحتوي على خمسة أقسام و17 مصلحة تعكس طبيعة المهن الأساسية
للمديرية وهم كالتالي:
بالنسبة للأقسام المديرية
§
قسم الانظمة المعلوماتية
والتواصل
§
قسم الشؤون الإدارية
والمالية
§
قسم المشاريع والتنمية
القروية
§
قسم الشؤون العقارية
والقانونية
§
قسم تتمين الممتلكات
الجماعية
§
بالنسبة لمصالح
المديرية
§
مصلحة المراقبة
والاختصاص
§
مصلحة المعلومات
الجغرافية
§
مصلحة الاستقبال
والتواصل
§
مصلحة المعلوميات
§
مصلحة الحسابات
§
مصلحة التحصيل
§
مصلحة الموظفين
والوسائل اللوجيستيكية.
§
مصلحة البرمجة،
التتبع والانجازات
§
مصلحة الدراسات
وتتبع الظرفية
§
مصلحة البنيات
الزراعية
§
مصلحة الشؤون القانونية
والتنظيمية
§
مصلحة المحافظة
على الممتلكات الجماعية
§
مصلحة الاستغلالات
الفلاحية والغابوية
§
مصلحة الاستغلالات
التجارية والصناعية
§
مصلحة المعاملات
العقارية
§
مصلحة المقالع.
وتعرف ادارة هذه
المديرية منذ سنة 2004 دينامية وحركية مسترسلة من أجل تطوير منهاجياتها وآليات عملها
لتشريع وثيرة اداءها في البث في أكبر عدد من الملفات المتعلقة بالزراعات وعقود الأكرية
والتفويتات والشراكات وغيرها مت طرق التدبير.
وكما تمت الاشارة
سابقا فإن مديرية الشؤون القروية لا تتمتع باختصاصات ذاتية، وإنما تمارسها باسم وزير
الداخلية وبتفويض منه، لذلك فإن أغلب الاختصاصات تمارس من طرف السيد مدير مديرية الشؤون
القروية بالتفويض، إذ نجد أن هذا الآخر هو الذي يصادق على أغلب التصرفات القانونية
التي تقام فوق أراضي الجموع ، كتوقيع عقود الكراء، أو منح الإذن بالترافع للنواب الجماعيين،
أو المصادقة على المشاريع التي تنجز بتمويل من صندوق الجماعات السلالية، بالإضافة إلى
تزكية تصرفات النواب الجماعيين ضد مطالب التحفيظ الخاصة لدى المحاكم[103]
كما تلعب أقسام الشؤون القروية على مستوى العمالات
أدوارا مهما في تدبير وتنظيم أراضي الجموع وتحت اشراف السادة العمال، حيث نجد أنها
تتوفر على اختصاصات جد مهمة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
-
تعيين وعزل نواب
الجماعات السلالية بقرارات عاملية
-
ترأس اللجنة الإقليمية
المكلفة بدراسة ملفات كراء الأراضي الجماعية.
-
رأس اللجنة الإقليمية
المكلفة بتحديد قيمة العقارات الجماعية موضوع طلبات الاقتناء.
-
منح شواهد اكتساب العقار للصبغة الجماعية.
-
ابداء الرأي الملزم بالنسبة لمنح الشواهد الإدارية
بانتفاء الصبغة الجماعية والمحبسة والمخزنية عن العقارات.
-
ابداء الرأي بخصوص
منح الإذن بالترافع لنواب الجماعات السلالية.
-
اقتراح المجلس التي يتم انجازها لفائدة السلاليين
بتمويل من صندوق الجماعات السلالية أو صندوق التضامن.
-
ابداء الرأي حول
التصرفات التي تقدم من طرف الهيئة النيابية ضد مطالب التحفيظ الخاصة.
هذا مع الإشارة
الى كون أن المصالح المركزية للشؤون القروية غالبا ما تتبنى مقاربة الأقسام القروية
بالعمالات على المستوى الإقليمي في كل ما يتعلق بتدبير الأراضي الجماعية، على اعتبار
أنهم أقرب الى الجماعات السلالية والأدرى بمصالحهم ومتطلباتهم[104].
الفقرة الثانية: الهيئات النيابية للجماعات
السلالية
تعتبر الأملاك الجماعية بموجب ظهير 27 أبريل
1919 كما وقع تغييره وتتميمه، ملكا خاصا لمجموعات سلالية منبثقة من القبائل أو الفخدات
والدواوير المنتمية إليها، حيث تستأثر باستغلالها والاستفادة من ريعها تحت وصاية وزارة
الداخلية، وفي هذا الصدد ينص الفصل الثاني من نفس الظهير على أن تمثيل الجماعات السلالية
يتم عن طريق أشخاص يعينون من طرف جماعتهم،
ويشكلون ما يعرف بجمعية النواب والمندوبين[105]
ولدارسة هذه المؤسسة
بشكل جيد لا بد من تحديد الضوابط المتعلقة باختيار نواب الجماعة السلالية وحالات عزلهم
(اولا) وكذا الاختصاصات المنوطة بهم (ثانيا)
أولا: ضوابط اختيار نواب الجماعات السلالية وحالات
عزلهم
نظرا لأهمية الأدوار
الملقاة على عاتق نائب الجماعة السلالية باعتباره يمثل الجماعة السلالية أمام مختلف
الإدارات والمؤسسات العمومية، ويقوم بالدفاع على مصالحها أمام مختلف محاكم المملكة
وتمثيلها في مختلف النزاعات الناشئة بمناسبة الاستغلال او الانتفاع بالأراضي التي تملكها
سواء بينها وبين الأخيار، أو بين أفراد الجماعة السلالية نفسها، وفي هذا الإطار حددت
وزارة الداخلية الشروط التي يتطلب استيفاؤها فيما يلي:
ü أن يكون منتسبا للجماعة السلالية
ü أن يكون مسجلا بلائحة ذوي الحقوق بالجماعة السلالية.
ü أن يكون مقيما بصفة مستمرة بالجماعة السلالية.
ü أن يكون مشهودا له بالقدرة البدنية والفكرية.
ü أن يكون مشهودا له بالأخلاق الحميدة وبالشرف والنزاهة والاستقامة.
ü أن لا يكون أميا ويحسن القراءة والكتابة باللغة العربية.
ü أن يكون ملما بممتلكات الجماعة السلالية وبأعرافها وتقاليدها.
ü أن لا يقل سنه عن 30 سنة ولا يتجاوز 70 سنة.
ü أن يكون منعدم السوابق العدلية وغير محكوم عليه من أجل جرائم
عمدية.
ü أن لا تكون له منازعات قضائية مع أعضاء الجماعة السلالية
بخصوص الممتلكات وتدبيرها[106]
وتجدر الإشارة إلى أنه وبالرغم من التنصيص على
هذه الشروط فإنه في الغالب الأعم لا يتم احترامها فيما يخص شرط الإلمام بالقراءة والكتابة،
حيث نلاحظ غالبية نواب الجماعات السلالية أميين، كما أن الشرط في حد ذاته ليس كافيا على اعتبار أن مجرد الإمام
بالكتابة ليس من شأنه لوحده أن ينفع نائب الجماعة السلالية في القيام بمهامه المنوطة
به، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار دقة بعض المهام التي يقوم بها كإجراءات التحفيظ
العقاري لأراضي الجموع، والتصرفات وإجراءات التحديد الإداري التي يصعب الإلمام بها
حتى للمتخصصين، الأمر الذي يؤدي الى ضياع حقوق عديدة على الجماعات السلالية نتيجة عدم
المام، وتمكن نواب الجماعات السلالية من بعض الإجراءات القانونية الواجب القيام
بها أمام مختلف الإدارات العمومي.
واعتبارا لما سبق فإن المسؤولية هنا ملقاة على عاتق سلطة الوصاية في تكوين
جماعة النواب في الميادين التي يمارسون فيها مسؤولياتهم.
كما أن الشرط الذي يحدد السن في 30 سنة لتولي مهمة نائب الجماعة هو شرط
مجحف على اعتبار أن الغالبية الساحقة من الفئة العمرية التي تتجاوز 30 سنة غير
متعلمة، كما أن هذا الشرط يقصي فئة الشباب التي تتمتع بالقدرة والنشاط في متابعة
كل مشاكل الجماعة السلالية القانونية والاجتماعية بقدر كبير من الحيوية[107].
كما أن انتهاء مهام نواب الجماعة تكون على أشكال
مختلفة بعضها مرتبطة بعدم رغبة
النائب في الاستمرار في أداء مهامه التي
انتخب من أجلها والبعض الآخر مرتبط بانتهاء مدة انتخابه، فيما البعض الآخر له
علاقة بظروف خارجة عن إرادة النائب.[108]
ويمكن تحديد أسباب انتهاء ولاية نواب
الجماعة السلالية فيما يلي:
-
الاستقالة
-
مرور مدة
ولاية النائب المحددة في ست سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة.
-
الوفاة
أما عن أسباب العزل فيمكن اجمالها استنادا
إلى دليل نائب الأراضي الجماعية في المسائل التالية:[109]
-
رفض تنفيذ
قرارات مجلس الوصاية.
-
انتفاء أحد
شروط أهلية التعيين أو الانتخاب أثناء المزاولة لمهامه.
-
اعتماد مواقف
سلبية دون أدنى مبررات في الدفاع عن حقوق الجماعات السلالية.
-
تغيب النائب
عن الاجتماعات المتعلقة بدراسة أمور تهم الجماعات السلالية ثلاث مرات متتالية أو
منقطعة دون وجود سبب مشروع.
-
تسليم الشواهد
التي تنفي الصبغة الجماعية دون مبرر قانوني.
-
القيام
بمعاملات عقارية غير قانونية من تفويتات وكراءات.
-
عدم التبليغ
الفوري بالترامي الواقع على العقارات الجماعية وتقديم الشكايات من أجلها للنيابة
العامة.
-
صدور أحكام
قضائية جنائية نهائية من أجل جرائم عمدية
-
عدم التبليغ
بالأحكام القضائية الصادرة لفائدة الجماعة السلالية، وعدم اتخاذ المتعين بشأنها
داخل الأجل القانوني.
إلا ان توفر هذه الأسباب لا يعني العزل
مباشرة بل يتم اتباع مسطرة خاصة([110]) تبتدأ
بتوجيه رجل السلطة استفسار للمعنيين بالأمر، أو القيام بتوجيه انذار أو توبيخ عند
عدم تبرير المخالفة، وفي حالة عدم امتثاله أو عدم تقديمه تفسيرا لسلوكه، يشرع في
سلوك مسطرة العزل في حقه من طرف الهيئة التي قامت بانتخابه أو تعينه، وذلك بطلب من
السلطة المحلية، ليتم تحرير تقرير من طرف هذه الأخيرة يضم الأسباب الحقيقية
والفعلية المؤدية لعزل النائب.
بعد
اتمام هذه الإجراءات، يتم احالة التقرير السابق ذكره على قسم الشؤون بالعمالة
المعنية مرفوقا بكافة الوثائق من أجل البث فيه من طرف السيد العامل، الذي تبقى له
صلاحية البث في مضمون التقرير، من أجل استصدار قرار عاملي بالعزل النهائي، يبلغ
هذا القرار إلى النائب المعني بالأمر ليتسنى له الطعن فيه أمام القضاء الإداري، مع
تزويد كل من السلطة المحلية ومديرية الشؤون القروية بنسخة مماثلة، والاحتفاظ بنسخة
منها على مستوى مصالح العمالة[111].
ثانيا: اختصاصات الهيئات العامة
لقد جاء ظهير 27 أبريل 1919 ليعترف للجماعات السلالية بالشخصية اللاعتبارية،
وهي بذلك وطبقا لمقتضيات الفصل الثاني منه يمكنها نقل سلطاتها إلى أشخاص تختارهم
ضمن الكيفيات الصحيحة والمعتادة، ويشكل الأشخاص المختارون هيئات نيابية، هذه
الأخيرة خول لها القانون سلطات واسعة في مجال تسيير وتدبير الممتلكات الجماعية
واستغلالها، من أجل ضمان حمايتها من العبث والتصرفات اللاعقلانية التي قد يقدم
عليها المستفيدون منها.([112])
ويتجلى دور الهيئات النيابية من خلال الاختصاصات الممنوحة لها بمقتضى ظهير
1919 والتي كانت تتميز بالغموض نتيجة عدم التحديد الدقيق لهذه الاختصاصات ، هذا
الغموض الذي تداركه المشرع عندما الصدر ما يسمى بدليل نائب الأراضي الجماعية سنة
2008([113])
وعموما تتمثل اختصاصات الهيئات النيابية حسب النصوص المنظمة لأراضي الجماعات
السلالية فيما يلي:
1) توزيع الانتفاع بصفة مؤقتة بين أعضاء الجماعة السلالية
حسب الأعراف وتوجيهات مجلس الوصاية عملا بمقتضيات الفصل الرابع من ظهير 27 أبريل
1919.
2) تمثيل واقامة الدعوى نيابة عن الجماعة السلالية أمام
القضاء بعد الحصول على إذن من السلطة الوصية، وفي هذا الإطار ينص الفصل الخامس من
ظهير 27 ابريل 1919 على أنه "لا يمكن للجماعات أن تقيم أو تؤيد في الميدان
العقاري أية دعوى قصد المحافظة على مصالحها الجماعية... إلا بإذن من الوصي وبواسطة
مندوب أو مندوبين ضمن الشروط المحددة في
الفصل الثاني."
3) تقديم طلب من أجل تقسيم عقار جماعي على أرباب العائلات
اللذين يستفيدون من حق الانتفاع الدائم.
4) تقديم طلبات التحفيظ العقاري بعد إذن من الوصي عليها، وكذا
التعرف على مطالب التحفيظ المقدمة من الأخيار.
5) إعداد لوائح ذوي الحقوق طبقا لمقتضيات الدورية رقم 51
المؤرخة بتاريخ 14 ماي 2007 ومقتضيات الفصل الثالث من ظهير 25 يوليوز 1969.
6) ابرام بالمراضاة وبموافقة الوصي عقود الاشتراك الفلاحي
والأكرية التي لا تتجاوز مدتها 3 سنوات وتجديدها[114]
7) الموافقة المبدئية على شروط التفويت لفائدة الدولة أو
الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية وتقديم طلبات إلى مجلس الوصاية لتوزيع
العائدات الناتجة عن التفويت[115]. وكذا
الموافقة على انجاز مشاريع تنموية تلبي حاجيات ذوي الحقوق.
8) ابداء رأي استشاري بخصوص تقديم طلب التحديد الإداري
للعقارات المظنون، إنها مشتركة بين القبائل([116]) والمشاركة
في عملية التحديد الإداري إلى جانب اللجنة الخاصة بعملية التحديد طبقا للفصل
الثاني من ظهير 18 فبراير 1924.
9) دراسة الطلبات الخاصة بتقديم الشواهد الإدارية التي تنفي
الصبغة الجماعية لعقار ما.
10)
اعداد رسوم
الملكية لإثبات ملكية عقار جماعي في حالة عرض النزاع على القضاء[117]
11)
السهر على
تنفيذ مقرراتها ومقررات مجلس الوصاية، ويمكن لها في هذا الإطار اتخاذ جميع
التدابير اللازمة وعند الاقتضاء طلب التدخل السلطة المحلية التي تتوفر عليها القوة
العمومية.
من خلال ما سبق يتضح أن اختصاصات الهيئات
النيابية متنوعة وهي اختصاصات ذات طابع إداري يغلب عليه الجانب التدبيري لحاجيات
الجماعة السلالية، كما أنه وبالموازاة مع هذه الاختصاصات نجد أن الجماعات النيابية
تتمتع بسلطة قضائية تجعل منها أقرب إلى محكمة عرفية ابتدائية تختص بالنظر في
النزاعات القائمة بين ذوي الحقوق حول الانتفاع بالممتلكات الجماعية، كما تصدر
قرارات قابلة للطعن أمام هيئة استئنافية تسمى مجلس الوصاية وكل ذلك وفق مسطرة
محددة[118]
الفصل الثاني:
معيقات الاستعمار في أراضي الجموع وتأثيرها
على التنمية.
إن العوائق التي تعرقل
الاستثمار في أراضي الجموع، أصبحت تحظى باهتمام الباحثين والمهتمين بهذا القطاع الحيوي
في مجال التنموي، وكذا باهتمام الأوساط الرسمية التي احتكاك مباشر بها، ولها القدرة
على قياس خطورتها وحدتها، فالمحلل لوضعية العقارية في بلادنا من ناحية تأثيرها في العملية
الاستثمارية يجد بأن العقار يعاني بشكل عام من مشاكل تجعل منه عائقا من عوائق التنمية،
بدلا من أن يكون أداتا من أدواتها ،فإذا كان العقار يعتبر مبدئيا يعتبر أساس كل تنمية
اقتصادية واجتماعية ، ومنطلق أي مشروع كيفما كان نوعه، هياكله وأنظمته، وتنوع القوانين
والمساطر المطبقة عليها، تجعله يفقد القوة الضمانية والائتمانية المسهلة لوسائل التمويل
الضرورية للاستثمار، وكذا تداوله في السوق العقارية المتوفرة الشروط إعادة توظيفه وهيكلته
التلقائية.[119]
فأراضي الجموع تحتمل مكانة هامة ضمن هذا التنوع الذي تعرفه البنية العقارية
في المغرب، حيت تشكل مساحتها حوالي 15 مليون هكتار تستغلها جماعات سلالية يبلغ عدد
سكانها حوالي 10 مليون نسمة وهو ما يعطيها أهمية خاصة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي
ودورا هاما في مجال الاستثمار غير ان الوضعية التي تعرفها هذه الاراضي سواء من حيث
نضامها القانوني أو طريقة تسييرها، أو كيفية استغلالها يجعل هذا الرصيد العقاري الهام
يعرف جمودا يحول دون تحقيق التنمية المنشودة، ذلك ان هذا النظام القانوني المنظم لهذه
الاراضي اصبح متجاوزا الى حد كبير، ولم يعد يساير المكان والزمان، وخاصة في ظل الازدواجية
التي يعرفها هذا النظام العقاري عِوَض أن يشكل نظاما قانونيا متماسكا ومنسجما مع بعضه
من جهة، ومع غيره من جهة اخرى، يساهم في زعزعته وتفويضه، ومن ثم فهناك ضرورة حتمية
لإعادة النظر فيه وتطوره وملاءمته مع الظروف الموضوعية الحالية، والتفكير المعمق في
الأليات والسبل الكفيلة بتجاوز تعددها وتعقدها[120]
ولدراسة هذا الفصل ارتأينا التطرق إلى المعيقات القانونية للاستثمار في
أراضي الجموع (المبحث الاول)، ثم بعد ذلك نعقب التحليل والمناقشات حول المعيقات المرتبطة
بتدبير واستغلال أراضي الجموع(المبحث الثاني)
المبحث الاول المعيقات
القانونية للاستثماري في أراضي الجموع
بالرغم من أهمية النصوص المنظمة لأراضي الجموع وعلى رأسها الظهير الشريف
المؤرخ في 26 رجب1337الموافق ل27 أبريل1919 بشأن الوصايا الإدارية على الجماعات وضبط
تدبير الأملاك الجماعية وتفويتها، فإن الفقه أبرز من خلال الواقع العملي قصور هذا التنظيم
القانوني بشكل يجعله لا يأتي كل الفوائد المرجوة منه، مما يؤثر سلبا على الاستثمار في مجال أراضي الجموع.
وسنقتصر في هذا المبحث على دراسات الاشكالات المتعلقة بالإطار القانوني
والأجهزة المكلفة بتدبير املاك الجماعية (المطلب الاول) وكذا الاشكالات المتعلقة بتقسيم
أراضي الجموع وتفويتها(المطلب الثاني).
المطلب الثاني : الاشكالات المتعلقة بالإطار القانوني والاجهزة المكلفة
بتدبير الاملاك الجماعية
يعتبر موضوع أراضي الجموع احدى الموضوعات الحساسة التي طالما اعتبرها
الكثيرون من بين المواضيع التي لا يجب الاقتراب منها لكونها تخضع عن تقاطع جاذبيتين
: أولهما سكانية مغلوبة، قبيلة مثقلة بموروث ثقافي عرفي، وثانيهما مرتبطة بالدولة وإدارتها
بحضور قانوني ورقابة سياسية، جعلت موضوع هذه الاراضي يطرح عدة مشاكل تتنافى ومفهوم
دولة الحق والقانون.
إن مشاكل هذه الاراضي كان قائما منذ أن وجدت، وهناك الْيَوْمَ مئات من
القضايا المعروضة أمام المحاكم تخص النزاعات حول هذه الاراضي أو الاستفادة منها أكثر
من ذلك باتت بعض النزاعات في الكثير من الحالات عائقا أمام الاستثمار الشيء الذي ينعكس
سلبا على التنمية[121]
وللتفصيل أكثر سنحاول تناول هذا المطلب من خلال الحديث عن الاشكالات المرتبطة
بالإطار القانوني(الفقرة الاولى)
وكذا عن إشكالات أجهزة تدبير الاملاك الجماعية (الفقرة الثانية)
الفقرة الاولى: الاشكالات المرتبطة
بالإطار القانوني
بلغ تدخل الدولة التشريعي والتنظيمي في أراضي الجموع اكثر من 31 قانونا
ما بين ظهير ومنشور وزاري ومرسوم حكومي[122]
ويعود أصل القانون المنظم لأراضي الجموع إلى الفترة الاستعمارية وبالضبط
ظهير 27 أبريل 1919 والذي تم تعديل بعض فصوله سنة 1963، لكن هذه التعديلات لم تمس جوهرة
وفلسفة القانون، مما حول هذه الاراضي الى موضوع نزاعات داخل المحاكم.
وللتوسع أكثر حول هذه النقطة سنتطرق للإشكالات المرتبطة التحديد الاداري
(أولا) ثم بعد ذلك سنتطرق الى قراءة في خصائص أراضي الجموع والاستثناءات الواردة عليها
(ثانيا)
اولا: الاشكالات المرتبطة بالتحديد الاداري لأراضي الجموع
إن هدف حماية أراضي الجموع الذي جاء به ظهير 27 ابريل 1919 يتطلب معرفة
هذه الاراضي ويتعين حدودها ومشتملاتها من الوجهة المادية وضبط حالتها القانونية، وتوضيح
حقوق الجماعة وحقوق الغير، وذلك لا يتأتى إلا عن طريق تحفيظ هذه العقارات طبقا لمسطرة
التحفيظ العقاري المنصوص عليها في ظهير 12 غشت 1913.
الى أن شاسعة مساحة هذه الاراضي
وما يتطلب من تكاليف مادية وبشرية، جعل السلطات تلجأ الى مسطرة موازية لمسطرة التحفيظ
وهي مسطرة التحديد الاداري الذي نظمها ظهير 18 فبراير 1924 المتعلق بتحديد الاملاك
المخزنية،[123]
وترتبط بهذا التحديد إشكالات تعيق هذه العملية، وتشكل معيقات للاستثمار
من أهمها :
أ) اشهار عملية التحديد
ينص الفصل الرابع من ظهير 18 فبراير 1924 على أنه يتم نشر مطلب جماعة
السلالية بشأن عملية التحديد، وكذلك المرسوم الذي يأذن بهذه العملية بالجريمة الرسمية
على الأقل شهرا قبل افتتاح عملية التحديد، زيادة على هذا المرسوم وملخص مطلب الجماعة
في أماكن معينة (المحاكم التي يوجد العقار بدائرتها، المحافظة على الاملاك العقارية
التابع لنفوذها العقار، مقر العمالة ومركز التابعة لها التي يوجد العقار بدائرتها،
إدارة المياه والغابات وأخيرا مراكز السلطة الحلية المجاورة)والذي يهمنا هنا هو مدى
جدوى هذا الاشهار لإحاطة العموم علما بعملية التحديد ودورها في مواجهة الغير بقرينة
العلم بالعملية، ذلك أن عمليات التحديد تتم غالبا لأراضي موجودة في العال القروي ذات
مساحات شاسعة تقيم عليها أو بجوارها تجمعات سكنية متفرقة في شكل دواوير أو منازل فردية
بعيدة عن بعضها البعض لا تتوفر حتى على الطرق والمسالك للوصول اليها بسهولة، وإن معظم
قاطني هذه المناطق أميون، مما يطرح تساؤلات حول إمكانية اطلاعهم على الجريدة الرسمية
التي لا تتوفر حتى بالمدن، وتبقى عملية التعليق بالأماكن المذكورة أثر نسبي.[124]
ب) تكوين لجنة تحديد أراضي الجموع
إن أعمال التحديد تتكلف بها
لجنة يحدد تكوينها الفصل الثاني من ظهير18 فبراير 1924 في ممثل وزارة الداخلية باعتبارها الوزارة المكلفة بالوصايا على أراضي الجموع،
ونائب أو نواب الجماعة السلالية صاحب الارض، وقائد المنطقة، ومهندس وإذا اقتضى الامر
ممثل عن الإدارة المكلفة بالأملاك المخزنية وعدلين، مما يجعلها ذات تكوين اداري وتقني
يهدف بالدرجة الأولى إل حماية مصالح الجماعة، ويدفع بها في سبيل ذلك إلى ادخال بعض
القرارات التي تكتسب الصبغة الجماعية في الوعاء العقاري للأرض المحددة، ومن ثم ادخال
أصحابها والجماعة السلالية في دوامة من النزاعات والدعوى التي تودي الى ضياع الجهد
والوقت عِوَض بذله في العمل والاستثمار لتنمية الارض والمجتمع، وهو ما يتطلب اعادة
النظر في تكوين هذه اللجنة وإضافة أشخاص ذوي تكوين قانوني خاص في الميدان العقاري،
يكون بإمكانه ضبط الوضعية العقارية للأرض ،وضمان الحياد الذي يجب ان يتسم به عمل اللجنة،
وتمكن من حل النزاعات والتعرضات في عين المكان، لان اغلبها يتعلق اما بالحدود أو أراضي
ثم إحياؤها من طرف بعض الأشخاص، وهو ما سيمكن من تصفية العقار بطريقة سلمية وعادلة
ودون الأضرار بالغير. ويمكن في هذا المجال الاستئناس باللجنة المحلية غير المختلطة
لغة الاراضي المنصوص على تكوينها في الفصلين الاول والثاني من المرسوم رقم
240.62.2المورخ في 25/8/1967 الصادر لتطبيق ظهير ضم الاراضي[125]
ج) اشكالية بطلان عقود تفويت أراضي الجموع المشمولة
بعمليات التحديد
يرتب الفصل الثالث من ظهير 18 فبراير 1924 في فقرته الثالثة على نشر مطلب
التحديد، وكذا المرسوم المحددة لتاريخ افتتاح هذه العملية بالجريدة الرسمية منع عقد
اي رسم يتعلق بتفويت حق الملكية أو حق الانتفاع بشأن الاراضي الخاضعة لأعمال التحديد
باستثناء الحالة المنصوص عليها في ظهير 27ابريل 1919.
وذلك من تاريخ نشر هذا المرسوم الى حين نشر هذا المرسوم المتعلق بالمصادقة
على اعمال التحديد، وإلا ان هذا العقد باطلا حتى فيما بين المتعاقدين، وان كان الفصل
11 من الظهير المذكور أعلاه ربط تطبيق اثر هذا المنع بالنسبة للقطع المتنازع بشأنها
الى نهاية النزاع فقط[126].
وإذا كان هذا المنع والبطلان المقرر جزاء له، له ما يبرره اذا كان التصرف
صادرا عن احد أفراد الجماعة السلالية المتوفر على صفة ذي حق الانتفاع لاستناده على
الفصل الرابع من ظهير 27/04/1919 الذي يقرر عدم قابلية الاراضي السلالية للتفويت أو
الحجز أو التقادم، فإن هذا المنع يكون بلا جدوى بالنسبة للتصرف في الاملاك الخاصة التي
يشملها التحديد خصوصا اذا فصل القضاء لصالح أصحابها في التعرضات التي أقاموها طبقا
للشروط المنصوص عليها الظهير المنظم لعملية التحديد وأودعوا مطالب التحفيظ بشأن أملاكهم،
لأن حق المتصرف في هذه الحال مرتبط بوجود حق التصرف وجودا أو عدما، ومن تم فإن ذلك
لن يؤثر على الملكية السلالية، وهو ما يستدعي تدخل المشرع قصد تحديد مدة المنع بالنسبة
للقطع غير المتنازع فيها، وكذا إلغاء المنع بالنسبة للتصرفات الواردة كل القطاع المتنازع
عليها والتي أوضع أصحابها مطالب التحفيظ كتأكيد لتعرضاتهم[127].
د) التعرف على تحديد أراضي
الجموع:
يتعين على كل شخص ينازع في جدود العقار أو يدعي حقا عينا في الاراضي الخاضعة
لعمليات التحديد التصريح بتعرضه امام اللجنة المكلفة بعملية التحديد اثناء القيام بعملها
بعين المكان قصد تسجيل تعرضه بمحضر التحديد، كما يمكنه القيام بطلب التعرض لدى السلطة
المحلية داخل اجل معين يتمثل في ستة أشهر تبتدئ من تاريخ نشر الإعلان عن ايداع محضر
التحديد والتصميم بمكاتب السلطة المحلية والمحافظة على الاملاك العقارية بالجريدة الرسمية.
ولا يعتبر هذا التعرض مقبولا الا اذا أودع المتعرض المعين بالأمر باسمه وعلى نفقته
مطلب تحفيظ للعقار المتعرض عليه لدى المحافظة العقارية داخل اجل الثلاثة أشهر الموالية
للستة أشهر المسموح بها لتقديم التعرض الكتابي ويعبر المتعرض في هذه الحالة طرفا مدنيا،
ويقع عليه عبئ الاثبات[128].
وتثير هذه المقتضيات عدة ملاحظات أهمها:
-
إن الأجل المضروب للتعرض هو اجل قصير ولم
ترد عليه اي استثناءات
-
ان المشرع الزم المعرض بالتصريح بتعرضه
امام اللجنة أو السلطة المحلية، مما يجعل من هذه الأطراف خصما وحكما في نفس الوقت[129]
ان كل متعرض يلزم لتأكيد تعرضه بإيداع مطلب التحفيظ مع ما يتطلبه ذلك
من اداء واجبات مالية قد لا تتوفر للبعض، إضافة الى الإدلاء بالحجج المؤيدة لمطلبه،
وهو ما لا يتأتى بالرغم من أن هذا المتعرض قد يكون حائزا للعقار ويتصرف في حسب المدة
والشروط المعبرة شرعا.
ثانيا: قراءة في خصائص أراضي الجموع والاستثناءات الواردة عليها.
رغبة من المشرع في حماية أراضي الجموع وحصر منفعتها في الجماعة التي لها
الحق فيها، فإنه أقر مبدأ عدم قابلية هذه الاراضي للتفويت أو الحجز أو الاكتساب بالتقادم،
فالأملاك السلالية تستعصي على التقادم الا اذا اعترفت الجماعة السلالية للفرد الحائز
بحيازته المستوفية للشروط وعدم اعتراضها عليها خلال ممارسته لها، كما ان هذه الاملاك
لا تقبل الحجز الا لفائدة الجماعة نفسها، اما عدم قابليتها للتفويت فتعني عدم قابلية
نقل ملكيتها للغير سواء كان ذلك بشكل مباشر كالبيع، أم كان بشكل غير مباشر كارهن، ولا
يدخل في هذا الإطار التوزيع الذي تقوم به الجماعة النيابية والذي يدخل في النهاية لكل
رب عائل في جماعة حق انتفاع دائم طبقا لإجراءات وشروط معينة، كما يمكن تفويت حق الانتفاع
الدائم المذكور آنفا لفائدة الجماعة نفسها فقط وإذا كان هذا المبدأ من اكثر المبادئ
رسوخًا في نظام الاراضي الجماعية والذي تأكد عد صدور ظهير 30/06/196 وظهير
06/02/1963،فان المشرع أورد عليه استثنائيين يتعلق الاول بعدم جواز تفويت هذه الاراضي
بينها يخص[130]
الثاني إمكانية تقسيمها.
أ) الاستثناءات الواردة على مبدأ جواز تفويت أراضي الجموع اذا كان الفصل
4 من ظهير 27 ابريل 1919 ينص عدم قابلية الاراضي
الجماعية للتفويت، فإن هذا المبدأ رف تحولات جوهرية حيث صدر ظهير 19 مارس 1951 الذي
سمح بالتصرف فيها، ثم جاء بعده ظهير 30 يونيو 1960 لكي يقضي بنسخ جميع عقود التصرف
التي أبرمت في إطار الظهير الاول، كما ان ظهير 25 يونيو 1969 قد الغي نظام أراضي الجموع
بالنسبة لتلك التي موجودة في المناطق السقوية حيث تحولت الى أراضي مملوكة على الشياع
الإجباري[131]
كما ان الفصل الرابع من ظهير1919 ورد عليه استثناءات حيث نجد ان المشروع
سمح أخذ الجماعات بتفويت أراضيها لفائدة الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية
أو الجماعات السلالية نفسها بحيث نص الفصل 11 من نفس الظهير على ما يلي: إن اقتناء
عقار جماعي من طرف الدولة أو الجماعات أو المؤسسات العمومية أو الجماعات الأصلية يمكن
إنجازها خلافا للمقتضيات
الفصل الرابع من ظهيرنا الشريف هذا إما بالمرضاة اذا كانت الجماعة المالكة
ومجلس الوصاية متفقين على مبدأ وشروط التفويت، وإما بواسطة نزع الملكية في حالة العكس[132].
يتضح جليا من خلال مقتضيات هذ الفصل انه يمكن للجماعات السلالية ان تقوم
بتفويت أراضيها لفائدة الدولة أو الجماعات المحلية، أو المؤسسات العمومية إما بشكل
رضائي اذا اتفقت الجماعة المالكة للعقار ومجلس الوصاية على شروط التفويت، وأما بواسطة
نزع الملكية من اجل المنفعة العامة في حالة عدم حصول هذا الاتفاق بين الطرفين المذكورين.
ونظرًا للخروقات التي كانت تتسم بها عمليات التفويت، وتزداد الطلب على
اقتناء هذه الاراضي، قام وزير الداخلية بإصدار دورية التنظيم وتقييد هذه العمليات رقم
343بتاريخ 23 ابريل 1992،موجهة إلى السادة ولاة العمال واقاليم المملكة حول تفويت الاراضي
الجماعية، حيث أكد فيها على الجهة الموجهة إليها، على ضرورة دراسة طلبات الاقتناء المقدمة
الى الجماعات الأصلية، مدى تحقيق عمليات التفويت كمنفعة كلا الطرفين المتعاقدين،
مع منع قيام المقتني بالشروع في استغلال هذه العقارات الا بعد الإنفاق كل ثمن البيع
واجراءات نقل ملكية العقارات بعد صدور قرار مجلس الوصاية، ويجب ان يكون التفويت يهدف
الى إنجاز مشاريع اقتصادية واجتماعية وليس تكوين رصيد عقاري على حساب ممتلكات الجماعات
الأصلية[133].
والسلطة الوصية لم تكتف بهذه الدورية فقط، وإنما صدرت دورية ثانية تحت
رقم 404 بتاريخ 11غشت1993 موجهة الى نفس الجهة السابقة، بالإضافة الى المدير العام
للجامعات المحلية، تهم طلبات اقتناء أراضي جماعية من طرف الإدارات والمؤسسات العمومية
والجماعات المحلية.
الا ان ما يلاحظ على هذه الدورية، انه بالرغم من تغيير عنوان الموضوع
الا ان المضمون يبقى نفسه الذي في الدورية السابقة، حيث تمنع اي إدارة أو مؤسسة عمومية
من إنجاز اي مشروع تنموي فوق الاراضي الجماعية، ما لم تتوصل بالموافقة المبدئية على
التفويت لفائدتها من المصالح المركزية لوزارة الداخلية، مما يحتم اعادة النظر فيها
مع الحفاظ على حقوق المستغلين لمثل هذه الأراضي
منذ امد بعيد ،مع تجاوز بعض الأعراف والتقاليد المطروحة من قبيل الرجال والنساء في
الإرث الساري في هذه الحالات .
هذا مدافع وزير الداخلية إلى
إصدار دورية ثالثة رقم 103 بتاريخ 26 يوليوز 1994 موجهة الى السادة للولاة وعمال عملات
وأقاليم المملكة ،تتعلق بتنمية الإنعاش العقاري من طرف الجماعات السلالية التي تحت
على تطبيق مبدأ الشراكة بين الجماعات الأصلية المالكة من جهة , وبين الجماعات المحلية
أو المؤسسات العمومية من جهة ثانية كلما تعلق الأمر بمشروع اقتناء عقار جماعي الغاية
منه إنجاز مشروع سكني ،أو كل عملية تجارية أخرى ،لكن هذه العملية لا يمكن ان تتم إلا
بعد التزام المقتنيين بالشروط المستوعبة لهذا الغرض[134]
ب- الاستثناءات الواردة على مبدأ عدم جواز تقسيم أراضي الجموع
اعتبر المشروع في الفصل الثاني من الظهير 30-69-1بتاريخ 25/07/1969 أراضي
الجموع داخل دوائر ملكية مشاعة بين ذوي الحقوق المتوفرين على هذه الصفة بتاريخ نشر
هذا الظهير، وبذلك تم الانتقال من الملكية الجماعية الى الملكية الشائعة.
وقد وضع هذا الظهير مسطرة مدققة الإعداد لوائح ذوي الحقوق والمصادقة عيها،
كما نص على طريقة خاصة لنقل الارث لتجنب تكاثر عدد الملاكين على الشياع تقضي بانتقال
الحصة المشاعة الى احد الورثة الذي يتم اختياره اما بالاتفاق مع باقي الورثة أو بتدخل
من مجلس الوصاية على ان يؤدي للورثة الآخرين قيمة حقوقهم[135]،
على انه يمنع التخلي عن الحصص المشاعة الا لفائدة ملاك على الشياع مع
مراعاة مقتضيات الفصل التاسع من الظهير المذكور الذي نص على ان كل ملاك على الشياع
سلمت اليه قطعة من ملك الدولة في إطار المرسوم المرسوم الملكي بمثابة قانون رقم
66_267 الصادر بتاريخ 04/07/1966يجب عليه التخلي لفائدة الدولة عن حصة وتدخل كمالك
على الشياع مع أفراد الجماعة مع ما يترتب عن هذه الوضعية من سلبيات.
كما تطرق الفصلان 12و13 من الظهير أعلاه الى إمكانية تجزئة العقار الجماعي
المعني بصفة كلية أو جزئية بقرار مشترك لوزير الداخلية ووزير الفلاحة بكيفية تساعد
على منح كل ذي حق قطعة ارضية تعادل مساحتها حصتها على الشياع، ويجب ان تؤدي هذه التجزئة
الى حلق مؤسسات استغلال تعادل مساحتها خمس هكتارات على الأقل يصبح صاحب هذه القطعة
بعد تسليمها له مالكا لها، اما جزء العقار المطابق لحصص الملاكين على الشياع والتي
تقل مساحتها عن خمسة هكتارات فيبقى ملكا على الشياع لذوي الحقوق غير الأفراد المسلمة
اليهم قطعا ارضية، مما اصبح معه هذا الظهير يؤدي في النهاية بالنسبة للحصص الموزعة
الى الانتقال بوضعيتها من الملكية الجماعية الى الملكية الشائعة ثم الى الملكية المفرزة
بعد القيام بعملية التجزئة، وترتب على هذا التحول تجريد الجماعة النيابية ومجلس الوصاية
من اي تدخل في إسناد التصرف أو أسقاطه، اذا اصبح اختصاص الجماعة النيابية مختصرا في
وضع لائحة ذوي الحقوق، في حين اقتصر اختصاص مجلس الوصاية في البث في الطعون الموجهة
الى ذوي الحقوق، ويتعين الفرد الذي ينبغي ان يتسلم القطعة في حالة وفاة احد الملاكين
على الشياع عند عدم حصول اتفاق بين الورثة على تعيين احدهم[136].
وقد سمح المشروع في الفقرة الثانية وما يليها من الفصل الرابع من ظهير27ابريل1919
بإمكانية تقسيم الاراضي الجماعية على وجه الانتفاع، الا انه اعتبر هذه العملية مؤقتة
ولم يتطرق الى تفصيلها أو الوقت الذي تجدد فيه، بل اكتفى بإشارة عامة الى عملية التقسيم.
وقد تدخلت الوزارة بواسطة الضابط عدد 2977بناريخ 13/11/1957 يتعلق بتقسيم الاراضي الجماعية
أعطى لرؤساء العائلات الحق في الحصول على قطع متساوية المساحة اللهم اذا كان نوع التربة
يجعل الحظوظ الواقفة في التراب الجيد اصغر مساحة
من غيرها أو يمكن أيضا ان يعطي لكل
رئيس عائلة نصيبنا من الارض في نوعين مختلفين أو نصيب سقوي واخر بوري.
وتثير عمليةً تقسيم هذه الاراضي على وجه الانتفاع بعض الملاحظات أهمها:[137]
-
الملاحظة الاولى: عدم مطابقة شروط انتقال الارث واكتساب
صفة ذوي الحقوق للقواعد الشرعية المتعلقة بالإرث خاصة بالنسبة للمرأة.
-
الملاحظة الثانية: إن الطابع المؤقت والرسمي للتقسيم لا يشجع
على الاستثمار والقيام بعمليات التجهيز ويؤثر على طريقة الاستغلال.
-
الملاحظة الثالثة: إن هذه العملية لا تسمح بخلق رسم عقاري
خاص بكل قطعة، مما يحرم ذوي الحقوق من تقديمها كضمان عيني للحصول على قروض
الفقرة الثانية: إشكالات أجهزة تدبير
الأملاك الجماعية
خول المشروع للجماعات السلالية
المكونة من ذوي الحقوق الشخصية المعنوية، ومنحها حق تدبير أملاكها والدفاع عن مصالحها
بواسطة ممثليها الذين يكونون جماعة النواب أو جمعية المندوبين، وذلك تحت وصاية وزارة
الداخلية، غير ان هذا التنظيم القانوني يعرف نقائص تحول دون بلوغ مقاصد التشريع، وتنضاف
إليها طبيعة الطرق المتبعة في استغلال هذه الاراضي لأنها ناتجة عن أعراف عتيقة تجاوزتها
الظروف الحالية.
وعليه تقتضي هذه الفقرة التطرق الى الاشكالات المرتبطة بجماعة النواب
(اولا) ثم لمؤسسة مجلس الوصاية (ثانيا)
أولا: الإشكالات المرتبطة بجماعة النواب
اكتفى الفصل الثاني من ظهير
27 ابريل 1919 على النص بأن تمثيل الجماعة السلالية يكون عن طريق أشخاص طبيعيين هم
النواب يعينون من طرف جماعتهم ويشكلون ما يعرف بجماعة النواب أو جمعية المندوبين،
خول لها سلطات واسعة في مجال تسيير الممتلكات الجماعية واستغلالها والمحافظة على
مصالحها وصيانة حقوقها على المستوى القضائي[138].
ومن المشاكل التي أفرزها
النظام القانوني لأراضي الجموع، مشاكل مرتبطة باختيار النواب السلاليين، فبالإضافة
الى وجود شوائب بلوائح ذوي الحقوق وتعرض الكثير منها للطعون بسبب إضافة بعض
العناصر من ذوي النفوذ الذين لا تربطهم أية صلة بالجماعية السلالية أو إقصاء
العديد من السلاليين، فإن دليل نائب الأراضي الجماعية الذي أصدرته وزارة الداخلية
سنة 2008 في فقرة تعيين النائب تنص على ما يلي: "يتم تعيين النائب من طرف ذوي
الحقوق المسجلين باللائحة طبقا لمقتضيات الدورية رقم 51 بتاريخ 14 ماي 2007، وذلك
وفق الأعراف والتقاليد المعمول بها داخل الجماعة السلالية، وفي انتظار تهيئ هذه
اللائحة، يتوجب يعينه من طرف مجموعة من ذوي الحقوق لا يقل عددهم عن اثني عشر فردا
من الأعيان يتم فرزهم عن طريق التوافق بعد استشارة السلطة المحلية، التي تسلم في
حالة التزكية، الشهادة الإدارية الواجبة تضمين مراجعها باللفيف العدلي المعد لهذا
الغرض."
فإذا كان الظهير المؤسس
للجماعات السلالية ينص على وظيفة النيابة القانونية، وعدد النواب لكل قبيلة،
وتعيينهم لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد، فإن ظهير الوصاية الأول الصادر بتاريخ 27/
04/ 1919 ينص على انتخاب "من تنبيه الجماعة السلالية عنها وتوكله توكيلا
قانونيا، وفي ظهير 1963 عن أشخاص تختارهم ضمن الكيفيات الصحيحة المعتادة"
بينما تتحدث دورية وزير
الداخلية عن الهيئة النيابية ببساطة، وكأنها تنظيم محسوم فيه، في حين أن المشكلة
الأولى لبعض الجماعات هي بالضبط هذه الهيئة التي تقفز على واقع النزاعات
والاختلافات الشخصية داخل العائلة الصغيرة الواحدة. كما أن دليل النائب يقفز على
الماضي، وكأن الجماعة السلالية ظهرت في 2008، وربط تعيين النائب بتطبيق الدورية
رقم 51 ويقرر مسطرة تعيين من طرف اثني عشر من الأعيان يفرزون بالتوافق[139]
بتبين أن النصوص
المستحدثة ما فتئت تبنى مفهوم "الأعيان" وهو مفهوم بات متجاوزا في
العالم القروي بفضل تصدع النظام البترياركي الذي أفرزه وتعيش منه لأزمنة طويلة،
وتحت هذا التأثير ضغط المصالح الفردية، والمد الحقوقي الذي يجعل سلوكات الانصياع
تختفي، وذوي الحقوق لا يترددون في الطعن بعضهم في البعض الآخر.
كما تفترض النصوص أيضا
أن التوافق أمر محسوم كطريقة لتأسيس قاعدة الهرم الذي ينبني عليه كل التشريع
المتعلق بأراضي الجموع، والواقع اليوم أن التوافق غائب في كثير من الجماعات
السلالية، التي لم تتمكن من تعويض نواب توفروا أو عجزوا أو بات مطعونا فيهم، مما
يترتب عنهم توقف مصالح الجماعة السلالية، والتي من شأنها أن تعصف بالممتلكات التي
تتعرض للضغط والسطو بالاحتيال والطرق الملتوية.
يتبين من خلال ما سبق أن
ترك أمر تشكيل "جماعة النواب" للأعراف والتقاليد والأعيان والتوافق،
اختيار يثير التساؤل والاستغراب في هذا الوقت، فإذا كانت الإدارة الوصية على
الجماعات السلالية، بحكم القانون منذ 1919، فلماذا لا يتدخل ممثلوها بحكم وظيفتهم
كأوصياء عند ثبوت عجز الجماعة عن إفراز هاته الآلية الأساسية في الهرم، والأخذ
بزمام الأمور لتمكين الجماعة السلالية المعنية من الخروج من وضعية الخلاف والجمود
التي يعيشها عدد منها؟ أليس من مهام وواجبات الوصي شرعا وفقها ومنطقا أن يتدخل إذا
صدر من القاصر ما يضر مصلحته وبالمصلحة المشتركة[140]
ثانيا: الإشكالات المتعلقة بمؤسسة مجلس الوصاية
يعتبر مجلس الوصاية كما سبق أن أشرنا
الهيئة الإدارية المكلفة بمراقبة الجماعات السلالية خلال تدبيرها لأملاكها، وذلك
لحماية هذه الأملاك وصيانتها، نظرا لدور الذي تقوم به في التنمية الاقتصادية
والاجتماعية، إلا أن هذه الهيئة تطرح العديد من المشاكل.
فالفصل الثالث من ظهير
27ابريل 1919 ينص غلى أنه: "يعهد بالوصاية على الجماعات إلى وزير الداخلية
ويسوغ له دائما أن يستشير مجلس الوصاية الذي يجب على الوزير جمعه في الأحوال المستوجبة
لتدخله والمبينة في هذا الظهير. وهذا المجلس الذي ينعقد تحت رئاسة الوزير أو
نائبه، يتركب من وزير الفلاحة والغابات أو نائبه (وزير الفلاحة والصيد البحري
حاليا) ومدير الشؤون السياسية والإدارية بوزارة الداخلية أو نائبهما، وعضوين اثنين
يعينهما وزير الداخلية.[141]
إلا أن ما يلاحظ بخصوص
هذا التكوين أنه ذو طابع مركزي، فمجلس الوصاية يتكون أساسا من أطر وزارة الداخلية
إلى جانب وزير الفلاحة، أو نائبه وهي مسألة تحتم أن تكون الاجتماعات التي يعقدها
على مستوى مركزي، حيث تعقد بمقر وزارة الداخلية وبالتحديد بمديرية الشؤون القروية
بها.
والملاحظ كذلك أن وزير
الداخلية يبقى مهيمنا على تشكيل مجلس الوصاية، فبالإضافة إلى كونه يشكل جزءا منه،
فإن أغلب أعضاء هذا المجلس إما يمثلون وزارة الداخلية أو تلعب هذه الأخيرة
دورا حاسما في تعيينهم، وهذا ما يعطينا مشروعية التشكيل في الدور الذي يمكن أن
يقوم به مجلس الوصاية، وكذا التشكيك في مدى مصداقية استشارية من طرف وزارة
الداخلية.
كما يتضح لنا من خلال
التركيبة التي يتشكل منها مجلس الوصاية أنها تتكون من عدد مزدوج في حين يلاحظ من
خلال القوانين الخاصة المنظمة للمجلس أن هذه الأخيرة مكونة من عدد وتري.
كما يتبين لنا من خلال
الوقوف على مختلف فصول ظهير 27 أبريل 1919 أن الاختصاصات المنوطة بمجلس الوصاية لا
تخلوا من انتقادات. فأهم اختصاص يضطلع به هذا المجلس هو الحفاظ على مصالح الجماعات
السلالية والسهر على حسن تدبيرها للأراضي الجماعية المملوكة لها واستغلالها بالشكل
الذي يسهم في تنميتها وبالتالي تحقيقها للدور الاقتصادي الذي يمكن أن تضطلع به[142].
وبغية التأكيد على نزاهة
وعدالة القرارات عن اللجان النيابية لهذه الجماعات ومدى مراعاتها للنظم والقوانين السارية على
أراضي الجموع، فإن المشرع قد خول لمجلس الوصاية اختصاص النظر في الطعون المقدمة ضد
القرارات بالشكل الذي جعل من هذا الأخير درجة ثانيا للنظر في النزاعات، وهو ما
أكدته المحكمة الإدارية بمكناس في قرارها عدد 13/ 3/ 2002 الصادر بتاريخ 4 فبراير
2002 إذ ورد في هذا القرار: "حيث أنه وطبقا لمقتضيات الظهير الشريف الصادرة
بتاريخ 6 فبراير 1963 المغير والمعدل لظهير 27 أبريل 1919 المتعلق بتنظيم الوصاية
الإدارية على الجماعات السلالية وضبط تدبير الإدارة على الأملاك الجماعية، فإن
القرارات الصادرة عن اللجان النيابية في شأن تدبير شؤون الأملاك الجماعية ليست
بقرارات نهائية، لأنها تقبل الطعن أمام مجلس الوصاية"[143]
إلا أن مركزية هذا المجلس
غالبا ما تحول دون تحقيقه للسرعة الواجبة للبث في تلك الطعون، مما قد يلحق ضررا
بمصالح الجماعات السلالية وباستغلال ذوي الحقوق للأراضي المملوكة لها، ينضاف إلى
هذا العامل عامل آخر لا يقل أهمية ويتجلى في الثغرات التي تعتري ظهير 1919، إذ أن
المشرع لم يحدد أجلا للاستئناف القرارات النيابية أمام مجلس الوصاية.
وفي هذا السياق ذهب وزير
الداخلية إلى نهج سياسية اللاتمركز وذلك من أجل تدبير أفضل لشؤون الجماعات
السلالية وممتلكاتها.
وفي هذا الإطار ينخرط
مسلسل لا تمركز لتدبير الأراضي الجماعية، ضمن التوجهات الحكومية التي تعتبر سياسة
اللاتمركز وسيلة للحكامة الجيدة في تدبير المرفق العمومي، كما يشكل توجها رئيسيا
لوزارة الداخلية، في إطار اللاتمركز الإداري، الذي يعمل على تخويل مزيد من
الاختصاصات والمسؤوليات الى المستوى الإقليمي.
وتجدر الإشارة إلى أن
اللجنة الثالثة قد أوصت في إطار المناظرة الوطنية حول الأراضي الجماعية التي
انعقدت يومي 5 و6 دجنبر 1995 بالرباط بضرورة إحداث مجلس وصاية على صعيد كل إقليم
يعهد إليه على الخصوص بالبث النهائي في النزاعات المتعلقة بالاستغلال بين ذوي
الحقوق، ومنح الإذن بالترافع أمام المحاكم لمن يمثل الجماعة، فيما يبقى لمجلس
الوصاية المركزي البث واتخاذ القرارات في الاختصاصات المنوطة به.
وإذا كان إحداث مجلس
وصاية إقليمي يمثل الحل لتجاوز بطئ مسطرة البث في النزاعات فإنه يحق لنا التساؤل
عن طبيعة قرارات هذا الأخير، في ظل غموض ظهير 1919، فهل تعتبر القرارات الصادرة
عنه قرارات نهائية، أم هي قرارات قابلة للطعن أمام مجلس الوصاية المركزي؟
أمام كل هذه الاشكاليات
لا يسعنا سوى القول بضرورة التخلي عن سلطة الوصاية كجهاز إداري لأن الإبقاء على
هذه الهيئة التي هي من خلق المستعمر لا تزيد الوضع إلا تعقيدا، وبالتالي التأثير
على مسار تنمية أراضي الجموع[144]
المطلب الثاني: الاشكالات
المتعلقة بتقسيم أراضي الجموع وتفويتها
نظرا للأهمية الاجتماعية والاقتصادية
التي تحتلها الأراضي الجماعية، وبغية الحفاظ على مكانتها داخل المنظومة العقارية،
قم المشرع بربط إمكانية استغلالها بمجموعة من الضوابط التي يمكن أن تضمن تنميتها
والحفاظ عليها.
وهكذا وأمام الاستمرار في
استعمال الطرق التقليدية التي كانت وما زالت تستغل بها هذه الأراضي، نتيجة التوزيع
الدوري الذي لا يساعد المستغلين على استعمال وسائل متطورة تستجيب ومتطلبات كل فترة
زمنية على حدة، قام المشرع بطرح حلول بديلة تؤهل هذه الأراضي للمساهمة في تنمية
الاقتصاد المحلي والوطني، وضمان الاستقرار النفسي للمستغلين لتشجيعهم على تنميتها
واستغلالها بطرق عصرية تستجيب ومتطلبات العصر، على الأقل في الأراضي الجماعية
الواقعة داخل دوائر الري بمقتضى ظهير 25 يوليوز 1969. كما قام بوضع قيود على تداول
الأراضي الجماعية عن طريق منح التفويت بمقتضى الفصل الرابع من ظهير 27 أبريل 1919
باستثناء الأحوال المنصوص عليها بمقتضى الفصل 11 من نفس الظهير.[145]
وإذا كان المشرع قد حاول
من خلال هذه المقتضيات ضبط طرق استغلال هذه الأراضي، وجعلها تقوم بدورها الاقتصادي
والاجتماعي، إلا أن القصور التشريعي حال دون ذلك نظرا للإشكالات التي تطرحها عملية
تقسيم الأراضي الجماعية (الفقرة الأولى) ثم عملية التفويت المقيد لها (الفقرة
الثانية)
الفقرة الأولى: إشكالية تقسيم
الأراضي الجماعية
تعتبر عملية التقسيم من أهم التصرفات
التي يمكن أن ترد على أراضي الجموع، وتكون إما على وجه المنفعة أو على وجه التملك
بحسب ما إذا كان الأمر يتعلق بعقار جماعي يقع داخل دوائر الري، أو أنه يوجد خارج
دوائر الري.
وإذا كان المشرع قد وضع
عدة نصوص لا تنكر إيجابيتها في تنظيم عملية التقسيم، إلا أن هذا لا يمنع من إضفاء
الطابع السلبي على بعض مقتضياتها، وبالتالي ضرورة واعادة النظر في الاشكالات
المتعلقة بتقسيم الأراضي الجماعية خارج دوائر الري (أولا) وكدا الأراضي الجماعية
الواقعة داخل دوائر الري (ثانيا).
أولا: تقسيم الأراضي الجماعية الواقعة خارج دوائر الري
سمح المشرع في الفقرة الثانية وما يليها من
الفصل الرابع من ظهير 27 أبريل 1919 بإمكانية تقسيم الأراضي الجماعية إلى وجه
الانتفاع، إلا أنه اعتبر هذه العملية مؤقتة ولم يتطرق إلى تفاصيلها أو الوقت الذي
تتجدد فيه([146])
بل اكتفى بإشارة عامة إلى عملية التقسيم حيث نص على أنها "تؤهل جمعية
المندوبين لتوزيع الانتفاع بصفة مؤقتة بين أعضاء الجماعة حسب الأعراف وتعليمات
الوصاية، ويمكن أن تكون هذه الأراضي بناء على طلب جمعية المندوبين أو مقرر من مجلس
الوصاية موضوع تقسيم يعطي بموجبه لكل رب عائلة من العشيرة حقا دائما في الانتفاع
ضمن الكيفيات والشروط المحددة بموجب مرسوم، وأن هذا الحق غير قابل للتقادم ولا
يمكن تفويته أو حجزه إلا لفائدة الجماعة نفسها، ويجوز تبادل القطع المجزأة بين
المستفيدين منها، غير أن كراءها أو الاشتراك فيها لمدة أقصاها سنتان فلاحيتان بين
المستفيدين منها فقط يتوقف على إذن جمعية المندوبين.
ومقررات جمعية المندوبين
الخاصة بتقسيم الانتفاع لا يمكن الطعن فيها إلا أمام مجلس الوصاية الذي ترجع إليه
القسمة من طرف المعنيين بالأمر نفسه أو من لدن السلطات المحلية، وينظر المجلس كذلك
في جميع الصعوبات المتعلقة بالتقسيم..."
إلا أن هذا الظهير لم يشر
إلى طريقة تقسيم حق الانتفاع بين أعضاء الجماعة وترك الأمر للأعراف والعادات
المتبعة في كل قبيلة.
وهكذا نجد لبعض من الجماعات
تقسيم أراضيها على أرباب العائلات والخيام، والبعض الآخر يجعل الانتفاع حكر على
الأفراد، والعائلات الذين أحيوا الأرض أو ورثوها عن
أجدادهم([147])
واستغلال الفقراء من طرف الأغنياء، الأمر الذي يؤدي إلى اذكاء روح البغض والكراهية
واشعال نار الحقد لدى ذوي الحقوق تجاه بعضهم البعض، مما ينتج عنه قيام نزاعات
وصراعات بينهم كنتيجة لعدم تقبلهم التسليم بهذه المعاير التي تجد سند الأخذ بها في
الفصل المذكور أعلاه، خاصة وأن الأرض تعتبر من أهم مكونات المجتمع البدوي، بشكل
يجعلها تحتل مكانة عظيمة في نظر السكان القرويين، الشيء الذي يجعلهم يقفون موقف
الرافض لكل ما من شأنه أن يؤدي إلى انتزاعها منهم أو حرمانهم منها، وما يترتب عن
ذلك من نزاعات.
ومن أجل ذلك بادرت مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية إلى اصدار
ضابط تحت رقم 2977 بتاريخ 13 نونبر 1957 والذي من خلاله تم تعريف رؤساء العائلات
بأنهم الرجال المتزوجين من 6 أشهر على الأقل والأرامل أفراد الجماعة اللائي لهن
ولد واحد على الأقل([148])،
وإذا توفي فرد كان له حق في نصيب ينقل حقه إلى زوجته وأولاده الذين لم ينالوا
نصيبا بعد، ويبقى هذا الحق لزوما مشاعا بينهم، وإن لم تكن له زوجة وأولاد فإن النصيب
الذي كان بيده يعلن عن فراغه ويمنح لفرد آخر من الجماعة لا نصيب له.
وإذا كان الأمر قد يفهم
من حيث أن القبيلة تحافظ على الملكية داخل القبيلة من خلال اقتصار ذلك على الرجل
لأن المرأة قد تتزوج من خارج القبيلة، وبالتالي انتقال الملكية من خلالها إلى خارج
القبيلة، لكن الأمر غير مقبول من الناحية الشرعية أو الدستوري، إذ ليس هناك في
الشرع ما يمنع المرأة من الإرث، وبالتالي فهو حيف يمارس ضد المرأة ولا علاقة له بالشرع
والقانون ولا يجوز أن يتحول العرف إلى قاعدة قانونية، ما دام هذا الأخير غير منصف[149]
وهو نفس الاتجاه الذي سار
فيه كل من المجلس العلمي الأعلى وكذا القضاء المغربي، لذا كان من الضروري ايجاد حل
تشريعي تستفيد بمقتضاه المرأة السلالية شأنها شأن الرجل دون استثناء، خاصة وأن
المستفيد من قطعة أرض جماعية قد يتوفى ولا يترك إلا البنات
وبالتالي يحرمن من حق انتقال الاستفادة إلى ورثته طبقا مدونة الأسرة
والدستور، هذا التدخل التشريعي بإمكانه أن يرفع عناء اجتهاد القضاء ومدى تضارب
أحكامه، حتى يريح نفسه ويريح العباد.
ثانيا: تقسيم الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري
نظرا لاتساع
رقعة الأملاك الجماعية ونظرا لأهميتها الاقتصادية والاجتماعية، بحيث أنها تشغل
حوالي خمس سكان المغرب، ومن أجل أن تلعب دورا أساسيا في التنمية الاقتصادية
للبلاد، فقد أصبح من اللازم ضمان حد أدنى من الاستقرار للاستغلالية الجماعية
لتشجيع تنميتها من طرف المستخدمين، وأول محاولة في هذا الصدد هو صدور ضابط وزير
الداخلية المؤرخ في 13 نونبر 1957 المشار إليه في الفقرة الأولى، والدي أعلن مبدأ
المساواة في الحقوق بين أفراد الجماعات مهما كانت الوسائل التي يتوفر عليها كل
منهم، مع تخصيص حصة لأرامل اللواتي يتوفرن على أولاد تحت حضانتهن إلى غير ذلك من
التدابير.
إلا أن التدابير العادية التي جاء بها الضابط الآنف الذكر لم تكن كافية
لتحقيق التنمية الفلاحية نظرا لكونها تشكل تدابير انتقالية لها تأثير على
الاستغلالية، لا يلبث أن ينعدم بحلول موعد القسمة، لذا أصبح من اللازم أن يشمل
الإصلاح جذور الملكية الجماعية والقواعد المنظمة للاستغلال، وأهم اصلاح جذري عرفه
نظام هذه الملكية هو ميثاق الاستثمارات الفلاحية، ولو أن هذا الإصلاح يعتبر جزئيا
نظرا لكونه لا يهم إلا الأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري.[150]
فقد اعتبر المشرع من الفصل الثاني من الظهير الشريف الصادر بتاريخ 25
يوليوز 1969([151])
الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري ملكية مشاعة بين ذوي الحقوق
المتوفرين غلى هذه الصفة بتاريخ نشر هذا الظهير، وبذلك تم الانتقال من الملكية
الجماعية
إلى الملكية الشائعة[152]
واستنادا إلى هذا الظهير، تحولت الأراضي الجماعية إلى ملك مشاع بين ذوي الحقوق
المسجلة اسماؤهم باللائحة التي وضعتها الجماعة النيابية، والمصادق عليها بقرار من
وزير الداخلية، والمنشور بالجريدة الرسمية.
وهكذا فقد أوجب الظهير أن تضع جمعية مندوبي كل هيئة جماعية لائحة ذوي
الحقوق، وألا يدرج في اللائحة أعضاء الجماعات الذين فقدوا حقهم في العقار الجماعي
على إثر منحهم قطعة أرضية من ملك الدولة، طبقا لمقتضيات ظهير 29 دجنبر 1972 الذي
بمقتضاه تم منح بعض الفلاحين أراضي فلاحية أو قابلة للفلاحة من ملك الدولة الخاص،
وذلك لا يستفيد هؤلاء من قطعة فلاحية مشاعة ويحرم من لم يستفيد منها.
كما نص الظهير على طريقة خاصة لنقل الإرث لتجنب تكاثر عدد الملاكين على
الشياع تقضي بإنتقال الحصة المشاعة إلى احد الورثة الذي يتم اختياره إما بالاتفاق
مع باقي الورثة، أو بتدخل من مجلس الوصاية، على أن يؤدي للورثة الآخرين قيمة
حقوقهم.[153]
كما أنه يمنع التخلي عن الحصص المشاعة إلا لفائدة ملاك على الشياع مع
مراعاة مقتضيات الفصل التاسع من ظهير 20 يوليوز 1969. كما تطرق الفصلان الثاني عشر
والثالث عشر إلى إمكانية تجزئة العقار الجماعي المعني بصفة كلية أو جزئية بقرار
مشتركة لوزير الداخلية ووزير الفلاحة، بكيفية تساعد على منح كل ذوي حق قطعة أرضية
تعادل مساحتها حصته على الشياع، ويجب أن تؤدي هذه التجزئة إلى خلق مؤسسات استغلال
تعادل مساحتها خمس هكتارات على الأقل، يصبح صاحب هذه القطعة بعد تسليمها له
مالكها، أما جزء العقار المطابق لحصص الملاكين على الشياع والتي تقل مساحتها عن
خمس هكتارات فيبقى مالكا على الشياع لذوي الحقوق غير الأفراد المسلمة إليهم قطعا
أرضية، مما أصبح معه هذا الظهير يؤدي في النهاية إلى التأجير، أو تعيين مسير، أو
تدخل القضاء لتعيين الطريقة المفيدة للشركاء في استغلال العقار المشترك، وهو ما
يطرح مشكل القانون الواجب التطبيق، خصوصا وأن هذا القانون لم ينسخ مقتضيات ظهير
25/ 07/ 1969.
الأمر الذي أدى ببعض الباحثين إلى القول بإلغاء القانون رقم 94/ 34 لإزالة
المعيقات القانونية التي تقف في وجه تحرير العقار الجماعي وتسيير تداوله في السوق
العقارية إضافة إلى ما سيكون لذلك من تأثير ايجابيا على حل معضلة الملكية الشائعة[154]
وأمام كل هذه المشاكل التي أصبحت تطرحها الأراضي الجماعية بصفة عامة ومسألة
التقسيم بصفة خاصة، لم يبقى لي إلا أن أزكي الطرح القاضي بتسوية الوضعية القانونية
لأراضي الجموع بتمليكها بصفة نهائية للمستفيدين مع مراعاة نسبة تزايد هائلات
المستفيدين وعدم كفايتها، وضرورة تخلي الدولة عند بعض الأراضي لفائدتهم على شكل
تعاونيات فلاحية على غرار تعاونيات الإصلاح الزراعي المطبق منذ أوائل الاستقلال
إلى ألان، لا سيما وأن هذه الإجراءات من شأنها التقليل من حدة التأثير التي أشار
إليها أحد الباحثين، والمتعلقة أساسا بالنمو الديموغرافي المتزايد وما يقابله من
نقص في مساحة الأراضي المستغلة من طرف الجماعات السلالية.
الفقرة
الثانية: الصعوبات التي تعترض التفويت المقيد لأراضي الجموع
نظرا لأهمية الأراضي الجماعية ودورها في التنمية، فقد منع المشرع تفويتها
إلا في حالات استثنائية ووفق ضوابط محددة.
وقد عمل القضاء على تطبيق هذا المبدأ كلما
تبين له أن أرض النزاع جماعية، مهما كان نوع التصرف الناقل للملكية الذي ورد عليها([155])
إلا أنه ونظرا للمساحات الشاسعة التي تمتلكها الجماعات السلالية، ورغبة من
المشرع بجعلها تقوم بدورها التنموي، فقد أقر بعض الاستثناءات على مبدأ عدم تفويت
الأراضي الجماعية، وذلك بمقتضى الفصل 11 من ظهير 27 أبريل 1919 المعدل بظهير 1963.
إلا أنه بالرغم من أهميته، فإن عملية
التفويت المقيد هذه تعتريها عدة صعوبات تنعكس سلبا على العملية الاستثمارية لهذه
الأراضي.
فمما لا شك فيه أن الاستثناء الوارد على مبدأ عدم قابلية الأراضي الجماعية
للتفويت، قد ساهم في تكوين رصيد عقاري ينتج عنه تحقيق عدد كبير من المشاريع ذات
النفع بالنسبة للحصص الموزعة على الانتقال بوضعيتها من الملكية الجماعية إلى
الملكية الشائعة ثم إلى الملكية المفرزة بعد القيام بعملية التجزئة.
وتترتب على هذا التحويل تجريد الجماعة النيابية ومجلس الوصاية من أي تدخل
في اسناد التصرف أو التصرف أو اسقاطه، إذ أصبح اختصاص الجماعة النيابية منحصر في
وضع لائحة ذوي الحقوق، وتعيين الفرد الذي ينبغي أن تتسلم القطعة في حالة وفاة أحد
الملاكين على الشياع عند عدم حصوص اتفاق بين الورثة على تعيين أحدهم.
إلا أنه إذا كان هذا الظهير لا يحرم ورثة المالك على الشياع من أخذ نصيبهم
من الإرث، فإنه لم بيح لجميع الورثة حق التصرف في الحصة التي كان يتصرف فيها
موروثهم، وهذا فيه اهدار لحقوق الورثة الآخرين. إضافة إلى ذلك فإن تعيين الفرد
الذي ستسلم إليه الحصة من طرف مجلس الوصاية غير مقبول من الناحية القانونية في
حالة ما إذا كان جميع الورثة يمتهنون الفلاحة، الأمر الذي أدى ببعض الباحثين[156]
إلى القول بالأخذ بالقرعة بين جميع الورثة عن طريق السلطة المحلية لمعرفة الوارث
الذي ستسلم إليه الحصة، حتى لا يكون هناك أي غبن.
كما أن عملية وضع اللوائح لم تكن مضبوطة بالشكل المطلوب، إذ أن اللوائح
المنشورة لم تطابق واقع الاستفلال بأنه تبث من البحث الميداني المقام بجهة الغرب
أن 511 من المستغلين لم ترد أسماؤهم ضمن اللوائح المنشورة، وذلك بفعل التوزعات
التي تمت بعد نشر اللوائح، كما أن حوالي 3225 من ذوي الحقوق المنشورة أسماؤهم لا
يشغلون حصصهم.[157]
ولتصحيح هذه الوضعية تم تشكيل لجنة مركزية وأخرى جهوية بإيجاز من المؤسسة
المالية الدولية المقرضة. التي ربطت تمويل بعض المشاريع المراد انجازها على هذه
الأراضي بضرورة تسوية الوضعية.
إلا أنه بالرغم مما حققته من نتائج ايجابية فيما يتعلق بانخفاض نسبة
المنازعات ورفع مستوى المعيشة، فإنها قوبلت بمشاكل قانونية وتقنية ومالية، تختلف
حدتها من منطقة إلى أخرى، حالت دون تسريع وثيرة عملها وتنفيذ برامجها وفق تقديرات
السلطات العامة وانتظارات المستغلين لعقارات الأملاك.
بالنظر إلى هذه النتائج غير المرضية لاستثمار الأراضي الجماعية الواقعة في
دوائر الري دعا البعض إلى إعادة النظر في هذا النظام العقار، في حين التقى البعض
من المختصين والمهتمين بالاقتصاد العقاري والتنمية القروية بالمطالبة بمراجعة
النصوص المنظمة للملك الجماعي حتى تساير متطلبات الاستثمار([158])
خاصة لرفع التعارض الحاصل بين الفصل الثامن من ظهير 25/ 07/ 1969 والفصل
الرابع من القانون رقم 94/ 34 المتعلق بالحد من تقسيم الفلاحية الواقعة داخل دوائر
الري ودوائر الاستثمار بالأراضي الفلاحية([159]) الذي
منع قسمة الأراضي الواقعة داخل دوائر الري.
كما أن هذا القانون لم يكتف بهذا المنع وإنما وضع طرق لمراقبة التصرفات
المخالفة لهدا المنع من طرف الإدارة، وحدد العقوبات التي يمكن انزالها بالمخالفين
وفي المقابل نظم في الفصل الخامس طريقة مختلفة لاستغلال العقارات المشاعة آخذ
بمبدأ التراضي بين المالكين، وذلك بصورة جماعية، أو بالتناوب عن طريق المهيأة
الزمنية، أو بواسطة العام، إلا أنه بالرغم من كل هذا، فإن عملية التفويت المقيد
لأراضي الجموع، لا تخلو من خروقات صاخبة، الأمر الذي يدفعنا إلى التشكيك في
القواعد والضوابط المنظمة لهذه العملية.
وهكذا، فإذا كان الفصل الحادي عشر من 1919 قد حدد طرق التفويت، فإن بعض
المؤسسات العمومية والجماعات المحلية، وخاصة القروية تعمد إلى الاستحواذ على أراضي
جماعية دون أي اتفاق، وتحدث فيها بنايات أو تجزئات أو أسواق عمومية ضاربة بعرض
الحائط حقوق الجماعة السلالية وحقوق المنتفعين بالأرض، وكذا ظهير 1919، والظهائر
المعدلة والمعتمدة له([160])
كما أنه قد يتم استغلال هذا الاستثناء من المنع حيث يتم الاكتفاء أحيانا
باستعارة أسماء هذه المؤسسات فقط واللجوء إليها لتوقيع عقود البيع للخواص([161])
وأحيانا أخرى يتم تسهيل تحويل أراضي الجموع إلى أراضي خاصة دون استعارة لهذه
المؤسسات. كما هو الشأن بالنسبة لقرية "عين الحمرة" بعمالة
الفحص أنجرة، إذ تم تسهيل انتقال الأراضي الجماعية إلى الخواص بمتواطئ مع السلطات
والجماعات المنتخبة المعنية.
كما أن بعض الجماعات السلالية تقوم بتجزئة أنصبتها الجماعية خوفا من نزعها
منهم من طرف الدولة بقصد انجاز مشاريع عمرانية وتعويضهم تعويضا هزيلا، كما سبق أن
وقع لذويهم من عمليات سابقة، بالإضافة إلى عدم رضا القبائل بتفويت حقوقها نظرا
للمكانة التي لا زالت تحتلها الملكية الجماعية في المجتمع المغربي([162])
وكذا المشاكل الناتجة عن التأخير الحاصل في أداء ثمن الصفقات، خصوصا التي
تعاني من قلة مواردها المالية.
المبحث الثاني: المعيقات المرتبطة بتدبير واستغلال الأراضي الجماعية، وبعض
المقترحات لتجاوزها
إن التنظيم القانوني لأراضي الجموع وما خلفه من مشاكل جعل هذه الأراضي لم
تشهد ذلك التطور الذي عرفته بعض أنواع الملكيات الأخرى، وأثر سلبا على تنميتها
واستثمارها، وأدى إلى اعتماد أعراف وتقاليد عتيقة في استغلال هذه الأراضي وابراز
الحاجة إلى تطويرها.
وتجدر الإشارة إلى أنه غذا كانت الوزارة الوصية والدولة تولي أهمية لتنظيم
طرق استغلال هذه الأراضي إما في شكل ظهائر شريفة أو مراسيم، فإن التطور الذي أصبح
يعرفه المغرب أصبح يحتم التفكير في ايجاد حلول بديلة تعمل على ادماج هذا الرصيد
العقاري الهام بكل مكوناته البشرية والعقارية والاجتماعية والثقافية في مسلسل
التنمية المندمجة([163]) حتى
تتمكن هذه الأراضي وأيضا الجماعات السلالية من الزيادة في المردودية والانتاج وكذا
المساهمة في التخطيط الحضاري المحكم.
وللتفصيل أكثر في هذا الموضوع ارتأينا تناوله بالحديث عن الإشكالات
المتعلقة بالهيئات الموكول لها تدبير أراضي الجموع والنزاعات المثارة بشأنها (المطلب
الأول) ثم بعد ذلك محاولة معالجة اشكالات هذه الأراضي وابراز الآفاق
والمقترحات لمعالجتها (المطلب الثاني).
تمتاز الأراضي الجماعية بعدة خصوصيات تميزها عن باقي الأنظمة العقارية
الأخرى على مستوى الجهات المخول لها أمر التسيير والتدبير، حيث أن المشرع قد منح
مهمة تدبيرها والسهر على شؤونها لمجموعة من الأفراد الذين ينتمون إلى الجماعات
السلالية يطلق عليهم اسم جماعة النواب، ومن أجل ضمان حسن سير عملها، والنظر مدى
صحة القرارات والطعون المقدمة ضدها، ثم وضعها تحت اشراف ومراقبة مجلس الوصاية، إلا
أنه بالرغم من ذلك فإن عملية تدبير الأراضي الجماعية لا زالت تعتريها العديد من
المشاكل لا من حيث الهيئات المخول لها تدبيرها (الفقرة الأولى) ولا من حيث
واقع تدبير المنازعات الناشئة عنها (الفقرة الثانية).
الفقرة
الأولى: هيئات تدبير أراضي الجموع
قصد الحفاظ على التقاليد والعادات التي تميز كل جماعة سلالية على حدة، فقد
منحت مهمة تدبير الأراضي الجماعية والسهر على شؤونها من خلال استغلال هذه الأراضي
لمجموعة من الأفراد الذين ينتمون إليها يتم تعيينهم من الجماعة نفسها أطلق عليها
اسم جماعة النواب أو جمعية المندوبين حسب ما جاء في الفصل الثاني من ظهير 27 أبريل
1919، وتعاني هذه الهيئات من مجموعة من المشاكل تحول دون تحقيق النتائج المرجوة،
سواء تعلق الأمر بالجماعات السلالية وممثلها (أولا) أو بالهيئة المكلفة بمراقبة
هذه الجماعات (ثانيا)
أولا: الإشكاليات المرتبطة بالجماعات
السلالية وممثليها
من خلال
التعاريف التي سبق أن أوردناها سابقا حول التعريف بأراضي الجموع أو أراضي الجماعات
السلالية، يتضح أن هذه الأخيرة هي تلك المجموعات المشملة إما في شكل قبائل أو
دواوير أو فصائل أو غيرها من العشائر الأصلية، تكون فيها حقوق الفرد غير متميزة عن
حقوق الجماعات.
وقد حصرها في الفصل الأول من ظهير 27 أبريل 1919 في تلك القبائل وفصائل
القبائل وغيرهم من العشائر الأصلية التي تتمتع بحق الانتفاع بالأملاك الجماعية
وفقا للعوائد المألوفة في الاستغلال والتصرف تحت وصاية وزارة الداخلية[164]
وقد أعطى المشرع للجماعات الأصلية الحق في تدبير أملاكها المشتركة بين
أعضائها
والقيام بجميع التدابير للحفاظ عليها إداريا([165]) وذلك
بمنحها شخصية معنوية للتمكن من تسيير شؤونها بنفسها وإعطائها كيان ذاتي مستقل عن
كيان ذوي الحقوق المكونين للجماعة. ومن أجل القيام بذلك تقوم بتعيين أشخاص من
أفرادهم تختارهم ضمن الكيفيات الصحيحة المعتادة المشار إليها سابقا.
وإذا كان المشرع قد حول أمر التقاضي للجماعات
السلالية، إلا أنه ربط هذا الحق بقيود، إذ أوجب على الجماعات أن لا تقيم أو تؤيد
في الميدان العقاري أي دعوى قصد المحافظة على مصالحها الجماعية، ولا تطلب التحفيظ
إلا بإذن من الوصي وبواسطة مندوبين معينين ضمن الشروط المحددة في الفصل الثاني.[166]
وما يلاحظ على هذا الإذن أن المشرع لم يحدد من جهة أجل للمطالبة به، كما لم
ينظم الآجل الذي يجب على سلطة الوصاية أن تجيب خلاله على هذا الطلب.
وبالرجوع إلى مقتضيات الفصل الخامس من الظهير المشار إليه أعلاه، نجده قد
اشترط هذا الإذن بالترافع بالنسبة للجماعات السلالية فحسب، أما بخصوص الدعوى
المقامة من قبل فرد من أفرادها فلم يعر له أي اهتمام يذكر، الأمر الذي يمكن معه
القول أن إقامة الدعوى من قبل فرد من أفراد الجماعة في مواجهة الغير غير مشروط
بهذا الإذن، وهذا ما ذهبت إليه المحكمة الابتدائية بسطات في حكمها الصادر بتاريخ
26/ 02/ 2006 الذي جاء فيه: " إن الإذن المطلوب يتطلب في الدعاوى التي تتقدم
بها الجماعة دون باقي الدعاوى، يتعين التصريح بقبول الدعوى شكلا".
إذا كانت هذه بعض الاشكالات فيما يخص الجماعة السلالية، فماذا عن جماعة
النواب كهيئة مكلفة باستغلال وتدبير الأراضي الجماعية؟
فبالرجوع إلى مقتضيات الفصل الثاني من ظهير 27 أبريل 1919، يتضح أن النواب
هم أشخاص من أفراد الجماعة السلالية يكمن في تمثيل هذه الأخيرة للقيام بالمهام
المنوطة بها. ومما لا شك فيه أن أهم اختصاص لنواب الجماعة السلالية يكمن في تمثيل
هذه الأخيرة ورعاية مصالحها والسهر على تدبيرها لشؤونها الداخلية واستغلالها
للأراضي الجماعية المملوكة لها([167]) وهو
الاختصاص الذي من أجله تم انشاء جمعية المندوبين بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل
الثاني من الظهير المذكور.
من خلال كل هذا يتضح أن أهمية الاختصاصات
الموكولة لنواب الجماعة السلالية والتي تجعل منهم مؤسسة حيوية لها وزنها ومكانتها
في تنظيم وتسيير الحياة الجماعية للقبائل، لذلك عليهم اتخاذ جميع التدابير اللازمة
والتي يتطلبها قيامهم بمهامهم.
ومن بين هذه التدابير نأخذ على سبيل المثال الانتقال إلى عين المكان إما
لإجراء قسمة أو حل نزاع، وهي مسألة تغير صعوبات كثيرة ومتعددة في الواقع العملي
حيث إنهم يجيدون صعوبة في التنقل مما يجعلهم يتساءلون عن إمكانية تعويضهم عن
المهام التي يقومون بها، خاصة مع امكانيتهم المادية، مع العلم أن تعويضهم في ضمانة
لنزاهتهم عند معالجة المشاكل، كما يعد تشجيع لهم وابعاد كل الشبهات التي يمكن أن
تحول حول المأمورية المسندة إليهم.[168]
وإذا كانت مسألة تحديد الأتعاب من النقط التي أثيرت في المناظرة الوطنية
والتي خرجت بتوصية مفادها منح تعويضات لنواب الجماعة الأصلية في التنقلات التي
يقومون بها إلى المصالح المركزية في إطار مهامهم([169]) فإن
هذه التوصية قد اقتصرت فقط على التعويضات التي تهم انتقال هؤلاء النواب إلى
المصالح المركزية دون التنقلات التي يقومون بها في إطار حل النزاعات وإجراء
القسمة.
كما أن الظهير لم يبين طريقة اتخاذ القرارات، ولم يحدد أجلا معينا لاستئناف
القرارات الصادرة عن هذه الجماعات، وكذا الشكليات الواجب توفرها في القرارات
النيابية، كما لم يتم تحديد عدد أعضاء المجالس النيابية التي تعتبر بمثابة محكمة
ابتدائية الذي حبذا لو أن المشرع يتدخل ويعطي للمرأة حق العضوية في هذه المجالس.
ثانيا: الصعوبات المرتبطة بالهيئة المكلفة
بمراقبة الجماعات السلالية
يعتبر مجلس الوصاية الهيئة الإدارية المكلفة
بمراقبة الجماعات السلالية خلال تدبيرها لأملاكها، وذلك لحماية هذه الأملاك
وصيانتها نظرا للدور الذي تقوم به في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن هذه
الهيئة تطرح العديد من المشاكل .
فالفصل الثالث من ظهير 27 ابريل 1919 ينص
على أنه: "يعهد بالوصاية على الجماعات إلى وزير الداخلية ويسوغ له دائما أن
يستشير مجلس الوصاية الذي يجب على الوزير جمعه في الأحوال المستوجبة لتدخله
والمبينة بهذا الظهير، وهذا المجلس الذي ينعقد تحت رئاسة الوزير أو نائبة، يتركب
من وزير الداخلية أو نائبيهما، وعضوين اثنين يعينهما وزير الداخلية.[170]
إلا أ، ما يلاحظ بخصوص هذا التكوين أنه ذو طابع مركزي فمجلس الوصاية يتكون
اساسا من أطر وزارة الداخلية، إلى جانب وزير الفلاحة أو نائبه، وهي مسألة تحتم أن
تكون الاجتماعات التي يعقدها على مستوى مركزي، حيث تعقد بمقر وزارة الداخلية
وبالتحديد مديرية الشؤون القروية بها.
والملاحظ كذلك أن وزير الداخلية يبقى مهيمنا على تشكيل مجلس الوصاية،
فبالإضافة إلى كونه يشكل جزءا منه، فإن أغلب أعضاء هذا المجلس إما يمثلون وزارة
الداخلية أو تلعب هذه الأخيرة دورا حاسما في تعينهم، وهذا ما يعطينا مشروعية
التشكيك في الدور الذي يمكن أن يقوم به مجلس الوصاية وكذا التشكيك في مدى مصداقية
استشارته من طرف وزير الداخلية.
كما يتضح من التركيب التي يتشكل منها مجلس الوصاية أنها تتكون من عدد
مزدوج، في حين يلاحظ من خلال القوانين المنظمة للمجالس أن هذه الأخيرة تكون مكونة
من عدد وتري.
كما يتبين لنا من خلال الوقوف على مختلف
فصول ظهير 27 ابريل 1919 أن الاختصاصات المنوطة بمجلس الوصاية لا تخلو من
انتقادات، فأهم اختصاص يضطلع به هذا المجلس، هو الحفاظ على مصالح الجماعات
السلالية والسهر على حسن تدبيرها للأراضي الجماعية المملوكة لها واستغلالها بالشكل
الذي يسهم في تنميتها، وبالتالي تحقيقها للدور الاقتصادي الذي يمكن أن تضطلع به[171]
وبغية التأكيد على نزاهة وعدالة القرارات
الصادرة عن اللجان النيابية لهذه الجماعات ومدى مراعاتها للنظم والقوانين السارية
على أراضي الجموع، فإن المشرع قد خول لمجلس الوصاية اختصاص النظر في الطعون
المقدمة ضد هذه القرارات بالشكل الذي جعل من هذا الأخير درجة ثانية للنظر في
النزاعات، وهو ما أكدته المحكمة الإدارية بمكناس في قرارها عدد 13/3/ 2002 الصادر
بتاريخ 4 فبراير 2002 إذ ورد في هذا القرارات "حيث أنه وطبقا لمقتضيات الظهير
الشريف الصادر بتاريخ 6 فبراير 1963 المغير والمعدل لظهير 27 ابريل 1919 المتعلق
بتنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وضبط تدبير الإدارة للأملاك
الجماعية، فإن القرارات الصادرة عن اللجان النيابية في شأن تدبير الأملاك الجماعية
ليست بقرارات نهائية، لأنها تقبل الطعن أمام مجلس الوصاية.[172]
إلا أن مركزية هذه المجالس غالبا ما تحول
دون تحقيق للسرعة الواجبة للبث في تلك الطعون، مما قد يلحق ضررا بمصالح الجماعات
السلالية باستغلال ذوي الحقوق للأراضي المملوكة لها، ينضاف إلى هذا العامل عامل
آخر لا يقل أهمية ويتجلى في الثغرات التي تعتري ظهير 1919 إذ أن المشرع لم يحدد
أجلا لاستئناف القرارات النيابية أمام مجلس الوصاية.
وفي هذا السياق ذهبت وزارة الداخلية إلى نهج سياسة اللاتمركز وذلك من أجل
تدبير أفضل لشؤون الجماعات السلالية وممتلكاتها.
ولتفعيل هذه السياسة عملت مديرية الشؤون القروية على إعداد والمصادقة على
ميثاق لا تمركز الأراضي الجماعية في إطار مقاربة تشاركية مع السلطات الإقليمية
والمحلية ونواب الجماعة السلالية، والذي شرع في تطبيقه ابتداء من سنة 2013 بطريقة
تدريجية لنقل مجموعة من اختصاصات الوصاية إلى الجماعات السلالية وممتلكاتها من
المستوى المركزي الى المستوى الإقليمي في تناغم تام مع روح الجهوية المتقدمة
وتكريسا لسياسة القرب التي تبنتها الحكومة، وهي نفس التوصيات التي كانت قد أوصت
بها اللجنة الثالثة في إطار المناظرة الوطنية حول الأراضي الجماعية، والتي حثت
فيها على ضرورة إحداث مجلس وصاية على مستوى كل إقليم.
الفقرة الثانية: الصعوبات المتعلقة بتدبير
منازعات أراضي الجموع
رغم المجهودات الجبارة التي بذلتها السلطة لرفع
اللبس والغموض اللذان يكتنفان مقتضيات ظهير 27 ابريل 1919 فيما يخص تدبير أراضي
الجموع، وذلك بإصدارها المنشور الوزاري المشترك بين وزير الداخلية ووزير العدل عدد
8/ 62 بتاريخ 12 مارس 1962، فإن واقع تدبير المنازعات بشأنها لا زال يتخبط في
العديد من المشاكل، تبرر من خلال تجاوز الجهات الإدارية اختصاصاتها تارة (أولا)
وتجاوز المحاكم والجماعات النيابية لاختصاصاتها تارة (ثانيا)
أولا: اشكالية تجاوز السلط الإدارية
لاختصاصاتها في تدبير منازعات أراضي الجموع
إذا كان الظهير المنظم للأراضي الجماعة والمنشور الوزاري المشترك
عدد 8/ 62 الموضح لمقتضيات ظهير 1919 فيما يخص جهات تدبير منازعات اراضي الجموع قد
حدد عموما اختصاصات الجماعة النيابية، ومجال تدخل السلطة المحلية، فقد سجلت بعض
المنازعات المعروضة على القضاء تجاوز الجهات الإدارية لاختصاصاتها وتطاولها على
اختصاص جهة أخرى.
وفي هذا الإطار صدر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى([173]) قرار
يسجل تطاول مجلس الوصاية على اختصاص الغير، إذ جاء في هذا القرار إن "أراضي
الكيش ليست من أملاك الجماعات، فلا يختص مجلس الوصاية باتخاذ أي قرار بشأن
استغلالها، وكل ما له هو الدفاع عن مصالح الجماعة المتعلقة بها، ولهذا فإن تصدي
مجلس الوصاية للبث في النزاع بين شخصين حول استغلال هذه الأراضي يعتبر خروجا عن
دائرة اختصاصه، مما يستوجب إلغاء المقرر المطعون فيه"
كما أنه في حالة أخرى يعمد إلى فتح النزاع
من تلقاء نفسه، الأمر الذي كان محل طعن
أمام المحكمة الإدارية، والتي ذهب في هذا الإطار إلى القول: "لا يمكن
لمجلس الوصاية أن يفتح النزاع من تلقاء نفسه، استنادا إلى نفس الاستئناف الذي سبق
له أن بث فيه، وأن القرار الصادر عن المجلس بإلغاء قرار سابق يعتبر مشوبا بعيب
مخالفة القانون بخرقه لمبدأ أسبقية البث".
وباعتبار السلطة المحلية ممثلة وزارة الداخلية في ربوع المملكة التي تنتشر
فيها الأراضي الجماعية، وباعتبار دورها يتمثل في القيام ببعض التدابير الجماعية،
التي يمكن أن تتسع أو تضيف حسب الأعراف والتقاليد السائدة في المنطقة نظرا لغياب
نص قانوني يحدد بشكل دقيق اختصاصاتها في هذا المجال، فإنه غالبا ما تقوم السلطة
المحلية باتخاذ عدة مقررات في تدبير منازعات أراضي الجموع، وبالتالي التطاول على
اختصاصات جهة أخرى، وفي هذا الإطار صدر قرار عن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا
)([174])
يسجل تطاول لسلطة المحلية على اختصاصات المجالس النيابية، إذ ذهب إلى القول إلى أنه: "حيث ليس من اختصاص
وزير الداخلية، ولا السلطة المحلية البث في تلك النزاعات بين من يدعي انتسابه
للجماعة المالكة للأرض، ما دام أن المشرع قد أناط هذا الاختصاص لغيرها، لذلك
فالمقرر المطعون فيه صدر عمن لا يملك حق اصداره، وبالتالي لحقه عيب عدم الاختصاص..."
وفي نفس السياق ذهب المجلس الأعلى إلى إلغاء
الذي اتخذته السلطة المحلية في أحد
النزاعات، إذ ذهب إلى القول: "انه
سواء كان المقرر المذكور فسخا للبيع أو مجرد منع مؤقت للمشتري من القيام بالبناء،
فإنه لم يصدر من شخص مختص بإصدار إذ في الحالة الأولى ينص الفصل العاشر من كناش
التكاليف على اختصاص الجماعة دون غيرها بالفسخ بعد انذار المشتري قدره ثلاثة أشهر،
ولا ذكر في أي نص لاختصاص رئيس لجنة الخبرة في هذا المجال، ومن جهة أخرى فإن علاقة
القائد بالجماعة تصطبغ بصفة الوصاية الإدارية، وعلى مقتضى ذلك ليس له أن يحل محلها
في اتخاذ هذا المقرر، طالما لم يرخص له القانون ذلك، أما في الحالة الثانية فإنه
بالإضافة إلى منع المشتري من البناء من طرف القائد، لم يتم التنصيص عليه فإنه لا
يمكن تبريره تأسيسا على ما للغدارة حسب المبادئ العامة من حق انزال الجزاء تلقائيا
على المتعاقد معها في بعض الظروف والاستعاضة غن الجزاء المتفق عليه بجزاء آخر،
والحالة بالأخص أنها ليست طرفا في العقد الحاصل بين الجماعة والمدعي، ,ان حصول
البيع بالجزاء تحت اشراف لجنة إدارية، لا يغير من ذلك في شيء"[175]
كما أن السلطة المحلية كثيرا ما تتخذ قرارات بشأن توزيع الانتفاع، الذي
يعتبر من اختصاص مجلس الوصاية، الذي يأذن به الى الجماعة النيابية التي تسهر على
تقسيم الأراضي من أجل الانتفاع، كما أن السلطة المحلية كثيرا ما تترأس اجتماعات
الجماعات النيابية، وتصدر مقرر باسمها: "نحن ممثل السلطة المحلية"
وتوقع على المحضر، في حين أن دورها يقتصر على الإشراف على الاجتماع، وليس لها حق
التوقيع، ويبقى لها تحريره تقرير حول الاجتماع، واعطاء رأيها حول أجواء الاجتماع
الذي تحيله على سلطة الوصاية.
بل الأكثر من ذلك فإن السلطات الوصية تقوم
بإبرام عقود الاشتراك الفلاحي، أو عقود الأكرية في جلسات سرية بعيدا عن الجماعات
الأصلية، بالرغم من الدور الكبير الذي تقوم به هذه الأخيرة في هذه العقود.
هذه إذن هي أهم تجاوزات السلطة المحلية
لاختصاصاتها في تدبير أراضي الجموع، والتي
لا تقل درجة عن المحاكم والجماعات النيابية
بخصوص هذا الشأن.
ثانيا: اشكاليات تجاوز المحاكم والجماعات
النيابية لاختصاصاتهما في تدبير أراضي الجموع.
من خلال رصد الاختصاصات التي يؤول للنظر فيها بشأن تدبير منازعات أراضي
الجموع، يلاحظ أن هاته الاختصاصات تضيق مقارنة مع الاختصاصات المخولة للسلطة
الإدارية بهذا الخصوص، وإن كان الفضل يرجع للمحاكم للنظر في جل النزاعات،
باعتبارها صاحبة الولاية العامة، وباعتبار الجهاز القضائي يمثل الركيزة الأساسية
للدولة التي تنشد الديمقراطية
لذلك
وأمام هذا الوضع فإنه غالبا ما تتجرأ المحاكم على البث في بعض النزاعات دون مراعاة
للشروط والمقتضيات التي تتطلبها النصوص القانونية المنظمة للوصاية الإدارية على
أراضي الجموع تارة، كما تعمل على اقتحام مجال اختصاص مجلس الوصاية وتنظر في
قراراته، ومدى مشروعيتها في حالات أخرى.[176]
وهكذا فإذا كان الفصل الخامس من ظهير 1919 قد ألزم الجماعات بضرورة الحصوص
على إذن من سلطة الوصاية متى ارادت حماية مصالحها، الأمر الذي يستفاد منه أن
القضاء لا يمكن له البث في الدعوى المرفوعة من الجماعة ما لم تتضمن صراحة الإذن
المخول من طرف سلطة الوصاية بذلك، ولا يبقى أمامه إلا التصريح بعدم القبول، وهو ما
أكده المجلس الأعلى في أحد قراراته[177] الذي جاء فيه: "إن الفصل
الخامس من ظهير 27 أبريل 1919 كما عدل وتمم بمقتضى ظهير 6 فبراير 1963 يمنع
الجماعات من إقامة دعوى في الميدان العقاري، قصد المحافظة على مصالحها الجماعية،
إلا بإذن من الوصي على الجماعات وبواسطة مندوب معين ضمن الشروط المحددة في الفصل
الثاني من نفس الظهير"
إلا أن واقع الأمر يثبت عكس ذلك، حيث يلاحظ أنه غالبا ما تتجرأ المحاكم
وتبث في بعض النزاعات دون اعارة ذلك الشروط أي اهتمام، كما جاء في أحد قرارات
المجلس الأعلى فيما اعتبر أن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه، التي أدانت العارض
من أجل جنحة التصرف في مال غير قابل للتفويت، المنصوص عليها بمقتضى الفصل 542 من
القانون الجنائي، عللت قرارها بالقول أنه من الثابت من مراسلة السيد قائد المقاطعة
القروية بزاكورة عدد 232 بتاريخ 23 غشت 1993 أن القطعة الأرضية جماعية، وأنهم
فوتوها بالبيع، وأن الفصل الرابع من ظهير 27 أبريل 1919 المعدل والمتمم بظهير 6
فبراير 1963 المتعلق بتنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات التي لا تسمح بتفويتها،
وان التكييف السليم للأفعال المرتكبة من طرف الأضناء هو تفويت أملاك غير قابلة
للتفويت، وهي جنحة تدخل في زمرة جرائم الأموال التي تنتمي إليها الجنحة التي توبع
من أجلها الأضناء مما تكون معه المحكمة بذلك، قد استعملت ما يخوله لها القانون من
سلطة وصف الأفعال التي تحال عليها بالوصف الصحيح، وطبقت النص القانوني الملائم
عليها ما استخلصته من دراسة القضية[178]
وإذا كان المجلس الأعلى قد اعتبر أن ما
سلكته المحكمة في الحكم السالف الذكر، فإن غالبا ما يتم رفض مثل هذه الأحكام لعلة
انعدام الإذن الصريح بالتقاضي من طرف السلطة المحلية.
من خلال ما سبق دراسته بخصوص واقع تدبير أراضي الجموع، نلاحظ أن هناك تداخل
الاختصاصات بين الجهات المخول لها تدبيرها، وذلك راجع إلى تشعب وغموض النصوص
القانونية التي تنظم مجال اختصاص كل جهة على حدة، وما ينتج عن ذلك من عرقلة
التدبير والاستغلال الأنجح لهذه الأراضي، وجعلها عاجزة عن مواكبة مشروع التنمية
الشامل، نتيجة الاشتغال بالقضايا الرائجة أمام المحاكم والتعقيدات التي تكتنفها،
الأمر الذي يقتضي تدخل المشرع لتعديل ظهير 1919 بوضع مقتضيات قانونية ملائمة تهدف
بالأساس إلى النهوض بهذا الرصيد العقاري، وعقلنة استثماره واشراكه في مسلسل
التنمية الشاملة[179]
المطلب
الثاني: معالجة اشكالات أراضي الجموع، الآفاق والمقترحات
بعد الانتهاء من تسليط الضوء على مجموعة من الاشكالات والعراقيل التي تعترض
تنمية أراضي الجموع بالمغرب بأبعادها المختلفة، والتي تم رصدها سالفا، يمكن اقتراح
بعض الحلول التي تبدو مناسبة وناجعة، لكونها تراعي الخصوصيات الاجتماعية
والاقتصادية للمغرب، خصوصا إذا ما تم تطبيقها على أراضي الواقع بشكل ايجابي وفعال.
ومما لا شك فيه أن الاستثمار الناجح لأراضي الجموع والوصول إلى تفعيل حقيقي
للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية من خلال الاستثمار في العقار، رهيت بالتغلب على
جميع الصعوبات والعراقيل التي تحول دون وصول هاته المبادرة لأهدافها الحقيقة.[180]
وبناء على هذه المعطيات تظهر ضرورة استغلال هذه الأراضي استغلالا جماعيا في
شكل تعاونيات تعمم على مختلف الأراضي السلالية، وكذا ادماجها في مخطط المغرب
الأخضر لرفع مستوى التنمية في القطاع الفلاحي.
ولتنوير الباحثين والمهتمين ورجال القانون بخصوص
هذا الموضوع ارتأينا تناوله من خلال الحديث عن آفاق أراضي الجموع (الفقرة
الاولى) ثم نعقب البحث بعد ذلك عن بعض المقترحات لتدبير هذه الأراضي (الفقرة
الثانية).
الفقرة
الأولى: آفاق أراضي الجموع
إن الأراضي الجماعية تشغل مساحة مهمة من الرصيد العقاري بالمملكة المغربية،
غير أن التشريع المنظم لها لم يعد يتلاءم التطورات التي تعرفها البلاد في مختلف
المجالات.
ومن أجل الوصول إلى الأهداف المنشودة من هذه
الأراضي وإزالة العوائق التي تحول بينها وبين التنمية ثم التفكير في إحداث
تعاونيا، واعتماد مبدأ الشراكة في إنماء العقار السلالي (أولا) وكذا التفكير في
آفاق هذه الأراضي في ظل مخطط المغرب الأخضر (ثانيا)
أولا: أهمية إحداث التعاونيات، واعتماد مبدأ
الشراكة في إنماء العقار السلالي
قبل الخوض في استعراض مزايا هذا الطرح الذي يركز على العمل التعاوني في
إطار الأراضي الجموع، كبديل لتجاوز الوضعية الراهنة.
ويمكن تعريف التعاونية بكونها جمعية من
الأشخاص المجتمعين بشكل ارادي من أجل بلوغ هدف مشترك عن طريق إنشاء مقاولة مسيرة
ديمقراطيا، حيث يساهم الأشخاص بأنصبة متساوية في رأسمالها ويتضامنون في تحمل
الأخطار المهددة لهذه المقاولة، والمشاركة في توزيع عادل للإنتاج بفضل اسهامهم
الفعال والنشيط.
إن استغلال أراضي الجموع من قبل ذوي الحقوق
في إطار تعاونيات سيساهم بشكل فعال في الرفع من انتاج هذه الأراضي، خاصة إذا تم
التفكير في صيغة لمنح قروض لفائدة أبناء هذه الجماعات السلالية، وذلك بغرض
استثمارها أراضيهم، حيث إنه بناء على الأبحاث المنجزة لدى الجماعات السلالية
والسلطة المعنية، بدا من الواجب مع شهادات الاستغلال الطويل الأمد للقطف الأراضي
السلالية المكونة لحصص أبناء الجماعة، للإدلاء بها كضمانات لدى مؤسسة القروض
البنكية لإبعاد فكرة اللجوء إلى الرهن.[181]
ورغم أن صيغة التعاونية هي الحل الأمثل للعديد من المشاكل التي تتخبط فيها
الساكنة القروية النشيطة، فإن الوضعية الاجتماعية لبعض الجماعات السلالية تقف حجر
عثرة أمام انجاز المشروع التعاوني ذلك أن هذا الأخير، رغم مساعدات الدولة يتطلب
موارد مادية مهمة لخلق الشروط المناسبة لإنشاء الوحدات التعاونية. ومن هنا تظهر
الحاجة إلى البحث عن حل آخر ناجع له أبعاد تنموية وله اسهامات في التنمية
الاقتصادية، على اعتبار أن ثماره لا تستفيد منها الجماعة السلالية مالكه الأرض
فحسب، بل تستفيد منها كذلك الأطراف الأخرى المشاركة في المشروع المزمع انجازه، إن
هذا الحل يتمثل في صيغة عملية التأجير؛ أي تأجير الجماعة السلالية لجزء من أرضها
إلى شركة استثمارية من أجل استغلالها استغلالا عقلانيا بأحدث الطرق وأنجح
الأساليب، مقابل حصول ذوي الحقوق على أنصبة متفق عليها، وتحت إشراف سلطة الوصاية،
وذلك في إطار شراكة اقتصادية
فعالة وناجعة تعود بالنفع على جميع الأطراف المتعاقدة.
وتجدر الإشارة إلى أن مبدأ الشراكة بين الجماعات السلالية والقطاع الخاص
بدأ يفرض نفسه أكثر فأكثر فهو يسمح بتنشيط وإنماء العقار الجماعي، خصوصا في السكن
والسياحة والصناعة، ويساهم في حل العديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، كالحد
من الهجرة القروية، وتنمية العالم القروي، وتشغيل الشباب العاطل غي القطاعات
الانتاجية أو تحسين المجال البيئي، والقضاء على السكن العشوائي.
وقد تبين أن نظام الشراكة المطبق منذ سنة
1994 من طرف الجماعات السلالية هو الأسلوب الأمثل لإيجاد حلول للمشاكل العالقة،
والتوفيق بين التطور المتزايد للعمران بالمدن والمراكز الحضرية، دون المساس بمصالح
الجماعات السلالية.
لهذا يبدو ضروريا تحسيس هذه المجموعات بهذا
الشكل من التعاون الحديث ، الذي لم يستوعب بعد من طرف أبناء الجماعات السلالية،
والتي يمكن جعلها محطة تجربة داخل مجموعات نموذجية قبل وضع قانون الشراكة.[183]
إن التوعية المتزايدة الملحة للجماعات السلالية بخصوص تفويت أراضيها في اطار
شراكة فعالة، ستؤدي بها إلى للتعاون أكثر مع المقاولين الخواص، هذه الشراكة تضمن
لها مستقبل إنجاز تجزئات سكنية لفائدة ذوي الحقوق، وقد أظهرت الشراكة من خلال
تطبيقها بين الجماعات السلالية والمقاولين العقاريين إنها الأسلوب الأنجع لاستثمار
الأراضي الجماعية لأغراض التعمير.
ثانيا: أفاق أراضي الجموع في ظل مخطط المغرب
الأخضر
باستقرائنا
للمراحل التي مر بها تدبير العقار الفلاحي بالمغرب، سنلاحظ أن أراضي الجموع تم
تهميشها وبقيت خارج أي إصلاح زراعي، باستثناء الأراضي الواقعة داخل دوائر الري
التي تم توزيعها على الفلاحين بمقتضى الظهير الشريف رقم 30. 69. 1 بتاريخ 25/
07/ 1969، إلى أن تم الإعلان عن مخطط المغرب الأخضر من طرف وزير الفلاحة عزيز
أخنوش في حفل افتتاح أشغال المناظرة الوطنية الأولى بمكناس في 23 أبريل 2008 تحت شعار "رؤية مستقبلية من جل فلاحة
رائدة"
ومما يجعل
الارتباط وثيقا بين مخطط المغرب الأخضر والأراضي السلالية هو قلة ما تملكه الدولة
من أراضي فلاحية بالنظر إلى 700 ألف هكتار كرصيد عقاري مراهن عليه لنجاحه،
فحسب الإحصاء الفلاحي العام لسنة 1996 كان مجموع ما تملكه الدولة يقل عن 570
ألف هكتار موزعة على الشكل التالي:
-
أراضي الكيش:
240441 هكتارا
-
أراضي الحبوس:
58824 هكتارا
-
أراضي الأملاك
المخزنية: 270153 هكتارا
وهو ما يلاحظ بجلاء أنها في صلب اهتمام
القائمين عليها.
وجميل جدا أن تحظى أراضي الجموع باهتمام
الحكومة، واقحامها في مخطط الإصلاحات وبرامج التنمية نظرا لمساحتها الشاسعة ونسبة
ذوي الحقوق عليها، ونظرا كذلك للمشاكل التي تتخبط فيها والتي تجعلها في محل استباحة
ونهب وسب لقلاقل اجتماعية نحن في غنى عنها.[184]
ومن أجل انجاح هذا المخطط فقد تمت تعبئة أراضي الجموع، التي تمثل 17 في المائة من الأراضي الفلاحية بالمغرب، وذلك قد
الاستثمار فيها من طرف الخواص بعد موافقة ذوي الحقوق، ووضع لإطار محفز لتشجيع
الاستثمار بهذه الأراضي.
بالإضافة إلى خلق شراكات في القطاع العمومي والخاص وفق نظام استغلال جديد
يعتمد على مبدأ الكراء مع حفظ حقوق المستفيدين المالكين الحاليين من هذه الأراضي.
ومن هنا يمكن اعتبار تأجير أراضي الجموع من أهم الآليات التي يعتمد عليها
مخطط المغرب الأخضر من أجل تحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها.
وعليه سنأخذ إقليم الرحامنة بجهة مراكش تانسيفت الحوز كأحد الأقاليم
النموذجية التي عرفت المشاريع الطموحة المنجزة على صعيدها في إطار هذا المخطط،
دينامية حقيقية تشهد عليها النتائج المسجلة على المستوى ارتفاع المردودية، وتحسين
جودة المنتجات بفضل المؤهلات المهمة التي يزخر بها الإقليم، خاصة في قطاعي تربية
المواشي وانتاج الحبوب.[185]
وهكذا وفي لإطار مشاريع الدعامة الأولى لمخطط المغرب الأخضر بإقليم
الرحامنة، فقد تم تنفيذ ثلاث مشاريع نموذجية تتعلق على التوالي ب:
-
مشروع انتاج
بيض الاستهلاك لشركة بيض الرحامنة، المنجز على مستوى الجماعة القروية نزلة العظم،
وذلك بشراكة مع ذوي الحقوق، ويتوخى هذا المشروع الرفع من انتاج البيض بالمنطقة من 198
مليون بيضة إلى 585 بيضة، مع
احداث 195 منصب شغل قار.
-
مشروع التجمع
لإنتاج الأجبان، المنجز على مستوى جماعة صخور الرحامنة والذي يروم انتاج 2850 طنا
من الأجبان وزان 3650 طنا من مسحوق الحليب الصناعي سنويا.
-
مشروع تثمين
منتجات الصبار، المقام بجماعة سيدي عبدالله الذي يهم إنشاء وحدة تثمين الصبار
بإنتاج بلغ 40 طن في اليوم.
وفي هذا السياق يشكل مشروع جنان الرحامنة
المنجز على مستوى الجماعة القروية نزلة العظم مثالا على النجاح التي حققته مختلف
البرامج المسطرة في إطار مخطط المغرب الأخضر، هذه العملية التي تبشر بمستقبل واعد
بالنسبة لأراضي الجموع، حيث تم انجازها بانخراط ذوي الحقوق الشيء الذي سيجعل جهة
مراكش تانسيفت الحوز وإقليم الرحامنة خصوصا، يصرف امتدادات حيوية من شأنها أن
تساهم في تحقيق إقلاع القطاع الفلاحي
وغيرها من القطاعات الأخرى[186].
وبالتالي يمكن القول، بأن تأجير أراضي الجموع
إلى الخواص في إطار هذه الاستراتيجية التنموية، يشكل حلا لمجموعة من المشاكل التي
تعاني منها هذه الأراضي، خاصة إذا لم يتم الاقتصار في عملية التأجير على الجانب
النقدي فقط، وتجاوزه إلى ميادين تنموية أخرى على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
الفقرة
الثانية: مقترحات تدبير أراضي الجموع
إن التصدي لإشكالية ندرة العقار وتضاؤل الاحتياط العقاري للدولة والجماعات
الترابية في الوقت الذي تعرف فيه بلادنا نمو ديموغرافيا وعمرانيا سريعين يتوقع أن
ترتفع نسبته بشكل مهول مستقبلا، ولهذا يجب إيجاد حلول قانونية للمشاكل العقارية
المطروحة من أجل الرفع من مستوى التنمية لهذه الأراضي.
وللتوسع أكثر حول مقترحات تدبير أراضي الجموع، سنتطرق إلى النظرة
المستقبلية لهذه الأراضي (أولا)ثم إلى جملة من المقترحات بشأن تعديل ظهير 27/4/
1919 (ثانيا)
أولا: النظرة المستقبلية لأراضي الجموع
يجمع الكل على أن التشريع المنظم لأراضي الجموع
أصبح غير ملائم، ومن ثم وجب تغييره بهدف تعبئة نموذجية لهذه العقارات من أجل
الاستثمار، إلا أن هذا الإجماع يختلف أمام تعدد اقتراحات التعديل والمراجعة، حيث
يمكن التمييز بين مجموعة من الاتجاهات وذلك على الشكل التالي:
-
الاتجاه
الأول: يدعو هذا الاتجاه إلى إلغاء نظام أراضي الجموع، ويعتمد
في دعوته على عدم تقبله لمفهوم الوصاية الذي لا ينسجم مع التطور السياسي
والاقتصادي الذي تعرفه بلادنا، بل يتعارض ومفاهيم الحداثة التي تعمل الدولة على
اشاعتها داخل المجتمع، كما يبرر دعوته بالتركيز على العديد من السلبيات التي تطبع
هذا النظام، كالتشريع غير الملائم وظروف الاستغلال العتيقة غير المنسجمة، بالإضافة
إلى التلف
الكبير الذي تتعرض له هذه الممتلكات من أراضي فلاحية ومراعي وغابات بفعل الضغط
السكاني، مما يفقد الدولة طاقات ومواردها هامة كان من اللازم استثمارها.
ولهذا تطالب قلة من هذا التيار بإلغاء هذا
النظام، وذلك بتأميم الممتلكات الجماعية، لفائدة الدولة أو الجماعات الترابية
لإعادة هيكلتها وتجهيزها ووضعها تحت تصرف المستثمرين متأثرين في ذلك بالتجربة
الفرنسية التي كان لها نظام مشابه نقلته إلى الإدارة المحلية بمقتضى مرسوم مؤرخ في
22 ماي 1977.
في حين تنادى اغلبية هذا التيار بالتمليك كحل
لهذه الوضعية، على أن يكون هذا التمليك لأفراد الجماعة السلالية المالكة الموجودين
بعين المكان منذ مدة محددة، والذين لا يملكون أراضي تتجاوز مساحتها خمس هكتارات
مسقية أو 20 هكتار في المناطق
البورية والذين يمارسون الفلاحة كمهنة أساسية[187]
-
الاتجاه الثاني:
يهدف هذا التيار إلى تطوير نظام الأراضي السلالية من
خلال ميثاق الاستثمارات الفلاحية، حيث يرى في تمديد مقتضيات هذا الميثاق خاصة
الظهير رقم 30. 69. 1 المؤرخ في 25 يوليوز 1969 على الأراضي السلالية
الواقعة خارج دوائر الري، الوسيلة الأنسب لتجاوز المشاكل التي تعيق تعبئة هذه
العقارات وادماجها في الدورة الاقتصادية، وذلك من أجل التحديد النهائي لعدد
المستغلين وخلق استغلالات قابلة للاستثمار، مما سيوفر الاستقرار باعتباره حجز
الزاوية لأي استثمار.
إلا أن التنفيذ
الجزئي والانتقائي لهذا التشريع، وضعف معدل مساحة الحصة الفردية المستغلة، بحيث لا
تتجاوز هكتار ونصف الهكتار في المناطق السقوية و3 هكتارات في المناطق البورية،
بالإضافة الإضافة إلى الاختلاف في تحديد مفهوم ذي حق وما يترتب عليه من صعوبة في
وضع لوائح ذوي الحقوق، تجعل النتائج المحصل عليها من خلال تطبيق هذا الظهير على
الأراضي السلالية الواقعة داخل دوائر الري ليست مؤشرا كافيا على نجاعة الحلول التي
أتى بها.
-
الاتجاه
اصلاحي: في مواجهة
التيار الإلغاء نجد تيارا إصلاحيا يمثله بعض رجال القانون والإدارة وعلماء
الاجتماع، يحث على ضرورة المحافظة على هذا الإرث الحضاري الذي يشكل مظهرا من مظاهر
الأصالة المغربية، ولحمة توطد الروابط والتضامن بين أفراد الجماعات السلالية، إلا
أنه يؤكد الضرورة الملحة على ادخال إصلاحات على التشريعات المنظمة لهذه الممتلكات
وتطويرها.
ويركز هذا
التيار فكره الإصلاحي على عدة مستويات تخص مفهوم الوصاية، ودور الجماعة النيابية
والاستغلال، فأما بالنسبة لمفهوم الوصاية فيطالب اصحاب هذا النهج بالتخفيف من وطأة
الوصاية التي تمارسها وزارة الداخلية على الجماعات السلالية وعلى أملاكها، وبالحد
من تمركزها، وذلك بنقل العديد من اختصاصاتها إلى الجماعة النيابية حتى تتمكن هذه
الأخيرة من القيام بدورها كاملا وتتدخل بسرعة من أجل الحفاظ والدفاع عن حقوق
الجماعة السلالية التي تمثلها. ولا يقتصر الإصلاح على ذلك، بل يطالب بإعادة النظر
في الدور الإداري للوصاية ليصبح دورا تأطيريا واقتصاديا.
وأما بخصوص
دور الجماعة النيابية، فحتى تتمكن من القيام بالاختصاصات التي ستناط بها لا بد من
دمقرطة اختيار النواب وتحفيزهم من أجل تحسين مردودية عملهم.[188]
أما فيما يتعلق بالاستغلال، فيؤكد أنصار
تيار الإصلاح على خلق الشروط الملائمة للاستغلال العقلاني والمنتج للأراضي الجموع،
وذلك بتغيير مقتضيات الفصل السادس من ظهير 27 أبريل 1919، وذلك بالرفع ممن مدة
الكراء مع العمل على الحد من مركزية الموافقة، وذلك بإسناد الموافقة على عمليات
الكراء عن طريق السمسرة للجنة محلية يشارك فيها نائب الجماعة السلالية المالكة
وتحت رئاسة السلطة المحلية، وأن تختص لجنة إقليمية تمثل فيها الجماعة النيابية
وتحت رئاسة السيد العامل بمسطرة طلب العروض على أن تحتفظ المصالح المركزية بالكراء
عن طريق التراضي بالنسبة للاستثمارات المهمة، خصوصا الأجنبية، بالإضافة إلى وظيفة
المراقبة والمتابعة.
تتميز إذن اقتراحات هذا التيار بحفاظها على الإرث الحضاري مع امكانية
تطويره، وبعدالتها، حيث يستفيد جميع أبناء الجماعة السلالية من الخيرات والموارد
التي تدرها ممتلكات الجماعة السلالية التي ينتمون إليها، ومن ثم الحد من الهجرة
القروية بتوفير الشغل وعصرنة القطاع الفلاحي، ونقل التكنولوجيا في حالة استقبال
الاستثمار، خاصة الأجنبي منه لمواجهة انعكاسات العولمة وتحرير الأسعار[189]
ثانيا: مقترحات بشأن تعديل ظهير 27/04/1919
تطرح مقتضيات
ظهير 27/04/1919، كما عدل بظهير 1963، في علاقته بالاستثمار في أراضي الجموع،
ومساهمتها في التنمية والتعمير، ضرورة تدخل المشرع قصد وضع نص قانوني لتحديد معايير
دقيقة لذوي الحقوق تمكن من إعداد اللوائح بشكل عادل للقضاء على النزاعات التي تنشأ
بين أفراد الجماعة، ووضع حد لتجميد هذه الأراضي مع منح اختصاصات واسعة للجماعة
النيابية حتى تقوم بدورها كاملا وتتدخل بسرعة من أجل الحفاظ والدفاع عن حقوق
الجماعة السلالية التي تمثلها، مع دمقرطة اختيار النواب، سواء عن طريق الاختيار
بالإجماع أو الانتخاب، وتحفيزهم من أجل تحسين مردودية عملهم، وتحديد الشكليات
الواجب توفرها لممارسة عملها واتخاذ قراراتها، ثم إلغاء اختصاص الجماعة النيابية
فيما يخص الفصل في النزاعات بين أفراد الجماعة، وإناطة ذلك بالسلطة القضائية
المختصة مبدئيا في الفصل في الدعاوى وإصدار الأحكام وتنفيذها في إطار احترام حقوق
الدفاع وتمكين المتقاضي من ممارسة طرق الطعن([190]) ولإعادة
النظر في الدور الإداري للوصاية ليصبح دورا تأطيريا واقتصاديا يحدد برامج
الاستثمار وتنمية الممتلكات الجماعية ويراقب تنفيذها، بالإضافة إلى إحداث مجالس
جهوية للوصاية مع إقرار تمثيلية الجماعات داخلها لأن تشكيلة مجلس الوصاية الحالي
هي بالدرجة الأولى من رجال السلطة بعيدا عن تمثيلية الجماعة داخلها لأن تشكيلة
مجلس الوصاية الحالي هي بالدرجة الأولى من رجال السلطة بعيدا عن تمثيلية الجماعات
السلالية مما يثير أكثر من تساؤل، ويندرج في
سياسة الحماية ويشكل امتدادا لها[191]
وسنورد هنا بعض النصوص الواردة في ظهير 27/ 04/ 1919 مع التعديل المقترح
وذلك كما يلي:
النص الحالي:
§
الفصل الثالث:
يعهد بالوصاية... وهذا المجلس ينعقد تحت رئاسة الوزير أو نائبه يتركب من وزير
الفلاحة والغابات أو نائبه ومديري الشؤون السياسية والإدارية بوزارة الداخلية أو
نائبهما وعضوين اثنين يعينهما وزير الداخلية.
التعديل المقترح:
وهذا المجلس الذي ينعقد تحت رئاسة الوزير أو
نائبه يتركب من وزير الفلاحة ومدير الشؤون القروية بوزارة الداخلية ومدير أملاك
الدولة بوزارة الاقتصاد والمالية والمدير العام للمحافظة العقارية.
النص الحالي:
§
الفصل الرابع:
"إن الأراضي الجماعية غير قابلة للتقادم ولا
للتفويت والحجز...أن مقررات جمعية المندوبين الخاصة بتقسيم الانتفاع لا يمكن الطعن
فيها..."
التعديل المقترح:
ü إن مقررات جمعية المندوبين الخاصة بتقسيم الانتفاع قابلة
للطعن أمام المحاكم العادية.
ü ويمكن لكل شخص له الصفة أو المصلحة الطعن في هذه
المقررات.
ü وتكون الأحكام الصادرة في الموضوع قابلة للطعن بجميع طرق
الطعن داخل الآجل المنصوص عليه في المسطرة المدنية.
تلغى الفقرتين المواليتين
النص الحالي:
§
الفصل الحادي
عشر: "إن اقتناء عقار جماعي من طرف الدولة أو الجماعات أو المؤسسات العمومية
أو الجماعات الأصلية يمكن انجازه..."
التعديل المقترح:
لا يمكن تفويت عقار جماعي سواء لفائدة الدولة أو الجماعات الترابية أو
المؤسسات العمومية خلافا لمقتضيات الفصل الرابع من ظهيرنا الشريف هذا إلا لأغراض
استثمارية.
تحتفظ هذه الأشخاص المعنوية بهذا العقار من ممتلكاتها، ولا يمكن تفويته
لفائدة الأغيار إلا عن طريق السمسرة العمومية من أجل المنفعة العامة.
النص الحالي:
§
الفصل الرابع
عشر: "يقرر مجلس الوصاية ... ويمكن بطريق الاستثناء أن توزيع تلك الأموال كلا
أو بعضا على رؤساء عائلات الجماعة إذا طلبته الجماعة صراحة، وإن رأي مجلس الوصاية
بأن الحالة تستلزم ذلك"
التعديل المقترح:
ويمكن بطريقة الاستثناء أن توزيع تلك الأموال كلا أو بعضا على جميع أعضاء
الجماعة السلالية بالتساوي دون اعتبار للجنس، شريطة إثبات الإقامة بصفة دائمة
بالجماعة[192]
خاتمة:
تحظى أراضي الجموع بأهمية بالغة، سواء من حيث عدد المستفيدين منها، أو من
حيث مساحة الرصيد العقاري الذي توفره، كما تشكل مظهرا من مظاهر الأصالة المغربية،
وإرثا حضاريا ولحمة توطد روابط التآزر والالتحام بين أفراد القبيلة الواحدة، وهو
ما يجعل منها عنصرا أساسيا يتعين أخذه بعين الاعتبار عند وضع برامج التنمية وتحديد
الاستراتيجيات، إلا أن الوضعية القانونية لهذه الأراضي تطرح مجموعة من المشاكل تحول
دون قيامها بالدور المنتظر منها، فلقد تبين من خلال هذه الدراسة، أن النظام الذي
يحكم أراضي الجموع، سواء ظهير 27 أبريل 1919، أو غيره من الظهائر المعدلة والمتممة
له، وكذا مختلف المناشير الصادرة بشراكة وزارات أخرى مع وزارة الداخلية، أو تلك
التي صدرت عن هذه الأخيرة لوحدها، باعتبارها الجهة الوصية على هذه الراضي، فإن
الواقع أثبت عدم نجاعتها وقدرتها على استيعاب المتغيرات التي يعرفها المجتمع
المغربي.
فأراضي الجموع تعاني من نفس المشاكل التي تعاني منها باقي العقارات ، إلا
أن ما يزيد من حدة مشاكل هذه الملكية هي شساعة مساحتها وعدد المستفيدين منها، في
غياب أنصبة واضحة لكل رب عائلة أو ذوي حق، مما يؤدي إلى كثرة النزاعات التي غالبا
ما يستعصي إيجاد حلول لها، لغياب نص قانون يساير التطورات وحاجيات أفراد الجماعات
السلالية. حيث أن هذه الأراضي لا زالت تخضع لأعراف وعادات كثيرا ما تكون مبهمة
وغير عادلة، ولنص قانوني يعود تاريخه إلى بداية فترة الحماية، مؤطر بظهير 27 أبريل
1919، وتم تعديله بمقتضى ظهير 6 فبراير 1963، لكن هذه التعديلات رغم قدمها فهي لم
تمس جوهره.
فقد كان هدف المستعمر من خلال وضع هذا القانون استراتيجيته الخاصة تتمثل في
إحكام قبضته على موارد البلاد وخيراتها، لكن السؤال الذي يظل مطروحا هو ما الذي
يجعل الدولة المغربية المستقلة طيلة أكثر من ست عقود تستمر بالتمسك بهذا القانون
الذي يحول دون امكانية استغلال أو استثمار هذه الأراضي لفائدة مالكيها الفعليين
وما يترتب عنه من حرمان مناطق بأكملها من حقها في التنمية، ويحرم سكانها من الحق
في حياة كريمة
على أراض أجدادهم.
ويعزى بعض الجزاء القانونيين هذه المشاكل إلى الفراغات الموجودة في هذا
القانون الشيء الذي يجعلها معرضة للنهب والاستغلال العشوائي.
من خلال ما تقدم يتضح أن القانون المنظم لأراضي الجموع لم يعد يلاءم مضرب
القرن الواحد والعشرين وانه أصبح يشكل عرقلة في وجه الاستثمار مما يؤدي إلى عدم
تنمية العالم القروي، ومن جهة أخرى فتحكم الجهات الوصية في النواب لأهداف غير
سليمة وكذا حرمان المرأة من حقها لا يتماشى ومبادئ الديمقراطية
كما أن المتقاضين يجهلون لحد الآن كون أن قرارات مجلس الوصاية هي قرارات
إدارية قابلة للطعن بالإلغاء، ويجبرون على تنفيذها من طرف السلطات المحلية رغم عدم
تبليغهم إليهم مما يجعل من هذه القرارات سيفا مسلطا عليهم، لذا نرى أنه من الأفضل
أن يتم تمليك الفلاحية لكل الأشخاص المنتفعين بشكل عادل من طرف لجان تحدث لهذا
الغرض، وتبقى المقالع والأراضي الرعوية مشتركة تصدر قوانين تنظمها، كما يجب تفعيل
المضامين الدستورية الجديدة وعلى رأسها الفصل 19 المتعلق بتفعيل المناصفة بين
الجنسين وأيضا المضامين الواردة في إطار الباب الثاني عشر من نفس النص التشريعي
المتعلق بالحكامة الجيدة بإلغاء ظهير 1919، وإعادة صياغة نصوص أكثر ملاءمة لمغرب
اليوم، وجمع شتات مختلف القواعد المنظمة لهذه الأراضي في إطار قانون موحد، وكذا
التشريع من وثيرة التسوية القانونية لها للحد من النزاعات التي تنشأ بسبب استغلال
هذه الأراضي.
وعموما، ومهما كانت طبيعة الحلول والاقتراحات، فإنه يجب أن تراعي استفادة
جميع أبناء الجماعة السلالية من الخيرات والموارد التي تدرها ممتلكات الجماعة
السلالية التي ينتمون إليها والحد من الهجرة القروية من خلال توفير فرص الشغل
وعصرنة القطاع الفلاحي، ونقل التكنولوجيا إليها لاستقبال الاستثمار وتحرير الأسعار
لمواجهة انعكاسات العولمة.
لائحة
المصادر والمراجع:
1) المراجع العامة والخاصة
أ-
المراجع
العامة:
-
الكزبري
مأمون؛ "التحفيظ العقاري، والحقوق العينية الأصلية والتبعية في ضوء التشريع
المغربي، شركة الهلال العربية الرباط 1987، الطبعة الثانية.
-
توفيق العزيز؛
التشريع العقاري والضمانات، المكتبة القانونية 22 الطبعة الأولى 2012.
-
خيري محمد؛
قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، المساطر الإدارية والقضائية، طبعة 2010
مطبعة المعارف الجديدة الرباط.
-
بن صالح
الصوفي محمد؛ الحقوق العرفية العينية الإسلامية، دراسة مقارنة بين الفقه المالكي
والقانون المغربي، الطبعة الأولى 2002، مطبعة دار القلم الرباط.
-
الكشبور محمد؛
القسمة القضائية في القانون المغربي – دراسة شرعية وتشريعية الطبعة الثانية 2011.
-
بونبات محمد؛
"الحقوق على العقارات" المطبعة الوراقة الوطنية، زنقة أبوعبيدة، الحي
المحمدي، الدوديات مراكش، الطبعة الأولى.
-
مخلوق جمال؛
التدبير الترابي بالمغرب، واقع الحال ومتطلبات التنمية، مكتبة الرشاد، سطات،
الطبعة الأولى، فبراير 2009.
ب-
المراجع
الخاصة:
-
رافع
عبدالوهاب؛ أراضي الجموع بين التنظيم والوصاية – موقعها في النظام العقاري-
تنظيمها القانوني- المنازعات الإدارية والقضائية- مع اجتهادات قضائية ومساطر خاصة،
الطبعة الأولى، 1999، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش.
-
محمد مياد
العربي؛ تأملات في القانون المنظم للجماعات السلالية؛ سلسلة إعلام وتبصير المستهلك
(15) طبعة 2014.
-
بالزاع
عبدالكريم؛ أراضي الجموع، محاولة لدارسة بنيتها السياسية، والاجتماعية ودورها في
التنمية، الطبعة الأولى 1998.
-
وزارة
الداخلية؛ مديرية الشؤون القروية، دليل كراء الأراضي الجماعية، شتنبر 2012.
-
وزارة
الداخلية، مديرية الشؤون القروية، دليل نائب الأراضي الجماعية 2008.
-
وزارة
الداخلية؛ مديرية الشؤون القروية، دليل نائب الجماعة السلالية، مارس 2005.
-
محمد مياد
العربي؛ الدليل العملي لأراضي الجماعات السلالية، مطبعة المعارف، الجديدة، الرباط،
الطبعة الأولى 2012.
2) الأطروحات والرسائل:
أ-
الأطروحات:
-
بلحاج الفحصي
محمد؛ أراضي الجماعات السلالية بالمغرب بين التنظيم القانوني وإشكالات الواقع-
دراسة على ضوء القانون والفقه والقضاء- أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص؛
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية –طنجة- السنة الجماعية: 2014/
2015.
-
كريمات زهير:
خصوصيات المنازعات العقارية المتعلقة بأراضي الجموع وانعكاساتها على الاستثمار،
أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الأول كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة السنة الجامعية 2013/ 2014.
ب-
الرسائل:
-
العايش صغيري
محمد؛ أراضي الجماعات السلالية بين الواقع والآفاق، رسالة لنيل دبلوم الماستر في
قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة-
السنة الجامعية؛ 2008/ 2009.
-
سليوي
عبدالواحد؛ أراضي الجماعات السلالية بين التقيد التشريعي وضرورة التنمية، بحث لنيل
دبلوم الماستر في قانون المنازعات- كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
- مكناس، السنة الجامعية، 2010/ 2011.
-
صبطي حسن؛
أراضي الجموع بين التنظيم والتدبير، بحث لنيل دبلوم السلك العالي في التدبير
الإداري، المدرسة الوطنية للإدارة، الفوج السادس سنة 2006- 2008.
-
الخصومي
ابراهيم؛ أراضي الجماعات السلالية بين الوضعية الراهنة وإكراهات التنمية "بحث
نهاية الدراسة بسلك التكوين في التدبير الإداري، تخصص الإدارة الترابية، الفوج
الأول، المدرسة الوطنية للإدارة، الموسم الدراسي؛ 2001- 2002.
-
مصطفى الحيمر؛
الأراضي الجماعية بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم السلك العالي للتكوين المدرسة الوطنية
للإدارة العمومية، السنة؛ 1972- 1973.
-
توري الحسن
ومن معه؛ الأراضي الجماعية بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم السلك العالي، المدرسة
الوطنية للإدارة العمومية سنة 1972- 1973.
-
داودي الحسن؛
تسجيل تفويت العقار بين القانون الجبائي والقانون المدني، رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية
والاجتماعية الرباط، السنة الجامعية: 1993- 1994.
-
السعليتي
زكرياء؛ الحماية المقررة للأراضي السلالية، بين النص التشريعي والعمل القضائي،
رسالة لنيل دبلوم ماستر قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية
والاجتماعية بوجدة، السنة الجامعية 2012- 2013.
-
قاسمي علوي
ابتسام؛ الحماية القضائية لأراضي الجموع "رسالة لنيل دبلوم الماستر المتخصص
في المهن القانونية والقضائية، جامعة محمد الخامس السويسي، المركز المغربي
للدراسات والأبحاث، السنة الجامعية؛ 2008- 2009.
-
هنان فوزية؛
الحماية القانونية والقضائية لأراضي الجموع، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، السنة الجامعية
2010/ 2011.
-
فخري المصطفى؛
الأراضي الجماعية؛ الواقع والآفاق" رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
المدني، كلية الحقوق بمراكش، السنة الجامعية 2002/ 2003.
-
عصام بوعشرة؛
"القسمة الاستغلالية لأراضي الجموع" رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاجتماعية، أكدال، جامعة محمد الخامس،
السنة الجامعية؛ 2003/ 2004.
-
بلحاج السلمي
محمد؛ "سياسة التحفيظ العقاري بالمغرب بين الإشهار العقاري والتخطيط
الاقتصادي" رسالة لنيل دبلوم المدرسة الوطنية للإدارة العمومية، الرباط،
السنة الجامعية 1977- 1978.
3) المقالات والمجالات:
-
خيري محمد
أراضي الجموع بين الاستمرارية والزوال، مقال منشور بمجلة المحامون التي تصدرها
هيئة المحامون بأسفي، العدد الثالث 1993.
-
الصوالحي
محمد؛ نظام أراضي الجموع بالمغرب، مقال منشور بمجلة المحامون التي تصدرها هيئة
المحامون بأسفي العدد 3 1993.
-
محمد مياد
العربي؛ "وضعية الأراضي الجماعية،" منشور بمجلة الإدارة المحلية
والتنمية عدد 24 يوليوز شتنبر 1998.
-
مومن محمد؛
"معيقات الاستثمار في أراضي الجموع"
منشور بمجلة الحقوق المغربية الطبعة الثانية 2012 مطبعة المعارف الجديدة.
-
محمد الصغيري؛
"التطور التاريخي لأراضي الجموع، حمايتها، التحديد الإداري والتحفيظ
العقاري" منشور بمجلة الحقوق المغربية، مطبعة المعاريف الجديدة، الطبعة
الثانية 2012.
-
عبداللطيف
الدوناسي؛ "أراضي الجموع في المنظومة القانونية" منشور بمجلة المحامي
عدد 46.
-
مولي
عبدالسلام شيكري؛ "صلابة الأنظمة العقارية الخاصة وتأثيرها على مسار التنمية
الشاملة، منشورات الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش،
الأنظمة العقارية في المغرب، طبعة 2003.
-
القسطاسي
يوسف؛ المشكل القانوني لأراضي الجموع ةأثره على البنية الاجتماعية بالمغرب، مقال
منشور بمجلة المنبر القانوني العدالة العقارية والأمن العقاري بالمغرب ، مطبعة
المعاريف الجديدة، الرباط، طبعة 2014.
-
لبيض المصطفى؛
ظهير 26 رجب 1337/ 27 أبريل 1919 المنظم للأراضي الجماعية وضرورة تغييره، مقال
منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 33، يوليوز – غشت 2000.
-
محمد السهل؛
"الأراضي الجماعية والاستثمار" مقال منشور بمجلة العقار والاستثمار،
أشغال اليوم الدراسي المنظم من طرف عمالة إقليم الحوز والمكتب الجهوي للاستثمار
الفلاحي للحوز بتعاون مع مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق
بمراكش، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش بتاريخ 19/ 16/ 2003 الطبعة الأولى 2005.
-
مجلة الحقوق
المغربية، مطبعة المعاريف الجديدة، الطبعة الثانية 2012.
-
الملف، مجلة
قانونية تصدر كل ستة أشهر، العدد 13 نونبر 2008.
4) الندوات والمناظرات:
-
توصيات وأشغال
اللجنة الثالثة، المناظرة الوطنية حول الأراضي الجماعية، المنعقدة بالرباط يومي 5
و6 دجنبر 1995.
-
أشغال الندوة
الوطنية من طرف وحدتي التكوين والبحث لنيل الدكتوراه ودبلوم الدراسات العليا
المعمقة في قانون العقود العقارية بكلية الحقوق بوجدة يومي 19 و20 ماي 2006.
-
المناظرة
الوطنية حول موضوع السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية
والاجتماعية التي انعقدت بمدينة الصخيرات يومي 8 و6 دجنبر 2015.
5) النصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بأراضي الجموع.
-
الظهير الشريف
المؤرخ في 2 يونيو 1915 بشأن التشريع المطبق على العقارات المحفظة.
-
الظهير الشريف
رقم 30. 69. 1 بتاريخ 25 يوليوز 1969 بشأن المحافظة على المياه في الراضي الجماعية
الواقعة داخل النواحي الشبيهة بالجافة.
-
الظهير الشريف
المؤرخ في 28 فبراير 1924 المتعلق بالتحديد الإداري.
-
الظهير الشريف
رقم 277. 72. 1 المؤرخ في 25 دجنبر 1972 المتعلق بمنح الفلاحين أراضي فلاحية أو
قابلة للفلاحة من ملك الدولة الخاص.
-
ظهير 27 أبريل 1919 المتعلق بتنظيم الوصاية
الإدارية على الجماعات وضبط تدبير شؤون الأملاك الجماعية وتفويتها.
-
الضابط رقم
2977 المتعلق بتقسيم الأراضي الجماعية.
الفهرس
الفصل الأول: مفهوم أراضي
الجموع والإطار القانوني
المنظم لها
المبحث الأول:
الإطار المفاهيمي والتاريخي لأراضي الجموع بالمغرب
المطلب
الاول: مفهوم أراضي الجموع
الفقرة
الاولى: تعريف أراضي الجموع
الفقرة الثانية: تعريف الجماعات
السلالية وتميزها عن الجماعات الإدارية
المطلب
الثاني: التطور التاريخي لأراضي الجموع وخصائصها
الفقرة
الأولى: التطور التاريخي لأراضي الجموع
الفقرة
الثانية: خصائص أراضي الجموع
المبحث الثاني:
الإطار القانوني لتدبير أراضي الجموع
المطلب الأول: النصوص التشريعية
المنظمة لأراضي الجموع والجماعات السلالية وطرق استغلالها
الفقرة
الأولى: الظهائر المنظمة لأراضي الجموع والجماعات السلالية
الفقرة
الثانية: النصوص المتعلقة باستغلال وتدبير أراضي الجموع
المطلب
الثاني: الهيئات المؤسساتية المتدخلة في تدبير وتنظيم أراضي الجموع.
الفقرة
الأولى: السيد وزير الداخلية باعتباره وصي عن الجماعات السلالية
الفقرة
الثانية: الهيئات النيابية للجماعات السلالية
الفصل الثاني:
معيقات الاستثمار في أراضي الجموع وتأثيرها
على التنمية.
المبحث الاول
المعيقات القانونية للاستثمار في أراضي الجموع
المطلب الأول : الاشكالات المتعلقة
بالإطار القانوني والاجهزة المكلفة بتدبير الاملاك الجماعية
الفقرة الاولى: الاشكالات المرتبطة
بالإطار القانوني
الفقرة الثانية: إشكالات أجهزة
تدبير الأملاك الجماعية
المطلب الثاني: الاشكالات المتعلقة
بتقسيم أراضي الجموع وتفويتها
الفقرة الأولى: إشكالية تقسيم الأراضي
الجماعية
الفقرة
الثانية: الصعوبات التي تعترض التفويت المقيد لأراضي الجموع
المبحث الثاني:
المعيقات المرتبطة بتدبير واستغلال الأراضي الجماعية، وبعض المقترحات لتجاوزها
الفقرة
الأولى: هيئات تدبير أراضي الجموع
الفقرة الثانية: الصعوبات المتعلقة بتدبير منازعات
أراضي الجموع.................................92
المطلب
الثاني: معالجة اشكالات أراضي الجموع، الآفاق والمقترحات
الفقرة
الأولى: آفاق أراضي الجموع
الفقرة
الثانية: مقترحات تدبير أراضي الجموع
[1] - محمد
العاشي صغيري: أراضي الجماعات السلالية بين الواقع والأفاق، رسالة لنيل دبلوم
الماستر في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية بوجدة –السنة
الجامعية 2008/2009، ص:1.
[2] - محمد بلحاج
الفحصي: أراضي الجماعات السلالية بالمغرب بين التنظيم القانوني واشكالات الواقع
-دراسة على ضوء الفقه والقضاء -اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية
العلوم القانونية والاقتصادية و والاجتماعية ــ طنجةــ السنة الدراسية: 2014/
2015، ص1
[3] - مأمون الكزبري: التحفيظ العقاري والحقوق العينية
والأصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي، شركة الهلال العربية، الرباط، الطبعة الثانية،
ص136.
[4] - محمد بلحاج الفحصي، م س،ص2
[5] - عبدالوهاب
رافع، أراضي الجموع بين التنظيم والوصاية ــموقعها في النظام العقاري ــ تنظيمها
القانوني ــ المنازعات الإدارية والقضائيةــ مع اجتهادات قضائية ومساطر خاصة ،
الطبعة الأولى 1999، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، ص5و7.
[6] - محمد بلحاج
الفحصي، م س، ص3.
[7] - محمد
بلحاج، ن، م، ص5-6.
[8] - العربي
محمد مياد، تأملات في القانون المنظم للجماعات السلالية، سلسلة اعلام وتبصير
المستهلك (15) طبعة 2014، ص4-5.
[9] - العربي
محمد مياد، ن، س، ص5.
[10] - عبدالواحد سليوى، أراضي الجماعات السلالية
بين التقييد التشريعي وضرورة التنمية، بحث لنيل شهادة الماستر في قانون المنازعات،
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس، السنة الجامعية: 2010 ــ
2011، ص10.
[11] - محمد بلحاج
الفحصي، م س، ص21.
[12] - العربي محمد مياد، م س، ص:5.
[13] - العربي محمد مياد، ن م، ص:6.
[14] - العربي محمد مياد، وضعية الاراضي الجماعية، المجلة
المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 24 يوليوز - شتنبر 1998 ص: 83 وما يليها.
[15] - محمد بلحاج الفحصي، م س، ص:29
[16] - محمد مومن، معيقات الاستثمار في أراضي الجموع،
منشورات مجلة الحقوق المغربية، الطبعة الثانية 2012، مطبعة المعارف الجديدة، ص:
89.
[17] - حسن صبطي، أراضي الجموع بين التنظيم والتدبير"
بحث لنيل دبلوم السلك العالي في التدبير الإداري، المدرسة الوطنية للإدارة، الفوج السادس
سنة 2006 - 2008، ص: 14
[18] - محمد خيري؛
أراضي الجموع بين الاستمرارية والزوال: مقال منشور بمجلة المحامون التي تصدرها
هيئة المحامون بأسفي، العدد الثالث 1993، ص35.
[19] - محمد
الصوالحي، نظام أراضي الجموع بالمغرب مجلة المحامون التي تصدرها هيئة المحامين
بأسفي، العدد 1993، ص.
[20] - عبدالكريم
بالزاع؛ "أراضي الجموع، محاولة لدراسة بنيتها السياسية والاجتماعية ودورها في
التنمية" الطبعة الأولى 1998، ص15.
[21] - محمد بلحاج
الفحصي؛ م، س، ص31.
[22] - محمد بلحاج الفحصي؛ ن م، ص:30
[23] - محمد بلحاج الفحصي، ن، م، ص:30
[24] - منشور بالجريدة الرسمية عدد 5825 بتاريخ 29/
03/ 201 تحت عنوان "تعيين عضو الوصاية على الجماعات السلالية، ص2251.
[25] - منشور بالجريدة الرسمية عدد 2286 بتاريخ 17/
08/ 1956.
[26] - محمد بلحاج الفحصي، م، س، ص: 24
[27] - مأمون الكزبري، "التحفيظ العقاري"
بدون طبعة وبدون دار النشر ص: 136.
[28]-
عبدالكريم بالزاع؛ م، س،
ص: 28.
[29] - عبدالعزيز توفيق، التشريع العقاري والضمانات.المكتبة
القانونية 22 الطبعة الاولى 2012 .ص 22:
[30] - محمد خيري؛ قضايا التحفيظ العقاري في
التشريع المغربي المساطر الإدارية والقضائية، طبعة 2010 مطبعة المعارف الجديدة،
الرباط ، ص10.
[31] - إبراهيم
الخصومي، أراضي الجماعات السلالية بين الوضعية الراهنة واكراهات التنمية، بحث
نهاية الدراسة بسلك التكوين في التدبير الإداري، تخصص الإدارة التربية، الفوج
الأول، المدرسة الوطنية للإدارة، الموسم الدراسي 2001-2004، ص8.
[32] - محمد خيري،
قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، م س، ص27.
[33] - الفصل 73
من ظهير 2 يونيو 1915 بشأن التشريع المطبق على العقارات المحفظة.
[34] - محمد
الصغير؛ التطور التاريخي لأراضي الجموع، حمايتها، التحديد الإداري والتحفيظ
العقاري، منشورات مجلة الحقوق المغربية، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الثانية؛
2012، ص23.
[35] - محمد بلحاج الفحصي؛ م، س، ص :44- 45.
[36] - محمد خيري؛ قضايا التحفيظ العقاري في التشريع
المغربي، م س، ص :26-
27.
[37] - حسن صبطي،
م س، ص :16.
[38] - مصطفى
الحيمر؛ الأراضي الجماعية بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم السلك العالي للتكوين،
المدرسة الوطنية للإدارة العمومية، السنة؛ 1972- 1973، ص :17.
[39] - ابراهيم
الخصومي، م س، ص :12-
13.
[40] - مصطفى
الحيمر؛ م س، ص :12 -
13.
[41] - محمد
الصغير؛ م س، ص24 .
[42] - محمد بلحاج
الفحصي،؛ م س، ص56 .
[43] - محمد بلحاج
الفحصي، م، س، ص57.
[44] - مصطفى الحيمر، م، س، ص23.
[45] - الفصل 14
من ظهير 24 أكتوبر 1952.
[46] - محمد بلحاج
الفحصي؛ م، س، ص60
[47] - توري الحسن
ومن معه، الأراضي الجماعية بالمغرب" رسالة لنيل دبلوم السلك العالي، المدرسة
الوطنية للإدارة العمومية سنة، 1972،- 1973، ص14.
[48] - توري الحسن
ومن معه؛ ن، م، ونفس الصفحة.
[49] - مصطفى
الحيمر؛ م، س، ص27.
[50] - عبدالكريم
بالزاع؛ م، س، ص49.
[51] - عبدالوهاب
رافع؛ م، س، ص25.
[52] - محمد بلحاج
الفحصي؛ مرجع سابق، ص62.
[53] - محمد
الصغير؛ مرجع سابق، ص26.
[54] - الحسن
داودي؛ تسجيل تفويت العقاريين القانوني الجبائي والقانون المدني في المغرب
"رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس،
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، السنة الجامعية؛ 1993-
1994،ص52.
[55] - محمد بن صالح الصوفي؛ الحقوق العرفية العينية
الإسلامية، دراسة مقارنة بين الفقه المالكي والقانوني المغربي، الطبعة الأولى
2002، مطبعة دار القلم الرباط، ص297.
[56] - قرار رقم 221 بتاريخى8 ماي 1968، منشور بمجلة
القضاء والقانون، عددى92، السنة العاشرة، اكتوبر 1968.
[57] - القرار رقم
83. 24/ 6 بتاريخ 24 دجنبر 1997 في الملف الجنائي عدد 32 27/ 95 منشور بمجلة قضاء
المجلس الأعلى، العدد المزدوج 53- 54، ص429.
[58] - أنظر الفصل
11 من ظهير 6 فبراير 1963.
[59] - محمد بلحاج
الفحصي؛ م، س، ص67.
[60] - زكرياء
السعليتي؛ الحماية المقررة للأراضي السلالية بين النص التشريعي والعمل القضائي،
رسالة لنيل دبلوم ماستر قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية
والاجتماعية بوجدة السنة الجماعية؛ 2012- 2013، ص17.
[61] - عبداللطيف
الدوناسي، أراضي الجموع في المنظومة القانونية" مجلة المحامي العدد 46، ص63.
[62] - ينص الفصل
الرابع من ظهير 6 فبراير 1963 في فقرته الثالثة على ما يلي: ""... وان
هذا الحق غير قابل للتقادم ولا يمكن تفويته أو أو حجزه إلا لفائدة الجماعة
نفسها..."
[63] - محمد بلحاج
الفحصي؛ م، س، ص68.
[64] - زكرياء
السعليتي، م س، ص14.
[65] - قرار
المجلس الأعلى رقم 165 عدد 64293 الصادر بتاريخ 20/ 03/ 1998 أشار إليه عبد الوهاب
رافع في كتابه أراضي الجموع بين التنظيم والوصاية: مطبعة الوراقة الوطنية: الطبعة الأولى 1999: ص199.
[66] - قرار مجلس
الأعلى رقم 650 عدد 3088/ 1/ 1/ 2006 الصادر بتاريخ 20/ 02/ 2008
[67] - قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) رقم
1688 عدد 4311/ 1/ 2009 الصادر بتاريخ 03/ 01/ 2012، منشور بالمجلة المغربية،
للدراسات القانونية والقضائية، العدد 8 يونيو 2012، المطبعة الوراقة الوطنية
الداوديات مراكش، ص276.
[68] - محمد
الكشبور؛ القسمة القضائية في القانون المغربي –دراسة شرعية وتشريعية- الطبعة
الثانية 2011، بدون دار النشر، ص21.
[69] - محمد بلحاج
الفحصي، م، س، ص74.
[70] - ابتسام
قاسمي علوي؛ "الحماية القضائية لأراضي الجموع "رسالة لنيل دبلوم الماستر
المتخصص في المهن القانونية والقضائية، جامعة محمد الخامس السويسي، المركز المغربي
للدراسات والأبحاث، السنة الجامعية؛ 2008- 2009، ص9
[71] - عبدالكريم
بالزاع،؛ م، س، ص :63.
[72] - عبدالوهاب
رافع؛ م، س، ص32 .
[73] - الفصل 6 من
ظهير 27 أبريل 1919.
[74] - الفصل 1 من
ظهير 18 فبراير 1924.
[75] - العربي
محمد مياد؛ م، س، ص :18.
[76] - الفصل 6 من ظهير 18 فبراير 1924.
[77] - الفصل 10
من ظهير 1924.
[78] - الظهير
الشريف رقم 30. 69. 1 بتاريخ 25 يوليوز 1969.
[79] - الفصل
الثاني من ظهير 25 يوليوز 1969.
[80] - الفصل
الأول من ظهير 25 يوليوز 1969.
[81] - ظهير رقم 277. 72. 1 بتاريخ 25 دجنبر 1972 يتعلق
بمنح الفلاحين أراضي فلاحية أو قابلة للفلاحة من ملك الدولة الخاص.
[82] - الفصل
الثامن من الظهير الشريف رقم 30. 69. 1 بتاريخ 25/ 07/ 1969.
[83] - ينص الفصل
15 من ظهير 25/ 07/ 1969 على أنه" يصبح كل شخص مسلمة اليه قطعة ارضية مالكا القطعة المخصصة به على اثره
التجزئة المقررة بالفصل 12"
[84] - مقتطف من
الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول موضوع: السياسة
العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنعقدة بمدينة
الصخيرات يومي 8 و9 سنة 2015.
[85] - مقتطف من
الدورية الصادرة عن وزير الداخلية، حول موضوع ضبط الرصيد العقاري للجماعات
السلالية وتصفيته القانونية وتمليك الأراضي الفلاحية الواقعة داخل دوائر الري بتاريخ
18 يناير 2016.
[86] - الدورية
الصادرة عن وزيرة الداخلية بتاريخ 18 يناير 2016.
[87] - عبدالواحد
سليوي، م، س، ص59
[88] - الدورية
الصادرة عن وزير الداخلية رقم 42 بتاريخ 24 غشت 2010
[89] - عبدالواحد
سليوي؛ م، س، ص38.
[90] - مديرية
الشؤون القروية، دليل كراء الأراضي الجماعية، شتنبر 2012، ص2.
[91] - مديرية
الشؤون القروية، دليل كراء الأراضي الجماعية ن، م، ص11.
[92] - مديرية
الشؤون القروية، دليل كراء الأراضي الجماعية، ن.س
.ص13.
[93] - مديرية
الشؤون القروية، دليل الكراء،
[94] - محمد بلحاج
الفحصي؛ م، س، ص91.
[95] -محمد العايش
صغيري؛ أراضي الجماعات السلالية بين الواقع والأفاق، رسالة لنيل دبلوم الماستر في
قانون العقود والعقار بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة،
السنة الجامعية؛ 2008/ 2009، ص31.
[96] - عبدالوهاب
رافع؛ م، س، وزان مدينة دار الضمانة''.
[97] - توصيات
وأشغال الثالثة، المناظرة الوطنية حول الأراضي الجماعية، المنعقدة بالرباط يومي 5
و6 دجنبر 1995، ص81.
[98] - محمد
العايش الصغير؛ م، س، ص32.
[99] - الفقرة الثانية من الفصل 4 من ظهير 27 أبريل
1919 المتعلق بتنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات وضبط تدبير شؤون الأملاك
الجماعية وتفويتها.
[100] - الفصل
الخامس من ظهير 27 أبريل 1919 .
[101] - الفصل
الخامس من ظهير 27 ابريل 1919 المتعلق بتنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات وضبط
تدبير شؤون الأملاك الجماعية وتفويتها.
[102] - الفصل 12 من ظهير 27 ابريل 1919 المتعلق بشأن
تنظيم الوصاية على الجماعات وضبط تدبير شؤون الأملاك الجماعية وتفويتها
[103] - محمد بلحاج الفحصي؛ م، س، ص: 64.
[104] - عبدالوهاب رافع، م، س، ص: 64
[105] - دليل نائب الأراضي الجماعية من منشورات وزارة
الداخلية مديرية الشؤون القروية 2008
[106] - عبدالواحد سليوي؛ م، س، ص: 16
[107] - نفس المرجع
، ص17.
[108] - فوزية
هنان؛ الحماية القانونية والقضائية لأراضي الجموع، رسالة لنيل الماستر في القانون
الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، السنة الجامعية؛
2010/ 2011، ص16.
[109] - دليل نائب
الجماعة السلالية؛ مديرية الشؤون القروية، وزارة الداخلية، 2005.
[110] - دليل نائب
الجماعة السلالية؛ م، س، ص9.
[111] - دليل نائب الجماعة السلالية؛ م، س، ص10.
[112]- زكرياء السعليتي؛ م، س،
ص26.
[113] - دليل نائب
الأراضي الجماعية 4 مارس 2008، وزارة الداخلية، مديرية الشؤون القروية.
[114] - الفصل 6 من
ظهير 27 ابريل 1919 المتعلق بتنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات وضبط شؤون
الأملاك الجماعية وتفويتها.
[115] - الفصل 14
من ظهير 27 أبريل 1919 المتعلق بتنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات وضبط تدبير
شؤون الأملاك الجماعية وتفويتها.
[116] - الفصل
الأول من ظهير 18 فبراير 1924 المتعلق بالتحديد الإداري للأراضي الجماعية.
[117] - الدورية
رقم 1134 الصادرة بتاريخ 25 نونبر 1993.
[118] - زكرياء
السعليتي؛ م، س، ص29.
[119] - كريمات زهير: خصوصيات المنازعات العقارية المتعلقة
بأراضي الجموع وانعكاساتها على الاستثمارة المطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون
الخاص، جامعة محمد الاول، كلي العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، السنة
الجامعية 2013/2014,ص:126
[120] - مولاي عبد السلام شيكري:"صلابة الأنظمة
العقارية الخاصة وتأثيرها على مصار التنمية العمرانية"، منشورات مركز الدراسات
القانونية المدنية العقارية بكلية الحقوق بمراكش، الأنظمة العقارية في المغرب،طبعة2003ص236.
[121] - محمد بلحاج الفحصي:م.س،ص340 -341
[122] - يوسف القسطاسي :المشكل القانوني لأراضي الجموع
وأثره على البنية الاجتماعية في المغرب، مجلة المنبر القانوني، العدالة العقارية والأمن
العقاري بالمغرب مطبعة المعاريف الجديدة الرباط، سلسة ندوات وأبحاث رقم 2،طبعة
2014,ص117.
[123] - محمد بلحاج الفحصي: م. س، ص:343
[124] - المصطفى فخري: "الاراضي الجماعية: الواقع
والآفاق "،رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة في القانون المدني، كلية الحقوق مراكش، السنة الجامعية 2002_2003,ص:47
[125] - محمد بلحاج الفحصي :م.س.ص :343-344
[126] - محمد بلحاج الفحصي :ن، م ص:345
[127] - محمد بلحاج الفحصي :ن.م،ص346
[128] - محمد مومن : معيقات الاستثمار في أراضي الجموع،م.س،ص:95
[129] - المصطفى فخري :م. س، ص 59.
[130] - بلحاج الفحصي: م. س، ص347-348
[131] - كريمات زهير :م..س..ص :104
[132] - دليل الاراضي الجماعية، وزارة الداخلية، مديرية
الشؤون القروية، القسم الاراضي الجماعية، مارس 2008،ص15
[133] - كريمات زهير :م.س.ص:104-105
[134] - كريمات زهير :م.س،ص:105-106
[135] - الفصل الثامن من ظهير 25/07/1969
[136] - محمد بلحاج الفحصي :م.س،ص:34-350
[137] - محمد بلحاج الفحصي :م.س،ص: 235
[138] - دليل
الأراضي الجماعية، مديرية الشؤون القروية، وزارة الداخلية.
[139] - محمد بلحاج
الفحصي؛ م. س.، ص354.
[140] - محمد بلحاج
الفحصي؛ م. س، ص355- 356.
[141] - القرار عدد
558 الصادر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بتاريخ 20ماي 1996، منشور بمجلة
القضاء والقانون، العدد 85- 87، يناير – مارس 1968، ص291- 292.
[142] - كريمات
زهير؛ م. س، ص275- 276.
[143] - عصام
بوعشرة؛ "القسمة الاستغلالية لأراضي الجموع" رسالة دبلوم لدراسة العليا
المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، كلية
الحقوق أكدال – جامعة محمد الخامس- السنة الجامعية؛ 2003- 204، ص177.
[144] - كريمات
زهير؛ م، س، ص278.
[145] - كريمات
زهير؛ م، س، ص251.
[146] - محمد مومن؛
م، س، ص115.
[147] - محمد بلحاج
السليمي؛ سياسة التحفيظ العقاري بالمغرب بين الاشهار العقاري والتخطيط
الاقتصادي" رسالة دبلوم المدرسة الوطنية للإدارة العمومية، الرباط، السنة
الجامعية: 1977- 1978، ص482.
[148] - الفصل
الأول من الضابط رقم 2977 المتعلق بتقسيم الأراضي الجماعية.
[149] - كريمات
زهير؛ م، س، ص254- 255.
[150] - كريمات
زهير؛ نـ، م، ص258- 259.
[151] - الظهير
الشريف رقم 30. 69. 1 الصادر بتاريخ 25 يوليوز 1969 المتعلق بتقسيم الأراضي
الجماعية الواقعة داخل دوائر الري، منشور بالجريدة الرسمية عدد 2960 مكرر بتاريخ
29 يوليوز 1969، ص296.
[152] - المصطفى
فخري؛ م، س، ص47.
[153] - الفصل
الثامن من الظهير الشريف رقم 30. 69. 1 بتاريخ 20/ 07/ 1969.
[154] - كريمات
زهير؛ م، س، ص260- 261.
[155] - قرار المجلس
الأعلى عدد 221 صادر بتاريخ 2 ماي 1969، منشور في كتاب "قضاء المجلس الأعلى
في التحفيظ خلال 40 سنة" لعبدالعزيز توفيق، مطبعة النجاح الجديدة، الدار
البيضاء، الطبعة الأولى 1999، ص64.
[156] - عبدالوهاب
رافع، م، س، ص56.
[157] - محمد بن
احمد بونبات؛ "الحقوق على العقارات" المطبعة الوراقة الوطنية، زنقة
أبوعبيدة، الحي المحمدي، الدوديات، مراكش، الطبعة الأولى، وزان مدينة دار الضمانة
15
[158] - كريمات زهير؛ م. س. ص26.
[159] - الظهير
الشريف رقم 152. 95. 1 بتاريخ 11/ 08/ 1995.
[160] - عبدالوهاب رافع، م، س، ص77.
[161] - المصطفى لبيض؛ ظهير 26 رجب 1337 (27 أبريل
1919) المنظم لأراضي الجماعية وضرورة تغييره "المجلة المغربية للإدارة
المحلية والتنمية، عدد 33، يوليوز- غشت 2000، ص150.
[162] - محمد
بخنيف؛ اشكالية التنمية العقارية بإقليم تاوريرت، مساهمة في ندوة العقار
والاستثمار، أشغال الندوة الوطنية المنظمة من طرف وحدتي التكوين والبحث لنيل
الدكتوراه ودبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون العقود والعقار بكلية الحقوق
بوجدة يومي 19- 20 ماي 2006، ص36.
[163] - جمال
مخلوق؛ التدبير الترابي بالمغرب: واقع الحال ومطلب التنمية، مكتبة الرشاد، سطات،
الطبعة الأولى؛ فبراير 2009، ص26.
[164] - الفقرة
الأولى من الفصل الثالث من ظهير 27 أبريل 1919 المتعلق بشأن تنظيم الوصاية
الإدارية على الجماعات وضبط تدبير شؤون الأملاك الجماعية وتفويتها.
[165] - عبدالوهاب
رافع؛ م. س. ص88.
[166] - الفقرة
الأولى من الفصل الخامس من ظهير 27 أبريل 1919.
[167] - كريمات زهير:
م. س. ص273.
[168] - عبدالوهاب
رافع، م. س. ص37.
[169] - أشغال
وتوصيات المناظرة الوطنية حول الأراضي الجماعية التي انعقدت بالرباط يومي 5 و6
دجنبر 1995، ص92.
[170] - كريمات
زهير؛ م. س، ص275.
[171] - كريمات
زهير؛ م. س، ص276.
[172] - عصام
بوعشرة؛ "القسمة الاستغلالية لأراضي الجموع" رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية،
أكدال، جامعة محمد الخامس، السنة الجامعية؛ 2003- 2004، ص177.
[173] - قرار
المجلس الأعلى عدد 136 بتاريخ 4 ماي 1979، الملف الإداري عدد 4519، واورده عبدالوهاب
رافع، مرجع سابق، ص156.
[174] - قرار
المجلس الأعلى رقم 558 منشور بمجموعة المجلس الأعلى لسنة 1996- 1970، ص30.
[175] - قرار
الغرفة المدنية بالمجلس الأعلى عدد 181، صادر بتاريخ 02/ 06/ 1971، أورده
عبدالوهاب رافع، م. س، ص210.
[176] - كريمات
زهير؛ م. س، ص283.
[177] - قرار
المجلس الأعلى عدد 181 صادر بتاريخ 02/ 06/ 1971 أورده عبدالوهاب رافع، م. س،
ص210.
[178] - قرار
المجلس الأعلى عدد 2483/ 6 ملف جنائي عدد 2732/ 95 صادر بتاريخ 24 دجنبر 1997،
منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 53- 54، الإصدار الرقمي، دجنبر 2000، ص320.
[179] - كريمات زهير؛
م. س، ص286.
[180] - الملف،
مجلة قانونية، تصدر كل ستة أشهر، العدد 13/ نونبر 2008، ص152.
[181] - توصيات
المناظرة الوطنية حول الأراضي الجماعية بالرباط يومي 5 و6 دجنبر 1995.
[182] - محمد بلحاج
الفحصي، م. س، ص400- 401.
[183] - نفس المرجع، ص401.
[184] - محمد بلحاج
الفحصي، ن، م، ص402.
[185] - كريمات
زهير؛ م. س، ص223.
[186] - كريمات
زهير؛ ن، م، ص224.
[187] - محمد بلحاج
الفحصي؛ م، س، ص408.
[188] - محمد بلحاج
الفحصي، ن، س، ص409- 410.
[189] - محمد
السهل؛ "الأراضي الجماعية والاستثمار" مقال منشور بمجلة العقار
والاستثمار، أشغال اليوم الدراسي المنظم من طرف عمالة إقليم الحوز والمكتب الجهوي
للاستثمار الفلاحي للحوز بتعاون مع مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية
بكلية الحقوق بمراكش، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش بتاريخ 16/ 06/ 2003،
الطبعة الأولى 2005 ص83 وما بعدها.
[190] - المصطفى
فخري؛ م. س، ص47.
[191] - محمد مومن؛
م. س، ص110.
[192] - العربي
محمد مياد؛ "الدليل العملي لأراض الجماعات السلالية، مطبعة المعارف الجديدة،
الرباط، الطبعة الأولى، 2012 ص193 وما بعدها.