أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الخبرة القضائية ما بين الإعتماد والإستبعاد (المادة المدنية نمودجا)

 من اعداد : طلبة ماستر المهن القانونية والقضائية بتطوان الفوج 2.


المقدمة :

إن الخبرة القضائية تعتبر من أهم الإجراءات المساعدة للقضاء، و لا يمكن للإنسان مهما زاد علمه و اتسعت مداركه إن يلم بكافة العلوم الماما كافيا، لذلك أجاز المشرع للقضاء من اجل البت بالنزاعات بشكل سليم يحقق العدالة، الاستعانة بأهل الخبرة و الاختصاص، حيث أن الخبرة يأمر بها القاضي في ظروف خاصة و شروط معينة قصد إجراء تحقيق في مسائل فنية، لا يمكن للمحكمة أن تبت في النزاع المعروض عليها دون توضيح بعض المسائل أو النقط الفنية من الأشخاص ذوي المعارف الخاصة كي تستطيع الحكم فيها بارتياح[1].

   و تتجلي أهمية هذا البحث في دور الخبرة القضائية في الدعوى، حيث تعتبر احد وسائل الإثبات[2] ، و كذا لحسمها في كثير من القضايا المعقدة.

   فإذا بحثنا في التاريخ نجد أنها كانت في العهد الروماني حيث احتاج القاضي إلي معاون له في المسائل الشائكة كمسائل الملكية و الحدود و الإيجارات و المسائل الطبية و غيرها، و هذا أدي إلي نشأة نظام الخبرة كجزء من النظام القضائي الروماني ، و كان الخبير منذ ذلك الوقت يلتزم بحلف اليمين القانوني، و مع تأثر القانون الفرنسي بالقانون الروماني ظهرت الخبرة كإجراء من إجراءات الإثبات[3]، بحيث تشكل مع الشهادة أهمية كبرى بالنسبة للقضاء.

   أما في الفقه الإسلامي فقد أجاز منذ عصوره الأولي استعانة القاضي بالخبير، مستندين في ذلك إلي قوله تعالي : ""وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ""[4] و يقول جل علاه ""فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ""[5]

   وقد أجمع فقهاء الشريعة الإسلامية على وجوب الرجوع على أهل المعرفة والخبرة فيما هو معروض أمام القضاء، ولا يثبت الحكم به إلا بقولهم , أما في المجال العملي فكان العرب يستخدمون القيافة.

   وقد اهتم المشرع المغربي بالخبرة القضائية شانه في ذلك شان باقي التشريعات المعاصرة حيث نظمها في الفصول من 59 إلي 66 من قانون المسطرة المدنية، و ذلك ضمن الباب الثالث المتعلق بإجراءات التحقيق، بالإضافة إلي هذه الفصول نجد في المقابل قانونا أخر يكملها و يتعلق الأمر بالقانون رقم 00.45 المتعلق بالخبراء القضائيين.

   و بهذا يمكن طرح الإشكالية الجوهرية التالية:

كيف تم التعامل مع الخبرة القضائية في المادة المدنية بالمغرب ؟

   وهذه الإشكالية تتفرع عنها مجموعة من الإشكاليات منها:

كيف تم تعريف الخبرة؟ وما هي اجراءاتها؟ وما مدى حجية الخبرة؟ وهل يمكن تصور مسؤولية الخبير أثناء قيامه بمهامه؟

   و للإحاطة بالموضوع ارتأينا تقسيمه إلي الإطار العام للخبرة في المادة المدنية  (المبحث الأول )، و الإثبات عن طريق الخبرة في المادة المدنية و مسؤولية الخبراء ( المبحث الثاني ).

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول: الخبرة القضائية في المادة المدنية

    تعتبر الخبرة القضائية من بين وسائل الإثبات التي يتم اللجوء إليها من طرف القضاة، وحتى يتسنى لنا معرفتها سنتناول في المطلب الأول ماهية الخبرة وفي المطلب الثاني القواعد الخاصة بانتداب الخبراء.

المطلب الأول: ماهية الخبرة

   لقد أدرج المشرع المغربي الخبرة القضائية في الباب الثالث من القسم الثالث من المسطرة المدنية، وعالجها انطلاقا من الفصول 59 إلى 66 و من الفصل 280 إلى 282، ونحن سنحاول أن نتناول هذه الخبرة من خلال تعريفها، أنواعها (الفقرة الأولى)، ومن ثم سنعمل على تبيان طبيعتها القانونية و تميزها على باقي المفاهيم المشابهة لها(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى ˸ تعريف الخبرة وأنواعها

أولا: تعريف الخبرة

   لقد تحاشى المشرع المغربي إعطاء تعريف مباشر للخبرة نظرا لعدم قدرته على الإلمام به، على اعتبار أن التعريفات يختص بها الفقه، إلا أنه قدم لها تعريفاـ(الخبرة)ـ من خلال الإحاطة بخصائصها وأنواعها، إذ اعتبرها إجراء من إجراءات التحقيق يتم اللجوء إليها من طرف قضاة الموضوع قصد الحصول على المعلومات الضرورية بواسطة الخبراء، لذلك يعتبر كاستشارة من طرف المحكمة عندما تريد الحصول على معلومات على وقائع مادية لاستحالة فهمها من طرفها.    وفقهيا قد تم تعريفها على أنها" استعانة القاضي بأشخاص مختصين في مسائل يفترض عدم إلمام القاضي بها للتغلب على الصعوبات الفنية أو العلمية التي تتعلق بوقائع النزاع وذلك للقيام بأبحاث فنية وعلمية واستخلاص النتائج منها في شكل رأي غير ملزم"[6].

ثانيا: أنواع الخبرة

   أما بالنسبة لأنواعها فالخبرة القضائية تنقسم إلى أربعة أصناف: الخبرة الأصلية، المضادة، الجديدة والتكميلية.

 

   فأما الأصلية فهي التي تأمر بها المحكمة للمرة الأولى، إذا استعصى عليها حل معنى الأمور سواء كانت فنية أو علمية وكذلك إذا توفرت في قضية مطروحة للعقل فيها أمام المحكمة شروط أو ظروف معينة استوجب معها اللجوء للخبير، كما أن أمر المحكمة بالخبرة يكون إما تلقائيا أو إذا تم طلبها من طرف أحد الخصوم أو هما معا.

   ثم نجد الخبرة المضادة التي تأتي من أجل مراقبة صحة المعطيات وسلامة وصحة ما خلصت إليه الخبرة الأولى، وهي لا تعني المعاكسة(الضد) وإنما تندرج ـ (أي الخبرة) ـ في إطار تمكين الخصوم من كل وسائل دفاعهم.

   وتأمر بها محاكم الموضوع التي تتميز بالسلطة التقديرية لطالبها إذا تبين لها أنه لا يمكن الفصل في القضية المطروحة عليها إلا بعد إجراء هذه الخبرة للتأكد من صحة من تحكم به.

بعد ذلك تأتي الخبرة الجديدة كمرحلة لاحقة.

   إذا رفضت المحكمة الخبرة الأولى لسبب من الأسباب كالبطلان، أو عند افتقار التقارير المنجزة من طرف الخبراء إلى معلومات دقيقة تفيد في حل القضية المطروحة، كما أنه يمكن من طرف الخصوم إذا كانت هذه التقارير المنجزة مشوبة بتحيز إلى خصم من الخصوم، أو ناقصة غير كافية في نظر المحكمة.

   وأخيرا الخبرة التكميلية التي تلجأ إليها المحكمة إذا شاب الخبرة الأولى نقصان واضح، أو أن الخبير لم يجب على كل الأسئلة والنقط الفنية التي عين من أجلها، كما يمكن أن يعهد بالخبرة للخبير الأول ليكملها أو إلى خبير آخر، وذلك حسب اقتناع القاضي وسلطته التقديرية.

الفقرة الثانية ˸ طبيعتها القانونية وتميزها على المفاهيم المشابهة لها

    سنتطرق أولا إلى الطبيعة القانونية للخبرة(أولا) ثم إلى تمييز الخبرة عن المفاهيم المشابهة(ثانيا).

أولا: الطبيعة القانونية للخبرة

    لقد اختلف الفقه حول إعطاء رأي موحد للطبيعة القانونية للخبرة فمنهم من اعتبرها مجرد شهادة ومنهم من اعتبرها وسيلة للتقدير والتقييم والبعض الآخر ذهب إلى كونها إجراءا مساعدا للقاضي وليست وسيلة إثبات.

   وقد جاء الفقه الفرنسي وأكد على أن الخبرة إجراء فرعي. أي أنها تشكل هدفا في حد ذاتها. لكنها وضعت لخدمة التحقيق في الخصومة الرئيسية، التي لا يمكن أن توجد الخبرة مستقلة عنها.

   وإجمالا فالخبرة يمكن أن تكون وسيلة إثبات مباشرة من أجل حل نزاع مطروح أو غير مباشرة كأن تكون وسيلة تحقيق الخطوط.

ثانيا: تمييز الخبرة عن بعض المفاهيم المشابهة لها

   كما أن الخبرة باعتبارها وسيلة يسترشد بها القاضي لمعرفة أمور فنية ليس له دراية بها فوجب علينا تمييزها عن باقي المفاهيم المتشابهة لها كالشهادة التي تلتقي مع الخبرة في بعض الأمور الشكلية فكلهما يقومان على صدق أمانة الخبير والشاهد، وكلاهما يعملان على مساعدة القاضي للوصول للحقيقة كما أنهما يختلفان في طبيعتهما على اعتبار الخبير رجل فن وعلم يستعان به من طرف المحكمة على عكس الشاهد رجل عادي يروي ما يراه للمحكمة فقط، كما تختلف الخبرة عن الشهادة في أن الأولى يقوم بها بعيدا على المحكمة. أما الثانية فتؤدى أمام المحكمة[7].

   ثم نجد التحكيم باعتباره مؤسسة اختيارية لفض النزاعات تلتقي مع الخبرة في بعض الجوانب منها أن المحكوم والخبير يعتبران طرفين أجنبيين عن النزاع، وكذلك التحكيم والخبرة يفترض فيهما النزاهة والموضوعية.

   أما نقط الاختلاف فتتجلى في كون المحكم قاضي يفصل في نزاع الأطراف أما الخبير يستعان به من طرف المحكمة فقط فقرار الأول يعتد به في مقابل أن استنتاجات الأخير تكون كوسيلة تميز القاضي للوصول للحقيقة ليس إلى كذلك بالنسبة للخبرة و الترجمة فهنالك من يعتبر الترجمة تدخل في إطار الخبرة بمفهومها الواسع حيث أن القاضي أيضا يحتاج إلى هذا العمل الفني أي الترجمة التي تساعده على فهم مستندات أو وثائق تعينه على فهم القضية لذلك فهي وسيلة من وسائل الإثبات إلى أن الترجمة تبقى بعيدة عن الخبرة على اعتبار أنها علم قائم بذاته له مختصوه وهم التراجمة.

المطلب الثاني: القواعد الخاصة بانتداب الخبراء


   تعتبر الخبرة القضائية من أهم الإجراءات المساعدة للقضاء والتي يأمر بها القاضي في ظروف خاصة وشروط معينة قصد إجراء تحقيق في مسائل فنية، لا يمكن للمحكمة أن تبث في النزاع المعروض عليها دون توضيح بعض المسائل أو النقط الفنية البحتة من الأشخاص ذوي المعارف الخاصة كي تستطيع الحكم فيها بارتياح, وسنحاول في هذا المطلب التطرق إلى تعيين الخبراء ومهامهم(الفقرة الأولى) وأيضا سنتعرض لتجريح وحضورية الخبرة(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تعيين الخبراء ومهامهم

أولا:تعيين الخبير

  لعل من بين أهم القواعد المرتبطة بتنظيم مجال الخبرة تتمثل في إمكانية القاضي اللجوء إلى الخبرة عند الضرورة من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد الخصمين أو وفقا لطلبهما معا، إلا أنه يتعين على القاضي حينما يرفض طلب إجراء خبرة أن يعلل موقفه، وإن كان المجلس الأعلى قد قرر في المجال الإجرائي أن عدم الرد هذا لا يمكن تفسيره أحيانا إلا بأنه رفض ضمني لإجراء الخبرة لا يفسد الحكم أبدا ما لم يتعلق الأمر بطبيعة الحال بإجراء قد يترتب على إغفاله إضرار بالخصم تطبيقا لمقتضيات الفصل 49 من قانون المسطرة المدنية، ولذلك نص المشرع المغربي في المادة 59 من قانون المسطرة المدنية على صلاحيات القاضي في الأمر بإجراء الخبرة تلقائيا أو باقتراح الأطراف واتفاقهم، من طرف خبير محلف أو استثناء من طرف خبير غير مسجل بالجدول شريطة أدائه اليمين أمام الهيئة القضائية التي عينته، على أن يقوم بأمانة وإخلاص بالمهمة المسندة إليه وأن يعطي رأيه بكل تجرد واستقلالية ما لم يعف من ذلك اليمين باتفاق الأطراف، وسلط الضوء على تقنية تحديد النقط المعروضة على الخبير للحسم فيها والتي تكون عبارة عن أسئلة فنية لا علاقة لها مطلقا بالقانون، والهدف الذي توخاه المشرع يكمن في مواجهة ظاهرة تجاوز بعض الخبراء القضائيين أثناء مزاولات مهامهم لما هو محدد في الأمر التمهيدي إما تلقائيا أو بحجة غموض ولبس النقط المطلوب التعرض لها . وقد سبق للعمل القضائي المغربي أن تصدى بحزم لهذا التجاوز باجتهادات متواترة وهو ما تفطن إليه المشرع المغربي وصاغه في شكل تعديل تشريعي جديد، وكمثال على هذا التجاوز ما جاء في حكم صادر عن ابتدائية أنفا بتاريخ 23 يونيو 1995 " إن السيد الخبير خلص في تقريره إلى تقدير قيمة الأصل التجاري اعتمادا على مجموعة من العناصر ولم يتطرق إلى النقطة المحددة في الحكم التمهيدي الأول، وهي مدى تأثير الانتقال على القيمة التجارية وما سيلحق المكتري من جراء الانتقال والبحث عن محل آخر في حالة الإفراغ."
  وتجدر الإشارة إلى أن الاختلالات الواضحة في تقارير الخبراء وعدم التقيد بالنقط الفنية المحددة في الأمر التمهيدي أو الإجابة عنها بشكل غامض يجعل الخبرات المنجزة على هذا النحو مشوبة بطابعها المعيب وهذا ينعكس سلبا على أطراف الخصومة والسير العادي للملفات المعروضة على القضاء وتصريف قضايا المتقاضين في آجال معقولة، وفي هذا الصدد نص القرار الصادر عن المجلس الأعلى عدد 435 بتاريخ 8/10/2003 ملف شرعي عدد : 473/2/1/2002 " أن هذه الخبرة إنما حددت نصيب كل مجموعة بالأمتار دون أن تفرز نصيب كل واحد من الورثة أطراف النزاع بحدوده وتبين الطرق والممرات المؤدية إليه وتوضح ذلك بأي رسم هندسي يبين ما ذكر فإن القرار المطعون فيه لما اعتمد على مشروع الخبرة المذكور رغم ما شابه من غموض وإبهام وقضى وفقه، فإنه يكون ناقص التعليل المنزل منزلة انعدامه مما يعرضه للنقض". م
 
  ومن خلال الفقرة الأخيرة من الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية يتضح بأن المشرع المغربي أكد على المبدأ العام الواجب على الخبير التقيد به عند البت في أية مسألة أو واقعة لها علاقة بالقانون.

ثانيا: مهام الخبير

    أما بخصوص مهام الخبراء فهي تكمن في النظر في كل ما يتعلق بالجانب التقني والفني في القضايا المعروضة أمام القضاء، وتحصر مهمة الخبير في الإطار التقني فقط وممنوع عليه النظر أو إعطاء رأيه في الأمور المتعلقة بالقانون[8].

  وهنا جاء القضاء بالعديد من الآراء بخصوص هذه النقطة  فنص على ما يلي : " كما يمنع عليه الجواب على أي سؤال يخرج من اختصاصه الفني وله علاقة بالقانون" وهو مبدأ سبق للقضاء المغربي أن كرسه في أكثر من مرة حيث جاء في إحدى حيثيات قرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 03ماي 1992 " … إن مهمة الخبير الذي تعينه المحكمة تنحصر في جلاء أمر تقني يرى القاضي الإطلاع عليه ضروري للفصل في النزاع المفروض عليه، أما الإجراءات التي تتعلق بالقانون كمعرفة الأرض المتنازع عليها، هل هي من ألأملاك الخاصة أو من أملاك الدولة أو الجماعات، وهل المدعون يتصرفون في الأرض عن طريق المنفعة والاستغلال فقط أو عن طريق التملك، فهذه كلها إجراءات قانونية من صميم أعمال القاضي، الذي لا يجوز أن يتنازل عنها للغير أو يفوض النظر فيها إليه..."
واعتبارا لكون أن موضوع الخبرة قد يتطلب مجهودا جبارا أو تتعدد جوانبه بشكل يكون فوق الطاقة العادية لخبير واحد، فقد سمح المشرع للمحكمة استثناء بأن تعين في النزاع أكثر من خبير واحد ويستشف ذلك من خلال الفقرة الأولى من الفصل 66 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على أنه : " إذا اعتبر القاضي أن الخبرة يجب أن لات قع عن خبير واحد فإنه يعين ثلاثة أو أكثر حسب ظروف القضية" . وبذلك فإن المشرع المغربي قد وضع قيدا خاصا على عدد الخبراء عند اختيارهم حيث لا يكون الندب إلا لخبير واحد أو لثلاثة خبراء إذن من الخطورة بمكان وضع المحكمة بين رأيين قد يكونا متعارضين لكل منهما وزنه وسنده ودلائله مما يصعب ترجيح أحدهما عن الآخر؛ غير أن الندب لأكثر من ثلاثة خبراء قد يؤدي إلى البطء والتعقيد وتشعب الآراء وكثرة المصاريف التي يجب أن يتحملها الخصوم وبالتالي يفرغ هذا المقتضى القانوني من محتواه؛ ومن شأنه أن يخل بما يروم إليه المشرع من إجراء الخبرة، وأعتقد أن الاقتصار على خبير واحد أو تعيين ثلاثة خبراء هو أنسب إجراء من حيث العدد، لأن الخبير الثالث من شأنه أن يكون مرجحا لأحد الخبيرين متى اقتضت ملابسات القضيةوظروفهاذلك.

   والملاحظ من خلال معاينة بعض الملفات التي تقرر فيها إجراء الخبرة أن بعض الخبراء يتقاعسون في أداء واجبهم دون مبرر معقول وبعد تذكيرهم لعدة مرات منهم من يطلب في الأخير وبعد مرور عدة        شهور إعفاءه من إنجاز الخبرة والأدهى من ذلك أن هناك من الخبراء من يتقدم بطلب الرفع من أتعاب الخبرة، وتستجيب المحكمة لطلبه إلا أنه بعد ذلك يلتمس إعفائه من المأمورية المنوطة به. وانطلاقا من هذا الوضع نميل إلى الاتجاه الفقهي الذي يطالب بتطبيق جريمة إنكار العدالة عن الخبراء الذين تعينهم المحكمة لإنجاز مهمة ما ثم يرفضون القيام بها دون أن يكون لهذا الرفض سببا جديا ومشروعا؛ وتفعيل ما تنص عليه الفقرة الثانية من الفصل 61 من قانون المسطرة المدنية "بصرف النظر عن الجزاءات التأديبية، يمكن الحكم على الخبير الذي لم يقم بالمهمة المسندة إليه أو رفضها بدون عذر مقبول بالمصاريف والتعويضات المترتبة عن تأخير إنجاز الخبرة للطرف المتضرر، كما يمكن الحكم عليه بغرامة لفائدة الخزينة".
  ونشير إلى أنه إذا كان من حق المحكمة أن تختار من بين الخبراء من تراه الأصلح لإنجاز المهمة التي تطلبها فإن هذا الاختيار قد يقيده المشرع أحيانا وهكذا مثلا فلا يمكن في المادة الاجتماعية أن يكون خبيرا قضائيا الطبيب الذي عالج العامل المصاب ولا الطبيب صاحب العمل ولا طبيب صندوق الضمان الاجتماعي إلا إذا وافق الطرف المعني بالأمر على ذلك صراحة وفقا للمادة 281 من قانون المسطرة المدنية.

  الفقرة الثانية: تجريح الخبير وحضورية الخبرة

أولا: تجريح الخبير

   يقصد بتجريح الخبير طلب رده من المحكمة التي قامت بتعيينه لأسباب معينة متى توفرت قد تؤثر تأثيرا مباشرا أو غير مباشر في حياد الخبير المجرح ونزاهته, وقد تنبه المشرع المغربي إلى هته المسألة كنظيره الفرنسي والمصري، وقد نص صراحة في الفصل 62 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي:

– إذا كان هناك نزاع بينه وبين أحد الأطراف

– إذا عين لإنجاز الخبرة في غير مجال اختصاصه

- إذا سبق له أن أبدى رأيا أو أدلى بشهادة في موضوع النزاع

- إذا كان مستشارا لأحد الأطراف

– لأي سبب خطير آخر

   وما يلاحظ أن هذه الأسباب غايتها هو تفادي أن يحيد الخبير,ولهذا نجد المشرع نص في الفقرة ما قبل الأجيرة في نفس الفصل أعلاه إمكانية أن يثير الخبير أسباب التجريح من تلقاء نفسه, وفيما يتعلق بمسطرة تجريح الخبراء فالملاحظ أن المشرع نظمها بصورة مقتضبة ويستفاد من مضمون الفقرة الأخيرة من الفصل 62 من ق.م.م على أن الطرف الذي يدعي وجود أسباب التجريح عليه أن يقدم طلبا بذلك داخل أجل 5 أيام من تبليغ الخبير, كما يجب أن يكون هذا الطلب موقعا من طرفه أو طرف وكيله, ويجب أن يشار فيه إلى أسباب التجريح, وبما أن المشرع اشترط ضرورة تقديم طلب تجريح, فنستنتج أنه لا يمكن تجريح الخبير شفويا, وفي هذا الصدد دعا بعض الفقه إلى ضرورة تدخل المشرع من أجل السماح للخصوم بتقديم طلب التجريح شفويا.

ثانيا: حضور الخبرة

   أما بالنسبة للحضورية فهي مبدأ إلزامي يعني حضور الخصوم وتواجههم لمناقشة الأدلة و الدفوع أمام القاضي و تحت إشرافه و رقابته، فبدون هذا المبدأ لا يمكن بناء الحكم على أساس من القانون لأنه وسيلة خصوم الدعوى في الدفاع عن أنفسهم, وقد نص الفصل 63 من ق.م.م أنه إذا لم تتوفر حضورية الأطراف أثناء الخبرة إذا لم تتم تكون معرضة للبطلان كما أنه يجب على هذا الخبير أن لا يقوم بمهمته إلا بعد حضور أطراف النزاع أو وكلائهم, كما أنه يمكن للقاضي أن يحضر عمليات الخبرة إذا كان ذلك مفيدا حيث أنه يبقي الخبير تحت مراقبته.

 

المبحث الثاني: مناقشة تقرير الخبرة في المادة المدنية ومسؤولية الخبير

 

     كما هو معلوم أن القاضي ملزم بالبث في القضايا التي تعرض عليه، إلا أنه في بعض الأحيان قد لا تسعفه النصوص القانونية للفصل في النزاع، خصوصا إذا كان هذا الأخير يكتسي شيئا من التعقيد والتفرغ للتخصص، خاصة وأنه ملزم بالبث في الدعوى حتى وإن كانت له طبيعة تقنية أو علمية. وحتى لا يتابع بجنحة إنكار العدالة، ونظرا لعدم إلمامه بالجوانب التقنية، فإن القاضي في مثل هذه الحالات يحتاج إلى خبير لإجراء خبرة( المطلب الأول)مع ضرورة مراعاته للنزاهة وعدم الإنحياز لأي طرف وإلا تعرض للمسؤولية إذا ما أخل بالتزاماته المهنية والقانونية الملقاة على عاتقه (المطلب الثاني). 

المطلب الأول: مناقشة تقرير الخبرة وحجيته

    يعتبر تقرير الخبرة دليلا من أدلة الإثبات، فيصبح لمن قدر التقرير لمصلحته أن يحتج به لإثبات ادعائه أو دفاعه، فله أن يتمسك بكافة الحجج والأسانيد التي بني عليها الخبير تقريره (الفقرة الأولى)، ومن حق الخصوم الآخرين الدفع ببطلان الخبرة إذا شابه عيب شكلي لإهدار قيمته في الإثبات، كما يمكن للمحكمة اللجوء إلى خبرة جديدة من أجل إجراء تحقيق إضافي(الفقرة الثانية)، لأن ذلك يدخل ضمن السلطة التقديرية للمحكمة التي تتمتع بها(الفقرة الثالثة).

       الفقرة الأولى: مناقشة تقرير الخبير وحجيته وسلطة المحكمة ازاءه

   بعدما أن ينتهي الخبير من إنجار تقرير الخبرة المكلف بها، يصبح هذا التقرير محل مناقشة(أولا)، وإن كان في الأصل كقاعدة قوة في الإثبات(ثانيا) يرجع إلى المحكمة أمر تقدير هذه القوة(ثالثا).

     أولا: مناقشة تقرير الخبرة

     يعتبر تقرير الخبير دليل من أدلة الإثبات في الدعوى، لكنه ليس دليلا حاسما، بل يمكن أن يكون محل نقاش، وطعن من قبل أحد أطراف النزاع.ويستند الطرف الذي صدر التقرير لمصلحته على التقرير كحجة، ويعتبره أحد الأدلة الحاسمة التي يستند عليها في إثبات صحة دعواه.

     أما الطرف الآخر في الدعوى فله الحق في مناقشة مضمون هذا التقرير، وما يحتويه من أخطاء، وله أيضا الطعن في المقدرة العلمية أو الفنية للخبير انطلاقا مما يشمله التقرير من هفوات.

     ولمحكمة الموضوع كذلك الحق في مناقشة مضامين هذا التقرير طبقا للفصل 64[9] من ق م م، بحيث يجوز للمحكمة أن تأمر بإتمام الخبرة إذا ما لاحظت أن تقرير الخبرة الأولى لم يجب عن الأسئلة أو بعض الأسئلة التي طرحها القاضي على الخبير، وللمحكمة أيضا بناء على طلب من الأطراف أو من تلقاء الخبير أن تستدعي ((( جزاء عدم حضور الخبير )))هذا الأخير لحضور  الجلسة مع جميع  الأطراف لتقديم الإيضاحات اللازمة حول النقط المبهمة أو مناقشة تقرير الخبرة، كلما رأت المحكمة ضرورة لذلك، إلا أنها غير ملزمة بالإستجابة لطلب أحد الأطراف أوهما معا بشأن استدعاء الخبير للجلسة، لأن ذلك يندرج ضمن السلطة التقديرية للمحكمة، وهذا فيه نوع من الإجحاف في حق الأطراف وتهميش لأدوارهم وحقهم في لدفاع عن حقوقهم. ويبقى التساؤل المطروح هو هل يجب أن يكون هذا الرفض أو عدم الإستجابة معللا أم لا ؟

     وللإشارة فإن التقرير المنجز يجب أن يكون موقعا من طرف الخبير حسب ما ينص عليه الفصل 66 من ق م م، لكن في حالة تعددهم وقاموا بعملية الخبرة مجتمعين هيأوا تقريرا واحدا في الموضوع. غير أن متى كانت آراؤهم مختلفة بينوا رأي كل واحد منهم والأسباب المساندة له مع توقيعه من طرف الجميع، ما لم يتفقوا أو تلزمهم المحكمة بإنجاز تقارير منفردة[10].

    ونشير في آخر هذه الفقرة أن تعليل رأي الخبير أمر ضروري، ويجب عليه أن يبرز الأسباب التي جعلته يعتنق ذلك الرأي، حتى يستطيع الخصوم مناقشته وحتى يكون القاضي رأيه من خلاله[11].لأن تقرير الخبرة في أكثر الحالات يكون دليلا قاطعا في حسم الدعوى.

ثانيا:حجية تقرير الخبير

   إن التقرير الذي ينجزه الخبير بناء على انتداب من المحكمة كقاعدة عامة له قوة الإثبات التي تكون عادة للأوراق الرسمية في شأن ما أثبته هذا الخبير من الوقائع التي شاهدها أو علمها أو استنتجها في حدود الإختصاصات التي أوكلت إليه. فما دام الخبير يقوم بمهمته في التحقيق والتقصي والبحث بأمر من القاضي، اعتبر تقريره بمثابة الوثيقة الرسمية التي لا يمكن إثبات عكس ما ضمن بها مبدئيا عن طريق الطعن بالزور. 

   لكن مع ذلك فبالرجوع الى الفصل 66 في فقرته الثالثة من ق م م نجدها تنص " لا يلزم القاضي بالأخذ برأي الخبير المعين ويبقى له الحق في تعيين أي خبير آخر من أجل استيضاح الجوانب التقنية في النزاع".

   ونشير إلى أن حتى القضاء المصري يعتبر صراحة تقرير الخبير بمثابة ورقة رسمية، تكون حجة على ما تضمنته من أعمال ونتائج ولا يجوز تكذيب شيء من هذا القبيل إلا بطرق الإدعاء بالزور.

   فالقاعدة العامة، إذن أن المحكمة حرة في الأخذ بتقرير الخبير ولها سلطة تقديرية واسعة في ذلك. كما جاء في قرار للمجلس الأعلى سابقا الصادر بتاريخ 1999 بأن " تقرير الخبرة عنصر من عناصر الإثبات التي تخضع للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع دون رقابة عليهم من المجلس الأعلى ما لم ينعى عليهم أي تحريف".

   وغير خاف على كل مهتم بهذا الميدان ما يلاقيه السادة القضاة من مشاكل في تقييم الخبرة، وفي فتح قناة التواصل بينما هو فني وقانوني، مما يجعلنا نتساءل إلى أي حد يمكن التوفيق بين مقولة القاضي خبير الخبراء وبين مقولة ثانية وهي أن الشيء الفني لا ينقض إلا بالفني؟

   ونجد الجواب عن هذا التساؤل من خلال اجتهاد قيم لمحكمة النقض المصرية الصادر سنة 1968 جاء فيه " إذا كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو الاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها، إلا أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحثة التي لا تستطيع أن تشق طريقها لإبداء رأي فيها".

    وقد أحسن المشرع المغربي صنعا في تعديله للفصل66 من ق م م حينما نص على أنه " لا يلزم القاضي بالأخذ برأي الخبير المعين ويبقى له الحق في تعيين أي خبير آخر من أجل استيضاح الجوانب التقنية في النزاع". بمعنى أن القاضي تبقى له السلطة التقديرية في ترجيح الخبرات ما دام أن الأمر يتعلق بمسألة فنية لا يمكن دحضها بمعارف ومعلومات شخصية لا ترقى إلى المستوى الفني المطلوب، بحيث لا يصح للمحكمة أن تحل فيه محل الخبير ما دامت قد سلمت ومنذ البداية بعدم درايتها فيه.

    وغني عن البيان أن ما يتوصل إليه الخبير من نتائج فنية أو علمية ويضمنه في تقريره، ليست له قوة مطلقة، وإنما يحق لأطراف النزاع دائما إثبات خطئه أو سهوه أو عدم مطابقته للواقع، ولهم أن يستعملوا في ذلك كافة وسائل الإثبات الممكنة المتاحة أمامهم.

الفقرة الثانية: الخبرة الجديدة والمضادة وبطلان الخبرة

   بالرغم لما للتقرير من قوة في الإثبات إلا أن المتقاضون كثيرا ما يطلبون إجراء خبرة مضادة، إما لعدم إقتناعهم بما جاء في التقرير أو اتفنيذ ما جاء فيه، والمشرع أعطى هذا الحق أيضا اللجوء إلى خبرة جديدة إذا لم تقتنع بالخبرة الأولى(أولا)، كما يجوز للأطراف المطالبة ببطلان الخبرة في حالة إثباتهم لعيب شابها(ثانيا).

أولا: الخبرة الجديدة والخبرة المضادة

   تنص مقتضيات الفصل من ق م م على أنه " يمكن للقاضي إذا لم يجد في تقرير الخبرة الأجوبة على النقط التي طرحها على الخبير أن يأمر بإرجاع التقرير إليه قصد إتمام المهمة".

   وهكذا يمكن للمحكمة إما تلقائيا أو بإيعاز من أحد الخصوم أو بطلب منهم جميعهم أن تأمر الخبير الذي انتدبته بإجراء تحقيق إضافي للإجابة على نقطة من النقط التي لم يجب عليها التقرير أو للبحث أكثر في نقطة مهمة يصعب الحسم في النزاع إلا بإجراء خبر جديدة.

   وكلمة " يمكن" الواردة في الفصل أعلاه تعني أن للمحكمة الخيار إما بانتداب خبير جديد أو الابقاء على نفس الخبير.

   وعليه، فالخبرة الجديدة هي إجراء جديد أو تكميلي للتحقيق يرد على نفس المسائل التي كانت موضوعا للخبرة الأولى.

   وللمحكمة السلطة التقديرية في الإستجابة لطلب إجراء خبرة مضادة من عدمها، حيث جاء في قرار المجلس الأعلى سابقا " إن الإستجابة لطلب إجراء خبرة مضادة من عدمه خاضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك من طرف المجلس الأعلى إلا فيما يخص التعليل"[12].

   والأسباب التي قد تدعوا إلى سلوك مسطرة خبرة جديدة عديدة ومتنوعة منها حالة بطلان تقرير الخبرة لإنجازه مثلا دون استدعاء الأطراف أو نقصان بياناته أو أن المحكمة بدورها لم تحدد له المأمورية بكيفية واضحة ودقيقة.

   وفي هذا الصدد، لابد من التمييز بين الخبرة الجديدة أو المضادة وبين الخبرة التكميلية، وهكذا فالأولى تقتضي انتداب خبير جديد وإصدار حكم تمهيدي بشأنها وتحديد مهمة الخبير الذي يجب عليه قبل مباشرة هذه المهمة أن يستدعي الأطراف لحضورها، أما الخبرة التكميلية لا تقتضي غالبا  إلا توجيه الدعوى إلى الخبير من طرف المحكمة لتستفسره حول بعض البيانات التي أشكلت عليها[13]. فهي لا تحتاج إلى القيام بالإجراءات التي تشترط في الخبرة الجديدة أو المضادة.

   وسواء تعلق الأمر بالخبرة الجديدة أو المضادة أو الخبرة التكميلية فقد ألزم الفصل 64 من ق م م القاضي أن يشعر الأطراف بالحضور عند استدعاء الخبير.

ثانيا: بطلان تقرير الخبير

   يعرف الفقه البطلان بأنه جزاء يلحق الإجراء المسطري كلما جاء مخالفا للنموذج الذي وضعه المشرع، حيث يترتب على ذلك تجريد هذا الإجراء من كل أثر قانوني.

   إن تقرير الخبرة وعمل الخبير عموما يخضعان فيما يخص نظرية بطلانه إلى القواعد العامة لبطلان الإجراءات المدنية ما دام المشرع المغربي لم ينص على قواعد خاصة ببطلان إجراءات التحقيق بما فيها إجراء الخبرة.

   وبطلان إجراء ما رهين في كافة الأحوال بإحداث ضرر للخصم، وهو ما تم النص عليه في الفصل 49 من ق م م : يسري نفس الحكم بالنسبة لحالات البطلان والإخلالات الشكلية والمسطرية التي لا يقبلها القاضي إلا إذا كانت مصالح

الطرف قد تضررت فعلا".

   وكذلك الشأن بالنسبة لما نصت عليع المادة 359 من ق م م "يجب أن تكون طلبات نقض الأحكام المعروضة على المجلس مبنية على أحد الأسباب الآتية:

1.   خرق القانون الداخلي.

2.   خرق قاعدة مسطرية أضرت بأحد الأطراف..."

وهكذا فعلى المتضرر أن يطالب ببطلان الخبرة لأحد الأسباب الموجبة لذلك التي تقع تحت حصر. ومن بين هذه الأسباب المؤدية إلى بطلان الخبرة وبالتالي استبعادها نهائيا، كعدم أداء الخبير الغير المسجل بجدول الخبراء اليمين، أو عدم استدعاء الأطراف لحضور الخبرة.

   وعلى الطرف المتمسك ببطلان الخبرة أن يثير الدفع ببطلانها مباشرة بعد إيداع التقرير وليس بعد مناقشة موضوعه، تحت طائلة عدم قبوله لوقوعه بعد فوات وقته.

   وفي هذا الصدد يطرح تساؤل غاية في الأهمية هو هل يحق للقاضي أن يأخذ ببعض المعلومات والمعطيات التي جاءت في تقرير الخبرة رغم بطلانه؟

   وقد ذهب بعض الفقه والقضاء المقارن أنه يجوز للمحكمة أن تستقي بعض معلوماتها للفصل في النزاع من تقرير باطل أ, مخالف للإجراءات القانونية بشرط ألا يكون هذا التقرير الباطل هو الأساس الوحيد الذي يبنى عليه الحكم[14] ،إذ يضم إلى الأدلة الأخرى القائمة في الدعوى يكمل بها القاضي عناصر اقناعه استعمالا لسلطته التقديرية المطلقة.

الفقرة الثالثة: سلطة المحكمة إزاء تقرير الخبرة

   إن الخبرة القضائية كأية وظيفة يفترض أنها تشتغل في ظل وجود آلية تعمل على قياس درجة ادائها بهدف مراقبة ومتابعة تقاريرها الصادرة عن خبرائها وتقييم ما يعدونه من تقارير فنية تتفوق عليها في أغلب الأحيان صدور أحكام قطعية ونهائية يتحمل مسؤولية تبعاتها الخبير القضائي باعتباره المنتدب للبث في مسائلها العلمية والفنية حيث يتعذر على القاضي الإحاطة بجوانبها لبعده عن تخصصه القانوني.

   وهكذا فللمحكمة لما لها من سلطة تقديرية أن تعتم على الخبرة كلية ولها أن تعتمد على جزء منها، كما لها بصريح الفصل 66 من ق م م أن تأمر بإجراء خبرة تكميلية أو خبرة جديدة،  لأن المحكمة لا يمكن أن تقضي بغير ما لم تقتنع به، وفي هذا الصدد جاء في قرار للمجلس الأعلى سابقا أن تقديرات الخبراء القضائيين المعينين لا تلزم محاكم الموضوع[15].

   وهذا ينطبق أيضا على محكمة الإستئناف التي لها نفس صلاحيات المحكمة الإبتدائية فيما يتعلق بإنجاز الخبرة ولها أن تلغيها كليا أو جزئيا، ولها أيضا أن تأمر بإجراء خبرة جديدة كلما ظهر لهم أن في ذلك فائدة، شريطة أن تعلل موقفها.

   وتجدر الإشارة إلى أنه فيما يتعلق بالطعن بالإستئناف  في تقرير الخبير فإنه يجب التفرقة بين ما إذا كانت الطعون منصبة على مختلف الإجراءات المسطرية. فإنه في هذه الحالة يجب إبداؤها قبل كل دفع أو دفاع في الجوهر. أما إذا كانت الطعون متعلقة بالجوهر يمكن إثارتها في جميع مراحل التقاضي، وإن كان يستثنى من ذلك المجادلة أمام محكمة النقض في أمور قانونية لم يسبق عرضها على قضاة الموضوع، إلا أنه إذا كانت هذه المسائل القانونية متصلة بالنظام العام ، ولو كانت إجرائية فيمكن أن تثار في جميع مراحل الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض.

   وقد ينصب الطعن أيضا على تقرير الخبير متى استخلص منه القاضي معلومات على غير حقيقتها نتيجة سوء تفسيره لهذا التقرير، كأن يؤكد الخبير نتيجة ما وينفيها القاضي، فإن قرار القاضي هذا يخضع للطعن بالنقض بسبب التحريف، إذا كان قد أثر في النتيجة التي انتهى إليها القاضي في حكمه.

المطلب الثاني : مسؤولية الخبراء

    الخبراء القضائيون مساعدو للقضاء، يمارسون مهامهم القانونية في الإطار الذي سبق تحليله، والخبرة كقاعدة مهنة حرة يقوم بها الخبير لقاء أتعاب يحددها القضاء.

    وفي هذا المجال، فإن النشاط المبذول من جانب الخبراء هو نشاط إنساني بالدرجة الأولى يرد عليه الخطأ والنسيان وربما التحيز في بعض الأحيان. والنتيجة الحتمية المترتبة على ذلك أن الخبير قد يكون محلا للمساءلة الأدبية والمهنية والقانونية، حسب الظروف والأحوال.

    ولم يسبق المشرع المغربي أن نظم مسؤولية الخبراء بنصوص خاصة، إنما هي تظل خاضعة للقواعد العامة.

    وفي هذا المطلب سوف نتناول فقرتين الأولى تتحدث عن المسؤولية المدنية، أما الثانية سوف نتناول فيها المسؤولية الأدبية والجنائية للخبير.

الفقرة الأولى : المسؤولية المدنية

   إن المسؤولية المدنية قد تكون عقدية وقد تكون تقصيرية، حسب الظروف والأحوال، وهذه مسألة قانونية تندرج في إطار التكييف الذي يخضع عادة لرقابة المجلس الأعلى أي (محكمة النقض حاليا)، ومن الواضح جدا أن لتقييم المسؤولية المدنية إلى عقدية وتقصيرية آثار بالغة الأهمية ليس هنا مكان التفصيل فيها على أية حال[16].

   ونثير هنا فقط إلى أنه، وسواء تعلق الأمر بالمسؤولية الناتجة عن العقد أو بالمسؤولية الناتجة عن مجرد التقصير، فالمبدأ العام أنهما لا يتحققان عمليا – وكقاعدة – إلا بتوفر شروط رئيسية ثلاثة وهي :

  • الخطأ.
  • الضرر.
  • علاقة سببية بين الخطأ المرتكب والضرر الحال والمحقق[17].

   وعلى الرغم من وضوح هذه الأركان ووضوح التمييز بين المسؤوليتين أعلاه، فقد أثارت مسؤولية الخبراء القضائيين عن الأخطاء التي تصدر عنهم – وهم بصدد تأديتهم للمأمورية المطلوبة منهم – بعض التردد على مستوى القضاء الفرنسي فيما يخص أساس تكييف هذه المسؤولية[18].

   وفي قرار قديم لمحكمة النقض الفرنسة، إذا صادقت المحكمة على تقرير للخبير أصبح هذا التقرير جزءا من الحكم القضائي الذي صادق عليه، بحيث يندمج فيه ويتخذ خصائصه ويصبح مثله بمنأى عن أي طعن، ولا يمكن أن تقوم مسؤولية الخبير إلا في الحدود التي تقوم فيها مسؤولية القضاة الذين أصدروا ذلك الحكم[19].

   ولقد اندثر هذا الموقف بصفة نهائية بحيث لم تعد له سوى أهمية تاريخية من حيث تطور المسؤولية المدنية للخبراء عموما.

أولا: المسؤولية التقصيرية للخبير

أ- عنصر الخطأ :

إن صور الخطأ التقصيري الواجب لمسؤولية الخبير القضائي لا تقع تحت حصر، ويمكن عموما ردها إلى اثنين : «الأول إغفاله في تنفيذ مهمته قواعد القانون التي تنظم الخبرة القضائية على الوجه الذي قدمناه، و يقوم هذا الخطأ بمخالفة القاعدة دون حاجة إلى مقارنة سلوكه. والثانية وقوعه في غلطة فنية في الرأي الذي **** في تقريره...».

وهكذا، فمن جهة أولى فقد حكمت المحكمة الابتدائية لمدينة "نانت" الفرنسية بأن الإخلال بقاعدة «الحضورية» يرتب مسؤولية الخبير ويلزمه بتعويض الضرر الذي أصاب الخصم نتيجة بطلان الخبرة بضياع فرصة إثبات حق له[20]. وحسب محكمة الاستئناف بباريس، يرتكب الخبير القضائي خطأ يقيم مسؤوليته تجاه أحد الخصوم في الدعوى إذا امتنع عن رد مستند كان قد تسلمه منه رغم إنذاره برده بحجة أن الخصم الآخر قد منعه من رده، أو أنه لا يعلم مَنْ مِنَ الخصمين قد سلمه له[21].

ومن جهة ثانية، وحسب جانب من القضاء الفرنسي، تقوم مسؤولية الخبير بارتكابه لخطأ مادي في تقريره، كأن يثبت أن المضرور قد أصيب بعاهة جزئية تقدر بـ 50% في حين أن العجز في الحقيقة لا يتجاوز 5% فقط.

ب- عنصر الضرر :

الضرر هو الركن الثاني في المسؤولية التقصيرية، وقد يكون هذا الضرر ماديا وهو الإخلال بمصلحة للمضرور ذات قيمة مالية وقد يكون أدبيا عندما يصيب المضرور في شعوره أو عاطفته أو كرامته أو شرفه[22].

لا يختلف عنصر الضرر في مجالنا هذا كثيرا عن التحديد الذي أشار إليه المشرع المغربي ضمن مقتضيات الفصل 98 من قانون الالتزامات والعقود في إطار أحكام الجرم وشبه الجرم والذي يقضي بما يلي :

«الضرر في الجرائم وأشباه الجرائم هو الخسارة التي لحقت المدعي فعلا، والمصروفات التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها لإصلاح نتائج الفعل الذي ارتكبه إضرارا به وكذلك ما صرح من نفع في دائرة الحدود العادية لنتائج هذا الفعل».

ويجب على المحكمة أن تقدر الأضرار بكيفية مختلفة حسبما تكون ناتجة عن خطأ المدين أو عن تدليسه.

وعليه فيمكن أن يندرج في مجال التعويض عن مسؤولية الخبير ما أنفقه المتقاضي من جهد ومن مصاريف من أجل القيام بخبرة ثانية أو مضادة والفرص التي ضاعت منه والمتمثلة في ضياع حقه كلا أو بعضا، حسب الأحداث والظروف وتأخر الفصل في الدعوى بتغيير مسارها بكيفية تضر به وهكذا.

ج- العلاقة السببية :

معنى السببية بين الخطأ والضرر أن توجد رابطة مباشرة ما بين الخطأ الصادر عن الخبير المسؤول والضرر الذي أصاب المتقاضي المدعي في دعوى المسؤولية[23]. ومن هذه الناحية فالسببية كركن من أركان المسؤولية تخضع للمبادئ العامة السائدة في مادة القانون المدني.

وعلى الرغم من ذلك، فقد يدق إثبات علاقة السببية بين الخطأ والضرر في مجال الذي نبحث فيه أحيانا لاعتبارات متعددة، منها أن تقرير الخبير لا يقيد القاضي أبدا في حكمه، وإنما له أن يأخذ به وله ألا يأخذ به، ومنها أنه متى أخذ بتقرير الخبير فهو قد لا يبني حكمه عليه وحده، بل قد توجد عناصر أخرى في الدعوى تتضافر مع التقرير وتضاف إليه، وهي التي تقود غالبا إلى النتيجة التي انتهى إليها القاضي من خلال حكمه[24].

وفي كافة الأحوال، فإذا أثبت المتقاضي الخطأ الذي ارتكبه الخبير القضائي وعلى هذا الخبير أن ينفيها إذا كان يجادل في هذا الوجود.

ويبقى في النهاية أن استخلاص عنصر السببية في مجال دعوى المسؤولية من مسائل القانون التي تندرج ضمن المجال الذي يراقبه قضاة المجلس الأعلى أي (محكمة النقض حاليا).

د- جزاء مسؤولية الخبير القضائي :

يتمثل جزاء المسؤولية في جبر الأضرار التي أصابت المتقاضي المدعي في دعوى المسؤولية.

وتخضع الدعوى القضائية الرامية إلى مساءلة الخبير للأحكام العامة المضمنة في قانون المسطرة المدنية[25]. وهذه الدعوى يجب رفعها قبل تقادمها وفقا لمقتضيات الفصل 106 من قانون الالتزامات والعقود.

والتعويض المحكوم به بعد ثبوت مسؤولية الخبير يجب أن يغطي جميع الأضرار المادية والمعنوية والكسب الضائع والفرص التي فوتت على المدعي. مع العلم أنه يجب على المحكمة أن تدخل في الاعتبار ما إذا كانت الأضرار قد نتجت عن مجرد سهو أو إغفال بسيط أو جاءت نتيجة غش أو تدليس طبقا لما بينه المشرع ضمن مقتضيات الفصل 98 من قانون الالتزامات.

ثانيا:المسؤولية العقدية للخبير

تحدثنا في الفقرة السابقة عن المسؤولية التقصيرية للخبير القضائي، وهو الخبير الذي تعينه المحكمة عادة لإفادتها  بشأن فهم وقائع ذات طبيعة فنية أو علمية تهم نزاعا مطروحا أمامها ينتظر حلا مستعجلا، غير أن هذه المسؤولية قد تكون عقدية وليست تقصيرية، كيف ذلك؟

الخبرة الاتفاقية وهي عقد قد تتخذ صورتين، فهي إما عبارة عن اتفاق بين شخصين على اللجوء إلى خبير لينجز لهما خبرة تهم مسألة تخصهما قد يتعينان بنتيجتها في نزاع أو في غيره، أو اتفاق شخص مع خبير كي يتعين به في دعوى رائجة بينه وبين الغير وهو ما يصطلح علي تسميته عادة بالخبير الاستشاري.

ففي الحالتين أعلاه، إذا ارتكب الخبير خطأ أثناء ممارسة لعملية الخبرة وأدى ذلك إلى الإضرار بمن أنجزت الخبرة لصالحه، وتأكدت علاقة السببية بين الخطأ والضرر نشأت مسؤولية الخبير، وهي بإجماع الفقه والقضاء مسؤولية عقدية وليست تقصيرية.

الفقرة الثانية : المسؤولية الأدبية والجنائية للخبير

تتمثل المسؤولية الأدبية للخبير في الإخلال بواجب أخلاقي تفرضه عليه عوائد المهنة، ومن ذلك مثلا التحلي ببعض الصفات الخاصة كالصدق والجدية في العمل والظهور بمظهر الوقار والاحترام، واحترام المواعيد المضروبة للخصوم أو الزبناء وضبط الأعطاب والتأدب عند الحديث إليهم، والابتعاد عن كل ما يضع الشخص عادة موضع شبهة أمام الناس[26].

أما بالنسبة للمسؤولية الجنائية نجد أن الخبير هو مساعد للقضاء في مهمته السامية كما أسلفنا، قد يرتكب أثناء ممارسته للنشاط المهني الذي انتدبه المحكمة من أجل القيام به، أفعالا خطيرة تصل أحيانا إلى درجة الجريمة التي تستوجب أن تطبق عليه أحكام القانون الجنائي في جوانبها الشكلية والموضوعية.

أولا: المسؤولية الأدبية للخبير

 

فالخبرة هي مبدئيا مهنة حرة ولكل مهنة كيفما كان موضوعها أدبيات وأخلاقيات وعوائد تدبير وتمارس في إطارها، سواء تعلق الأمر بعلاقة الخبراء فيما بينهم أو بينهم وبين روادهم أو بينهم وبين المحاكم.

وتحديد أدبيات وعوائد وأخلاقيات المهنة مسألة بارزة وظاهرة في بعض المهن المنظمة تنظيما قانونيا، ومن ذلك مهنة الطب والصيدلة والمحاماة والهندسة المعمارية والخبرة المحاسباتية، وهكذا.

وعليه، فإذا كان الخبير الذي عينته المحكمة من أجل مساعدتها في قضية ما ينتمي إلى مهنة منظمة بكيفية قانونية كما لو تعلق الأمر بخبير في الطب أو في الهندسة المعمارية أو في الحسابات، فهو يخضع لأدبيات وعوائد وأخلاقيات مهنته، بالإضافة إلى تلك التي يجب أن يلتزم بها وهو يمارس نشاطه كخبير لدى المحاكم.

ويرى بعض من الفقه أن هذا الجانب من المسؤولية لا ينظمه أي نص قانوني وهو بالتالي، ونتيجة لما سبق، لا يمكن أن يكون محلا لدعوى قضائية ترفع أمام المحاكم، فهي تنتج غالبا عن اتصاف الممارس المهني عموما، والخبير على وجه الخصوص ببعض الأوصاف المذمومة كالاتصاف بالكذب أو النفاق أو عدم إظهار الجدية الواجبة والمطلوبة في العمل.

على أنه متى انعدمت سلطة القضاء أحيانا فقد توجد سلطة التأديب التي تطبقها الهيئة التي ينتمي إليها الخبير المعني بالأمر، وهي سلطة تخضع للرقابة القضائية.

ونثير إلى أن أغلبية المهن التي تندرج في مجال الخبرات القضائية غير منظمة بصفة قانونية وإن كان بعضها قد نظم نفسه في إطار جمعيات، ومن ذلك التراجمة والخبراء في الخطوط والعدول، والغاية من هذا التنظيم طبعا المحافظة على الأدبيات والأخلاق التي تفرضها المهنة.

وعلى الرغم من ذلك، فإنه قد يكون من الصعب جدا في بعض الأحيان وضع حدود فاصلة بين الأوصاف والأفعال التي ترتب أثرا قانونيا صرفا، وتلك التي ترتب مجرد أثر أدبي فقط، وبالتالي ما يرتب مسؤولية قانونية وما يقتصر على ترتيب مسؤولية أدبية ليس إلا. ونعتقد أن المسألة هنا هي مسألة قانون، وليست مسألة واقع، لأن الأمر في حقيقته يتعلق بتكييف قانوني يتصل بمدى توافر شروط تطبيق أحكام المسؤولية المدنية من عدمه[27].

تأديب الخبير الذي أخل بالتزاماته المهنية :

لم ينظم المشرع المغربي في قانون المسطرة المدنية مسألة تأديب الخبراء، مكتفيا بالنص في الفقرة الثانية من الفصل 61 منها على ما يلي : «يمكن إنذار الخبير الذي قبل المهمة المسندة إليه ولم ينفذها داخل الأجل بالحكم عليه بالمصاريف المترتبة عن التأخير وكذا بالتعويضات، ويمكن أن يحكم عليه علاوة على ذلك بغرامة مدنية لصالح الخزينة لا يتعدى مبلغها حق الأتعاب المودعة».

ومن الملاحظ أن المشرع قد سمح لقاضي الموضوع بإنزال العقوبة المنصوص عليها في النص أعلاه على الخبير ولم يلزمه بذلك من خلال استعماله لمصطلح الإمكان وليس الوجوب.

ويبقى للسلطة الإدارية التي عينت الخبير بالسماح بإدراجه في جدول الخبراء المحلفين لدى المحاكم، هي التي لها حق التأديب، وهذا ما يستفاد بالفعل من مجموعة من المناشير الصادرة عن وزارة العدل والتي تطلب من النيابة العامة أو من السلطة القضائية أو منهما معا إبلاغ تلك الوزارة بجميع الخروقات التي تصدر عن الخبراء المحلفين لدى المحاكم حتى يتم تأديبهم[28].

ولم يحدد المشرع المغربي مختلف العقوبات الواجب إنزالها بالخبراء كما فعل بالنسبة للعدول مثلا، ولذلك فعادة ما تقوم اللجنة الإدارية المختصة بإقصاء الخبير المعني بالأمر من الجدول وذلك عن طريق عدم تعيينه مجددا في السنة القضائية الموالية[29].

ويبقى أن عدم تعيين الخبير القضائي بإقصائه من الجدول هو عبارة عن قرار إداري يقبل الطعن من أجل الشطط في استعمال السلطة طبقا للقوانين الجاري بها العمل في هذا الصدد، أمام المحكمة المتخصصة.

ثانيا: المسؤولية الجنائية للخبير

وتترتب عمليا وقانونا على الأفعال الخطيرة التي يرتكبها الخبير على المسؤولية الجنائية، والتي تثيرها النيابة العامة عادة عن طريق تحريك الدعوى العمومية بالكيفية المنظمة في قانون المسطرة الجنائية، وبالإضافة إلى ذلك يمكن للطرف المتضرر من أحد تلك الأفعال إقامة دعوى مدنية للمطالبة بتعويض الضرر الذي أصابه من جراء الجريمة موضوع المتابعة طبقا للشروط التي حددها المشرع في إطار ما يصطلح عليه عادة وبالرجوع إلى أحكام القانون الجنائي المغربي وانطلاقا من مختلف الأنشطة المطلوب من الخبير القضائي القيام بها، وانطلاقا من تضارب مصالح أطراف النزاع في الدعوى، فإن المسؤولية الجنائية للخبير قد تتصور بالخصوص في إطار ثلاثة جرائم رئيسية وهي :

  • جريمة الرشوة.
  • جريمة التزوير.
  • جريمة إفشاء أسرار المهنة.

وتبقى هذه الجرائم التي سنعطي عنها فكرة جد موجزة وهي مجرد أمثلة فقط

أ- جريمة الرشوة :

قد يتسلم الخبير المعين من جانب المحكمة مبلغا من النقود أو أي شيء آخر منقول أو عقار، أو يستفيد من منفعة ما، مباشرة أو من طرف الغير الذي ينوب عن أحد الأطراف في ذلك، بغرض توجيه تقرير الخبرة لخدمة مصالحه في الدعوى، حيادا على ما تقتضيه الخبرة القضائية من نزاهة وموضوعية وتجرد وحسن سلوك[30].

إن الخبير الذي يقوم بمثل هذا العمل الإجرامي، إنما يساهم بحظ وافر في تضليل العدالة، وهي التي لم تعينه إلا لمساعدتها.

ومن المعلوم أن الخبير القضائي، وإن لم يكن كقاعدة عامة موظفا عموميا بمفهوم القانون الإداري المغربي، مادام يمارس مهنة حرة، فإن المهام التي توكل إليه عادة ورغم أنها عرضية ومؤقتة، فإنها تجعله موظفا عموميا في إطار أحكام الفصل 224 من القانون الجنائي، لأنه يساهم بنشاطه في مديد المساعدة للسلطة القضائية.

ونلاحظ، إضافة إلى ما سبق أن المشرع المغربي قد نص ضمن الحالات الخاصة بجريمة الرشوة في الفقرة الثالثة من الفصل 248 من القانون الجنائي على الحالة التي يتسلم فيها الخبير مبلغا ماليا قصد إصدار رأي لمصلحة شخصا أو ضده، سواء تم تعيينه بواسطة السلطة الإدارية، أو السلطة القضائية، أو تم اختياره بمجرد اتفاق وقع بين أطراف النزاع.

ولخطورة هذه الجريمة، عاقب عليها المشرع بعقوبة جسيمة تتراوح بين سنتين إلى خمسة سنوات وغرامة من خمسة آلاف درهم إلى مئة ألف درهم. وفي القانون المقارن، نجد نفس المقتضيات التي تنظم المسؤولية الجنائية للخبير عن جريمة الرشوة في التشريع المغربي مضمنة كذلك في المواد من 103 إلى 111 من قانون العقوبات المصري، وفي الفصول من 177 إلى 179 من القانون الجنائي الفرنسي.

ب- جريمة التزوير

التزوير هو تغيير الحقيقة بسوء نية في محرر، تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا، متى مس الكتابة، بإحدى الوسائل المنصوص عليها في القانون[31].

وتقرير الخبير يكون عادة مكتوبا، وقد يكون محلا للتزوير والتلاعب فيه. فعلى الرغم من أن رأي الخبير وطبقا للمبادئ العامة لقانون المسطرة المدنية، لا يلزم المحكمة التي انتدبته، فإن هذه القاعدة تظل نظرية في أغلب الأحوال، لأن الواقع يشهد بأنه من الصعب  جدا في مجال فني أو علمي استبعاد تقارير الخبراء واستنتاجاتهم، والتي غالبا ما تنعكس نتائجها على الأحكام الصادرة عن القضاء.

ونظرا لخطورة الآثار التي قد تترتب عادة على نشاط الخبير القضائي والثقة الكبيرة المفترضة فيه، اعتبر المشرع أن تضمين تقرير الخبير رأيا كاذبا أو وقائع مخالفة للحقيقة يعد بمثابة شهود زور تعرض الخبير للعقوبات المنصوص عليها ضمن مقتضيات الفصول من 369 إلى 372 من المدونة الجنائية، تطبيقا للفصل 375 من نفس المدونة والذي ينص على أنه : «الخبير الذي تعينه السلطة القضائية، إذا قدم شفويا أو كتابيا في أية مرحلة من مراحل الدعوى رأيا كاذبا أو قرر وقائع يعلم أنها مخالفة للحقيقة، يعاقب بعقوبة شهادة الزور حسب التفصيلات المشار إليها في الفصول من 369 إلى 372».

وبالوقوف عند مقتضيات الفصل 372 المشار إليه في النص أعلاه، نجد أن المشرع يقرر أن من شهد زورا في قضية مدنية أو إدارية يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى ألف درهم.

مع العلم وحسب الفقرة الثانية من ذات الفصل أن العقوبة تضاعف إذا ما صاحبها وعد أو مكافأة.

وجريمة التزوير بالشكل المنظمة به في الفصول أعلاه هي جريمة عمدية. وتتضح الصفة العمدية لهذه الجريمة، فضلا عن الركن المادي لها والمتمثل في تقديم وقائع وآراء مخالفة للحقيقة والواقع، في أن الخبير يكون عالما بزورية مضمون التقرير الذي أنجزه لصالح المحكمة والذي يرمي في الحقيقة إلى تضليلها[32].

وكما هو الحال بالنسبة لجريمة الرشوة، فإن المتقاضي المتضرر من الجريمة ويمكنه أن ينصب نفسه كمطالب بالحق المدني عن الضرر الذي أصابه نتيجة لتلك الجريمة تطبيقا للنصوص السارية في هذا الصدد.

غير أن المسؤولية الجنائية للخبير تنتفي عليه كلما كان تغيير الحقيقة في التقرير قد جاء نتيجة مجرد خطأ في التقرير من طرفه، على الرغم من أنه قد يظل مسؤولا من الناحية المدنية، على الشكل السابق بيانه.

بقي أن نشير إلى أن جريمة التزوير لا تقتصر على تغيير الحقيقة في محرر، وإنما تمتد أيضا إلى البيانات التي يطلب من الخبير الإدلاء بها شفويا أمام المحكمة، كما يتضح صراحة من الفصل 372 من القانون الجنائي.

ج- جريمة إفشاء السر

 إن الخبير وهو يمارس النشاط الذي طلبته المحكمة منه قد يقف على أسرار الأفراد والأسر والجماعات، وهي أسرار قد تكون خطيرة يصر أصحابها ألا يطلع عليها الأغيار.

وأسرار الناس لا تقع تحت حصر، تختلف من نزاع إلى آخر، لذلك فإن استخلاصها وتقديرها مسألة واقع وتكييفها بأنها أسرار محمية قانونا مسألة قانون.

وإذا كان الخبير ملزما بإحاطة المحكمة التي انتدبته علما بما يصل إلى علمه بمناسبة قيامه بالمهمة المسندة إليه، فإنه يلتزم بالمقابل بكتمان الأسرار التي قد يتصل إليها بصفته هذه وعدم إطلاع الغير عليها أو استعمالها خارج الخصومة التي أنجزت الخبرة في إطارها.

ويترتب على إفشاء الأسرار التي يطلع عليها الخبير في إطار مهنته مسؤولية الجنائية مع إمكانية إقامة الطرف المتضرر لدعوى مدنية من أجل التعريض عن مختلف الأضرار المادية والمعنوية التي أصيب بها[33].

وإذا كان التشريعان المصري والفرنسي لم ينصا بكيفية صريحة وبشكل خاص على مساءلة الخبير جنائيا، حالة إفشائه الأسرار التي يتوصل إليها بمناسبة ممارسته لمهمته، شأنهما شأن نظيرهما المغربي، فإن عمومية النصوص وعدم اتصافها بطابع الحصر لا تدع أدنى مجال للشك في خضوع الخبير لمقتضياتها، وهكذا فقد نصت الفقرة الأولى من الفصل 446 من القانون الجنائي على أنه :

«الأطباء والجراحون وملاحظو الصحة، وكذلك الصيادلة والمولدات وكل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار، بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة إذا أفشى سرا أودع لديه، وذلك في غير الأحوال التي يجيز له فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم ».

 

 

 

 

 

 

 

 

الخاتمة :

و خلاصة  القول و صفوته بعد إلقاء هذا العرض المتواضع، خلصنا الى التأكيد أن العلاقة القائمة بين مؤسسة القضاء و مهمة الخبير القضائي ليست علاقة تبعية بقدر ما هي علاقة تعاون، و بينا أهمية الموكولة للخبير أمام القضاء و دورها في الإثبات، لذا فالشخص الذي يقوم بها يجب إن يكون ذو دراية عالية بالاختصاص الذي يجري الخبرة فيه، و هذا يتطلب شهادة علمية بالإضافة للخبرة العملية، حيث إن اغلب القضايا التي تجري فيها خبرة فنية يكون الحكم فيها مبنيا علي التقرير الذي يقدمه الخبير.

و هكذا فالخبير يعتبر مستشارا تقنيا للمحكمة و هو المحلل لكثير من النقط و هو الحاسم في مسائل لا يمكن للمحكمة أن تتخذ بشأنها قرار بدون الاهتداء و الأركان إلى خبرته و معرفته و لهذا فانه من الضروري فتح الارتكان إلى خبرته و معرفته و لهذا فانه من الضروري فتح الحوار الصريح بين الخبير و المحكمة لمعالجة و توضيح ما استعصي عليه من أمور و لاستكمال كل عناصر البحث ليبرهن عن أحقيته و جدارته بالثقة التي و ضعت فيه .

 

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع المعتمدة:

Ø    القرآن الكريم

Ø   علي الحديدي، الخبرة في المسائل المدنية والتجارية، مطبعة دار النهضة العربية بالمنصورة، طبعة 1993.

Ø   محمد الكشور، الخبرة القضائية في قانون المسطرة المدنية-دراسة مقارنة- الطبعة الأولى 2000.

Ø   عبد الوهاب العشماوي، إجراءات الإثبات في المواد المدنية و التجارية، دار الجيل للطباعة، 1985.

Ø   جلال محمد أمهمول ، المسؤولية المدنية في القانون الجديد، دار المعارف بالقاهرة، 1979.

Ø   محمود جمال الدين زكي ، الخبرة في المواد المدنية والتجارية، مطبعة جامعة القاهرة، 1990.

Ø   عبد الرزاق السنهوري أحمد ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، الجزء الأول، دار النهضة العربية بالقاهرة، 1964.

Ø   محمد إبراهيم دسوقي ، تقدير التعويض بين الخطأ والضرر، مؤسسة الثقافة الجامعية الإسكندرية.

Ø   محمد الإدريسي المجدوبي، إجراءات التحقيق في الدعوى في قانون المسطرة المدنية"، دمشق – سوريا، 1996.

Ø   محمد الكشبور، المهن القانونية الحرة – انطباعات حول المسؤولية والتأمين، بحث مطول منشور بالمجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية، العدد 25.

Ø   جابر محجوب علي، قواعد أخلاقيات المهنة – أساس إلزامها ونطاقه، مقال منشور بمجلة الحقوق الكويتية، السنة 22 العدد الثاني.

Ø   مصطفى مجدي هرجة، ندب الخبراء في المجال الجنائي والمدني، سنة 1995.

Ø   www.droitetentreprise.org/web/: الخبرة القضائية في المادة المدنية و الجنائية ­

Ø   إجراءات الخبرة القضائية و دورها في الإثبات www.iasj.net/iasj?func=fulltescat&aid=108153    

 

 

الفهرس

المقدمة. 1

المبحث الأول: الخبرة القضائية في المادة المدنية. 3

المطلب الأول: ماهية الخبرة 3

الفقرة الأولى ˸ تعريف الخبرة وأنواعها 3

أولا: تعريف الخبرة 3

ثانيا: أنواع الخبرة 3

الفقرة الثانية ˸ طبيعتها القانونية وتميزها على المفاهيم المشابهة لها 4

أولا: الطبيعة القانونية للخبرة 4

ثانيا: تمييز الخبرة عن بعض المفاهيم المشابهة لها 5

المطلب الثاني: القواعد الخاصة بانتداب الخبراء. 5

الفقرة الأولى: تعيين الخبراء ومهامهم. 6

أولا:تعيين الخبير. 6

ثانيا: مهام الخبير. 7

الفقرة الثانية: تجريح الخبير وحضورية الخبرة 9

أولا: تجريح الخبير. 9

ثانيا: حضور الخبرة 10

المبحث الثاني: مناقشة تقرير الخبرة في المادة المدنية ومسؤولية الخبير. 10

المطلب الأول: مناقشة تقرير الخبرة وحجيته. 10

الفقرة الأولى: مناقشة تقرير الخبير وحجيته وسلطة المحكمة ازاءه 11

أولا: مناقشة تقرير الخبرة 11

ثانيا:حجية تقرير الخبير. 12

الفقرة الثانية: الخبرة الجديدة والمضادة وبطلان الخبرة 13

أولا: الخبرة الجديدة والخبرة المضادة 14

ثانيا: بطلان تقرير الخبير. 15

الفقرة الثالثة: سلطة المحكمة إزاء تقرير الخبرة 16

المطلب الثاني : مسؤولية الخبراء. 17

الفقرة الأولى : المسؤولية المدنية. 18

أولا: المسؤولية التقصيرية للخبير. 18

ثانيا:المسؤولية العقدية للخبير. 21

الفقرة الثانية : المسؤولية الأدبية والجنائية للخبير. 21

أولا: المسؤولية الأدبية للخبير. 22

ثانيا: المسؤولية الجنائية للخبير. 23

الخاتمة : 27

لائحة المراجع المعتمدة: 29

 الفهرس..............................................................................30

 



 موقع الكتروني : الخبرة القضائية في المادة المدنية و الجنائية ­ [1]

10\12\ 10          تم الاطلاع عليه بتاريخ : www.droitetentreprise.org/web/الخبرة-القضائية-في-المادة-المدنية-و-ال/

                                                                                                      علي الساعة : 23.37

 و يعرف الإثبات انه : إقامة الدليل أمام القضاء وفق الطرق التي حددها القانون علي وجود واقعة قانونية ترتبت أثارها .[2]

 موقع الكتروني : إجراءات الخبرة القضائية و دورها في الإثبات    [3]

www.iasj.net/iasj?func=fulltescat&aid=108153

تم الاطلاع عليه بتاريخ : 10\12\2016 علي الساعة : 00:32

  سورة فاطر , الآية : 14[4]

  سورة النحل , الآية : 43[5]

[6]  علي الحديدي، الخبرة في المسائل المدنية والتجارية، مطبعة دار النهضة العربية بالمنصورة، طبعة 1993

[7]  الفصل 76 من ق.م.م

- المادة الثانية من قانون رقم 45.00 المنظم للخبراء القضائيين   1

[9]  تنص مقتضيات الفصل 64 من ق م م على أنه" يمكن للقاضي إذا لم يجد في تقرير الخبير الأجوبة على النقط التي طرحها على الخبير أن يأمر بإرجاع التقرير إليه قصد إتمام المهمة".

[10]  محمد الكشور، الخبرة القضائية في قانون المسطرة المدنية-دراسة مقارنة- الطبعة الأولى 2000ن ص 105

[11]  محمد الكشبور، المرجع نفسه، ص 106.

[12]  قرار صادر عن المجلس الأعلى سابقا بتاريخ 17/07/2002 تحت عدد 1044 في الملف عدد 600/02 ، أشار إليه محمد بلفقير، المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي، الطبعة الثانية، ص 145.

[13]  محمد الكشبور، م س، ص 114.

[14]  عبد الوهاب العشماوي، إجراءات الإثبات في الموادالمدنية والتجاريىة، دار الجيل للطباعة، 1985، ص 254.

[15]  قرار المجلس الأعلى (سابقا) الصادر في 26 نونبر 1959، أشار إليه محمد الكشبور، م س، ص 120.

[16]  د/ محمد الكشبور، م س، ص

[17]  ذ/ جلال محمد أمهمول : "المسؤولية المدنية في القانون الجديد"، دار المعارف بالقاهرة، 1979.

 

[18] د/ محمود جمال الدين زكي : "الخبرة في المواد المدنية والتجارية"، مطبعة جامعة القاهرة، 1990.

[19] قرار صادر بتاريخ 26 أكتوبر 1914، بتولوز 1916 بفرنسا.

[20]  محكمة نانت الابتدائية، حكم 6 ماي 1985 بفرنسا.

 

[21]  محكمة الاستئناف بباريس قرار 25 نونبر 1960 بدلوز قضاء، ص: 335

[22]  عبد الرزاق السنهوري أحمد : "الوسيط في شرح القانون المدني الجديد"، الجزء الأول، دار النهضة العربية بالقاهرة، 1964.

 

[23]  قرار صادر في 29 أبريل 1970، منشور بمجلة القضاء والقانون، العدد 119، ص: 49 وما بعدها. وللمزيد من الإيضاح : أنظر محمد الكشبور : "رقابة المجلس الأعلى محاكم الموضوع في المواد المدنية"، الجزء الأول، ص: 268 وما بعدها

[24]  د/ محمد إبراهيم دسوقي : "تقدير التعويض بين الخطأ والضرر"، مؤسسة الثقافة الجامعية الإسكندرية، ص: 78

[25]  د/ محمد الإدريسي المجدوبي : "إجراءات التحقيق في الدعوى في قانون المسطرة المدنية"، دمشق – سوريا، 1996.

 

 [26]  د/ محمد الكشبور : "المهن القانونية الحرة – انطباعات حول المسؤولية والتأمين"، بحث مطول منشور بالمجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية، العدد 25، ص: 123 وما بعدها.

 

[27]  فقد نص المشرع الفرنسي ضمن مقتضيات الفصل 237 من قانون الإجراءات المدني الفرنسي  على أنه يجب على الخبير أن ينجز مهمته بضمير وموضوعية وعدم التحيز.

  [28]  د/ جابر محجوب علي : "قواعد أخلاقيات المهنة – أساس إلزامها ونطاقه"، مقال منشور بمجلة الحقوق الكويتية، السنة 22 العدد الثاني (خاص)، ص: 139 وما بعدها.

[29] د/ محمد جمال الدين الزكي : مرجع سابق، ص: 183 و184

[30] قد قررت محكمة النقض الفرنسية أن موضوعية الخبراء من المسائل الموضوعية التي تدخل ضمن السلطة التقديرية لقاضي الموضوع.

 

[31] الفصل 228 و361 من قانون المسطرة المدنية.

[32] في هذا الصدد ينص الفصل 64 من قانون المسطرة المدنية على أنه : «يمكن للقاضي إذا لم يجد في تقرير الخبرة البيانات الكافية أن يأمر بتحقيق إضافي أو بحضور خبير أمامه لتقديم الإيضاحات والمعلومات اللازمة...»

[33]  د/ مصطفى مجدي هرجة : "ندب الخبراء في المجال الجنائي والمدني"، سنة 1995.

المدونة القانونية الشاملة
المدونة القانونية الشاملة