أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

عيوب الإرادة في قانون الإلتزامات والعقود

من إعداد :  ذعبد الخالق الحجوجي خريج ماستر المهن القانونية والقضائية. 







1) الغلط:

الغلط هو وهم يتولد في ذهن المتعاقد يجعله يتصور الامر على غير حقيقته، فقد يتوهم شخص صحة واقعة هي في الحقيقة غير صحيحة او عدم صحة واقعة هي في الواقع صحيحة، والغلط الذي الذي يعتبر من عيوب الرضاء هو الغلط المؤثر وهو حالة وسطى بين الغلط المانع والغلط الغير المؤثر. 

فبالنسبة للغلط المانع فلا يؤثر على الارادة فقط بل يعدمها، ويتحقق هذا النوع من الغلط اذا تعلق الامر بأحد الأركان العقد. 

وكمثال على ذلك " ان تتجه اراده احد الاطراف الى بيع شيء يملكه، بينما يعتقد المتعاقد الاخر انه سيتملك على سبيل الهبة "، فهذا غلط مانع. 

 اول أو الغلط في المحل " كأن تتجه ارادة البائع الى بيع عقار يوجد في مدينه وزان ويعتقد طرف الاخر الذي يريد الشراء ان البيع يتعلق بالمنزل المتواجد بطنجة ". 

وهناك الغلط غير المؤثر وهو الذي لا يتعلق بأي صفة جوهرية في العقد، وبالتالي لا يؤثر في ابرامه فهو ليس من عيوب الإرادة كالغلط في الحساب او الغلط في الباعث على التعاقد.

- حالات الغلط:

تطرق المشرع المغربي لأحكام الغلط كعيب من عيوب الإرادة في الفصول من 40 الى 45 من قانون الالتزامات والعقود. 

1.1- الغلط في القانون:

ينص الفصل 40 من ق. ل. ع على ان الغلط في القانون يخول ابطال الإلتزام:

* اذا كان هو السبب الوحيد والاساسي

* واذا كان ممن يعذر منه

يمكن الإعتداد بالغلط في القانون اذا توافرت شروطه، ولا يمكن في هذه الحالة المطالبة بابطال الإلتزام أمر يتعارض مع القاعدة القائلة "" لا يعذر احد بجهله للقانون "" لأن الغلط في القانون ليس اعتذارا بجهله بقصد تلافي تطبيقه، فهذا امر غير جائز، بل ان الغلط في القانون يراد به عكس ذلك فهو تمسك بتطبيق القانون الذي لو كان يعلمه لما اقدم على ابرام العقد.

ومن الأمثلة على ذلك " ان يهب احد الأشخاص مالا الى مطلقته معتقدا بأنه قد استردها الى عصمته والحقيقة ان طلاقه منها قد اصبح بائنا بانقضاء العدة "

او " ان يبيع احد الأشخاص نصيبه في التركة معتقدا انه يرث الربع ثم يتبن فيما بعد انه يرث النصف حسب قواعد الارث ". 

1.2 - الغلط في الشيئ محل العقد:

ينص الفصل 41 من ق. ل. ع على مايلي:

" يخول الغلط الإبطال اذا وقع في ذات الشيء او في نوعه او في صفه فيه كانت هي السبب الدافع الى التعاقد ". 

يستفاد من هذا النص ان المشرع جعل من الغلط في ذات الشيء غلط مؤثر يؤدي الى ابطال العقد ومن الأمثلة على ذلك " ان يشتري شخص خاتما معتقدا انه من الذهب الخالص، ثم يتضح له فيما بعد انها من الفضة هذا غلط في مادة الشيء. 

 اما الغلط في نوع الشيء " كأن يشتري شخص سلعة على انها من النوع الممتاز، ثم يتبين فيما بعد انها من النوع المتوسط" . 

اما الغلط في صفات الشيء كأن يشتري شخص لوحة فنية على أساس انها أثرية، ثم يتبين له فيما انها ليست كذلك وانها مجرد تقليد.

1.3- الغلط في شخص المتعاقد:

ينص الفصل 42 من ق. ل. ع على مايلي:

" الغلط على الواقع على شخص احد المتعاقدين او على صفته لا يخول الفسخ الا اذا كان هذا الشخص او هذه الصفة احد الاسباب الدافعة الى صدور الرضى من المتعاقد الآخر ". 

وكمثال على الغلط في شخص احد المتعاقدين ان يهب احد الاشخاص مبلغا من المال الى شخص اخر على اعتقاد انه من احد اقربائه فيتضح له فيما بعد ان لا صلة بينهما. 

وكمثال على الغلط في احد صفات المتعاقد ان يتعهد شخص الى اخر بالاشراف على بناء منزل وهو يعتقد انه مهندس ثم يتضح فيما بعد انه ليس بمهندس ولا علم له بالهندسة.

1.4- الغلط في الحساب :

ينص الفصل 43 من ق. ل. ع على ان مجرد غلطات الحساب لا تكون سببا للفسخ وانما يجب تصحيحها، فالغلط في الحساب يعتبر غلطا ماديا لا يؤثر على العقد وبالتالي يكفي تصحيحه، كالغلط في عملية الجمع.

1.5- الغلط من الوسيط :

في حالة ما اذا تم التعاقد عن طريق الوسيط ووقع هذا الاخير في غلط تناول الشيئ او الشخص، فإنه يحق للمتعاقد الأصيل الذي استخدم هذا الوسيط ان يطلب ابطال العقد وكأنه هو الذي وقع في هذا الغلط طبقا لمقتضيات الفصل 45 من ق. ل. ع.

ومثال ذلك " ان يكلف شخص وكيلا لكي يبيع له اثاثا أثرية يملكها فيقوم هذا الوكيل ببيعها على انها مجرد اثاث عادية "

2) التدليس :

التدليس هو  إستعمال وسائل احتيالية بقصد ايهام الشخص بغير الحقيقة وايقاعه في غلط يدفع الى التعاقد. 

اذا هناك علاقة واضحة بين الغلط والتدليس، فالغلط هو وهم يتولد في ذهن المتعاقد تلقائيا. 

اما الغلط الناشئ عن التدليس فهو غلط يقع فيه المتعاقد نتيجه الحيلة والخداع اللذين استعملهما المتعاقد الاخر. 

وكمثال على التدليس؛ شخص اراد ان يبع منزله وحتى يتمكن من انتزاع موافقة المشتري قدم له وثيقة مزورة تفيذ بأن احد الأشخاص عرض عليه ثم ثمنا اعلى من الثمن مقترح عليه ". 

وقد تعرض المشرع المغربي لاحكام التدليس في الفصلين 52 و 53 من ق. ل. ع حيث ينص الفصل 52 منه  ان" التدليس يخول الابطال اذا كان ما لجأ اليه من الحيل أو الكتمان احد المتعاقدين او نائبه او الشخص يعمل بالتواطئ معه، قد بلغت في طبيعته حدا بحيث لولاها لما تعاقد الطرف الآخر، ويكون للتدليس الذي يباشره الغير نفس الحكم اذا كان الطرف الذي يستفيد منه عالما به". 

وفي هذا الصدد ينص الفصل 52 من ق. ل. ع على ان "  التدليس الذي يقع على توابث الإلتزام من غير ان يدفع الى التحمل به لا يمنح إلا الحق في التعويض ". 

انطلاقا من هذه مقتضيات هاذين الفصلين يمكن القول بأن التدليس لا يتحقق إلا بتوافر شروط تلاث وهي:

* الشرط الاول: استعمال طرق احتيالية

* الشرط الثاني: كون الطرق الاحتيالية هي الدافع الى التعاقد. 

* الشرط الثالث :صدور التدليس عن المتعاقد الاخر او كونه على علم به.

3) الإكراه:

الإكراه عرفه الفصل 46 من قانون التزامات والعقود " بأنه اجبار يباشر من غير ان يسمح به القانون يحمل بواسطته شخص شخص اخر على ان يعمل عملا بدون رضاه". 

فالاكراه اذا هو رهبة تتولد في نفس المتعاقد بدون وجه حق وتكون هي الدافعة الى التعاقد. 

يشترط في الاكراه الذي يشوب الإرادة ويجعل العقد قابلا للابطال اربعة شروط و هي:

* الشرط الاولاستعمال وسيلة التهديد. 

* الشرط الثاني:  ان تبعث هذه الوسيلة رهبة في نفس المتعاقد. 

* الشرط الثالث: ان تكون هذه الرهبة هي الدافعة الى التعاقد. 

* الشرط الرابع: ان يكون المقصود من الرهبة المتولدة في نفس المكره تحقيق غرض غير مشروع.

4) الغبن :

الغبن هو عدم التناسب بين ما يأخذه المتعاقد وما يعطيه مما يهل بالتوازن المالي للعقد.

ومثال ذلك ان يبيع احد الأشخاص شيءا يملكه قيمته 1000 درهم بثمن 500 درهم، حيث يلحق هنا الغبن البائع او العكس وعندها يكون المشتري هو المغبون.

والغبن  لا يخول الابطال إلا اذا نتج عن تدليس الطرف الاخر او نائبه او الشخص الذي يتعامل من اجله، او اذا كان الطرف المغبون قاصر او ناقص الأهلية طبقا لمقتضيات الفصلين 55 و 56 من ق.ل. ع.

5) حالة المرض والحالات المشابهة :

5.1-  الإبطال بسبب حالة المرض :

 اذا ابرم احد الأشخاص اذا ابرم احد الاشخاص عقدا وهو في حاله مرضية لا يستطيع معها تقدير اموره والمحافظة على مصالحه فيتعرض لغبن فاحش، يحق له ان يطلب من المحكمة ابطال العقد الذي ما كان ليقبل به على هذا الشكل لو كان صحيحا معافا، وهنا القاضي اذا لم يستطع ابطال العقد بالإستناد الى الإكراه او الغبن لعدم توافر شروطهما، جزاء له انطلاقا من الفصل 54 من ق. ل. ع. ان يستعمل سلطته التقديرية ويقرر إبطال العقد.

5.2- الإبطال بسبب حالات أخرى مشابهة :

الحالات المشابهة لحالة المرض هي الحالات التي يوجد فيها الشخص في وضع يكون فيه اقرب للمريض ضعيف التفكير من سليم الجسم والعقل، كما في الطيش البين او الهوى الجامح. 

ويقصد بالطيش الخفة والإندفاع دون تبصر او اكتراث بعاقب الامور. 

وكمثال على ذلك " الشاب الذي يرث اموالا كثيرا فيندفع في تصرفاته دون تفكير فيبرم عقودا تتسبب في تبديد ثروته. 

اما الهوى الجامح فهو رغبة عارمة نحو شخص او شيء معين تضعف من حرية اختياره و تؤثر على ارادته، فهو يجعل النفس سهلة الإنقياد الى حيث يراد بها ان تسير. 

ومثال ذلك" الزوج العجوز مع زوجته الشابة حيث يجعله الهوى الجامح يكتب لها كل امواله طمعا في ارضائها".

المدونة القانونية الشاملة
المدونة القانونية الشاملة